فنضح الماء من الوسائل الشرعية للإيقاظ ، وهو في الواقع منشط ، وبعض الناس قد يثور ويغضب
عندما يوقظ بهذه الطريقة ، وربما يشتم ويسب ويتهدد ويتوعد ،
ولهذا فلا بد أن يكون الموقظ متحلياً بالحكمة والصبر ، وأن يتذكر أن القلم مرفوع عن النائم ،
فليتحمل منه الإساءة ، ولا يكن ذلك سبباً في توانيه عن إيقاظ النائمين للصلاة .
9 – عدم الانفراد في النوم ، فلقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يبيت الرجل وحده رواه
الإمام أحمد. ولعل من حِكم هذا النهي أنه قد يغلبه النوم فلا يكون عنده من يوقظه للصلاة .
10 – عدم النوم في الأماكن البعيدة التي لا يخطر على بال الناس أن فلاناً نائماً فيها ،
كمن ينام في سطح المنزل دون أن يخبر أهله أنه هناك ، وكمن ينام في غرفة نائية
في المنزل أو الإسكان الجماعي فلا يعلم به أحد ليوقظه للصلاة ،
بل يظن أهله وأصحابه أنه في المسجد ، وهو في الحقيقة يغّط في نومه .
فعلى من احتاج للنوم في مكان بعيد أن يخبر من حوله بمكانه ليوقظوه .
11 – الهمة عند الاستيقاظ ، بحيث يهب من أول مرة ، ولا يجعل القيام على مراحل ،
كما يفعل بعض الناس الذين قد يتردد الموقظ على أحدهم مرات عديدة ، وهو في كل مرة يقوم فإذا
ذهب صاحبه عاد إلى الفراش ، وهذا الاستيقاظ المرحلي فاشل في الغالب ،
فلا مناص من القفزة التي تحجب عن معاودة النوم .
12 – ألا يضبط المنبه على وقت متقدم عن وقت الصلاة كثيراً ، إذا علم من نفسه أنه إذا قام
في هذا الوقت قال لنفسه : لا يزال معي وقت طويل ، فلأرقد قليلاً ،
وكل أعلم بسياسة نفسه .
13 – إيقاد السراج عند الاستيقاظ ، وفي عصرنا الحاضر إضاءة المصابيح الكهربائية ،
فإن لها تأثيراً في طرد النعاس بنورها .
14 – عدم إطالة السهر ولو في قيام الليل ، فإن بعض الناس قد يطيل قيام الليل ، ثم ينام قبيل
الفجر بلحظات ، فيعسر عليه الاستيقاظ لصلاة الفجر ، وهذا يحدث كثيراً في رمضان ،
حيث يتسحرون وينامون قُبيل الفجر بقليل ، فيضيعون صلاة الفجر ،
ولا ريب أن ذلك خطأ كبير ؛ فإن صلاة الفريضة مقدمة على النافلة ،
فضلاً عمن يسهر الليل في غير القيام من المعاصي والآثام ، أو المباحات على أحسن الأحوال ،
وقد يزين الشيطان لبعض الدعاة السهر لمناقشة أمورهم ثم ينامون قبل الفجر فيكون
ما أضاعوا من الأجر أكثر بكثير مما حصلوا .
15 – عدم إكثار الأكل قبل النوم فإن الأكل الكثير من أسباب النوم الثقيل ، ومن أكل كثيراً ، تعب
كثيراً ، ونام كثيراً ، فخسر كثيراً ، فليحرص الإنسان على التخفيف من العشاء .
16 – الحذر من الخطأ في تطبيق سنة الاضطجاع بعد راتبة الفجر ، فربما سمع بعض الناس قول
النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا صلّى أحدكم فليضجع على يمينه ) رواه الترمذي
وما ورد من أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا صلّى سنة الفجر يضطجع ، ثم يُؤذنه بلال للصلاة ،
فيقوم للصلاة ، وربما سمعوا هذه الأحاديث ، فعمدوا إلى تطبيق هذه السنة الثابتة ،
فلا يحسنون التطبيق ، بحيث يصلي أحدهم سنة الفجر ، ثم يضطجع على جنبه الأيمن ،
ويغط في سبات عميق حتى تطلع الشمس ، وهذا من قلة الفقه في هذه النصوص ،
فليست هذه الاضطجاعة للنوم ، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يؤذنه بلال للصلاة
وهو مضطجع ، وكان أيضاً كما في الحديث الصحيح الذي رواه أحمد وابن حبان إذا عرس ( قبل )
الصبح وضع رأسه على كفه اليمنى ، وأقام ساعده رواه أحمد ،
وهذه الكيفية في النوم تمنع من الاستغراق ؛ لأن رأس النائم في هذه الحالة يكون مرفوعاً
على كفه وساعده ، فإذا غفا سقط رأسه ، فاستيقظ ، زد على ذلك أن بلالاً كان موكلاً بإيقاظه
صلى الله عليه وسلم لصلاة الفجر .
17 – جعل قيام الليل في آخره قبيل الفجر ، بحيث إذا فرغ من الوتر أذن للفجر ،
فتكون العبادات متصلة ، وتكون صلاة الليل قد وقعت في الثلث الأخير – وهو زمان فاضل –
فيمضي لصلاة الفجر مباشرة وهو مبكر ونشيط .
18 – اتباع الهدي النبوي في كيفية الاضطجاع عند النوم ، بحيث ينام على جنبه الأيمن ،
ويضع خده الأيمن على كفه اليمنى ، فإن هذه الطريقة تيسر الاستيقاظ ،
وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم بخلاف النوم بكيفيات أخرى ،
فإنها تؤثر في صعوبة القيام .
19 – أن يستعين بالقيلولة في النهار ، فإنها تعينه ، وتجعل نومه في الليل معتدلاً ومتوازناً .
20 – ألا ينام بعد العصر ، ولا بعد المغرب ، لأن هاتين النومتين تسببان التأخر في النوم ،
من تأخر نومه تعسر استيقاظه .
21 – وأخيراً فإن الإخلاص لله تعالى هو خير دافع للإنسان للاستيقاظ للصلاة ،
وهو أمير الأسباب والوسائل المعينة كلها ، فإذا وجد الإخلاص الذي يلهب القلب
ويوقظ الوجدان ، فهو كفيل بإذن بإيقاظ صاحبه لصلاة الصبح مع الجماعة ،
ولو نام قبل الفجر بدقائق معدوادات . ولقد حمل الإخلاص والصدق بعض الحريصين على الطاعة
على استعمال وسائل عجيبة تعينهم على الاستيقاظ تدل على اجتهادهم وحرصهم وتفانيهم ،
فمن ذلك أن أحدهم كان يضع عنده عدة ساعات منبهة إذا نام ،
ويجعل بين موعد تنبيه كل واحدة والأخرى بضع دقائق ،
حتى إذا أطفأ التي دقت أولاً دقت الثانية بعدها بقليل وهكذا ،
وكان أحدهم يربط في يده عند النوم خيطاً ، ويدليه من نافذة غرفته ،
فإذا مر أحد أصحابه ذاهباً إلى المسجد جذب هذا الخيط فيستيقظ لصلاة الفجر .
فانظر يا رعاك الله ماذا يفعل الإخلاص والتصميم ، ولكن الحقيقة المرة هي أن ضعف الإيمان ،
وقلة الإخلاص تكاد تكون ظاهرة متفشية في الناس اليوم ،
والشاهد على ذلك ما نراه من قلة المصلين ونقص الصفوف في صلاة الفجر ،
بالرغم من كثرة الساكنين حول المسجد في كثير من الأحياء .
على أننا لا ننكر أن هناك أفراداً يكون ثقل النوم عندهم أمراً مرضياً قد يُعذرون به ،
لأنه أمر خارج عن الإرادة فمثل هذا عليه أن يلجأ إلى الله بالتضرع ،
ويستفيد ما استطاع من الوسائل الممكنة ، وأن يراجع الطبيب لمحاولة إيجاد علاج .
وأخيراً هذا تنبيه على أمر مشتهر بين الناس وهو زعمهم بأن هناك حديثاً مفاده
أنّ من أراد الاستيقاظ لصلاة الفجر فعليه أن يقرأ قبل النوم آخر سورة الكهف ،
وينوي بقلبه القيام في ساعة معينة ، فيقوم ،
ويزعمون أن ذلك مجرب ،
ونقول لهم : إنه لم يثبت بذلك حديث ، فلا عبرة به ،
وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم .