1- تعريف الفشل الدراسي
هناك ستة عناصر أساسية في تعريف الفشل الدراسي :
أولا – من المعلوم أن السنوات الدراسية في جميع مراحل التعليم ، إما أن تنتهي بامتحان تقويمي نهائي ، أو تقسم السنة الواحدة إلى عدة فصول ( والفصل الواحد إلى اختبارات جزئية – فترية) ، ينتهي كل واحد منها بامتحان دوري ( فصلي) ، و عادة ما يتم اللجوء إلى الأسلوبين معا لتقويم التلاميذ ، كما هو الحال في العديد من الأنظمة التعليمية و منها نظام التعليم في سلطنة عمان . كما تختم في العادة أسلاك التعليم بامتحانات عامة و مقنة ( الاختبارات الموحدة ) تغطي مجموع المؤسسات التعليمية الرسمية و غير الرسمية في جميع الأقاليم ، مثل الاختبار الموحد الذي يتوج مرحلة التعليم الثانوي( امتحان الثانوية العامة أو البكالوريا ).
ثانيا – الرسوب و يعني الإخفاق في اجتياز امتحان من الامتحانات و عدم التفوق فيها . و الرسوب لغويا هو السقوط و الانحطاط إلى أسفل ، فعندما نقول رسب التلميذ في الامتحان ، يعني ذلك أنه سقط إلى أسفل الدرجات ( العلامات ) المستعملة للضبط في جميع الامتحانات . على أن الرسوب قد يكون جزئيا أو كليا ، فإما أن يرسب التلميذ في مادة دراسية أو أكثر أو في امتحان جزئي ، دون أن يؤثر ذلك في معدله العام و الذي يحكم بواسطته عادة ، على ما إذا كان التلميذ قد نجح أم لا . أو أن يرسب في أغلب المواد ( المقرات) و في أغلب الامتحانات الجزئية و بالتالي لا يبلغ مجموع درجاته المعدل العام و في هذه الحالة يكون الرسوب كليا .
و الرسوب ينطلق مما يسمى بنظرية " المستوى الواحد للصف "، و تعني هذه النظرية السائدة أن لكل صف مستوى معين للتحصيل و كذا مقايس خاصة ، وفقا لبرامج مقرة ، على المدرسين احترامها ، تناسب نظريا على الأقل ، عمر التلاميذ و قدراتهم بصفة عامة وتلائم نوعية التعليم و أهدافه . كما تعني هذه النظرية أن المستويات تنتقل تدريجيا و بكيفية تصاعدية عبر الصفوف ، أي ما يعرف بالطابع الفصولي -التتابعي للتعليم و الذي سنفصل الحديث عنه فيما بعد . و معنى أن ينجح التلميذ ، هو أن يكون قد حصل على مستوى الصف الذي يوجد فيه ، و يكون بالتالي قادرا على إتباع مستوى الصف الموالي . و العكس معناه الرسوب ، أي أن التلميذ لم يحصل على القدر المرغوب فيه و بالتالي لا يستطيع مسايرة زملائه في الصف الموالي .
ثالثا – يكون من نتائج الرسوب التكرار ، أي إعادة نفس الصف من طرف التلميذ لتحصيل نفس المستوى الذي حاول تحصيله بالفعل في السنة المنصرمة ، فيتخلف بالتالي هذا التلميذ دراسيا عن زملائه من الناجحين ، كما يتخلف عن المستوى التحصيلي الذي كان سيستفيد منه لولا رسوبه أولا و تكراره كنتيجة لذلك . و هكذا نرى مدى الارتباط الوثيق بين الرسوب و التخلف الدراسي ، و نحن نستعملهما هنا في نفس المعنى كما نستعملهما للدلاة على مفهوم آخر و هو الفشل الدراسي .
رابعا – إن الرسوب قد ترافقه مشاعر نفسية و كذا مواقف اجتماعية سلبية ، و في هذه الحالة نستعمل كلمة فشل للتعبير عنه . إن مشاعر الحزن و القلق التي ترافق التلميذ الراسب و في المقابل مشاعر الفرح و الرضا التي تقترن عادة بالنجاح ، تجعل من الرسوب حالة نفسية اجتماعية خاصة ، هي حالة الفشل . ثم إن الرسوب كثيرا ما تستبعه مواقف اجتماعية كالسخرية مثلا ، فيكون الرسوب عقابا معنويا قد يتبعه عقاب بدني، على "تهاون " التلميذ و خروجه عن قيمة اجتماعية ( أو معيار اجتماعي ) مهمة و هي النجاح و التفوق و واضح إذن ما يترتب عن الرسوب الدراسي من آثار نفسية و اجتماعية سيئة .
و هكذا نتأدى من مفهوم الرسوب إلى مفهوم آخر أكثر عمومية و هو مفهوم الفشل ، ذلك أن الفشل قد يصيب الأفراد سواء داخل المدرسة أم خارجها . كما أن المدرسة قد تعاني هي بدورها من الفشل . فكثيرا ما تفشل المدارس ذاتها في تحقيق الأهداف التي أنشئت من أجلها . و دون أن نخوض الآن في هذه الإشكالية ، أي فيما إذا كان الفشل فشل التلميذ أم فشل المدرسة ، لا بد أن نذكر بالتداخل ، و ربما التطابق في بعض الأحيان ، بين المصطلحين : الفشل و الرسوب . إن الفشل رسوب بعدما يتحول إلى حالة نفسية اجتماعية .
خامسا- كما ينبغي التميز بين الفشل و التعثر الدراسي ( أو ما يسمى بصعوبات التعلم خاصة النوع البسيط منها)، على أساس أن التعثر الدراسي حالة مؤقتة تكاد تكون عادية تصيب معظم التلاميذ إن لم نقل كلهم ، و تعني أنه أثناء التحصيل يجد التلميذ في مادة معينة و في موضوع ما ، صعوبة فهم و استيعاب ( مسألة أو فكرة أو معلومة) لسبب من الأسباب ، لكن و بمجهود إضافي ذاتي أو بتدخل من المدرس أو في إطار حص الدعم أو بفضل جلسات الاستذكار و المراجعة في البيت ، يتدارك التلميذ المسألة و يواكب مجددا و يلحق بزملائه . لكن التعثر يمكن أن يتحول إلى رسوب و فشل إذا تكرر و تعمم و استوطن و إذا لم يتم تدارك الأمر في الوقت المناسب .
وللتذكير فإن الوثائق الرسمية الصادرة عن وزارة التربية والتعليم بالسلطنة ، تستعمل للدلاة على مفهوم قريب من مفهوم التعثر الدراسي ، وهو مصطلح صعوبات التعلم حيث تعرف فئة صعوبات التعلم :" بأنها تختلف عن الفئات الأخرى كالتخلف العقلي وبطء التعلم و التأخر الدراسي ، فهي تضم أطفالا يتمتعون بذكاء عادي أو ربما عالي ولا يشتكون من أية إعاقات ومع هذا يعانون من مشكلات تعلمية تجعلهم يعانون في التحصيل الدراسي ( يعانون من صعوبات واضحة في اكتساب واستخدام مهارات الاستماع أو الكلام أو القراءة أو الكتابة أو التهجئة ، أو أداء العمليات الحسابية الأساسية …) ".
كما تقسم تلك الوثائق فئة ذوي صعوبات التعلم إلى ثلاثة مستويات : البسيط والمتوسط والشديد.وتقترح بخصوص الدعم التربوي ،أو ما تسميه بالبرنامج العلاجي أن يتم التعامل مع أفراد هذه الفئة كل حسب مستوى الصعوبة لديهم .
سادسا- العنصر السادس في تعريف الفشل الدراسي ، يكمن في ضرورة التميز بين التخلف (الفشل) الدراسي والتخلف العقلي . فإذا كنا لا نميز بين الفشل الدراسي والتخلف الدراسي ، على أساس أن هذا الأخير هو نتيجة من نتائج الرسوب والفشل ، فإننا نميز بينه وبين التخلف العقلي .ذلك أن التخلف الدراسي " هو تخلف أو انخفاض مستوى التحصيل لدى بعض التلاميذ عن المستوى المتوقع في اختبارات التحصيل ، أو عن مستوى أقرانهم العادين الذين هم في مثل أعمارهم ومستوى فرقهم الدراسية" ؛ في حين أن التخلف العقلي هو حالة تأخر أو توقف أو عدم اكتمال النمو العقلي ، يولد بها الفرد أو تحدث في سن مبكرة ، نتيجة لعوامل وراثية أو مرضية أو بيئية ، تؤثر في الجهاز العصبي للفرد (خاصة الدماغ)، مما يؤدي إلى نقص الذكاء ، وتضح آثارها في ضعف مستوى أداء الفرد في المجالات التي ترتبط بالنضج والتعليم والتوافق النفسي".
لذلك فإذا كان كل متخلف عقليا متخلف دراسيا ، فإن كل متخلف دراسي ليس بالضرورة متخلفا عقليا
2- أسباب الفشل الدراسي
بشكل عام فإن مختلف التصنيفات التي تدرس أسباب الفشل الدراسي والتي من المفروض أن يطلع عليها المدرسون وكل من سينخرط في خطة الدعم التربوي ،عادة ما تصنفها إلى ثلاثة مجموعات أساسية:
1- الأسباب الذاتية التي ترتبط بالتلميذ :وهي الأسباب المحايثة لبنيته الجسمية والنفسية.
2-الأسباب الخارجية التي تعود لبيئة التلميذ : والتي تؤثر في أداء التلميذ من الخارج وتشكل محيطه الاجتماعي والثقافي.
3 – و الأسباب الخارجية التي تعود للمدرسة والنظام التعليمي والتي تشكل محيطه التربوي .
وإذا اكتفينا بالحديث عن الأسباب المدرسية للفشل الدراسي ،لمقتضيات منهجية بحثة ولضيق المجال المحدد لهذه الدراسة ودون التقليل بطبيعة الحال من أهمية وخطورة العوامل الاخرى ، سنجدها كثيرة لعل من أهمها :
– تكدس الفصول وسوء ظروف العمل.
– عدم ملاءمة البرامج.
– ظروف العمل في الوسط القروي.
و فضلا عن هذه العوامل ، تتحدث نايفة قطامي عن أهمية المناخ الاجتماعي داخل الفصل ( حجرة الدرس) في عملية التعلم وتأثير بعض عناصره في أداء المتعلمين،خاصة تلك التي ينتبهون إليها ويتفاعلون معها،ومنها:
ما يسود بين التلاميذ من علاقات ودية أو محايدة أو عدوانية.ويعتبر المناخ العدواني داخل الصف ،مناخا منفرا للتعلم أو للاستمرار في القصف وفي المدرسة عموما.
نوع التنظيم داخل الصف والذي قد يحول دون حرية الحركة والتواصل بين التلاميذ.
سيادة جو التنافس الشديد قد يسهم في زيادة حالات العدوان بين التلاميذ و الشعور بالتفوق والتفرد، مما يجعل جو الصف خاليا من التعاون والأمن.
التباين في أعمار التلاميذ وأجسامهم،مما قد يتيح لمجموعة من التلاميذ الفرصة لاستغلال قوتهم في السيطرة على الضعاف منهم ( نايفة قطامي ، 1992 ،ص175.).
طول المقرات في جميع المواد وتكدس بعضها بشكل غير متوازن ؛
– العطل السنوية(عطله نهاية الطورين الأول و الثاني و عطل الأعياد الدينية و الوطنية ) ؛
– غياب التلاميذ و مغادرتهم المدارس بشكل جماعي حتى قبل الانتهاء من المقر ، للتهيؤ للامتحانات خاصة بالنسبة لتلاميذ المرحلة الثانوية ؛
– إخلاء المؤسسات و إفراغها لتنظيم الاختبارات الموحدة ؛
-انشغال المدرسين بالحص المخصصة لتصحيح الاختبارات و لاجتماعات مجالس الصفوف ؛
– البداية المتأخرة نسبيا للسنة الدراسية في العديد من المؤسسات و التوقف عن الدراسة السابق لأوانه .
3- الأسباب المدرسية للفشل و تحليل طبوع العملية التعليمية
إن ما يزيد من خطورة الأسباب المدرسية للفشل الدراسي والتي أشرنا إليها سريعا، هو ما نسميه بالطبوع المحبطة التي تميز المدرسة و النظام التعليمي عموما والتي يمكن أن تشكل عوامل مستقلة بذاتها ،طبوع يمكن تلخيصها كما يلي:
* الطابع الهيكلي – التنظيمي للمدرسة .
* الطابع الفصولي التتابعي .
* الطابع الجمعي للتدريس .
* الطابع الاختباري .
1- الطابع الهيكلي- التنظيمي للمدرسة .
ما أن يلج الطفل المدرسة إلا و تتغير الأمور و يتبدل العالم من حوله و تبدأ المشاكل و التعقيدات ، فيبدأ التلميذ في فقدان التلقائية و الحرية التي كانت تميز حياته السابقة ( أي حياته قبل التحاقه بالمدرسة ) ، فيدخل في دوامة من الإلزام و الخوف و ربما الهلع ، أمام هذا الطابع الهيكلي التنظيمي و الجامد الذي يميز الحياة الدراسية : المقرات ، الأوامر و النواهي ، التوجيهات ، الانتظام في صفوف ، الجلوس بهدوء و الامتناع عن الكلام ( و ربما عن الحركة ) لفترات طويلة و الانتباه إلى ما يقوله المدرس و ما يفعله و الالتزام بالوقت و انتظار الجرس ، و إنجاز التمارين و الواجبات و الانخراط في منافسة شرسة مع الزملاء للحصول على النقاط العالية و المراتب الأولى ، و الإعداد للامتحانات و تجنب إهانة السقوط و البحث عن عزة النجاح … فيدخل بالتالي في إطار يحدث له نوعا من الصدمة النفسية/الثقافية ، تجعله يتعلم بنوع من الضغط و الإكراه بدلا من الرغبة التلقائية و الإقبال العفوي على التحصيل و التثقيف الذاتي .
فتصير المعادلة ( أو العملة ) السائدة في إطار هذا الطابع الهيكلي للتعليم ، هي :
" في المدرسة لا يمكن لأي واحد أن يتعلم أي شيء مع أي كان و في أي وقت يشاء و بأية طريقة تحلو له ".
فلا بد لمن يريد أن يتعلم، أن تتوفر فيه الشروط ( السن و مكان الازدياد … ) و أن يتعلم محتويات مقرة في المنهاج الرسمي العام و المشترك بين جميع المؤسسات و أن يتعلم مع مجموعة من التلاميذ المصنفين بناء على اللوائح التنظيمية المعمول بها ، و في أوقات محددة في استعمالات الزمن و بالطرق التي تفرضها التقاليد التدريسية السائدة في مدرسته و بين مدرسيه .
فلا يمكن للفرد أن يتعلم إلا في إطار هذا النظام التعليمي المهيكل والصارم من طرف الراشدين ، و فقط عندما تكون الأهداف محددة و بحضور مدرس مهيأ للقيام بالتعليم و في إطار مواد و حص و توزيع زمن مبيت سلفا .
2 – الطابع الفصولي التتابعي :
الخاصية الثانية التي تميز الأنظمة المدرسية بشكل عام ، هي الخاصية الفصولية و التعاقبية . و مؤداها أن المقرات تبنى في العادة على أساس التعاقب و التتالي ، أي على أساس أن المادة الواحدة من المقر تقسيم و تجزأ إلى مجموعة من الدروس و الوحدات و داخل كل درس أو كل وحدة دراسية هناك مواضيع تكون عبارة عن حلقات متسلسلة يؤدي الواحد منها إلى الآخر بالضرورة . فمثلا في الحساب لا يمكننا أن نتعلم القسمة قبل تعلم الضرب و لا يمكن أن نفهم و نتعلم الضرب قبل تعلم عمليات الجمع و الطرح ، كما لا يمكن اكتساب هذه العمليات دون اكتساب مفاهيم العدد و الزائد و الناقص … و هذا المثال ينطبق مبدئيا على اللغة و على بقية المواد الأخرى العلمية منها أو التقنية أو الأدبية .
و نتيجة لهذه الطبيعة التعاقبية و المتمثلة في ارتباط المواضيع داخل الدرس الواحد و بنائها بشكل متسلسل ، لا يكون أمام التلميذ من خيار سوى النجاح ، فليس أمامه من حل آخر . ذلك أن فشله في اكتساب الوحدة الأولى ، ينتج عنه بالضرورة فشل في اكتساب الوحدة الثانية ، ما دامت هذه الوحدة مبنية على السابقة و لا يمكن فهمها و تحصيلها ما دمنا لم نحصل بشكل ملائم الوحدة الأولى و هكذا . فإذا لم يستوعب التلميذ في مثالنا السابق ، عمليات الجمع و الطرح فسيصعب عليه استيعاب الضرب و سيصعب عليه تعلم الوحدة التالية و هي القسمة .
و هكذا فان ما يحدث من تعثر بسبب الطبيعة الفصولية و التعاقبية للمواد الدراسية ، قد يؤدي إلى تأصل " ميكانيزم الفشل " لدى التلاميذ المتعثرين ، و القاعدة تقول : " إن الفشل يولد الفشل " ، كما بينت العديد من الدراسات أن " النجاح يولد النجاح " ، و لو كان النجاح كاذبا أو جزئيا و صغيرا فانه في حد ذاته محفز على التقدم و التفوق ، في حين أنه و بمجرد ما يبدأ الفشل في الظهور كسمة في سلوك الطفل ، إلا و تنتج عنه مشاعر الخوف و القلق الأمر الذي قد أن يؤدي إلى تسرب ميكانيزم الفشل و الشعور بالعجز و فقدان الثقة في النفس .
3- الطابع الجمعي للتدريس :
النظام التعليمي السائد حاليا في جميع الأقطار ، هو النظام الذي يغلب عليه أسلوب التعليم الجمعي . و الذي يقضي تجميع أعداد من التلاميذ في قسم واحد بناء على معاير معينة ، حيث يستفيدون بشكل جماعي و في نفس الوقت من نفس التعليم و من نفس المنهاج الدراسي .
و لكن و أمام انتشار التعليم و دمقرطته و السعي نحو الاقتصاد ( اقتصاد في الوقت و الجهد و الإمكانيات ) و ازدياد الإلحاح على تعميم التعليم و الذي لم يبق حكرا على فئة اجتماعية دون أخرى و خاصة على فئة النخبة و التي كان بإمكانها توفير معلمين خصوصين لأطفالها و توفير الظروف الملائمة لتعليمهم … أمام كل ذلك تضاعفت أعداد التلاميذ الطالبين للتعليم ، فأصبح من المستحيل اليوم ، اللجوء إلى التعليم الفردي كما كان يمارس في الماضي . لقد أصبح المدرس اليوم يجد نفسه و في إطار التعليم الجمعي ، أمام 30 وربما 40 تلميذا أو أكثر ، فكيف يواجههم و بأي أسلوب سيتعامل مع خصوصياتهم وفروقهم الفردية ، فكيف سيكون تعليمه في هذه الحالة ؟ إن المدرس في هذه الحالة يتعامل مع كل هؤلاء و يوجه خطابه إليهم في نفس الوقت و بشكل جماعي ، يفعل ذلك كما لو كان أمام تلميذ افتراضي واحد . على أننا نلاحظ أن أفضل المعلمين و أكثرهم التزاما ، يجاهد في أن يتموضع خطابه و نشاطه التعليمي بشكل عام ، في الوسط ، بحيث يسير بإيقاع و سرعة من يفترض أنهم متوسطون ، بناء على كون معظم التلاميذ و انطلاقا من التوزيع الطبيعي للبشر ( أي التوزيع الذي يتخذ شكل الجرس ) ، يوجدون في الوسط . و لكن هذا الموقف الشائع كثيرا ما يكون على حساب الطرفين أي على حساب الضعاف و الأقوياء على حد سواء .
4 – الطابع الاختباري :
لعل من أهم الانتقادات التي توجه للأساليب القديمة في التقويم و بالتالي للطابع الاختباري للأنظمة التعليمية ، هو إيلاؤها الامتحانات أهمية كبيرة ، بحيث ينظر الجميع إلى الامتحان كغاية في حد ذاته و ليس كوسيلة للكشف و التشخيص و التطوير … و هكذا في نظام التقويم المعتمد ، نجد سيادة أسلوب الاختبارات و الامتحانات . إن التقويم بشكل عام ، يلجأ إلى طريقة و حيدة و هي الامتحان ، كتابيا كان أم شفاهيا ، لمعرفة مدى ما حفظه التلاميذ .و"عند الامتحان يعز المرء أو يهان".
و لا يستعمل التقويم كأداة لإعادة النظر في العملية التعليمية و تصحيح مسارها . كذلك فان الامتحانات و ما سيحصل عليه التلميذ من نتائج في نهاية السنة و ربما من مكافآت ، تشكل العنصر الأساسي في أسلوب التحفيز أي في دفع و إثارة همة التلميذ و تحفيزه للتحصيل و الجد في طلب العلم . و الكل يعلم ما يترتب عن ذلك من ظواهر سلبية تزيد في تعميق مشاعر الفشل و الإحباط ، و في مقدمتها الخوف و الهلع من الامتحان و الاضطراب في الأداء في إطار المناخ القاسي الذي تمر فيه الامتحانات و بالتالي تعثر أعداد غير قليلة من التلاميذ ، بحيث لا يكشف الامتحان في نهاية المطاف ، عن مستوى تحصيلهم الحقيقي ، ذلك المستوى الذي كان سيكون مغايرا بكل تأكيد ، لو كانوا في وضعية مريحة لأداء الواجبات و التمارين …
و قد تنتشر بارتباط مع ذلك ، ظواهر لا تربوية مفسدة ، مثل لجوء التلاميذ إلى الخداع أثناء إنجاز الواجبات أو إلى بعض السلوكات المشينة و العدوانية تجاه المدرسة و المدرسين .
و من الإفرازات الخطيرة لهذا الطابع الاختباري للتعليم ، انتشار ظاهرة الغش المتمثلة في لجوء العديد من التلاميذ إلى أساليب ملتوية و غير أخلاقية لمواجهة ضغوط الامتحانات .
– تعريف الدعم التربوي
الدعم لغة يعني رد الأمر أو الشيء إلى نصابه و استقامته ، كلما بدأ يميل و ينحرف و يخرج عن القاعدة و المألوف . فالتلميذ الذي يتعثر في التحصيل يحتاج إلى دعم و سند قبل أن يميل و يسقط مثل الشجرة أو الجدار .
والدعم اصطلاحا ، جملة من الأنشطة التعليمية المندمجة و التي تهدف بالإضافة إلى حصول التعلم لدى جميع التلاميذ ( أو معظمهم ) بشكل عادي ، إلى تقديم تعليم فردي وقائي ، ملائم للنقص الذي يتم اكتشافه خلال المراقبة المستمرة، و حتى يتمكن التلاميذ جماعات و أفراد ، من تحقيق الأهداف المرسومة حسب إمكانياتهم و حسب متطلبات المستوى الدراسي الذي يوجدون فيه .
انطلاقا من هذا التعريف يمكن إضافة بعض البيانات التوضيحية التالية :
– إذا كان الدعم المندمج و التوقعي أمرا ايجابيا ، ينبغي ترسيخه في الأنشطة التعليمية العادية للمدرسين ، فان الدعم العلاجي و الذي يأتي في نهاية المرحلة و في بعض الأحيان بعد فوات الأوان ، نقول إن هذا الدعم أمر سلبي ينبغي تجنبه ما أمكن.
– كما أن الدعم التربوي و الذي يعني تصحيح وضعية التعثر و النقص لدى بعض التلاميذ ، ينبغي أن يعمل في نفس الوقت و بشكل مندمج ، على تفادي حصول التعثر و بالتالي تفادي حصول الفشل و الرسوب لديهم ، و من هنا الدور التوقعي و الوقائي الذي ينبغي أن يلعبه التدريس بشكل عام و خطة الدعم التربوي بوجه خاص ، انطلاقا من المبدأ القائل : " الوقاية خير من العلاج ".
– لكن الإلحاح على الدور الوقائي للتدريس لا يعني أن نستبعد من خطة الدعم ، التعليم التصحيحي و العلاجي و الذي نلجأ إليه عند الضرورة .
– ترتبط خطة الدعم التربوي في إطار التعليم المندمج بنتائج الاختبارات التشخيصية من جهة و بنتائج التقويم التكويني و المراقبة المستمرة من جهة أخرى .
– كما ترتبط هذه الخطة بضرورة البرمجة و التخطيط الجيد للمقرات و للدروس و بتحديد الأهداف .
– ضرورة أن تواكب هذه الخطة كذلك مشروع المؤسسة و الشراكة التربوية ، على أساس الاستفادة من إمكانيات الجهة و المنطقة و الجماعة ( مشاريع الجهة و مشاريع المنطقة … ) في حالة اللجوء إلى الدعم الخارجي و كلما ظهرت صعوبات تنظيم الدعم العلاجي داخل المؤسسات .
– و بصفة عامة توجه خطة الدعم التربوي إلى تلاميذ عادين و لذلك ينبغي تميزها عن التربية الخاصة بالمعاقين أو المتخلفين عقليا .
و سنبين في فقرات لاحقة أس التميز بين المتعثرين دراسيا و الذين يعانون من فشل ظرفي و مؤقت و بين المتخلفين عقليا .
* * *
– أساليب الدعم التربوي
أساليب الدعم في الأدبيات التربوية الفرنسية :
في البداية في النظام التعليمي الفرنسي مبدئيا التلميذ لا يكرر الصف . و إذا انتبه المدرس أن تلميذا ما ، لا يتمكن من المسايرة و المواكبة و أنه بدأ يتخلف شيئا فشيئا عن زملائه ، في هذه الحالة يلجأ إلى نشاط من أنشطة الدعم المنصوص عليها في التوجيهات الرسمية ، و للمدرس أن يختار من الأساليب و الإمكانيات المطروحة، تلك التي يراها أكثر ملاءمة ، و هي :
1- حالة التلميذ الذي يعاني من صعوبة طارئة و مؤقتة :
و هذه الحالة قد تكون نتيجة غياب عن الدروس لبضعة أيام أو بسبب شرود و عدم انتباه غير معتاد . و في هذه الحالة يلزم إعادة الشرح أو التمارين أو مراجعة المواضيع و المسائل التي لم يفهمها و لم يستوعبها هذا التلميذ بالذات .
2- في إطار الأنشطة العادية للصف (القسم):
في هذه الحالة تطالب التوجيهات الرسمية المدرس بتقديم مساعدة مشخصة للتلميذ و ذلك بإعادة و بشكل أكثر تفصيلا و أكثر تبسيطا ، الشروح التي لم يتمكن من استيعابها . و هذه المساعدة تتوقف بمجرد أن يتمكن التلميذ من اللحاق بزملائه .
كما يمكن للمدرس أن يشكل مجموعات مؤقتة على أساس مستوى التلاميذ بالنسبة لبعض الأنشطة ( في اللغة الفرنسية أو الرياضيات مثلا ) . و يقوم التلاميذ في إطار هذه المجموعات بأنشطة تعليمية من مثل إنجاز تمارين بسيطة ، حتى يضمنوا تحصيل المعلومات الأساسية ، و ذلك لمدة نصف ساعة يوميا و ساعتين في الأسبوع على أكبر تقدير .
3- تشكيل مجموعات قارة للمستوى :
كما يمكن للمدرس أو لإدارة المدرسة اللجوء إلى تشكيل مجموعات قارة للمستوى في الفصل الواحد ، حيث يتبين وجود عدد مهم من التلاميذ الذين يبدون تعثرا و ضعفا و يحتاجون إلى دعم طويل الأمد يمتد خلال سنة كاملة .
– نذكر أنه في سلطنة عمان على سبيل المثال، يتم الحديث بالنسبة لهذه الحالات (وخاصة بالنسبة للحالة 2و3) عن تنفيذ البرنامج العلاجي داخل الصف (القسم)العادي للتلميذ ، حيث ينفذ هذا الخيار بحق الطلاب الذين لديهم صعوبات تعلم بسيطة.
4- صفوف المستوى :
كما يمكن اللجوء عند الضرورة إلى خلق صفوف(فصول أو أقسام كما نقول في المغرب) كاملة للمستوى ، إذا تبين أن مجموع تلاميذ الصف الواحد ، لا يمكنهم مسايرة التعليم العادي ، شريطة أن تتوفر المدرسة على فصلين على الأقل ، من مستوى التحضيري (السنة الأولى ابتدائي ) أو صفين من الابتدائي أو المتوسط ، و شريطة أن يعود التلميذ المستفيد من مجموعة المستوى أوصف المستوى ، للاندماج مجددا في التعليم العادي بشكل تلقائي كلما تمكن من تحصيل ما فاته و بالتالي اللحاق بزملائه .
– نشير بالنسبة لسلطنة عمان ، أن الطلاب ذوي الصعوبات التعلمية المتوسطة والشديدة يستفيدون من تنفيذ البرنامج العلاجي داخل غرفة خاصة بالمدرسة، وإن كانوا يستمرون في التعلم باقي اليوم في صفهم العادي.
5- تدخل مجموعة الدعم النفسية- التربوية :
أما في الحالة التي يبدي فيها التلميذ صعوبات خاصة لا يمكن للمدرس مواجهتها و علاجها ، فعند ذلك تتم الستعنة بمجموعة من المتخصصين من مثل علماء النفس المدرسي و المتخصصين في إعادة التربية على أن تتم علية التدخل على النحو التالي :
يشرح المدرس للأخصائي النفسي أو المرشد النفسي ، طبيعة الصعوبة أو الصعوبات التي يعاني منها التلميذ .
يفحصه الأخصائي للبحث عن الأسباب و اقتراح الحلول .
أما المتخصص في إعادة التربية فسيحاول علاج الإعاقة بما يلائم من أنشطة و تداريب . على أن تمارس إعادة التربية هذه ، داخل المدرسة و خلال أوقات الدراسة . .( محمد الدريج " الدعم التربوي وظاهرة الفشل الدراسي "منشورات رمسيس، الرباط، 1998 ) .
6- حالة التلميذ الذي يعاني من صعوبات خطيرة :
إذا لم تكن حص الدعم في إطار توزيع الزمن العادي كافية لتدارك التخلف لدى التلميذ ، في هذه الحالة يمكن أن يوجه التلميذ و منذ مرحلة روض الأطفال إلى المؤسسات المتخصصة .
و يقوم بتشخيص حالات عدم التكيف كل من :
المعلم ؛
الأخصائي النفسي ( المرشدين) ؛
طبيب قسم الصحة المدرسية .
و تقوم لجنة التربية الخاصة سواء على مستوى الروض أو الابتدائي بدراسة ملفات الأطفال غير المتكيفين دراسيا . و تقوم هذه اللجنة التي يرأسها مفتش من الأكاديمية ، بدراسة الملف و ترشد الأسرة و تساعدها على مواجهة المشاكل التي تطرح نتيجة تغيير التلميذ للة مثلا ، و تقر بموافقة المدرسة ، نقل التلميذ إلى المؤسسة الخاصة .
7- التلاميذ ذوي الاحتياجات الخاصة (المعوقون ):
و في هذه الحالة يمكن أن تواجه المدرس ثلاثة أنواع من الإعاقة :
إذا تعلق الأمر بإعاقة خفيفة و بالإمكان علاجها ، يوجه التلميذ في هذه الحالة إلى قسم التوافق سواء في الروض أو في التعليم الابتدائي . و يتألف هذا النوع من الإعاقة عموما ، من صعوبات في النمو الجسمي أو العقلي أو الانفعالي ( العلائقي ) .
و في نهاية كل سنة دراسية تقوم المؤسسة بجرد عام للتقدم الحاصل و تقر فيما اذا كان التلميذ سيستمر في الاستفادة من قسم التوافق .
– النوع الثاني من الإعاقة في إعاقة كبيرة ومستمرة نسبيا وفي هذه الحالة يوجه التلميذ نحو صف الإصلاح أو للتعليم الخاص حيث يتلقى تعليما ملائما.
– أما إذا تعلق الأمر بأطفال يعانون من إعاقة خطيرة في هذه الحالة يوجه الطفل نحو مؤسسة طبية تربوية لإعادة التربية والتربية الحسية الحركية.
الدعم التربوي في الممارسات الانجلوسكسونية :
– إن البلدان الانجلوسكسونية مقارنة مع فرنسا مثلا ، كانت سباقة للاهتمام بموضوع الدعم التربوي ، سواء على مستوى البحث الأكاديمي أو على مستوى التطبيق و الممارسة الميدانية . فتجمعت لديها بسبب ذلك ، ذخيرة هامة من النظريات و النماذج كما تراكمت حصيلة كبيرة من التجارب و الممارسات حول الموضوع ، سيكون من الصعب تقديم خلاصة تركيبية عنها في هذه العجالة .
– على أن الاهتمام بموضوع الدعم لم يكن يشكل دائما موضوعا خاصا و مستقلا ، بل كان يعالج في الغالب الأعم بشكل مندمج و ضمن نماذج تربوية شاملة ، تهدف إلى الرفع من جودة التعليم ، كما تعمل على التوقع و التنبؤ بحدوث الفشل الدراسي و بالتالي وضع خط و استراتيجيات للوقاية منه و مواجهة الصعوبات في حينها و قبل فوات الأوان .
– ثم هناك صعوبة أخرى تكمن في أن ما يميز المدارس في العالم الانكلوسكسوني هو عملها بمبدأ الجهوية و احترامها لتقاليد اللامركزية سواء في تخطيط المناهج أو في تنظيم الحياة الدراسية داخل المؤسسات التعليمية … فهي لا تلتزم بأسلوب واحد و لا بخطة وحيدة مفروضة من السلطات المركزية ، على عكس الوضعية في النظام التعليمي الفرنسي و الذي نعتبره متخلفا بهذا الصد ، لذلك تعددت التجارب لديها و التي مكنت من ظهور نماذج و تطبيقات كثيرة و متنوعة ، سيكون من الصعب عرضها في هذا السياق . و لكن و على الرغم من ذلك ، سنقدم بعض النماذج و التجارب التي حاولت العمل بنظام الدعم التربوي ، بشكل مباشر أو غير مباشر و ضمن خط شمولية ، للرفع من مستوى فاعلية و أداء المؤسسات التعليمية .
من هذه النماذج سنتوقف عند ثلاثة منها و هي :
1 نموذج التدريس الإتقاني Mastery Learning
2 نموذج تفريد التعليم Individualizing Instruction
3 برامج التربية التعويضية ( البديلة ) Compensatory Education
1 بالنسبة للنمط الأول ، أي نموذج التدريس الإتقاني ، عرف نوعا من الانتشار على يد باحثين مرموقين أمثال كارول Carroll و بلوم Bloom و بلوك Block و غيرهم .
و تعمل نظريتهم البيداغوجية على دمج خط الدعم التربوي في صلب النشاط التعليمي للمدرس ، بحيث يكون الدعم متزامنا و مواكبا لنشاط التدريس ، بقدر ما يعمل على الرفع من جودة التعليم فانه يساعد تخطي المشاكل و خاصة تلك التي يعاني منها المتعثرون من التلاميذ ، في حينها و قبل فوات الأوان .
ينطلق هذا النموذج من التسليم بأن التلاميذ أو على الأقل معظمهم ، قادرون على تعلم جميع الوحدات الدراسية المقرة و إتقانها ، إذا و فرنا لهم الفرصة لذلك ، أي إذا و فرنا لهم الوقت الضروري و هيأنا لهم الظروف الملائمة للتحصيل و تجنبنا الأخطاء التي عادة ما يسقط فيها الأسلوب التقليدي في التدريس .
كما تجدر الإشارة إلى أن نموذج التعلم الإتقاني ينصح باللجوء إلى بعض الوسائل و التقنيات التي تساعد في التدريس و على تصحيح عملياته ، من مثل : حلقات درس تضم مجموعات صغرى من المتعلمين ، و التعليم الفردي الخصوصي ، و الوسائل التعليمية البديلة مثل كتب المطالعة التكميلية و دفاتر التمارين ، و التعليم المبرمج ، و المعينات السمعية البصرية و الألعاب التعليمية … شريطة أن تستثمر هذه الوسائل على النحو المطلوب .( محمد الدريج " الدعم التربوي وظاهرة الفشل الدراسي " الرباط، 1998 ) .
2 نماذج تفريد التعليم :
ظهرت جهود منهجية لتفريد التعليم في بداية الستينات بالولايات المتحدة الأمريكية و أسفرت عن اقتراح مجموعة كبيرة من الاستراتيجيات التربوية في تخطيط برامج محددة ، لها قدرة كبيرة على تفريد التدريس ، تتفق كلها رغم ما بينها من اختلافات ، على هدف واحد و هو تحقيق تعليم يؤكد ايجابية المتعلم و يراعي خصائص و حاجيات المتعلم ، و من هذه البرامج :
برامج التعليم المشخص للفرد :
و تتميز هذه البرامج بأنها تقدم للمتعل وحدات محددة التنظيم و التتابع ، ثم يترك له حرية التقدم وفق سرعته الخاصة . فبينما يستطيع بعض التلاميذ الانتهاء من دراسة و حدتين أو ثلاث في أسبوع واحد ، قد يمضي غيرهم ثلاثة أسابيع في وحدة واحدة .
و قد وضع هذا البرنامج في مركز بحوث تطوير التعلم بجامعة بتسبورج في بنسلفانيا University Pittsburgh ( Pensylvania) و كان من أهم منشطيه روبير جلاسير Robert Glasser و طبق خلال السنة الدراسية .1964- 1963
برامج التربية الموجهة للفرد :
و هي برامج توفر بيئة تربوية من شأنها مساعدة الفرد على التعلم بالسرعة المناسبة و بالطريقة التي تلائم خصائصه و إمكانياته .
الحقائب و الرزم التعليمية : Learning Packages
و في هذا الإطار ابتكرت مدارس نوفا Nova في ولاية فلوريدا رزم النشاط التعليمي ، و تركز هذه الرزم على تهيئة ظروف تعلم مثالية لكل متعلم عن طريق توفير بدائل متعددة تتيح لكل متعلم فرصة اختيار ما يناسب قدراته و ميوله .
برامج التعلم طبقا للحاجيت :
تمتاز هذه البرامج بكونها تقدم للمتعل بدائل و اختبارات متنوعة من الأنشطة و الوسائل . و قد نشطت هذه البرامج ابتداء من سنة 1967 ، في 13 مقاطعة دراسية من بعض الولايات و منها كاليفورنيا و ماساشوسيط ، و نيويورك ، و بنسلفانيا و غيرها ، في المجالات الدراسية التالية : اللغة ، الفن ، العلوم الطبيعية ، الرياضيات ، الدراسات الاجتماعية . و كان من روادها فلاناكان Flanagan على أساس أن بعض تلك الأنشطة قد تكون مناسبة لبعض التلاميذ .
( نراجع بهذا الخصوص : حسن حسيني جامع : " التعلم الذاتي و تطبيقاته التربوية " ، 1986 ) .
3 برامج التربية التعويضية ( البديلة ) :
( Compensatory Education)
كما تطورت منذ سنة 1964 بعموم الولايات المتحدة الأمريكية ، برامج عديدة فيما سيعرف بالتربية التعويضية ( البديلة ) بسبب تزايد المشاكل التي يطرحها أبناء الجماعات المهمشة ( الملونون ، الأقليات ، الجاليات … ) و خاصة ما ارتبط منها بالفشل الدراسي و الذي يصيب بنسب جد مرتفعة أبناء الفئات الدنيا و المحرومة من المجتمع الأمريكي و التي تشكل ما بين 10 و 30 % و المؤلفة من سكان ضواحي المدن و الأحياء الهامشية . الأمر الذي دفع بالمسئولين ، لأسباب إنسانية و لكن أيضا لأسباب اقتصادية و سياسية و ربما انتخابية ، للعناية بهذه الفئة من الأطفال ، و وضع خط و برامج للتربية البديلة و التي يقصد بها مختلف الأنشطة التربوية المكملة للنقص الذي يعاني منه أطفال الفئات الضعيفة من المجتمع .
في بديلة أو تعويضية لأنها تسعى إلى تعويض القصور الذي يعود إلى الظروف الصعبة و ظروف الحرمان التي يعاني منها التلميذ القادم من تلك الفئات .
و قد اتخذت هذه البرامج و جهتين ( أو نمطين ) :
1 نمط عرف ب Headstart و الذي يهدف إلى تصحيح الفشل الدراسي بتقديم عون تربوي و دعم معرفي إضافي .
2 و نمط Fllow- Through و الذي يتميز باللجوء إلى أنشطة أكثر شمولية تهدف إلى تقوية الدافع لدى الأسر نحو المدرسة و الدراسة بشكل عام .
الدعم التربوي من خلال الوثائق الرسمية في سلطنة عمان:
1 – برنامج معالجة صعوبات التعلم في المدارس :
ينطلق هذا البرنامج أساسا من تعريف فئة ذوي صعوبات التعلم والتميز بينها وبين فئات أخرى مثل بطيئي التعلم وفئة المتخلفين دراسيا…
والطلاب الذين يعانون من صعوبات نوعية في التعلم ، حسب الوثائق الرسمية الصادرة عن وزارة التربية والتعليم في السلطنة، "هم في العادة تلاميذ عادين من حيث القدرات العقلية أو ذو ذكاء مرتفع ولا يعانون من أي إعاقات سمعية أو بصرية أو حركية وانفعالية ومع ذلك يعاني هؤلاء من صعوبات واضحة في اكتساب واستخدام مهارات الاستماع أو الكلام أو القراءة أو الكتابة أو التهجئة , أو أداء العمليات الحسابية الأساسية …" كما تميز تلك الوثائق بينهم وبين فئة بطيئي التعلم الذين يتميزون عادة بانخفاض القدرات العقلية أو تعرضهم للحرمان الثقافي والاجتماعي والاضطراب الانفعالي .
وقد تم تصنيف صعوبات التعلم إلى مجموعتين على النحو التالي : –
* صعوبات التعلم النمائية : وتمثل بالعمليات المعرفية المتعلقة بالإدراك والذاكرة والانتباه و التفكير …
وهذه العمليات يعتمد عليها التحصيل الأكاديمي , وأن أي اضطراب أو خلل يصيب واحدة أو أكثر من هذه العمليات ، يفرز بالضرورة العديد من الصعوبات الأكاديمية . ولذا يمكن التأكيد أن الصعوبات النمائية هي منشأ الصعوبات الأكاديمية , والمسبب الرئيسي لها .
* صعوبات التعلم الأكاديمية : وهي صعوبات تتعلق بالأداء المدرسي المعرفي الأكاديمي والتي تتمثل في الصعوبات المتعلقة ب(القراءة ,,الكتابة ,, التهجي ,,الحساب ) .
ومن خصائص الأطفال الذين يعانون من صعوبات التعلم :
– النشاط الزائد
– الاندفاع والتهور
– ضعف التآزر العام
– الفشل المدرسي في مادة دراسية .
– ضعف في الحركات الكبيرة والصغيرة.
– ضعف التعبير اللغوي.
– اضطرابات الانتباه.
– عدم الاستقرار العاطفي.
– اضطرابات الذاكرة القصيرة والبعيدة .
– الاضطرابات العصبية البسيطة .
2 – مبادئ أساسية للتدريس العلاجي للأطفال ذوي صعوبات التعلم :
إن التعليم الفعال يتطلب تفريد التعليم ( التعليم الفردي )ويستدعي ذلك رسم خطه تربوية فردية تسند على مبادئ تربوية ونفسية يمكن حصرها في التالي :
– يجب إخضاع الطفل إلى اختبارات تشخيصية لتحديد نقاط القوة والضعف لديه . يجب أ، تصاغ خطة التدريس بناء على مستوى الأداء الحالي للطفل , وأن تكون لها أهداف عامة وخاصة تسعى لتحقيقها .
– يكون التدريس على مراحل مناسبة مع قدرات الطفل مع الاعتماد على التغذية الراجعة أثناء التدريب .
– يجب أن ، يتم التدريس بشكل متدرج من السهل إلى الصعب , و بدافعية مستمرة من خلال أن يشعر الطفل بالنجاح فيما يدرسه ( لأن النجاح جزء من المهمة التعليمية لهؤلاء الأطفال ) .
– يجب إعادة تذكير الطفل بالأشياء التي تعلمها من قبل من خلال إعادة تدريس المهارات و الكفايات التي لم يتقنها اتقانا كاملا , مع تعميم المعلومات التي تعلمها في مواقف جديدة ومختلفة .
– يجب تقديم المادة العلاجية بشكل تكون مناسبة للطفل ومشوقة وحديثه ومتنوعة وأن تكون ضمن قدراته وليس كعمل معجزا له , وأن لا يتم الانتقال من مستوى إلى آخر بدون تقييم وتسجيل الملاحظات والمقارنة بين نتائج التقييم , وأن يتم تجزئة المهارات إلى أقل جزئية ممكنة وصولا نحو إتقان المهارات.
– يجب ربط المعلومات بواقع الطفل وحياته اليومية وبيئته التي يعيش فيها , وأن تعطى التوجيهات له بأسلوب بسيط حتى يتمكن من استيعابها , وأن يتسم المعلم بالصبر والمرونة وهدوء الأعصاب وأن لا يأس من التقدم البطيء للطفل حتى يستطيع أن يكسب ثقة الطفل .
– ينبغي تلبية حاجات الطفل حين يطلب المساعدة وأن يستمر في توجيهه خلال أداء الواجبات , وأن ينهي المعلم الواجب بملاحظات إيجابية قدر الإمكان .
( وزارة التربية والتعليم،المديرية العامة للمناهج ، " المستجدات التربوية في مجال المناهج واستراتيجيات التدريس " ،2005، مسقط ).
3- كيفية التعامل مع تلاميذ صعوبات التعلم :
يتم التعامل مع التلاميذ ذوي صعوبات التعلم وفق مستوى الصعوبة لديهم ( بسيطة . متوسطة . شديدة ), وفي ضوء ذلك يتم تحديد برنامج العلاج لديهم وموقع التنفيذ وذلك وفق الخيارات التالية :
* تنفيذ البرنامج العلاجي داخل الصف(الفصل أو القسم) العادي للتلميذ : وينفذ هذا الخيار بحق التلاميذ الذين لديهم صعوبات بسيطة . حيث تقوم معلمة الصف العادية بتنفيذ ومتابعة التلميذ وذلك بدعم من معلمة صعوبات التعلم , حيث تشترك المعلمتان في صياغة البرامج العلاجي ومراحل تنفيذه , ويتمثل دور معلمة الصعوبات بنقلها الأفضل المهارات إلى معلمي الصفوف العادية وتيسيرها للتعليم وتقديمها للخدمات الاستشارية من خلال زيارتها اليومية أو الأسبوعية , مع التأكيد على ضرورة تخطيط هذه الزيارات لتجنب إرباك ومقاطعة نشاطات معلمة الصف العادي التي تظل هي المسئولة الأساسية عن تعليم الأطفال و تفعيل البرنامج وتحقيق مكاسب أكاديمية مثيرة وكبيرة .
* تنفيذ البرنامج العلاجي داخل غرفة خاصة بالمدرسة : ويقضي التلاميذ ذوي الصعوبات التعليمية المتوسطة والشديدة في هذا النمط من الخدمة التربوية فترات زمنية محددة مثلا ( 45 : 60 دقيقة )يوميا , على أن يكونوا باقي اليوم الدراسي في صفهم العادي . وتعمل معلمة صعوبات التعلم بصورة وثيقة مع معلمي الصفوف لتنسيق البرامج التدريسية والعلاجية للتلاميذ والاتفاق على الخطة والبرنامج الزمني المناسب .
.
منقول