التصنيفات
منتدى اسلامي

هل أنت ممن تنسيه المصيبة نعم الله الكثيرة؟

بسم الله الرحمن الرحيم

يقول الحق تبارك وتعالى في كتابه الكريم: }إِنَّ الْإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ{ (العاديات: 6). قال ابن عباس ومجاهد

وقتادة: "كفور جحود لنعم الله". وقال الحسن البصري: "هو الذي يعد المصائب، وينسى النعم". وقال

الفضل بن عباس: "الكنود الذي أنسته الخصلة الواحدة من الإساءة؛ الخصال الكثيرة من الإحسان".

والأرض الكنود: التي لا تنبت شيئاً من المنافع.
سرعان ما يبدأ البعض بتعداد البلاء الذي نزل به، وينسى نعم
الله التي عليه تترى، قال تعالى: }وَآتَاكُم مِّن

كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ{ (إبراهيم: 34). بل إن بعض هؤلاء
من يعاني من مرض عضال، وهو شكوى
الله سبحانه وتعالى لهذا وذاك.

أيها العبد.. كيف تشكو من يرحمك إلى من لا يرحمك؟ كيف تشكو الغني للفقير؟ القوي للضعيف؟ العزيز

للذليل؟ الكريم للبخيل؟ كيف يطيب لك ذلك وقد أسبغ عليك نعمه ظاهرة وباطنة؟

أيعقل بعد أن تتقلب في نعمه صباح مساء، أن لا تصبر على البلاء الذي أنزله بك لخير لك في دنياك وآخرتك،
لكنك بقصور علمك تجهله؟
هب أن ولدك الذي ربيته خير تربية، وأنفقت عليه أفضل إنفاق، وأكرمت مثواه، ثم ومن باب حبك له ضيقت

عليه قليلاً، بسبب خطأ بدر منه، أو لم يخطئ، لكنك قترت عليه في الإنفاق، لتعلمه مبدأ من مبادئ الحياة، فذهب يشكوك للقريب والغريب، كيف سيكون حالك بعد هذا الصنيع؟

أنت في نعم عظيمة، تعلم بعضها، وتجهل كثيرها، فإذا ألم بك المرض، وقلة المال والعيال، وضيق الحياة

وشدتها، فلا ينسينك ذلك ما أنت فيه من خير، بل توجَّهْ له بالشكر. واعلم أنك لو سجدت لله سبحانه وتعالى

منذ أن نزلت إلى أن أنزلت، منذ أن نزلت من بطن أمك إلى أن أنزلت القبر؛ ما أديت شكر نعمة واحدة من

نعمه عليك.
قال تعالى: }وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ{ (إبراهيم: 7).

وقد أوصى علي بن أبي طالب رضي الله عنه جابراً فقال: "يا جابر، من كثرت نعم الله عليه كثرت حوائج

الناس إليه، فإن قام بما يجب لله فيها؛ عرَّضها للدوام والبقاء، وان لم يقم بما يجب لله؛ عرّضها للزوال".

هذه النعم تحمل بين ثناياها اختبارا نتعرض له في هذه الحياة، يقول الحسن البصري مبينا ذلك: "إن الله

ليخوّل العبد في نعمته وينظر ماذا يصنع فيها مع عباده، فإن وفّاهم ما طلبوا وإلا حوّلها عنهم".
وقد قيل: "النعمة وحشية؛ فقيِّدوها بالشكر".
أيها القارئ الكريم.. كلما تذكرت نعم الحق تبارك وتعالى التي أنعم بها عليك؛
الإسلام، العلم، التقوى، حسن
الخلق، الصحة، المال، البنون، إذا تذكرت هذه النعم؛ توجّه بالدعاء إليه، واسأله من فضله العظيم، وأي

دعاء أفضل وأجمل من التوفيق للعمل الصالح، والدخول برحمة الله في ركب عباد الله الصالحين؟

قال تعالى: }فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ

أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ{ (النمل: 19).
(منقول)




جزاكي الله خيراً