قال الله عز وجل في كتابه :
أَلَمْ تَرَكَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء (24)تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ(25)
فشبه -سبحانه وتعالى- الكلمة الطيبة بالشجرة الطيبة لأن الكلمة الطيبة تثمرالعمل الصالح والشجرة الطيبة تثمر الثمر النافع وهذا ظاهر على قول جمهور المفسرين الذين يقولون الكلمة الطيبة هي شهادة أن لا إله إلا الله فإنها تثمر جميع الأعمال الصالحة الظاهرة والباطنة .
فلا ريب أن هذه الكلمة من هذا القلب على هذا اللسان لا تزال تؤتي ثمرتها من العمل الصالح الصاعد إلى الله كل وقت كما قال الله تعالى :
((إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِح يَرْفَعُهُ ))
.
الدعوة إلى الخير ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
من الكلام الطيب وقال سبحانه أيضاً مؤكداً على ذلك :
(دْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبّكَ بِلْحِكْمَةِ وَلْمَوْعِظَةِ لْحَسَنَةِ وَجَدِلْهُم
بِلَّتِى هي أَحْسَنُ)[النحل: 125].
وقال أيضاً
(وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مّمَّن دَعَا إِلَى للَّهِ وَعَمِلَ صَلِحاً
وَقَالَ إِنَّنِى مِنَ لْمُسْلِمِينَ)[فصلت: 33].
بل إن الله دعا إلى الكلام الطيب حتى مع المخالفين
في الدين والاعتقاد
(وَلاَ تُجَدِلُواْ أَهْلَ لْكِتَبِ إِلاَّ بِلَّتِى هِىَ أَحْسَنُ
إِلاَّلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ )
[العنكبوت: 46].
وبيَّن سبحانه أن الشيطان يحرص على التحريض بين الناس.
وأن الكلام الطيب هو الذي يفسد مخطات هذا الشيطان فقال:
( وَقُل لّعِبَادِى يَقُولُواْ لَّتِى هِىَ أَحْسَنُ إِنَّ لشَّيْطَنَ يَنْزَع بَيْنَهُمْ
إِنَّ لشَّيْطَنَ كَانَ لِلإِنْسَنِ عَدُوّا مُّبِينًا) [الإسراء: 53].
وبيَّن سبحانه وجوب الكلام الطيب مع الناس عامة فقال:
(وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْنًا) [البقرة: 83].
وقال: (وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً )[النساء: 5].
وقال(فَقُل لَّهُمْ قَوْلاً مَّيْسُورًا ) [الإسراء: 28].
بين سبحانه أن للوالدين الحق الأول على الإنسان في
مخاطبتهما بالكلام اللين والطيب فقال:
(فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاًكَرِيمًا وَخْفِضْ لَهُمَا
جَنَاحَ لذُّلّ مِنَ لرَّحْمَةِ وَقُل رَّبّرْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِى صَغِيرًا )
[الإسراء: 22، 23].
.
وقد لا تستطيع أن تقدم المال للناس وللفقراء منهم والمساكين لكنك
تستطيع أن تقدم لهم الكلام الطيب قال تعالى:
( قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى) [البقرة: 263].
وقال ( وَأَمَّا لسَّائِلَ فَلاَ تَنْهَرْ )[الضحى: 10]
. كما بين سبحانه الثواب العظيم الذي يترتب على قول الطيب فقال
( يأَيُّهَا لَّذِينَ ءامَنُوا ْتَّقُواْ للَّه وَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَلَكُمْ
وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ للَّه وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَاز َفَوْزاً عَظِيماً )
[الأحزاب: 70، 71].
وأيضًا من ثمار الكلمة الطيبة
*الكلمة الطيبة شعار لقائلها ودليل على طيب معدنه وحسن أدبه وسمو أخلاقه
*الكلمة الطيبة تحول العدو إلى صديق بإذن الله،وتحول ضغائن القلوب إلى محبة ومودة
* الكلمة الطيبة تثمر عملاً صالحاً في كل وقت بإذن الله
*تصعد إلى السماء فتفتح لها أبواب السماء، وتقبل بإذن الله:
((إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ))
*من هداية الله وفضله للعبد، قال تعالى :
((وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ))
*الكلمة الطيبة ثوابها ثواب الصدقة
((اتقوا النار ولو بشق تمرة، فإن لم يكن فبكلمة طيبة))
*تطيب قلوب الآخرين، وتمسح دموع المحزونين، وتصلح بين المتباعدين
هذه بعض ثمار الكلمة الطيبة قد عرفتها ونلت فضل قراءتها فاجعل دائماً لسانك
رطباً لا يتفوه الا بخير الكلام
وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنفَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَار
والكلمة الخبيثة، وهي كلمة الشرك – وما يتبعها من كلام خبيث – فهي على النقيض من ذلك.
كلمة ضارة غير نافعة، فهي تضر صاحبها، وتضر ناقلها، وتضر متلقيها،وتضر كلمن نطق بها، وتسيء لكل سامع لها، إنها كلمة سوء لا خير فيها،وكلمة خُبْثٍ لا طيب فيها،
وكلمة مسمومة لا نفع فيها؛ فهي كالشجرة الخبيثة، أصلها غير ثابت، ومذاقها مر، وشكلها لا يسر الناظرين،
تتشابك فروعها وأغصانها، حتى ليُخيَّل للناظر إليها أنها تطغى على ما حولها
من الشجر والنبات، إلا أنها في حقيقة أمرها هزيلة،
لا قدرة لها على الوقوف في وجه
العواصف والأعاصير، بل تنهار لأدنى ريح، وتهاوى لأقل خطر يهددها؛
إذ ليس من طبعها الصمود والمقاومة، وليس من صفاتها الثبات والاستقرار،
إنها شجرة لا خير يرتجى منها،
فطعمها مر، وريحها غير زاكية، فهي شر كلها، وخبث كلها، وسوء كلها
عن أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((…..وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله تعالى لا يلقي
لها بالا ً يهوي بها في جهنم ))
يالله بكلمة واحدة فقط ربما تكون سباً أو لعناً أو غيبة أو نميمة أو غير ذلك ولاتلقي
لها بالاً تنال بها سخط الله وغضبه، روي عن قتادة:
( أن رجلاً لقي رجلاً من أهل العلم فقال له: ما تقول في الكلمة الخبيثة ؟
قال: لا أعلم لها في الأرض مستقراً، ولا في السماء مصعداً، إلا أن تلزم عنق صاحبها
حتى يوافي بها يوم القيامة )
فيجب على المسلم أن يضبط لسانه، وأن لا يتكلم بالكلمة حتى يسأل نفسه قبل أن ينطق ما جدوى حديثي وفائدته؟
فإن كان في الكلام خيراً تكلم وإلا سكت والسكوت
في هذه الحالة عبادة يؤجر عليها، وصدق رسول الله إذ يقول:
((ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت))
رواه البخاري ومسلم .
ملك ذكر أن ملكاً رأى في منامه أن أسنانه تساقطت..فاستدعى أحد المعبرين…
وقص عليه الرؤيا وسأله عن تعبيرها؟!فتغير المعبر لما سمعها وجعل يردد :أعوذ بالله ..
أعوذ بالله فزع الملك وقال:ما تعبير رؤياي؟!
فقال المعبر:تمضى عليك السنين …ويموت أولادك وأهلك جميعاً ..
وتبقى في ملك وحدك فصاح الملك وغضب وسب ولعن وأمر بالمعبر أن يسحب ويجلد
ثم دعا بمعبر أخر وقص عليه الرؤيا وسأله عن تعبيرها فابتهج ذالك المعبر ..
وتبسم وأظهر البشاشة وقال: أبشر خير خير أيها الملك
قال الملك :ما تعبر رؤياي؟!!
قال المعبر:هذا معناه أنك سيطول عمرك جداً ..حتى تكون أخر أهلك موتاً وتبقى طول عمرك
ملكا ًفاستبشر الملك وأمر له بالأعطيات ..وبقى راضياً عليه..ساخطا على الأخر
مع أنك لو تأملت لوجدت التعبيرين متماثلان متطابقان…لكن الأول عبر بأسلوب
والأخر عبر بأسلوب أخر … نعم إن اللسان لسيد من السادات.
وقال الشاعر :
يموت الفتى من زلة بلسانه وليس يموت المرء من زلة الرجل
وروى الترمذي عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال:
قلت يا نبي الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به ؟
فقال: ((ثكلتك أمك يا معاذ. وهل يكب الناس في النار على مناخرهم
إلا حصائد ألسنتهم؟ ))
فالكلمة الخبيثة مرض وجع وألم ومعصية ينطق بها لسانك فتؤذى بها أهلك
وأحبابك وجيرانك من غيبة، ونميمة، وسب، وشتم، وقذف، وخصام، وكذب .
أضرار الكلمة الخبيثة
كم من امرأة طلقها زوجها بسبب كلمة ..يختلف معها فتردد قائلة طلقني ..
إن كنت رجلاً طلقني!!! فيطلقها ويتشرد الأطفال بسبب كلمة !
إذاء الآخرين بجرج مشاعرهم .
تورث الكراهية والبغض فى النفوس
* تجعل صاحبها منبوداً من قبل الآخرين،فيتهربون منه خشية لسانه وسوء أدبه
* قطع العلاقات الأجتماعية بين الأصدقاء والعائلات فمثلاً
: يحدث سوء تفاهم بين الزوجين فتذهب الزوجة لبيت أهلها وتشتكى
من زوجها وتحدثهم حديثاً يوغر صدورهم على الزوج فيقاطعونه
، وربما تعود الزوجة إلى زوجها وتبقى العلاقة بين الأسرتين متوترة.
الإنسان إما ابن كلمة طيبة فيكون شجرة طيبة لها أصولها المتجذرة،
وآفاقها السامية، وثمارها الطيبة؛ وإما ابن كلمة خبيثة فيكون شجرة
خبيثة لا أصل لها ولا ثبات إذاً لا مخرج من وحل الشقاء ولا نجاة من
مستنقع الضلالات إلا بإتباع هدى الله؛ الذي يتجسد في الكلمة الطيبة التي تصنع بلد القلب الطيب الذي يعطي النبات والثمار الطيب بإذن الله يقول الله سبحانه وتعالى:
{ وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِدًا
كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ }.