التصنيفات
التربية والتعليم

الكناية وتجلياتها

الكنايةَ من حيثُ هي تتنَـوَّعُ إلى ما يُسَمَّى تلويحًا وإلى مايُسمَّى رمزًا، وإلى ما يُسمَّى إيماءً وإشارةً، وإلى ما يُسمَّى تعريضًا، وهذهالأنواعُ وإن استوَتْ في كونِها كنايةً، إلاَّ أنَّها يَقَعُ التفاوتُ فيها فيالجملةِ، أي أنَّه يَفوقُ بعضُها بعضًا في رُتبةِ دقَّةِ الفهْمِ وظهورِه، وفيرُتبةِ قِلَّةِ الوسائطِ وكثرتِها، وذلكَ ممَّا يُؤدِّي إلى التفاوُتِ فيالأبلغيَّةِ؛ لأنَّ الخِطابَ بها يَختلِفُ يُناسِبُ بعضُها الذكيَّ وبعضُهاالغبيَّ، وما يكونُ خطابًا لذكيٍّ يَفوقُ ما كانَ خطابًا لغبيٍّ في الأبلغيَّةِ،وإن كان كلٌّ في مقامِه بليغًا، فتأمَّلْ. ما يلي:
(1) التلويح: والتلويحَ في الأصلِ هو أن يُشارَ إلى الشيءِ من بُعْدٍ، وكثرةُ الوسائطِبعيدةُ الإدراكِ غالبًا. قالَ صاحبُ رُوحِ المعاني: جَعْلُ السكَّاكيِّ التلويحَاسمًا للكنايةِ الكثيرةِ الوسائطِ اصطلاحٌ جديدٌ خلافَ المشهورِ من تسميةِ التعريضِتلويحًا.ا.هـ.
ومنه قولنا:
(هوَ كثيرُ الرَّمادِ) أيْ: كريمٌ؛ فإنَّ كَثْرةَ الرمادِ تَستلزِمُ كثرةَالإحراقِ، وكثرةَ الإحراقِ تَستلزِمُ كَثرةَ الطبْخِ والخبْزِ، وكثْرتَهُماتَستلزِمُ كثرةَ الآكِلينَ، وهيَ تَستلزِمُ كثرةَ الضِّيفانِ، وكثرةَ الضِّيفانِتَستلزِمُ الكَرَمَ.ومن الملاحظ هنا كثيرة الوسائط .
ومِثلُه هو جَبانُ الكلبِ؛ فإنَّ بينَ جُبْنِ الكلبِ والمِضيافيَّةِ المستعمَلِ هوفيها أربعُ وسائطَ، وهو عدَمُ جَراءَةِ الكلْبِ، وأُنْسُ الكلبِ بالناسِ، وكثرةُمخالَطةِ الوارِدِينَ، وكثرةُ الأضيافِ. وكذا مهزولُ الفصيلِ؛ فإنَّ بينَ هُزالِالفصيلِ والمِضيافيَّةِ المستعمَلِ هو فيها ثلاثُ وسائطَ، وهي عدَمُ اللبَنِ،
وكثرةُ شاربِيهِ، وكثرةُ الأضيافِ(الرمْزاً)
الرمزَ في اللغةِ هو أن تُشيرَ إلى قريبٍ منك على سبيلِ الْخِفْيَةِ بنحوِ شَفَةٍ أو حاجِبٍ فالأوَّلُ وهو ما انْعَدَمتْ فيه أصلاً، كما في قولِك: هو عريضُ القَفَا، أي: أبْلَهُ, فَكَنَّى عن البَلَهِ بعرْضِ القَفَا وليس بينَهما واسطةٌ عُرْفاً. والثاني وهو ما وُجِدَتْ مع القلَّةِ نحوُ: هو سَمِينٌ رِخْوٌ, أي: غَبِيٌّ بَليدٌ، فكَنَّى بالسِّمَنِ والرِّخْوِ عن الغباوةِ والبلادةِ وليس بينَهما إلا واسطةٌ واحدةٌ، لأن السِّمَنَ والرِّخْوَ يَستلزمان عرْضَ القفا وعرْضَ القفا يَستلزمُ الغباوةَ والبلادةَ.
(وإن قلَّتْ فيها الوسائطُ ,أو لم تكنْ) واسطةٌ أصلاً. (ووَضَحَتْ) أي: في اللزومِ بلا تعريضٍ



م/ن



خليجية



خليجية