التصنيفات
منوعات

«اللثغة» تتطلب مواجهة مبكرة وخطة علاجية بمشاركة الأسرة

من أشكال الإعاقة وتعود لأسباب وظيفية أو عضوية

«اللثغة» تتطلب مواجهة مبكرة وخطة علاجية بمشاركة الأسرة

خليجية

محمد وجدي خلال تدريب طفلة على النطق الصحيح

تختلف أشكال الإعاقة ما بين ظاهرة وخفية، ومنها ما يحتل موقعاً وسطاً بين هذه وتلك، وهذا النوع يتربط أغلبه بمشاكل النطق والكلام، التي لا تظهر إلا عندما يبدأ الشخص في الكلام، فيظهر عجزه عن نطق بعض الحروف بشكل سليم، ما يسبب له آثاراً نفسية سيئة، خاصة في سنوات عمره الأولى التي تتشكل فيها معالم شخصيته، وتتحدد اتجاهاته إلى العالم المحيط به، ولذلك تعتبر اللثغة وإبدال الأصوات من أشكال الإعاقة اللفظية، التي تتطلب مواجهة مبكرة وخططاً علاجية مشتركة بين المعالج والأهل داخل المنزل.
في هذا الإطار يقول أخصائي التخاطب محمد وجدي، إن هناك بعض الأسر تشتكي من أن طفلها يقوم بنطق الكلام بطريقة خاطئة أو غير مفهومة، حيث يقوم الطفل بإبدال صوت بصوت آخر مثلا يقول (ثيارة بدلا من سيارة)، (كوله بدلا من كورة)، (تتاب بدلا من كتاب)، وغيرها من العيوب اللفظية التي يلاحظها الآباء.
وتسمى كل هذه العمليات «اللثغة»، وبالتالي يمكن تعريف اللثغة على أنها مرض من أمراض الكلام يقوم فيه المريض بإبدال بعض الأصوات بأصوات أخرى، حيث تحدث اللثغة بسبب خروج الصوت من مخرج آخر غير مخرجه الصحيح.

أنواع اللثغة

ويحدد وجدي مجموعة أسباب تؤدي لحدوث هذه اللثغة، وهي: أسباب وظيفية تتمثل في التعلم الخاطئ من المحيطين لإخراج الصوت أو تقليد شخص معين بالأسرة ومحاكاته، أسباب عضوية مثل وجود عيوب خلقية في أحد أعضاء النطق فتجعل الطفل غير قادر على نطق الصوت من مخرجه الصحيح، عدم اكتمال الأسنان أو عدم انتظامها أو تشوهها ويمثل سبباً آخر في عدم القدرة على نطق بعض الأصوات، كبر حجم اللسان أو ضعف عضلاته قد يؤدي أيضا إلى عدم نطق بعض الأصوات بطريقة صحيحة، إذا كان المريض يعاني من الضعف السمعي فقد يسبب ذلك إبداله لبعض أصوات اللغة.

ويوضح وجدي أنه يمكن تقسيم أنواع اللثغة إلى ثلاثة أنواع، وهي : اللثغة السينية، وفيها يقوم المريض بإبدال أصوات الأحرف الأتية (س، ب، ش، ث)،اللثغة الرائية ويقوم فيها المريض بإبدال صوت أحرف (ر، ب، ل)، أما ثالث تلك الأنواع يتمثل في إبدال الأصوات الخلفية بالأمامية ويقوم فيها المريض بإبدال أصوات أحرف (ك، ق، ج، غ) بأصوات أمامية مثل (ت، ح، د، أ).

فحص المريض

وبالحديث عن طرق علاج اللثغة، يبين وجدي أنه إذا كان سبب اللثغة عضوياً فيتم فحص المريض إكلينيكيا لمعرفة السبب ومحاولة علاجه أولا ، ثم اتباع البرنامج التدريبي بعد ذلك.
أما إذا كان السبب سببا وظيفيا فيتم أولا تحديد ماهي الأصوات التي تنطق بطريقة خاطئة ثم البداية بتصحيح صوت تلو الآخر ويتم تدريب المريض أمام المرآة على الطريقة الصحيحة لإصدار الصوت، ويبدأ بتعليم المريض المخرج الصحيح للصوت أين يكون لسانه وكيف شكل الفم وهكذا، ثم يتم التدريب على الصوت المراد تعديله بوضعه في كلمات يكون فيها هذا الصوت في أول الكلمة ثم في وسطها ثم في آخرها ثم يقوم المعالج بفتح حوار مع المريض يكون شامل لكل هذه الكلمات حتى يتأكد من نطق الصوت بشكل سليم، ثم بعد ذلك يتم الانتقال إلى صوت آخر إن وجد، ويفضل ألا تزيد الجلسة عن نصف ساعة حتى لا يمل المريض ويشعر بالإحباط أحيانا.
ويلفت وجدي إلى ضرورة تجنب مجموعة أخطاء التي يقوم بها بعض الآباء، مثل القيام بتعنيف أبنائهم وضربهم أحيانا إذا لم ينطق الطفل الصوت بشكل سليم، ونجد هنا أن الطفل يكون في حيرة بسبب رغبته في إرضاء والديه ولكنه لايعرف كيف ينطق الصوت من الأصل، وقد لا يدرك الطفل في الأساس أن لديه مشكلة ولابد من علاجها أو تصحيحها، أو يكون الطفل لازال في مرحلة تكوين اللغة وتركيبه اللغوي بطبيعة الحال لم يتطور بعد.

التغذية المرتدة

هنا يشدد وجدي على الآباء والمتعاملين مع الأطفال بعدم توجيه أنظار أطفالهم إلى أن هناك مشكلة في كلامهم، أو أن هناك أطفالا آخرين أفضل منهم لأنهم ينطقون ويتكلمون أفضل منهم، أو أن يقوم البعض بالاستهزاء به أمام إخوته أو أمام الآخرين، أو أن تقوم المعلمة في الروضة بالسخرية منه أمام الأصدقاء، وبالتالي سوف يكره العلم والتعليم والمعلمين مدى حياته، وذلك لأن الطفل في مرحلة تكوين اللغة والتي قد تمتد إلى الخمس سنوات الأولى من عمره لا يستطيع أن يستوعب أن هناك مشكلة ولابد من علاجها، وإذا أحس الطفل بذلك قد يصل الحال به إلى أن يكون متلعثما في المستقبل، وذلك لأنه سوف يخاف من الكلام ويتجنبه ولا يحاول أن يكون صداقات مع أقرانه الأطفال.
ولذلك يؤكد وجدي على ضرورة أن نعطي الطفل التغذية المرتدة السليمة بأن نعيد عليه الكلمة بشكل صحيح فإذا استطاع أن يكررها بشكل صحيح فهذا جيد، وإن لم يستطع فنمر عليها مر الكرام حتى لايتأثر الطفل نفسيا مع الوقت.

التأخر اللغوي

ويعود وجدي إلى أسباب حدوث اللثغة، فيقول إن هناك سببا آخر لـ ( اللثغة ) وهو التأخر اللغوي عند بعض الأطفال، فإذا كان الطفل متأخرا في مراحل تكوين اللغة، فمن الوارد أن يحدث عنده بعض الإبدال للأصوات والحذف أحيانا أو التحوير، ويكون ذلك نتيجة للتأخر اللغوي وليس لوجود سبب وظيفي أو سبب عضوي كما ذكرنا من قبل، وهنا يختلف الحال في طريقة العمل معه أو الوقت والزمان الذي يجب أن نبدأ فيه التدريب على تحسين المخارج الصوتية، لأنه إذا كان الطفل الطبيعي تكتمل لديه اللغة في عمر الخمس سنوات تقريباً، فإنها تختلف عند الطفل المتأخر لغوياً، ويختلف هذا من طفل لآخر وحسب نسبة التأخر اللغوي وأسبابه التي أدت إليه.
ويلفت وجدي إن كل مشكلة في بدايتها يكون من السهل علاجها والمساعدة في حلها، هكذا الحال أيضا في الاكتشاف المبكر لحالات اللثغة والبدء في التدريب والعلاج، لما له من آثار نفسية ممكن أن تعود على الطفل إذا اعتاد على انتقاده أحد الأصحاب والرفاق بالمدرسة، أو أحد الجيران أو الأقارب، ولكن أيضا لابد أن نتذكر دائما ألايقدم العلاج بشكل مباشر إلا بعد اكتمال اللغة تماما عند الطفل.

نصائح للأمهات

وفي النهاية يوجه وجدي مجموعة من النصائح إلى أولياء للتعامل مع أولادهم المصابين باللثغة وهي:
تحدث مع طفلك باستمرار بشكل صحيح ولا تعيدي عليه الكلام بنفس طريقته ولكن رد عليه بالنطق الصحيح، ولا تتكلم معه بشكل سريع جداً، حتى يستطيع أن يسمعك جيدا ويسمع مخارج الألفاظ بشكل أفضل حتى يستطيع تقليدك.
اعط لطفلك أهمية عندما يتكلم أو يحاول التواصل معك، انتبه له وحاول أن تفهمه وتلبي طلبه وتشعره بأهمية كلامه حتى لو كنت تراه بدون أهمية. لا تدع طفلك يردد بعض الكلمات الخاطئة والتي يسمعها من الآخرين وخاصة بعض الكلمات التي يسمعها من خلال التلفزيون، لأن معظم الأفلام الكرتون التي يفضلها الأطفال لا تراعي الجانب التعليمي الصحيح، ولا تراعي الجانب اللغوي عند الأطفال والأساليب الصحيحة لتنمية هذا الجانب لديهم.
اجعلي لطفلك جزءا من وقتك لتحكِ له وتقرأ معه بعض القصص القصيرة، وذلك لتوصيل معلومة معينة لها أو تعلمه مهارة جديدة، أو تعلمه منها كلمات ومفردات جديدة.
( إذا أردت أن تطاع فأمر بما يستطاع )، والمقصود ألا تحاول الضغط على الطفل لينطق الكلام بشكل صحيح وأنت لا تعلم ماهي مشكلته وماهو السبب الذي جعله ينطق هكذا.

النطق الصحيح

قال أخصائي التخاطب محمد وجدي إنه إذا كان هناك شخص بالأسرة ينطق الأصوات بشكل غير صحيح ويعاني من اللثغة، فيجب أن يتعلم هو النطق الصحيح أولا قبل أن يطلبه من طفله، لأن الطفل يسمع ويردد ما يسمعه، فإذا كان الأب عنده لثغة ويقول لأبنه هيا بنا نركب ( الثيارة ) وهيا نذهب إلى ( المدرثة ) وهيا نأكل ( الثمكة )، هنا لن يفهم الطفل من تلقاء نفسه أن والده ينطق الكلمات بشكل خاطئ ولكنه سيرددها كما سمعها منه، وبالتالي لابد أن نراعي طريقة كلامنا مع أطفالنا لأننا نعتبر المصدر الأول والأهم في تربيتهم.
خليجية




يسلمووووووو