التصنيفات
سيرة النبي وزوجاته والصحابة

أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها

(( أتى جبريلُ النبيَّ عليه الصلاة والسلام فقال : يارسولَ الله ، هذه خديجةُ قد أتت .. فإذا هي أتتكَ فاقرأ عليها السلامَ من ربها ومني، وبشّرْها ببيت في الجنة من قصب ، لاصخَبَ فيه ولا نصَب )) . . – رواه الشيخان –


(( أمّلتُ النفس بكتابة قصيدة عن الطاهرة خديجة التي قامت بأعظم تحفيز لأعظم إنسان يحمل أعظم رسالة في التاريخ..
وأبطأ بي قلمي،وطال انتظاري، حتى كانت ليلة وتر من الليالي المباركات العشر ، وأرجو أن تكون ليلة القدر،وعند السحَر الأعلى فتح الله عليّ بهذه الأبيات))

ذكراكِ يا أماهُ عطرُ الياسمينْ *** قد فاح طهراً في مدارات السنينْ
ذكراكِ ذكرى الحقِّ يبدأ خَطوَهُ *** في الأرض يمضي بالرسالة لايلينْ
أنتِ التي صدّقتِ أحمدَ بالهدى *** فغدوتِ بالإيمان أولى المسلمينْ
أنتِ التي دثـَّرْتهِ .. زمـَّلْتهِ *** أنتِ التي آزرتِ خيرَ المرسلينْ
إذ قلتِ : "كلا! يا ابنَ عمي،لا تخفْ *** فلَأنتَ مأوىً للفضائل أجمعينْ
واللهِ لا يخزيـكَ ربُّ العالمينْ *** وأظنُّ ذاك الضيفَ جبريلَ الأمين ْ "
أنتِ التي قد كنتِ أولى من تلتْ *** "اِقرأ "وأنتِ كنتِ أولى الساجدينْ
أمـّاهُ ! بيتكِ كان أولَ منزلٍ *** متلألئٍ بتلاوة الوحي المبينْ
أمـاهُ ! بيتكِ ضمّ أولَ سجدةٍ *** نبويةٍ لله ربِّ العالمينْ
بشراكِ يا أماهُ بيتٌ في السما *** من قصبٍ .. بشراكِ أمَّ المؤمنينْ
بشراكِ إذ أقراكِ جبريلُ الأمينُ *** سلامَهُ وسلامَ ربِّ العالمينْ !
كم كان قلبُ المصطفى رمزَ الوفا *** في الحبِّ إذ يحدوهُ للماضي الحنينْ
فيقولها:"كانتْ وكانتْ ،كان لي*** منها البناتُ وكان أنوارُ البنينْ"
ذكراكِ حبٌّ في فؤادِ المصطفى *** ذكراكِ عطرٌ في شفاهِ الذاكرينْ
ذكراكِ أحمدُ والرسالةُ والهدى *** ذكراكِ إيمانٌ وإسلامٌ ودينْ




التصنيفات
منوعات

أمهات المؤمنين رضي الله عنهم

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ….

اخواتي في الله …

من منا لم تذرف دمعة حزن و غيرة على ادعاءات اعداء الاسلام و المسلمين في حق امهات المؤمنين

و بالاخص امنا عائشة رضي الله عنها …

من منا لم يمسها ذلك البهتان و القذف الباطل و لم يحرك في نفسها الغيرة و السخط و الغضب ضد الحاقدين

لنصرخ سوية كفى…كفى …كفاكم ظلما و بهتانا على اطهر المطهرات ….و كل قالها باسلوبه باقل الامكانيات التي يملكها…

منهم من اطلق مواقع خاصة للدفاع عن ام المؤمنين …و منهم من صمم تواقيع و صور تحمل كلمات تدافع عنها

و الكثير من المواقع الالكترونية اطلقت حملة عالمية لكل العرب المسلمين باسم ابناء و بنات عائشة رضي الله عنها

و حملات اخرى للدفاع عن **الحميراء** ام المؤمنين عائشة رضوان الله عليها

و بهذا الصد و كغيري من الثائرات …الساخطات على الحاقدين …اعداء الدين..اذلهم الله …

حبيت ان اطلق حملتي الخاصة هنا باحب اقسامي ** قسم الحياة الزوجية**

تحت عنوان **امهات المؤمنين رضي الله عنهم **

و من خلال هاته الحملة …ساتعرض لحياة زوجات – النبي صلى الله عليه و سلم – رضي الله عنهم

و التعريف بهم و الحديث عن فضائلهم علينا …و ايضا لنستفيد من

هم امهاتي ..امهاتكم و امهات المؤمنين جميعا ..

و الموضوع مفتوح للكل ..يعني الي عندها موضوع يتكلم عن زوجة من ازواج النبي صلى الله عليه و سلم تضعه هنا و جزاها الله خيرا …

**أختكم نور الهدى **




شايف يا رسول الله
كيف بستهزئوا بحبيبة عمرك
يا رب يا رب
انوا لما يجي على نهر الكوثر
ما يشربوا الرسول
عليه لعنة الله
شكرا اختي



ترجمة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها

تُعتبر عائشة -رضي الله عنها- مِن أبرز الصحابة الكرام، وأسماهم مكانةً، وأعلاهم شأنًا، وأكثرهم إطلاعًا على أحوال النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- وشمائله.

حظيتْ بمكانة خاصَّة عند النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- لم تحظَ بها غيرُها من أزواجه، وذلك لعدة اعتبارات- كما سنرى لاحقًا.

كانت -رضي الله عنها-: "بحرًا زاخرًا في الدِّين، وخزانة حِكمة وتشريع، وكانت مدرسةً قائمة بذاتها، حيثما سارتْ يسير في ركابها العِلم والفضل والتُّقى"[1].

وسنحاول ملامسة بعضٍ من جوانب شخصيتها من خلال المحاور التالية:
المبحث الأول: اسمها ونسبها.
المبحث الثاني: زواجها.
المبحث الثالث: فضلها ومكانتها عند رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم.
المبحث الرابع: حادثة الإفك.
المبحث الخامس: بعض مناقبها.
المبحث السادس: ثقافتها ومكانتها العلمية.
المبحث السابع: الحب والغَيْرة في حياة عائشة رضي الله عنها.
المبحث الثامن: مرضها وفاتها رضي الله عنها.
والله نسأل التوفيق.

المبحث الأول: اسمها ونسبها:

عائشة: هي بنت أبي بكر الصِّدِّيق بن أبي قحافة بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي[2]، القرشية التيمية، المكيَّة النبوية، أم المؤمنين، زوجُ النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- أفقه نساء الأمَّة على الإطلاق[3]، وأمُّها أمُّ رومان بنت عمير بن عامر بن دهمان بن الحارث بن غنم بن مالك بن كنانة[4].

وقد أشرقتْ أنوار بيت الصِّدِّيق، وأمِّ رومان بمولد عائشة بعدَ المبعث بأربع سنين أو خمس.

المبحث الثاني: زواجها:

كانت مُسمَّاةً لجبير بن مطعم، فخطبها رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- بعد أن سلَّها أبوها من أهله.

وقد أورد صاحبُ الطبقات عن ابن عباس قال: خطب رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- إلى أبي بكر الصديق عائشة، فقال أبو بكر: يا رسول الله، قد كنتُ وعدتُ بها أو ذكرتها لمطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف لابنه جبير، فدعني حتى أسلَّها منهم، فعل، ثم تزوجها رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – وكانت بِكرًا[5].

يتبيَّن من خلال المصادر التاريخية: أنَّ النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- تزوجها في شوال سَنة عشر، أو إحدى عشرة من النبوَّة بعد سَوْدة بعام، وهي بنت ستِّ سنين، وبقيت عنده تِسع سنين، ولم يتزوَّج بِكرًا غيرها.

قال هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: تزوَّجَني رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- متوفى خديجة، قبل الهجرة، وأنا ابنة ستّ، وأدخلتُ عليه وأنا ابنة تسع سنين، جاءني نِسوة، وأنا ألعب على أرجوحة، وأنا مجممة فهيَّأني وصنعني، ثم أتين بي إليه. قال عروة: ومكثتْ عنده تسع سنين[6].

ولقد كان لزواجه -صلَّى الله عليه وسلَّم– بعائشة فوائد جمَّة؛ أهمها:

1- لتمتين أواصر المحبَّة والأخوَّة مع ساعدِه الأيمن في نشْر هذه الدعوة. 2- لأنها نشأتْ في بيت مسلم منذ نعومة أظفارها، ولكي تبقى أطولَ فترة ممكنة في مدرسة النبوَّة، تتفقَّه في أحكامها وتعاليمها؛ لتنقلَ هذه الأحكام -بدورها- إلى أخواتها المسلمات[7]. المبحث الثالث: فضلها ومكانتها عند رسول الله:

أنزلها رسولُ الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – من نفسه أعزَّ منزلة، وفضلها على جميع النِّساء؛ حيث قال -عليه الصلاة والسلام: «فضْلُ عائشة على النساء، كفضْل الثريد على سائر الطعام»[8]، حتى زواجه منها كان لحِكمة إلهيَّة، فقد رآها في المنام مرَّتين، وهو الصادق الأمين الذي لا ينطِق عن الهوى.

وممَّا يدلُّ على مكانتها أكثرَ في نفس النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- ما رواه الشيخان عن عمرو بن العاص: «أنَّ النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- بعثه على جيش ذات السلاسل، فأتيتُه فقلت: أيُّ الناس أحبُّ إليك؟ قال: (عائشة)، فقلت: مِن الرجال؟ فقال: (أبوها)، قلت: ثم مَن؟ قال: (ثم عمر بن الخطاب)، فعدَّ رجالاً»[9].

وتُفصِح عائشة -رضي الله عنها- بنفسها عن فضلها، وعن تلك المنزلة السامية، والمكانة الرفيعة التي كانت تحتلُّها في نفس رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – فتقول: "فُضلتُ على نساء النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – بعشر، قيل: ما هنَّ يا أمَّ المؤمنين؟ قالت: لم ينكح بِكرًا قط غيري، ولم ينكح امرأة أبواها مهاجران غيري، وأنزل الله – عز وجل – براءتي من السماء، وجاءه جبريل بصورتي من السماء في حريرة، وقال: تزوجْها، فإنها امرأتك، فكنتُ أغتسل أنا وهو من إناء واحد، ولم يكن يفعل ذلك بأحد مِن نسائه غيري، وكان ينزل عليه الوحي وهو معي، ولم يكن ينزل عليه وهو مع أحد من نسائه غيري، وقَبَض الله نفسه وهو بين سحري ونَحْري، ومات في اليلة التي يدور عليَّ فيها، ودُفِن في بيتي"[10].

المبحث الرابع: حادثة الإفك:

لم تَسلَمْ الصِّدِّيقة الطاهرة من القَذْف، على ما عُرِف من طهرها وعفَّتِها ونبل أخلاقها! فقد تعرَّضتْ لإساءة قاسية أُصيبت بالمرض إزاءها، وعانت الكثير حتى أنزل الله – عز وجل – براءتها، وها هي الصِّدِّيقة تحكي لنا قصتها؛ كما ورد عند الإمام البخاري -رحمه الله- الذي قال: حدَّثَنا عبدالعزيز بن عبدالله، حدَّثَنا إبراهيم بن سعد، عن صالح، عن ابن شهاب، قال: حدَّثَني عروة بن الزبير، وسعيد بن المسيب، وعلقمة بن وقَّاص، وعبيدالله بن عبدالله بن عتبة بن مسعود عن عائشة -رضي الله عنها- زوج النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- حين قال لها أهلُ الإفك ما قالوا، وكلهم حدَّثَني طائفةً من حديثها، وبعضهم كان أوْعى لحديثها من بعض، وأثبت له اقتصاصًا، وقد وعيت عن كلِّ رجل منهم الحديثَ الذي حدَّثَني عن عائشة، وبعض حديثهم يصدِّق بعضًا، وإن كان بعضهم أوعى له من بعض.

قالوا: قالت عائشة: «كان رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- إذا أراد سفرًا أقْرع بين أزواجه، فأيهنَّ خرج سهمها خرج بها رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- معه، قالت عائشة: فأقرع بيننا في غزوةٍ غزاها، فخرج فيها سهمي، فخرجتُ مع رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- بعدَما أُنزل الحِجاب، فكنت أُحْمَل في هودجي وأنزل فيه، فسِرْنا حتى إذا فرغ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- من غزوته تلك وقَفَل، دنوْنا من المدينة قافلين آذَن ليلةً بالرحيل، فقمت حين آذنوا بالرحيل، فمشيتُ حتى جاوزتُ الجيش، فلما قضيت شأني أقبلتُ إلى رحْلي فلَمسْتُ صدري، فإذا عِقدٌ لي من جزع ظفار قد انقطع، فرجعت فالتمستُ عقدي فحبسني ابتغاؤه، قالت: وأقبل الرهط الذين كانوا يُرحِّلوني فاحتملوا هودجي فرحلوه على بعيري الذي كنتُ أركب عليه، وهم يَحْسبُون أني فيه، وكان النساء إذ ذاك خِفافًا لم يَهْبُلْنَ، ولم يغشهنَّ الحم، إنما يأكلن العُلْقة من الطعام، فلم يستنكر القوم خِفَّة الهودج حين رفعوه وحملوه، وكنت جاريةً حديثةَ السِّنِّ، فبعثوا الجمل فساروا، وجدتُ عِقدي بعدما استمرَّ الجيش، فجئتُ منازلهم وليس بها منهم داع ولا مجيب، فتيمَّمتُ منزلي الذي كنتُ به، وظنت أنهم سيفقدوني فيرجعون إليَّ، فبينا أنا جالسة في منزلي غلبتْني عيني فنِمت، وكان صفوان بن المعطَّل السُّلمي، ثم الذكواني، من وراء الجيْش، فأصبح عند منزلي، فرأى سوادَ إنسان نائم فعَرَفني حين رآني، وكان رآني قبل الحِجاب، فاستيقظتُ باسترجاعه حين عَرَفني فخمَّرْتُ وجهي بجلبابي، والله ما تكلمْنا بكلمة، ولا سمعتُ منه كلمة غير استرجاعه، وهوى حتى أناخ راحلته فوطِئ على يدِها، فقمتُ إليها فركبتها، فانطلق يقود بي الراحلة، حتى أتينا الجيش موغرين في نَحْر الظهيرة، وهُم نزول.

قالت: فهَلَك مَن هَلَك، وكان الذي تولَّى كِبْرَ الإفك عبدَالله بن أُبيِّ بن سلول»، قال عروة: أُخبرت أنه كان يُشاع ويُتحدَّث به عنده فيقرُّه، ويستمعه ويستوشيه، وقال عروة أيضًا: لم يسمَّ من أهل الإفك أيضًا إلا حسَّان بن ثابت، ومِسْطح بن أثاثة، وحَمْنة بنت جَحْش في ناس آخرين لا علم لي بهم، غير أنَّهم عصبة – كما قال الله تعالى – وإنَّ كبر ذلك يُقال له عبدالله بن أُبيِّ بن سلول.

قال عروة: كانت عائشة تكره أن يُسبَّ عندها حسَّان، وتقول: إنه الذي قال: فَإِنَّ أَبِي وَوَالِدَهُ وَعِرْضِي *** لِعِرْضِ مُحَمَّدٍ مِنْكُمْ وِقَاءُ
قالت عائشة:
«فقدِمْنا المدينة، فاشتكيتُ حين قدمتُ شهرًا، والناس يفيضون في قول أصحاب الإفك لا أشعرُ بشيء من ذلك، وهو يريبني في وَجَعِي أني لا أعرف مِن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- الُّطْفَ الذي كنت أرى منه حين أشتكي، إنما يدخل عليَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- فيسلِّم، ثم يقول: كيف تيكم؟ ثم ينصرف، فذلك يُريبني ولا أشعر بالشرِّ، حتى خرجتُ حين نقهتُ، فخرجت مع أمِّ مِسْطح قِبَل المناصع -وكان متبرزَنا، وكنا لا نخرج إلاَّ ليلاً إلى ليل، وذلك قبل أن نتخذ الكُنف قريبًا من بيوتنا، قالت: وأمرُنا أمرُ العرب الأُول في البرية قبلَ الغائط، وكنا نتأذَّى بالكنف أن نتخذها عندَ بيوتنا- قالت: فانطلقت أنا وأمُّ مِسْطح -وهي ابنة أبي رهم بن المطلب بن عبد مناف، وأمُّها بنت صخر بن عامر خالة أبي بكر الصديق، وابنها مِسْطح بن أُثَاثة بن عباد بن المطلب- فأقبلت أنا وأمُّ مسطح قِبَل بيتي حين فرغنا من شأننا، فعثرت أمُّ مسطح في مِرْطها، فقالت: تَعِس مسطح، فقلت لها: بئس ما قلتِ، أتسُبِّين رجلاً شهد بدرًا، فقالت: أيْ هَنْتَاه، ولم تسمعي ما قال؟! قالت: وقلت: ما قال؟ فأخبرتْني بقول أهل الإفك، قالت: فازدتُ مرضًا على مرضي، فلما رجعتُ إلى بيتي دخل عليَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- فسلَّم، ثم قال: كيف تيكم؟ فقلت له: أتأذن لي أن آتي أبوي؟ قالت: وأريد أن أستيقن الخبرَ مِن قِبَلهما، قالت: فأذن لي رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- فقلت لأمي: يا أُمَّتاه، ماذا يتحدَّث الناس؟ قالت: يا بُنيَّة، هوِّني عليك، فوالله لقلَّما كانتِ امرأة قط وضيئة عند رجل يحبُّها لها ضرائر إلاَّ كثرن عليها، قالت: فقلت: سبحان الله! أو لقد تحدَّث الناس بهذا؟!

قالت: فبكيتُ تلك اليلة، حتى أصبحت لا يرقأ لي دَمْع، ولا أكتحل بنوم، ثم أصبحتُ أبكي، قالت: ودعا رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد حين استلْبث الوحي، يسألهما ويستشيرهما في فِراق أهله، قالت: فأمَّا أسامة فأشار على رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- بالذي يعلم مِن براءة أهلِه، وبالذي يعلم لهم في نفسِه، فقال أسامة: أهلك، ولا نعلم إلاَّ خيرًا، وأما عليٌّ فقال: يا رسول الله، لم يضيِّق الله عليك، والنساء سواها كثير، وسلِ الجاريةَ تصدقْكَ، قالت: فدعا رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- بَرِيرة، فقال: أي بريرة، هل رأيت من شيء يَريبك؟ قالت له بريرة: والذي بعَثَك بالحق ما رأيتُ عليها أمرًا قط أَغْمِصه، غيرَ أنَّها جاريةٌ حديثة السِّنِّ، تنام عن عجين أهلها، فتأتي الداجنُ فتأكله.

قالت: فقام رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- من يومه فاستعذر مِن عبدالله بن أُبيٍّ وهو على المنبر، فقال: يا معشر المسلمين، مَن يَعذِرني من رجل قد بلغني عنه أذاه في أهلي؟ والله ما علمتُ على أهلي إلاَّ خيرًا، ولقد ذكروا رجلاً ما علمت عليه إلاَّ خيرًا، وما يدخل على أهلي إلا معي.

قالت: فقام سعد بن معاذ أخو بني عبد الأشهل، فقال: أنا يا رسول الله، أَعذِرك، فإن كان من الأوس ضربتُ عنقَه، وإن كان من إخواننا من الخزرج أمرْتَنا فعلنا أمرَك، قالت: فقام رجل من الخزرج وكانت أمُّ حسان بنت عمه من فَخِذه، وهو سعد بن عبادة، وهو سيِّد الخزرج، قالت: وكان قبل ذلك رجلاً صالحًا، ولكن احتملتْه الحمية، فقال لسعد: كذبتَ، لعَمْرُ الله لا تقتله، ولا تقدِر على قتْله، ولو كان مِن رهطك ما أحبت أن يُقتل، فقام أُسَيْد بن حُضَير -وهو ابن عم سعد- فقال لسعد بن عبادة: كذبتَ، لعمر الله لنقتلنَّه، فإنك منافِق تجادل عن المنافقين، قالت فثار الحيَّان -الأوس والخزرج- حتى همُّوا أن يقتلوا ورسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قائم على المنبر، قالت فلم يزلْ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- يُخفِّضهم، حتى سكتُوا وسَكَتَ.

قالت: فبكيتُ يومي ذلك كلَّه لا يرقأ لي دمع، ولا أكتحل بنوم، قالت: وأصبح أبواي عندي، وقد بكيت ليلتين ويومًا لا يرقأ لي دمع، ولا أكتحل بنوم، حتى إني لأظنُّ أنَّ البكاء فالِق كبدي، فبينا أبواي جالِسان عندي وأنا أبكي، فاستأذنتْ عليَّ امرأة من الأنصار، فأذنتُ لها، فجلستْ تبكي معي، قالت: فبينا نحن على ذلك دخل رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – علينا، فسلَّم، ثم جلس، قالت: ولم يجلس عندي منذ قيل ما قيل قبلَها، وقد لبث شهرًا لا يوحَى إليه في شأني بشيء، قالت فتشهَّد رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- حين جلس، ثم قال: أمَّا بعد يا عائشة، إنَّه بلغني عنك كذا وكذا، فإنْ كنت بريئة فسيبرِّئُك الله، وإن كنت ألممتِ بذنب فاستغفري الله، وتوبي إليه، فإنَّ العبد إذا اعترف ثم تاب، تاب الله عليه.

قالت: فلمَّا قضى رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- مقالتَه قَلَص دمعي، حتى ما أحسُّ منه قطرة، فقلت لأبي: أجِبْ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- عنِّي فيما قال، فقال أبي: والله ما أدري ما أقول لرسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- فقلت لأمي: أجيبي رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- فيما قال، قالت أمي: والله ما أدري ما أقول لرسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم.

فقلت -وأنا جارية حديثة السِّن، لا أقرأ من القرآن كثيرًا- إني والله، لقد علمتُ لقد سمعتم هذا الحديثَ حتى استقرَّ في أنفسكم، وصدقتم به، فلئن قلتُ لكم: إني بريئة، لا تُصدِّقوني، ولئن اعترفت لكم بأمر -والله يعلم أني منه بريئة- لتصدِّقُني، فوالله لا أجد لي ولكم مَثَلاً إلا أبا يوسف حين قال: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَالَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} [يوسف: 18]، ثم تحولتُ واضطجعت على فراشي، والله يعلم أني حينئذ بريئة، وأنَّ الله مبرِّئي براءتي، ولكن والله ما كنتُ أظنُّ أنَّ الله منزل في شأني وحيًا يتلَى، لَشَأْني في نفسي كان أحقرَ من أن يتكلم الله فيَّ بأمر، ولكن كنت أرجو أن يرى رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- في النوم رؤيا يُبرِّئني الله بها، فوالله ما رام رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- مجلسَه، ولا خرج أحدٌ من أهل البيت حتى أُنزِل عليه، فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء، حتى إنَّه ليتحدَّر منه من العرق مِثلُ الجُمَان وهو في يوم شاتٍ مِن ثِقَل القول الذي أُنزل عليه.

قالت: فسُرِّي عن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- وهو يضحك، فكانتْ أوَّل كلمة تكلَّم بها أن قال: يا عائشة، أمَّا الله فقد برَّأك، قالت: فقالت لي أمِّي: قُومي إليه، فقلت: والله لا أقوم إليه، فإني لا أحمد إلاَّ الله -عز وجل- قالت: وأنزل الله -تعالى-: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ لَّوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ لَّوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِندَ الَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ وَلَوْلَا فَضْلُ الَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ الَّهِ عَظِيمٌ وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُم مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ يَعِظُكُمُ الَّهُ أَن تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ وَيُبَيِّنُ الَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَالَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَالَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ وَلَوْلَا فَضْلُ الَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ الَّهَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ } [النور: 11-20]، ثم أنزل الله هذا في براءتي.




قال أبو بكر الصِّدِّيق – وكان يُنفق على مسطح بن أُثاثة لقرابته منه وفقره -: واللهِ لا أُنفِق على مسطح شيئًا أبدًا بعدَ الذي قال لعائشة ما قال، فأنزل الله: {وَلاَ يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ} إلى قوله: {وَالَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور: 22]، قال أبو بكر الصِّدِّيق: بلى والله، إني لأحبُّ أن يغفرَ الله لي، فرجع إلى مِسْطح النفقة التي كان ينفق عليه، وقال: والله لا أنزِعها منه أبدًا.

قالت عائشة: وكان رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – سأل زينبَ بنت جحش عن أمْري فقال لزينب: ماذا علمتِ أو رأيت؟ فقالت: يا رسول الله، أحْمي سمعي وبصري، والله ما علمتُ إلا خيرًا، قالت عائشة: وهي التي كانت تساميني من أزواج النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- فعَصَمها الله بالورع، قالت: وطفقتْ أختُها حَمْنة تحارِب لها، فهلكتْ فيمَن هلَك.»

قال ابن شِهاب: "فهذا الذي بلغني من حديث هؤلاء الرَّهْط، ثم قال عروة: قالت عائشة: والله، إنَّ الرجل الذي قِيل له ما قيل ليقولُ: سبحان الله! فوالذي نفسي بيده ما كشفتُ من كنف أنثى قط، قالت: ثم قُتِل بعدَ ذلك في سبيل الله[11] ".

وهكذا فقدِ انتصرت عائشة في حديث الإفك، وبرَّأها الله -تعالى- مما قالوا بالقرآن الكريم، وقدرت عائشة هذا الانتصارَ حقَّ قدره، وآبتْ إلى بيتها أوبةَ الظافر المتين، وظلَّت أعوامًا مع رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- في نِعمة وسعادة وسرور، يتنزل الوحي من الله في بيتها، ويُقرئها جبريل السلام[12]، ويحبُّها رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – ويُعظِّمها المسلمون[13].

المبحث الخامس: بعض مناقبها:
تميَّزت عائشة -رضي الله عنها- بفضائل عالية، وأخلاق سامية، فكانت -رضي الله عنها- شديدةَ الحياء، فمَن لا حياءَ له لا دِين له، مِن هذا المنطلق أعطتْ عائشة مثالاً رائعًا يُحتذَى به، كانت تحتجب مِن حَسَن وحسين لفرْط حيائها، حتى قال ابن عباس: "إنَّ دخولهما عليها لَحِلٌّ" [14].

ويُعدُّ تواضعها -رضي الله عنها- من مكارم الأخلاق التي تتمتَّع بها، وممَّا يدلُّ على ذلك: أنَّ داخلاً دخل على عائشة، وهي تخيط نقبة لها، فقال: يا أمَّ المؤمنين، أليس قد أكثر الله الخير؟! قالت: دعْنا منك، لا جديدَ لِمَن خَلَق له[15].

وقد أوصتْ -رضي الله عنها- عند وفاتها: "أن لا تتبعوا سريري بنار، ولا تجعلوا تحتي قطيفة حمراء"[16].

عُرِفت -رضي الله عنها- بزهدها وكرمها وجرْأتها في الحق وجهادها، وأعطتِ القدوة في كل ذلك -رضي الله عنها- والشواهد كثيرة، لكنَّ المجال لا يسعفني هنا لإيراد المزيد منها، ولذلك سأنتقل إلى المبحث التالي.

المبحث السادس: ثقافتها – رضي الله عنها – ومكانتها العلمية:

لقد أهَّلتْها نشأتُها في بيت أول مَن آمن بالدعوة المحمدية، وانتقالها فيما بعدُ إلى بيت صاحب الرِّسالة -صلَّى الله عليه وسلَّم- حيث اكتمل نضجُها، وتفتَّحت آفاقها المعرفية، واستوى تكوينها، كلُّ ذلك أهَّلها لتكونَ عالِمةً بأحكام الدِّين، وقمَّة سامقة فيما يتعلَّق بالسُّنة، ورواية الحديث، ويدلُّ على ذلك مروياتها في الكتب السِّتَّة، وغيرها من مصنفات الحديث.

تُعدُّ -رضي الله عنها- من المكثرين، ويبلغ مسندُها ألفين ومائتين وعشرة أحاديث، اتَّفق لها البخاري ومسلم على مائة وأربعة وسبعين حديثًا، وانفرد البخاري بأربعة وخمسين، وانفرد مسلم بتسعة وستِّين[17].

ومن مزاياها: أنَّها كانت تجتهد في بعض المسائل، وتستدرك بها على علماء الصحابة، وفي ذلك ألَّف الإمام الزركشي كتابًا خاصًّا، سمَّاه "الإجابة لإيراد ما استدركتْه عائشة على الصحابة".

كانتْ غزيرةَ العلم، موسوعية المعارف، عن أبي موسى الأشعري قال: "ما أَشْكَل علينا -أصحابَ رسول الله، صلَّى الله عليه وسلَّم- حديثٌ قطُّ، فسألنا عائشة عنه إلاَّ وجدْنا عندها منه علمًا"[18].

وعن أبي سلمة بن عبدالرحمن قال: "ما رأيتُ أحدًا أعلمَ بسُن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- ولا أفقهَ في رأي إن احتُيج إلى رأيه، ولا أعلم بآية فيما نزلتْ، ولا فريضة- مِن عائشة"[19].

وغيرُ هذه الشواهد كثيرة، وهي لا تؤكِّد إلا حقيقةً واحدة، وهي أنَّ أم المؤمنين عائشة هي -بحقٍّ- أفقهُ نساء الأمَّة على الإطلاق، وأغزرهنَّ علمًا.

المبحث السابع: الحب والغَيْرة في حياة عائشة:

لقد كانت -رضي الله عنها- متميِّزة بعِطر الحبِّ الذي يغمرها في بيته -صلَّى الله عليه وسلَّم- حتى إنَّها ما كانت تحدِّث عنه إلاَّ بذلك التعبير الشفَّاف "حِبِّي رسول الله قال كذا"، وكانت عائشة واثقةً من مكانتها في قلْب النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- وأنَّها هي الأثيرة عنده.

ولكنَّها في كلِّ الأحوال أنثى، كانت تتملَّكها الغَيْرة من أن ينبض هذا القلْب الكبير بحب آخَرَ، فقد كانتْ في بيت رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- تنصت إليه بإمعان، وتَعقِل ما يقول، وترفع إليه حوائجَ ذوي الحاجات، وتردُّ عليهم بما يُريد، وتنام مبكِّرة بليل، ويَبيت يصلِّي قريبًا منها، وإذا ما أراد السجود غمزَها لتنحَّى قليلاً؛ كي ما يجد موضعًا يضع فيه جبهته السمحة[20]، وربَّما استيقظتْ من نومها، فتبحث عنه ولا تجده مكانَه، فتغلي سَوْرة الغَيْرة في نفسها، ثم لا تلبث أن تهدأَ حين تسمعه يصلِّي قريبًا منها، وأحيانًا تغاضبه، وتحاول مع بعض صديقاتها من نسائه أن تحتالَ عليه[21].

وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: «كان النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- عند بعض نسائه، فأرسلتْ إحدى أمَّهات المؤمنين بصَحْفة فيها طعام، فضَربتِ التي النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- في بيتها يدَ الخادم، فسقطتِ الصحفة فانفلقتْ، فجمع النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- فِلقَ الصحفة، ثم جعل يجمع فيها الطعام الذي كان في الصَّحْفة، ويقول: غارت أمُّكم، ثم حبس الخادِم حتى أتى بصحفة مِن عند التي هو في بيتها، فدَفَع الصحفة الصحيحة إلى التي كُسِرتْ صحفتُها، وأمسك المكسورة في بيت التي كسرت»[22].

وكانت -رضي الله عنها وأرضاها- تُبدي بين الفَيْنة والأخرى شوقًا إلى معرفة مكانتها عندَ النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- وسرعان ما يتحوَّل هذا الشوق إلى نوع من الزهو والاستمتاع باعتراف الرسول بهذا الحبّ، ومقداره.

فلا معنى للزوجيَّة إلا بهذا الحبّ، ولا قيمة للحبِّ إلا في الإحساس به، والتعبير عنه بهذه اللغة الرقيقة، والألفاظ الشفافة[23].

المبحث الثامن: مرضها وفاتها رضي الله عنها:

مرضتْ أُمُّ المؤمنين عائشة في آخِرِ حياتها مرضًا ألْزمها الفراشَ، وأحاطها الصحابةُ بعنايتهم واهتمامهم بصحَّتِها، فكان يدخل عليها بعضُ الصحابة الذين هم مِن قرابتها، مثل عبدالله بن عباس، فيُثني عليها؛ لتخفيفِ وطأة المرض عنها، ولم تكن تحبُّ أن تسمع مَن يُثني عليها، قالت -رضي الله عنها-: "أثنَى عليَّ عبدالله بن عباس، ولم أكن أُحبُّ أن أسمع أحدًا اليوم يُثني علي، لودتُ أنِّي كنت نسيًا منسيًّا"[24].

تُوفِّيت -رضي الله عنها- سنة 57ه؛ وهذا ما قاله هشام بن عروة، وأحمد بن حنبل وغيرهم.

وقد قيل: إنها مدفونة بغربي جامع دمشق، وهذا غلط فاحش، لم تَقدَم -رضي الله عنها- إلى دمشق أصلاً، وإنما هي مدفونة بالبقيع[25]، وقد صلَّى عليها أبو هريرة بعدَ الوتر في شهر رمضان، ودُفِنت بالبقيع.

وهكذا نهي هذا المقتبس اليسير من أنْضرِ صفحة، وأطْهرِ صحيفة في صحائفِ النِّساء المسلمات الخالدات- رضي الله عنها وأرضاها.




قصيدة ابن بهيج الأندلسي

نظمها في تبرأة أم المؤ منين عائشة من حادث الإفك، يقول فيها:

ما شَانُ أُمِّ المُؤْمِنِينَ وَشَانِي = هُدِيَ المُحِبُّ لها وضَلَّ الشَّانِي

إِنِّي أَقُولُ مُبَيِّناً عَنْ فَضْلِها = ومُتَرْجِماً عَنْ قَوْلِها بِلِسَانِي
يا مُبْغِضِي لا تَأْتِ قَبْرَ مُحَمَّدٍ = فالبَيْتُ بَيْتِي والمَكانُ مَكانِي
إِنِّي خُصِصْتُ على نِساءِ مُحَمَّدٍ = بِصِفاتِ بِرٍّ تَحْتَهُنَّ مَعانِي
وَسَبَقْتُهُنَّ إلى الفَضَائِلِ كُلِّها = فالسَّبْقُ سَبْقِي والعِنَانُ عِنَانِي
مَرِضَ النَّبِيُّ وماتَ بينَ تَرَائِبِي = فالْيَوْمُ يَوْمِي والزَّمانُ زَمانِي
زَوْجِي رَسولُ اللهِ لَمْ أَرَ غَيْرَهُ = اللهُ زَوَّجَنِي بِهِ وحَبَانِي
وَأَتَاهُ جِبْرِيلُ الأَمِينُ بِصُورَتِي = فَأَحَبَّنِي المُخْتَارُ حِينَ رَآنِي
أنا بِكْرُهُ العَذْراءُ عِنْدِي سِرُّهُ = وضَجِيعُهُ في مَنْزِلِي قَمَرانِ
وتَكَلَّمَ اللهُ العَظيمُ بِحُجَّتِي = وَبَرَاءَتِي في مُحْكَمِ القُرآنِ
واللهُ خَفَّرَنِي وعَظَّمَ حُرْمَتِي = وعلى لِسَانِ نَبِيِّهِ بَرَّانِي
واللهُ في القُرْآنِ قَدْ لَعَنَ الذي = بَعْدَ البَرَاءَةِ بِالقَبِيحِ رَمَانِي
واللهُ وَبَّخَ مَنْ أَرادَ تَنَقُّصِي = إفْكاً وسَبَّحَ نَفْسَهُ في شَانِي
إنِّي لَمُحْصَنَةُ الإزارِ بَرِيئَةٌ = ودَلِيلُ حُسْنِ طَهَارَتِي إحْصَانِي
واللهُ أَحْصَنَنِي بخاتَمِ رُسْلِهِ = وأَذَلَّ أَهْلَ الإفْكِ والبُهتَانِ
وسَمِعْتُ وَحْيَ اللهِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ = مِن جِبْرَئِيلَ ونُورُهُ يَغْشانِي
أَوْحَى إلَيْهِ وَكُنْتُ تَحْتَ ثِيابِهِ = فَحَنا عليَّ بِثَوْبِهِ خَبَّاني
مَنْ ذا يُفَاخِرُني وينْكِرُ صُحْبَتِي = ومُحَمَّدٌ في حِجْرِهِ رَبَّاني؟
وأَخَذْتُ عن أَبَوَيَّ دِينَ مُحَمَّدٍ = وَهُما على الإسْلامِ مُصْطَحِبانِ
وأبي أَقامَ الدِّينَ بَعْدَ مُحَمَّدٍ = فالنَّصْلُ نَصْلِي والسِّنانُ سِنانِي
والفَخْرُ فَخْرِي والخِلاَفَةُ في أبِي = حَسْبِي بِهَذا مَفْخَراً وكَفانِي
وأنا ابْنَةُ الصِّدِّيقِ صاحِبِ أَحْمَدٍ = وحَبِيبِهِ في السِّرِّ والإعلانِ
نَصَرَ النَّبيَّ بمالِهِ وفَعالِهِ = وخُرُوجِهِ مَعَهُ مِن الأَوْطانِ
ثانِيهِ في الغارِِ الذي سَدَّ الكُوَى = بِرِدائِهِ أَكْرِمْ بِهِ مِنْ ثانِ
وَجَفَا الغِنَى حتَّى تَخَلَّلَ بالعَبَا = زُهداً وأَذْعَنَ أيَّمَا إذْعانِ
وتَخَلَّلَتْ مَعَهُ مَلاَئِكَةُ السَّمَا = وأَتَتْهُ بُشرَى اللهِ بالرِّضْوانِ
وَهُوَ الذي لَمْ يَخْشَ لَوْمَةَ لائِمٍ = في قَتْلِ أَهْلِ البَغْيِ والعُدْوَانِ
قَتَلَ الأُلى مَنَعوا الزَّكاةَ بِكُفْرِهِمْ = وأَذَلَّ أَهْلَ الكُفْرِ والطُّغيانِ

يتب ع**




التصنيفات
منوعات

أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها تدافع عن نفسها

الحمد لله ذو الفضل والإحسان, والكرم والامتنان, القوي الذي لا يُغلب, والعزيز الذي لا يُذل, والعظيم الذي لا يقهر ولا يُهان, والصلاة والسلام على الهادي البشير والسراج المنير, الرسول المصطفى والنبي المجتبى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.
أما بعد:
لقد خيم الحزن على جموع المؤمنين الصادقين في مشارق الأرض ومغاربها, لما تناقلته وسائل الإعلام الإسلامي والعربي والعالمي ما تفوه به هذا الزنديق الكافر, والخنزير النجس والأفاك الأثيم ربيب العهر والخنا والفجور زنديق لندن, بقايا نفايا النفاق القديم النتن المتجدد المدعو "ياسر الحبيب" وإن شئت فقل "العاسر البغيض" من السب والشتم والقذف والرمي بالبهتان لأمّنا أم المؤمنين عائشة الصديقة بنت الصديق, والمبرأة من فوق سبع سموات الطاهرة النقية التقية الحصان الرزان, كريمة البيت البكري, وربيبة بيت النبوة الطاهر, وهذا المسخ القذر إنما يُعبر عن ديانة يدين بها فئام من أبناء الأمة المجوسية, وبقايا من أحفاد اليهود مع شرذمة قذرة من أحفاد المنافق الأكبر عبد الله بن أبي بن سلول, وقد تمتع هؤلاء بهؤلاء فأنتجوا لنا تلك الحفنة الآثمة التي جمعت الشر من جميع أطرافه, هؤلاء الذين يتسمون بالشيعة الروافض الإمامية الإثني عشرية أو الجعفرية أو غيرها بين طوائف الكفر والإلحاد والزندقة والردة عن دين الله جل وعلا, عليهم لعائن الله المتتابعة إلى يوم يلقونه, وعندها سيعلم الذين كفروا وظلموا أي منقلب ينقلبون.
وما تفوه به هذا البغيض الخبيث هو الكفر البواح, والردة الصريحة عن دين الله جل وعلا هو ومن على شاكلته من أهل الرفض والتشيع قبحهم الله وقبح ما جاءوا به.
وهذه الهجمة الشرسة المحمومة المحترقة التي قام بها هذا الخنزير النجس هي امتداد لأسلافه من أهل النفاق والردة بقيادة زعيمهم الأكبر الملعون عبد الله بن أبي بن سلول أكبه الله على وجهه في نار جهنم في أسفل سافل من أدراكها هو ومن سبقه ومن جاء بعده ونهج نهجه, وسار على دربه ونسج على منواله إلى قيام الساعة.
وأنا في هذه المقالة لا أدافع عن أمّنا عائشة رضي الله عنها, بل أستمع أنا وأنتم وجميع المسلمين إلى دفاعها هي بنفسها عن نفسها, نفسي لها الفداء رضي الله عنها وأرضاها.
وهذا الدفاع هي قصيدة نظمها أحد العلماء الأفذاذ, والعلماء الربانين الإمام العلم كمال الدين عمر بن أحمد بن هبة الله العقيلي المؤرخ والمحدث والفقيه الأصولي والمشهور بابن العديم قاضي حلب رحمه الله تعالى([1]).
حيث قال في مدح أمنا الصديقة بنت الصديق والمبرأة من فوق سبع سموات السيدة الطاهرة النقية عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وعن أبيها وعن سائر الصحابة أجمعين, وبيان فضلها, والرد على من انتقصها, أو أبغضها, أو تكلم في عرضها الشريف الطاهر فقال منشداً:
ما شأن ُ أم المؤمنين وشاني
هُديَ المحبُّ لها وضَلَّ الشَّاني

إنّي أقول مُبيِّناً عن فضلها
ومُتَرجِماً عن قولها بلساني

يا مبغضي لا تأتِ قبرَ محمدٍ
فالبيتُ بيتي والمكانُ مكاني

إنِّي خُصِصْتُ على نساءِ مُحمدٍ
بصفاتِ برٍّ تحتهنَّ معاني

وسبقتُهن إلى الفضائل كُلِّها
فالسَّبقُ سَبْقي والعِنانُ عناني

قُبِضَ ([2]) النَّبيُّ وماتَ بين ترائبي
فاليومُ يَومِي والزَّمانُ زماني

زوجي رسولُ الله لم أر غيرهُ
اللهُ زوَّجني به وحبَاني

وأتاهُ جبريلُ الأمينُ بصورتي
فأحبّني المختارُ حين رآني

أنا بِكْرُهُ العذرا عندي سِرُّهُ
وضجيعُهُ في منزلي قمرَانِ ([3])

وتكلّم اللهُ العظيمُ بحجَّتي
وبراءتي في محكم القرآن

والله عظمني ([4]) وعظّم حُرمتي
وعلى لسان نبيّه برّاني

والله في القرآن قد لعنَ الذي
بَعْدَ البراءةِ بالقبيح رماني

والله وبخ من أراد تنقّصي
إفكاً وسبّح نفسه في شاني

إنّي لمحصنة الإزار بريئة
ودليل حُسن طهارتي إحصاني

والله أحصني ([5]) بخاتم رُسْلِه
وأذلَّ أهلَ الإفكِ والبهتانِ ([6])

وسمعت وحي الله عند مُحَمّدٍ
من جبرئيل ونورُهُ يغشاني

أوحى إليه وكنتُ تحت ثيابهِ
فحنا عليَّ بثوبه وحباني ([7])

مَنْ ذا يفاخرني وينكر صُحبتي
ومحمد في حجره رباني؟

وأخذت عن أبويَّ دين مُحَمّدٍ
وهما على الإسلام مُصْطحبانِ

وأبي أقام الدين بعد محمدٍ
فالنصل نصْلي والسنان سناني

والفخرُ فخري والخلافَةُ في أبي
حَسْبي بهذا مَفْخَراً وكفاني

وأنا ابنةُ الصِّديقِ صاحبَ أحمدِ
وحبيُبه في السِّر ِّ والإعلانِ

نصر النّبِيَّ بمالِهِ وفعالِهِ
وخروجِه مَعَهُ من الأوطان

ثانيه في الغار الذي سدَّ الكُوى
بردائه أكرمْ به من ثان

وجفا الغِنَى حتى تخلّل بالعَبا
زهداً وأذعن أيما إذعانِ

وتخللت معه ملائكةُ السَّما
وأته بشرى الله بالرضوانِ

وهو الذي لم يخشَ لومةَ لائم
في قتل أهَلَ البغي والعداونِ

قتل الأُلى منعوا الزكاة بكفرهم ([8])
وأذلَّ أهل الكفر والطغيانِ

سَبَقَ الصحابة والقرابةَ للهُدى
هو شيخُهم في الفضل والإحسان

والله ما استبقوا لنيل فضيلةٍ
مثلَ استباق الخيلِ يوم رهانِ

إلا وطار ([9]) أبي إلى عليائها
فمكانه منها أجلُّ مكانِ

ويلٌ لعبدٍ خان أل محمدٍ
بعداوةِ الأزواج ِ والأختانِ

طوبى لمنْ والى جماعة َ صحبْهِ ([10])
ويكون من أحبابه العمرانِ ([11])

بين الصحابةِ والقرابةِ أُلفةٌ
لا تستحيل بنزعة الشيطانِ

هم كالأصابع في اليدينِ تواصلاً([12])
هل يستوي كفٌّ بغير بنانِ

حصرت صدور الكافرين بوالدي
وقلوبُهُمْ ملئت من الأضغانِ

حب البتول وبعلها لم يختلف
من ملة الإسلام في اثنانِ

أكرم بأربعة أئمةِ شَرْعِنَا
فهم لبيت الدين كالأركانِ

نُسِجَت مودَّتُهم سدى في لُحمة
فبناؤها من أثبتِ البُنيانِ

الله ألّفّ بين ودِّ قلوبهم
ليغيظَ كلَّ منافقِ طَعّان ([13])

رحماءُ بينهم صَفَتْ أخلاقُهم
وخَلَتْ قلوبُهم من الشَنآنِ

فدخلوهم بين الأحبة كُلْفَةً
وسِبابُهم سَبَبٌ إلى الحرمانِ

جَمع الإلهُ المسلمين على أبي
واستبْدلوا من خوفهم بأمانِ

وإذا أراد اللهُ نصرةَ عبده
من ذا يطبق له على خذلانِ؟!

مَنْ حبَّني فليجْتَنِب من سبَّني
إنْ كان صان محبّتي ورعانِي

وإذا مُحِبِّي قد ألظّ ([14]) بمبغضي
فكلاهما في البغض مستويانِ

وإني لطيبةٌ خُلقتِ لطيبٍ
ونساءُ أحمدَ أطيبُ النسوانِ

إني لأم المؤمنين فَمْنْ أبىَ
حبي فسوفَ يبوءُ بالخسرانِ

الله حبَّبني لقَلْبِ نبيَّه
وإلى([15]) الصراطِ المستقيمِ هداني

والله يُكرم من أرادَ كرامتي
ويهينْ ربّي مَنْ أرادَ هواني

والله أسألهُ زيادةَ فضلهِ
وحَمَدتُه شُكراً لِما أَوْلاني

يا مَنْ يوالي ([16]) بأهل بيت مُحَمّد
يرجو بذلك رَحْمَةِ الرّحمانِ

صِلْ أمهاتِ المؤمنين ولا تَحِدْ
عنا فتُسلب حُلَّةَ الإيمانِ

مَنْ ذا يفاخرُني ويُنْكِرُ صحبَتي
ومحمدٌ في حجره ربّاني؟

إني لصادقةُ المقالِ كريمةٌ
إيْ والذي ذلَّت له الثَّقلانِ

خُذْها إليك فإنّما هي روضةٌ
محفوفةٌ بالروح والرَّيحانِ

صلّى الإلهُ على النَّبيِّ وآلِه
فيهم تُشَمُّ أزاهرُ البستانِ ([17])

تَجْلَى النفوس إذا تلاها مسلم
وعلى الروافض غضبة الرحمن ([18])

تمت القصيدة في فضل الصديقة بنت الصديق, وتم الدفاع عنها وهي -نفسي لها الفداء – لا تحتاج دفاعاً من أي أحد, يكفيها دفاع الواحد الأحد من فوق سبع سموات, وهو سبحانه في عليائه وكبريائه وسلطانه جل وعلا, ولكنه شرف يسوقه الله لكل من أراد الله به الخير لكي يدافع ويناضل ويذب عن عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم وعرض أزواجه الطاهرات النقيات رضي الله عنهن جميعاً.
اللهم إنك تعلم ما في قلوبنا من محبتك ومحبة رسولك صلى الله عليه وسلم ومحبة آل بيته الأطهار وصحابته الأخيار وقد جاءنا الخبر الصحيح عن الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم أن المرء يُحشر مع من أحب فاللهم ندعوك باسمك الأعظم الذي إذا دُعيت به أجبت, وإذا سُئلت به أعطيت بأن تحشرنا مع إمامنا وحبيبنا وقدوتنا وقرة عيوننا محمد صلى الله عليه وسلم عبدك ومصطفاك, ومع آل بيته الطيبين وصحابته الغر الميامين, واجعل دفاعنا عن أمنا أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها, ودفاعنا عن باقي الصحابة الكرام ومن قبل ذلك دفاعنا عن حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم اجعل هذا الدفاع في ميزان الأعمال, وادفع عنا بهذا الدفاع كل شر وسوء في الدنيا والآخرة إنك ولي ذلك والقادر عليه ومولاه وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ولا تزال حملتنا للدفاع عن العرض المقدس متواصلة ما دام فينا عين تطرف, وقلب ينبض ونَفَسٌ يخرج, فاللهم أعنا على ذلك يا قوي يا عزيز.

——————————————————————————–

[1] . هناك بعض المصادر التي وقفت عليها تقول بأن صاحب هذه القصيدة هو العالم الأديب موسى بن عبد الله بن بهيج الأندلسي رحمه الله تعالى وفي الحقيقة الوقت لم يسعفني للتثب من معرفة صاحب هذه القصيدة, ولعل ذلك يكون في وقت لاحق وعلى كل حال فالقصيدة ثابتة سواء كانت عن ابن العديم قاضي حلب, أو عن ابن بهيج الأندلسي. رحم الله علماؤنا أجزل لهم المغفرة والثواب والرحمة.
[2] . في بعض النسخ مرض النبي صلى الله عليه وسلم بدل من قُبض والأول أولى, وكلاهما صحيح.
[3] . في بعض النسخ العمراني بدل من القمران وكلاهما صحيح.
[4] . في بعض النسخ والله خفّرني بدل عظمني والأول أولى.
[5] . في بعض النسخ : خصصني بدل أحصني. والمثبت أولى.
[6] . في بعض النسخ : وأذل أهل الكفر والعصيان. والمثبت أولى .
[7] . في بعض النسخ خباني بدل وحباني والمثبت أولى.
[8] . في بعض النسخ بجهلهم بدلاً من كفرهم.
[9] . في بعض النسخ وصار بدلاً من وطار, وكلاهما صحيح.
[10] . في بعض النسخ صحبهم بدلاً من صحبه والمثبت أولى.
[11] . في بعض النسخ الحسنان بدلاً من العمران والمثبت أولى وأصح.
[12] . في بعض النسخ تواصلت بدلاً من تواصلاً وكلاهما صحيح.
[13] . في بعض النسخ " في بغض كل منافق طعان " والمثبت أولى.
[14] . في بعض النسخ : ألمَّ بدلاً من ألظَّ والمعنى واحد.
[15] . في بعض النسخ وعلى بدلاً من وإلى والمثبت أولى.
[16] . في بعض النسخ يلوذ بدلاً من يوالي والمثبت أولى.
[17] . في بعض النسخ فبهم تتم أزاهر البستان وكلا البيتين صحيح.
[18] . في بعض النسخ لا يوجد هذا البيت.




التصنيفات
منوعات

التناصر بين المؤمنين

جاء الإسلام والناس متفرقون شيعًا وأحزابًا وقبائل، فجمع الله به الناس، وألَّف به بين قلوبهم: (وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً ) (آل عمران: من الآية103).
وقد ربَّى الإسلام أبناءه على استشعار أنهم أفراد في مجموعة وأنهم أجزاء من هذه الجماعة الكبيرة، فالمسلم بشعوره أنه جزء من الجماعة يحب للأجزاء الأخرى مثل ما يحب لنفسه.
إن انتماء المسلم للجماعة يترتب عليه حقوق واجبات، ومن أعظمها واجب التناصر بين المسلمين.
أهمية التناصر في حياة الأمة:
للتناصر أهمية عظمى في حياة الأمة، وبدونه يصبح المجتمع الإسلامي مكشوفًا أمام أعدائه مُعَرَّضًا للهزيمة وعلى العكس من ذلك؛ فإن التزام أبناء المجتمع بنصر الله من ناحية ونصرة بعضهم البعض من ناحية أخرى يؤدي حتمًا إلى فوز المسلمين بكل خير، وظهورهم على عدوهم تحقيقًا لوعد الله عز وجل: (وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ) [الحج:40].
أما نصر المسلم ربَّه عز وجل فيكون بالعمل بطاعته وحفظ حدوده والبعد عن معاصيه.
وأما نصر المسلم لأخيه المسلم فيكون بتقديم العون له متى احتاج إليه، ودفع الظلم عنه إن كان مظلومًا، وردعه عن الظلم إن كان ظالمًا تحقيقًا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا" فقال رجل: يا رسول الله! أنصره إن كان مظلومًا، أرأيت إن كان ظالمًا كيف أنصره؟ قال: "تحجزه أو تمنعه من الظلم، فإن ذلك نصره". [رواه البخاري].
معنى جديد للنصرة:
إننا نلمس من الحديث السابق أنه قد أضاف معنىً جديدًا للنصرة، وهو نصرة الأخ الظالم، فبيَّن الرسول صلى الله عليه وسلم أن نصرة الظالم تكون بحجزه عن الظلم ومنعه منه، وهذا هو النصر الحقيقي له، لا معونته على ظلمه؛ لأن حجزه عن الظلم ومنعه منه نصرٌ له على نفسه الأمارة بالسوء، وأهوائها الجانحة عن سبيل الحق.
وهو نصرٌ له على وساوس شياطين الإنس والجن وتسويلاتهم، وفي هذا إنقاذ له من عقاب الله وعذابه، وإنقاذ له من الوقوع في شباك الجريمة وخساستها، وحماية له من دنس الإثم والعدوان.
لا للعصبية الجاهلية:
لقد كان المفهوم السائد للنصرة في الجاهلية هو التناصر القبلي أو العائلي بالحق وبالباطل، فمتى ثارت الخلافات بين فردين تولت كل قبيلة نصرة من ينتمي إليها ولو كان ظالمًا معتديًا. لكن لما جاء الإسلام ألغى هذا المفهوم العصبي الذي يتنافى مع أوليات الأس التي تقوم عليها مكارم الأخلاق، وأحل محله المفهوم الأخلاقي الكريم الذي يتمثل في نصرة المظلوم على الظالم ولو كان المظلوم بعيدًا وكان الظالم من ذوي القربى.
هذا المفهوم السامي للتناصر في الإسلام نجده في نصوص كثيرة، منها قوله تعالى: (وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى) [الأنعام:152]. وقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ) [المائدة:8]. وغيرها من آيات الكتاب العزيز.
وكان مما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم أمته نصر المظلوم بغض النظر عن لونه وجنسه، قال البراء بن عازب رضي الله عنه: "أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع ونهانا عن سبع. أمرنا بعيادة المريض، واتباع الجنائز، وتشميت العاطس، وإبرار القسم أو المقسم، ونصر المظلوم…" .الحديث [رواه البخاري ومسلم].
وأوضح الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أن رابطة الأخوة هي التي تجمع بين المسلم وغيره من المسلمين، وأن من لوازمها التناصر: "كل مسلم على مسلم محرَّم، أخوان نصيران.." (أي ينصر كل منهما الآخر). [رواه النسائي وابن حبان وحسنه الألباني].
ويشحذ همم المسلمين ويحثهم على نصرة المظلوم مبينًا أن الجزاء سيكون من جنس العمل: "ما من امرئ يخذل امرءا مسلما في موطن ينتقص فيه من عرضه، وينتهك فيه من حرمته، إلا خذله الله تعالى في موطن يحب فيه نصرته، وما من أحد ينصر مسلما في موطن ينتقص فيه من عرضه، وينتهك فيه من حرمته، إلا نصره الله في موطن يحب فيه نصرته". [رواه أحمد وحسنه الألباني].
الرسول صلى الله عليه وسلم ينصر المظلوم:
كان من شروط صلح الحديبية أن من أراد أن يدخل في عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهده فليدخل، ومن أراد أن يدخل في عهد قريش فليدخل، فدخلت بنو بكر في عهد قريش، ودخلت خزاعة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان بين بني بكر وخزاعة حروب في الجاهلية، فلما كانت الهدنة خرج نوفل بن معاوية (من بني بكر) ومعه جماعة من قومه فأتوا خزاعة ليلاً فأصابوا رجلاً من خزاعة يقال له منبه، واستيقظت لهم خزاعة فاقتلوا، وأمدت قريش بني بكر بالسلاح وقاتل بعضهم معهم ليلاً، فلما انقضت الحرب خرج عمرو بن سالم الخزاعي حتى قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس في المسجد فقال:
يا ربِّ إني ناشدٌ محمدًا.. … ..حِلْفَ أبينا وأبيه الأتلدا
فانصر هداك الله نصرًا أيِّدا.. … ..وادع عبادَ الله يأتوا مدًا
إن قريشًا أخلفوك الموعدا.. … ..ونقضوا ميثاقك المؤكَّدا
هُمْ بيتونا بالوتير هُجَّدًا.. … ..وقتَّلونا ركَّعًا وسُجَّدا
وزعموا أن لستُ أدعو أحدًا.. … ..وهم أذلُّ وأقلُّ عدا
قال ابن إسحاق: فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نُصِرْتَ يا عمرو بن سالم". فكان ذلك ما هاج فتح مكة.[فتح الباري 7/592].
الصالحون يتواصون بنصرة المظلوم:
لما ضرب ابن ملجم – لعنه الله – عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه دخل بيته فدعا الحسن والحسين رضي الله عنهما فكان من وصيته لهما: وكونا للظالم خَصْمًا، وللمظلوم عَوْنًا.
ودخل أبو بكر الطَّرطوشي – رحمه الله على الأفضل بن أمير الجيوش وهو أمير على مصر فوعظه ونصحه ومن ذلك أنه قال له: فافتح الباب، وسهِّل الحجاب، وانصر المظلوم، وأغث اللهوف أعانك الله على نصر المظلوم، وجعلك كهفًا للملهوف، وأمانًا للخائف.
وأخيرًا فإن الأخذ بيد المظلوم، والضرب على يد الظالم مع مراعاة الأحوال ومعرفة فقه التغيير والرجوع إلى أهل العلم يؤدي إلى نجاة المجتمع بأسره وصوله إلى برِّ الأمان.



خليجية
خليجية



شكرلكم



مشكوره



التصنيفات
منوعات

كيف ربى القرآن أمهات المؤمنين ؟ متجد بإذن الله

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

رأيت هذا الموضوع في احد المنتديات فاعجبني فاحبت ان انقله لكم بإذن الله تستفيدو منه

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، وبعد:

فهذه وقفات مع جملة من الآيات الواردة في سورة الأحزاب والتي تتصل بتربية القرآن أزواج رسول الله – صلى الله عليه وسلم – تربية رفيعة؛ ذلك أن البيوت الرفيعة والنفوس الشريفة يليق بها نوع خاص من التربية التي تترفع بصاحبها عن سفاسف الأمور ودنيء الخلال إلى أرقى مراتب الكمال البشري الممكن لأمثاله ، فتسمو همته وتزكو نفسه وهذا فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم .

وهذه الآيات المشار إليها هي قول الله تعالى :{ يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا * وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا* وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا* إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا* وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا } [(32-36) سورة الأحزاب].

الوقفة الأولى: مع قوله: { يَا نِسَاء النَّبِيِّ }: حيث خاطبهن بهذا النداء المقتضي إصغاء المخاطب وتهيؤه لتلقي ما خوطب به .
الوقفة الثانية: أنه أضافهن إلى النبي – صلى الله عليه وسلم -، وفي هذا من رفع أقدارهن وتشريفهن ما فيه، إضافة إلى ما يشعر به من سمو التعاليم التي سيوجهها لهنَّ؛ نظراً لعلو مرتبتهن .

الوقفة الثالثة: مع قوله : { لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء }: ذلك أن نفي المشابهة هنا يقتضي نفي المساواة، فكنى به عن الأفضلية على غيرهن ، وهذا بالقيد بعده وهو في:

الوقفة الرابعة: مع قوله: { إِنِ اتَّقَيْتُنَّ }: فهذا الشرط متعلق بما قبله على الأرجح، وجوابه دل عليه ما قبله في قوله { لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء }: والمعنى – والله أعلم – إن اتقيتن فأنتن أفضل من غيركن .
ومعلوم أن كونهن أزواج النبي – صلى الله عليه وسلم – لا يقتضي تفضيلهن على غيرهن؛ لأن القرآن دلَّ على ذلك كما في آخر سورة التحريم، وهو قول الله تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ} [(10) سورة التحريم]، فمن الغلط جعلُ صحبةِ الأشراف دافعةً للعقاب على الإسراف .

الوقفة الخامسة: وهو أن في قوله: { إِنِ اتَّقَيْتُنَّ } : دلالة على التحريض كما تشعر به الصيغة ، ومعلوم أن فعل الشرط هنا مستعمل في الدلالة على الدوام، أي: إن دمتن على التقوى، ومعلوم أن نساء النبي – صلى الله عليه وسلم – كن متقيات قبل نزول هذه الآية .

الوقفة السادسة: مع قوله: { فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ } : فهذا النهي عن الخضوع بالقول جاء عقب الإشارة إلى شرفهن وفضلهن على غيرهن إن تحلين بالتقوى، ومجيء هذا النهي بعدما سبق مع دخول الفاء المشعرة بالتعليل يدل على أن خضوع المرأة بكلامها مع الرجال الأجانب أمرٌ يتنافى مع الشرف والتقوى كما لا يخفى .

الوقفة السابعة: أصل معنى الخضوع هو التذل، وأطلق هنا على الرقة في الكلام لمشابهتها التذل، وعليه فما حاجةُ المرأة المسلمةِ لذلك ؟

الوقفة الثامنة: الباء في قوله : { بِالْقَوْلِ }: يجوز أن تكون للتعدية، أي: لا تُخْضِعن القول، أي تجعلنه خاضعاً ذليلاً، أي رقيقاً مفكاً، وقد أسند الخضوع إليهن أنفسهن؛ لأن التفك والتميع في القول يؤثر على تفك القائل كما لا يخفى .

الوقفة التاسعة: في قوله: { فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} : فالفاء هنا مرتبة على ما سبق، ترتب النتيجة على السبب؛ إذ إن تميع المرأة في كلامها مع الرجل الأجنبي يؤدي إلى انصراف القلوب المريضة إليها وطمع أصحابها بأمرٍ هو من أغلى ما تحافظ عليه المرأة وتزين به ، ألا وهو عفتُها وشرفها.
ومن المعلوم أن الطمع أكثر ما يستعمل في كلام العرب في الأمر الذي يقرب حصوله، وقد يستعمل بمعنى الأمل، ولهذا يقولون لمن أمَّل أمراً بعيد الوقوع : طمع في غير مطمع.وعليه فإن المرأة التي تخضع في كلامها مع الرجال الأجانب إنما تُحرك النفوس المريضة نحوها حيث يأملون تحصيل مطلوباتهم الرخيصة منها، فالمرأة بطبيعتها جبل الله نفوس الرجال على الميل إليها، فإذا صاحب هذه الجبلة داعٍ آخر من الكلام الرقيق الرخو، أو التزين أمامهم أو غير ذلك فإن ذلك الميل الجبلي يقوى ويزداد عند من لا يراقب الله -عز وجل-.

الوقفة العاشرة: أصل المرض : اختلال نظام المزاج البدني من ضعف القوة، والمراد به هنا : اختلال الوازع الديني ، والله المستعان.

الوقفة الحادية عشرة: أنه قال: { فَيَطْمَعَ الَّذِي..}: فحذف متعلق الفعل، ولم يقل: (فيطمع فيكن) مثلاً؛ ذلك لتنزههن وتعظيم شأنهن، وهذا له نظائر في القرآن ليس هذا موضع ذكرها .

الوقفة الثانية عشرة: في قوله: { وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا }: أَمَر بعد أن نهى، فهو من باب التخلية قبل التحلية، وهو الأكمل؛ ذلك أن المقصود هو الفعل لا الترك، والنفوس خلقت لتفعل لا لترك، وإنما الترك مقصود لغيره، كما قر ذلك شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية – رحمه الله -.

والحاصل أنه لما أمرهن بالتقوى التي من شأنها التواضع ولين الكلام نهاهن عن الخضوع بالقول، ثم أمرهن بعد ذلك بالقول المعروف .

الوقفة الثالثة عشرة: في أن قوله: { وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا } : احتراس؛ لئلا يفهمن أن المراد المبالغة في الخفض حتى يكون كحديث السرار، أو الخشونة في الرد والمخاطبة بالغلظة والجفاء.

الوقفة الرابعة عشرة : القول المعروف يشمل هنا الألفاظ والأسلوب، أما الألفاظ فيراعى فيها ثلاثة أمور:

‌أ) أن لا تكون غليظة منكرة تؤذي السامع . ‌
ب) أن لا تكون رقيقة لا تصلح في مخاطبة الرجال الأجانب كقولها مثلاً: فديتك، أو (علشاني..) أو نحو ذلك كما يفعل بعض النساء مع الباعة ونحوهم . ‌
ج) أن يكون الكلام قدر الحاجة دون زيادة، والأصل في هذا قول زوج إبراهيم -عليه السلام- حينما بشرها الملائكة بالولد: { عَجُوزٌ عَقِيمٌ } [(29) سورة الذاريات]، فذكرت علتين يبعد معهما الولد وهما: كبر السن والعقم .
فالواجب على المرأة المسلمة أن لا تطيل في كلامها مع الرجال الأجانب ، وإنما تقل الكلام ما أمكن .
وأما الأسلوب فلا تتميع في كلامها، ولا ترق العبارات وتكلم بكلام ناعمٍ مع رجل أجنبي، وإنما تتكلم بكلام جزل مختصر لا ترخيم فيه، فلا تخاطب الرجال الأجانب كما تخاطب زوجها.

كيف ربى القرآن أمهات المؤمنين؟

الشيخ د/ خالد بن عثمان السبت – حفظه الله –

يتبع




خليجية



خليجية



التصنيفات
سيرة النبي وزوجاته والصحابة

آخر خطبة لـ أمير المؤمنين عمر بن عبدالعزيز

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله الرحمن الرحيم

في آخر خطبة خطبها عمر بن عبد العزيز من منبر الجامع الكبير في دمشق قال :

إنكم لم تخلقوا عبثاً ولن تتركوا سدى، وإن لكم معاداً ينزل الله فيه للفصل بين عباده، فقد خاب وخسر من خرج من رحمة الله التي وسعت كل شيء وحرم جنة عرضها السموات والأرض.ألا ترون أنكم في أسلاب الهالكين، وسيرثها بعدكم الباقون، كذلك حتى ترد إلى خير الوارثين، وفي كل يوم تشيعون غادياً ورائحاً إلى الله، قد قضى نحبه، وانقضى أجله، فتودعونه وتدعونه في صدع من الأرض غير موسد ولا ممهد، قد خلع الأسباب، وفارق الأحباب، وسكن التراب، وواجه الحساب، غنياً عما خلف، فقيراً إلى ما أسلف، فاتقوا الله عباد الله قبل نزول الموت وانقضاء مواقيته، وأني لأقول لكم هذه المقالة وما أعلم عند أحد من الذنوب أكثر مما أعلم عندي، ولكن أستغفر الله وأتوب إليه.

ثم رفع طرف ردائه وبكى حتى شهق ثم نزل فما عاد إلى المنبر بعدها حتى توفي.




رووووووووعة تيلم ايدك ع الطرح المميز

استغفر الله العظيم واتوب اليه !!

بارك الله فيكي الم الامارات

يسلمووووووو




الله يسلمج

مشكوره أختي ع المرور نورتي الموضوع 🙂




جزاكي الله خيرا



بارك الله فيك



التصنيفات
منوعات

لغة الحب بين الزوجين المؤمنين" ج1

الحمد لله رب العالمين

اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى أزواجه وذريته
ماذا يجري بين الزوجين المؤمنين؟ ماذا يقولان؟ وكيف يتهامسان؟
من هو زوج الأحلام؟ ومن فتى الأيام في عصر غربة الإسلام؟
لو أشرقت لك شمس ذاك الهودج … لأرتك سالفتي غزال أدعجِ
هذه قطرات متتابعة إن شاء الله رب السماوات
*زوج الأحلام هو حبيب الزمان، حبيب لكل أوان، وليس حبيبا لمرحلة الشباب، فلم يكن عاشقا لجمال قد زال، ولا لمال نقال رحال، اليوم مع هذه، وغدا تغتني تلك وتفتقر هي، بل حبيبنا ليس كالناس، فلا يميل لمن عندها مال، ولا يذهب لمن عندها ذهب.
ليس إمعة..لا يسير مع القطيع، ولا يقلد الناس بلا فهم أو طاعة للرب..
عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال " اغد عالما أو متعلما ، ولا تكونن إمعة"
حديث صحيح – المحدث: ابن القيم – المصدر: كتاب أعلام الموقعين .

(لا تكونوا إمعة تقولون إن أحسن الناس أحسنا، وإن ظلموا ظلمنا ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا، وإن أساؤوا أن لا تظلموا)
(إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما) – المحدث: المنذري – المصدر: الترغيب والترهيب – الصفحة : 3/308

فمهما مضت السنون بينهما أومضى العمر بهما فلسانه قائل لها:
* لو أن عندي حوض سباحة به أزهارحمراء لأجلستك فيه، لتأخذ الزهرات من ريحك.

* هناك نساء تتزين! وأقسم أن هناك نساء تزين ثوب السندس حين تلبسه!

ويناجيها:

*أحبك على مدار الوقت, وأنت نائمة أو يقظانة.
*أحبك ويزداد حبي وحنيني وشوقي والتئامي.
*وفيك كل جمال نسائها، وجمال خصصت به!

زوج الأحلام :

يسأل نفسه , هل أتقي الله بظنوني ؟ لا أكذب ولا أغتاب؟ هل علمت ءافات اللسان؟ هل أتقيه – سبحانه جل شأنه- بعيني؟ بأذني ؟

هل أبعثر محبتي وحلاوة لساني؟ أم أحفظهما لحليلتي حبيبتي؟

هو فتى محب, ولو أن هناك وحدة لقياس الحب تعاير كل حب لأعجزها حبه!
حبه لربه ثم لأحباب ربه، ثم لنعمة ربه (زوجته ساكنة قلبه)

زوج الأحلام هو الحبيب البسّام المحب.
والحب لا يقاس..
الحب هبة الله تعالى
فما أوسع فضل الله علينا نحن بني ءادم, سبحانه و بحمده، حمدا كفضله.

ولعلي لابد أن أقول: إن أفضل امرأة هي أتقى امرأة، زوجة كانت أم عزباء، وكل عمرنا ابتلاء ..

ورأينا أفضل النا … س وأحلاهم خطابا
يقظاً يدرك بالفط … ـنة ما فات وغابا
هذبته فطنة العلـ … ـم فما يخشى معابا
عرف اللذة للبذ … ل فأعطى وأثابا
وإذا ما كرم الأصـ … ـل زكا الفرع وطابا

———

يبتهل للعزيز الغفار بالليل والنهار،
وفي الأسحار، وهذا وقت الاستغفار الجميل للرب الجليل.

وحين ابتهل باحت بسؤال :
قل لي بربك كيف أبكيت الحمائم عندك فباتت تصلي معك؟،.. فرق لها كل طير الأيكة، ودمعت أعين الورد فاهتز الثرى، وسبح الشجر و أوب، فقد روته أدمع شقيقة.. فأخوة العبودية والمحبة والولاء لله.. تمتد لتشمل المخلوقات الأخر.

فزوجته موسوعة:
تفاعلها فيه ما كل يلزمه، كأنما هي أُمَّة يتعبد معها، تغنيه إن لزم الحال عن مجتمع!
وكأنما بعطفها وحبها وعطائها هي شجرة اليقطين الربانية الودودة، الشاملة الظليلة، الشافية المتآلفة كالكون مع المؤمن، المخلوقة له لتنبت عليه (الودود الولود) , مصداقا لقول الرحمن الوهاب " خلق لكم "… فحوله ودُّها، وقبله وِدّ الودود خالقها له! فلله الحمد والمنّة.

* زوج الأحلام … ذو أخلاق ..وقور… تراه الملائكة قريبا أمله قليلا زللـه …
* فتىً يبرّ أمه:

فدعاء الأم في حالة المرض أهم من الدواء، للثواب أو الشفاء.

* لا يركز بشعوره على شظف العيش ومشكلاته فلا يزداد غمه:
بل – رغم التعب- يتمتع معها بثراء المعاني، فتراهما يأكلان بالحب ويشربان الماء بالحب، يحمدان الرب و يشكران أنعمه، و يقتسمان مذاقا سنيا هنيا مختلفا لكل شيء مسته يد الحبيب وفمه، كما الحبيب و عائشة.
صلى الله على الحبيب المحب صلى الله عليه وسلم وءاله الأطهار.

ومن أجمل الأشياء أن ترى معجزة البركة في القليل كما و كيفا بلا حساب.

ورضاه بالمقسوم يعينها على الرضا، ولما علمت كم هو محب لها بكت.. ورضيت.

زوج الأحلام يقول:

أنام قرير العين لأني أرضيت خالقي قدر وسعي.

ماذا تقول! ألا يحزن هذا الفتى ؟

بلى "إن القلب ليحزن" ولابد له أن يحزن، فالدنيا دار الأحزان ، وحين ضاقت عليهم بما رحبت قال: سقطت الدموع، لا أقول ذرفت عيناي
أو انفجرت باكيا، أو انهمرت أدمعي.. بل صارت تقع وتسكب بشكل عجيب حقا، كأنما قناة دمع تسيل، وليست عينا تفيض، كأنما لا مفتاح لها، بل تكب كبا وربي…ولا نقول إلا ما يرضي ربنا.
وهذا هو الفارق.

زوج الأحلام:
من قوم يرون في كل صورة ألف معنى.. وقيمة.. فالعود الأخضر دنيا
ومدرسة، لا يمرون عليها وهم عنها معرضون، ولا ينظرون إليها وهم لا يبصرون، و كذلك كل حرف علوي رباني سامق.

زوج الأحلام:
حبيبته المؤمنة هي دواؤه.. لإيمانها، وهو دواؤها بفضل الذي جمع بينهما، ليعيشا في سكون، يذكران الله، ويذكران بعضهما به تعالى.

* يطمئنها على أخباره وحاله، ولايتركها أرقة عليه قلقه!

* ويقول عندها :
الحمد لله الذي ءانس بزوج من نفسي أسكن إليها، وأجد مودته ورحمته بيننا.

وكأنما بالاعجاب المتبادل بينهما هما في جنة مرسلة مبهرة ماديا ومعنوياً.

كفاني أن رأيتك قبل موتي — لأشهد أن شهدك لا يبارى

وحينئذ يناجيها شاكرا نعمة المنعم الوهاب:
قلي لي , كيف يكون حمدنا وشكرنا واستغفاري.

*لا يشق على نفسه:
فيقول بقلبه

"هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج" , فلا نتكلف , يا رب ثبتني …

*زوج الأحلام ثابت… ثبات المعتقد، لا تهزه فتنة، ولا يزعزعه اختبار:
فكما ثبت الصحب الكرام في اختبار تغيير القبلة، فهو ثابت ثبات الحقيقة ذاتها،
فهو من قوم قبلتهم في قلوبهم .."ليست في مراكز شهواتهم ".. جلية, منيرة, لا غبش فيها ولا حيرة, هي اختيارهم, لا تحيرهم .. قبلتهم هي نور ربهم , هي رضوان رب العالمين , مالك يوم الدين ..ربهم…

قبلة الصفاء … قبلة النقاء.. قبلة الأصفياء.. قبلة الحب المستديم ..

هو من قوم صفتهم:
(في صلاتهم حانون أوساطهم , مفترشون جباههم وأكفهم وركبهم وأطراف أقدامهم..)
(منطقهم الصواب, وملبسهم الاقتصاد, و مشيهم التواضع …)

*لا.. ليسوا رهبانا بل لديهم فترة ارتياح للبوح والحنين
فيقول لها:
لو كان للحب مرادف لكان إياك !
لكنها أشغال الرجال، في زمن قل فيه الرجال وكثرت الأشغال،
فلا تغضبي لانشغالي عنك:
يقول لها : لا تغضبي لانشغالي عنك.. فتقول .. وكيف أغضب وقد انشغلت بالعمل لمن رزقني إياك بفضله، وكيف أرضى إن كنت في شغل عن طاعته وحمده.

* ديدنه مراجعة الخطى والتصرفات على ميزان الشرع، والأولى وما يحبه الله
ورسوله صلى الله عليه وسلم أولاً بأول … اللهم اجعلنا مهتدين …
واغفر لنا و أصلحنا …

*زوج الأحلام يقوم زوجته بحب:
كوني كهذي:

كاعب جرت ذيول الأدب … و تغنت بقريض العرب …
يسير الشعر فإن مر على … فمها عاد بنفح طيب…

* وحين يعتب؟ ساعة تبسم المغضب:
تكون الشكوى بأمانة حين يعتب, يذكر السلبيات والإيجابيات،
والموقف كاملاً ولا يقتضب.

* وإن سافر:
في كنف الله ظاعن ظعنا … أودع قلبي وداعه حزنا
فإن نأت ديارهما قربت – كما هي – شواغلهما المرضية، بل وخواطرهما,
وقال : أتسطر حروف الحب من هنا لعندك ؟
أو تصير كبيرة دافئة كذلك!
أتذكرين حب النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها؟
تشاركا الإناء في الاغتسال والكوب في الشراب وموطن الشفاه في الطعام..
فأي حب كان..
ونحن؟
وددت لو نقترب في كل آن ومكان أو ألا تنامي في بلدة وأنا يقظ بعيد! أوأن تكوني هنا ولو في نومك لأشاهدك, وعجبت من هذه النعمة الجليلة من رب غفور شكور حليم.

ثم نسجد سجدة متجاورين، تفتح فيها محامد وشكر لله الرازق..
ثلاثة من سعادة ابن آدم: المرأة الصالحة، والمسكن الصالح، والمركب الصالح، وثلاث من شقوة ابن آدم: المرأة السوء، والمسكن السوء، والمركب السوء "
جعلني الله و إياك ممن هدوا إلى الطيب من القول و هدوا إلى صراط الحميد ..

أنت يا زوجتي العزيزة ظل … مستحب في ربوة الأيام
غمر الروح في سكينتها الـ … حب فطافت في عالم بسام

* زوج الأحلام , ليس عمياً عن فضلها :

يراها تمشي كأنما هي روضة تسير على قدمين, بحر هادئ به اللؤلؤ وعوالم النعم والمعاني, زوجة وعالمة..تقف كأنما لا تمس الأرض قدميها .. و يرجو الكل مقام الإخلاص، كي لا يكون حظه الثناء والعناء والسهر، فيحسبها كذلك ولا يزكيها على الله تعالى.

* فتى مؤمن لا تراه نادما على ما فقده باذلا من عمره وماله ومنصبه أومؤهلاته وممتلكاته، أوسائر ما أعتق به نفسه من النار، بل تراه راضيا ممتثلاً على كل حال..
وسائلا العافية كذلك، وإن كان لا يعبد على حرف.. بل هو من حروف العبادة حرف.

ويحادثها زوج الأحلام:
هذا هو الحب إذا.. حين تجد شخصا كل ما يشبه الغير فيه يختلف … لا يختلف شكله ولا تركيبه، بل روحه و رونقه و أثره فيك، و مذاقه في نفسك، كل ما فيه وكل ما يمت له بصلة، وكل ما يلمسه، وهكذا كان حب الصحب للحبيب وحبه للسيدة خديجة صلى الله عليه وعلى ءاله وسلم، حين رق قلبه لقلادتها حين ءاها بعد سنين من وفاتها… وهكذا حب صادقي المحبين وهكذا حبنا.. فقد رأينا الحبيب بأعين القلوب، وأحسسنا كم كان بنا رحيما.
* وفي البرد؟
ينام ملتحفا أهدابها ..

قالت :
قل في حبنا شعرا … قال هذه قصيدة مفتوحة! تتفتح أبياتها الجدد مع تغريد الطير كل بكور كالأزهار، حين تصبحني بسماتك ومعاني الأذكار بصوتك. ..
حين تمرضه صابرة على مرضه يقول:
هذا هو العلاج بالحب… هذا هو التطبيب الجميل!.. تضيع مرارة الدواء بين إصبعيك ..
أريها السها وتريني القمر!

فهو يعلم نفسه كيف يحبها! فهي نعمة ربه، ويقلبها الله تعالى له جميلة! وحين يجتمعا تزول كل الآلام، وتأتي راحة عجيبة وهدوء نفسي فريد، ومتعة لقاء إنساني جميلة غير صارخة ولا محددة في لذة كما يتوهم بعض القوم، بل هي شاملة عميقة، لا تزيل الشوق! بل تحفظه وتزيده.

* فهل كل الصحابة أدباء أوشعراء وفرسان وأحباب في ءان واحد؟

نعم.. كانوا يجتهدون ويحبون ويرجون, ويتذوقون..يتذوقون الأدب إن لم يكونوا ينتجونه.
والآن؟ ..غرارون يبيعون الحب بسعر الجملة..
أما فتى الأحلام فيناديها صادقا.. أنت رفيقة دربي وأحبك ملء جفنيك.. ولا يمسح ما كتب إبان الخطبة بسوء فعاله عند العشرة.
الخير كله في ثلاث: السكوت والكلام والنظر، فطوبى لمن كان سكوته فكره، وكلامه حكمة، ونظره عبرة "
* يثبتها في محنتها ويعينها في مشكلتها:
لو كانت محنة مادية أو معنوية وقف بجوارها، فلو تعرضت لنقد أفهمها
(اعدلي داخل قلبك؟ لكي لا يؤنبك مؤنب على سيرك، وعلى التفاتك لحياة الخير ولشراكتنا الربانية، فهي أولى حقا نقلا وعقلا، و ليس للذة الحياة فقط.
وصلتنا عاقلة جدا! فالأخرة خير وأبقى.
وواضحة كذلك .. ومتينة كزوجين في واحد.
ولسنا نبيع الأخرة كأهل العلمنة، ولا نمارس التبرير والعقلنة! والشرعنة! لكل فعالنا القبيحة.
أما الراحة فهناك إن شاء الله..عند الله تعالى..
وذي عفاف راكع ساجد … أخو صلاح دمعه جاري

"إذا ظفر إبليس من ابن آدم بثلاث لم يطلبه بغيرهن: إذا أعجب بنفسه، واستكثر عمله، ونسى ذنوبه"
ليت ربي يقبلني، ويكون حبيبي معي، ونشكر وتكون لنا الأرائك والسرر ولذة النظر.
فأي سكينة يفيض بها سبحانه بهذه الزيجة الجميلة.. فله الحمد.
ويقول لها أحبك مهما تقاربنا…!
ويقول لها زوج الأحلام : الحمد لله على ما مضى و ما بقي ..
في الأولى والآخرة.

ويبقى النداء:
قلبي يحبك.
زوجة الأحلام:
وأنت معها تجد نفسك -دون تشتت- بين جمال زيت الزيتون من طور سيناء -عند من يعرفون قيمته- و شعاع الذهب من شمس الشتاء- حين الحاجة إليها-
وخضرة الربيع المتدرجة بين الخفيف المضيء، والداكن الصافي وحمرة الورد الحية الرقيقة، وزرقة البحر الخفيفة، وبياض اللبن الجميل…
بعيدا عن كل زحام وغبش وضيق مساحات وضوضاء وغربة.

قلت من فرط حبي كيف احتفظ بك!
و تذكرت " فالله خير حافظا "
احفظ الله يحفظك , هو الخليفة في الأهل.
فعساه يعفو ويغفر ولا يشتتنا ويرحمنا ويكرمنا

هجر الرقاد و بات سائر ليله * في همة لا يستلذ بمرقد
قوم طعامهم دراسة علمهم * يتسابقون إلى العلا و السؤدد

زوج الأحلام يعالج فى بعض الزوجات نوبات قصور الفهم وموجات الحوار العقيم بالحلم الكريم والنفس الطويل و لطيف الهجر الجميل.

هل هو مقيم؟ أم مسافر؟ أم مسافر في ثوب مقيم؟
أصحاب الرسالة مهاجرون إلى ربهم..انظر وافهم.. سيدك لوط عليه الصلاة والسلام
لله درك كيف أنت وغايةٌ … يدعوك ربك عندها فتجيب
قال زوج الأحلام:
من تقديره سبحانه أنه لم تمر فترة استقرار، كانما أحيا على سرج وأمرض عليه، فقد اخترت أن أنصب إذا فرغت..وهكذا أصحاب الرسالات.. واقرأ سورة الأحزاب.

* وعندما تبكى الزهور؟
لا يقسو..
ولا يغلظ..
ولا ينسى أبدا..أنها زهرة وليست صخرة.
يراها أوضح و أكثر و أحب مما يرى نفسه في مرءاته.
هل تعرف الحب الدافق .. هو ذاك.. بل هو نفسه..

من لا يعرفون ضوء الفجر وجماله وبرده ولا يختزنونه في ذاكرتهم لن يفهموا… ما كان زوج الأحلام منعما، بل ليثا حتى آخر رمق، ليس أنانيا وليس رائعا في ذروته فقط، بل في كل أرماقه راق، بطولته ليست عنفا فقط، بل نبلا و تحملا.. يجوع ليطعم الجبال فضلا عن اليمامات، فهو آخر من يشرب رغم ما به من أخاديد ورهق آلام، أو كبر سن.. "دونكم أخاكم " يعني – عليه الصلاة والسلام – طلحة "

وهذا هو أعلى حب!

زوج الأحلام يأبى إلا أن يكون سيدا نبيلا أفضل مما نظن … وحياته يأتيها لله

زوج الأحلام لا يعارك نفسه، بل أنهكها فراضت وصارت عجينة في يده، يعبد بها طريق ركوعه وسجوده.

زوج الأحلام يدرك أنه زواج الأرواح ..
فالنفس روحك .. طيبة أو خبيثة، فأي روح ستضع ببيتك؟

كثيرا ما تتوه بنت في اختيار زوج الأحلام:
اختر الطريق تعرف الرفيق !
كي لا يقول لها يوما: هيا نرقص! بأجسادنا أو بأفكارنا.

ومن ثم يكون الرفيق محبوبا في سبيل الله ولحبه لهذا الطريق، ثم محبوبا لذاته، ثم يعيش الحب كيف يحب..
ولا يكون الصراع بين حب وحب! حب القضية وحب فتّانة عنها.
وهذا الحب الشامل هو الحب!
زوج الأحلام: الحب حرفان.. حاء وباء، أنا وأنت.

فتجيب:
سَرَّكَ مولاكَ وربك بسعادة الأبد.
أرأيتهما؟
إنه زوج الأحلام، وليس زوج الآلالم…
ينشغل عنها؟
نعم، ويقول:
أحبك…
وغيابي ليس معنويا…

* صدر يتسع لقلب كبير… :
يقول لها لو أخذت قلبك فنبض داخل صدري ما أحس وحشة! من أضلعي وأنفاسي ولحمي ودمي وعصبي وروحي…
ولا أحسست أنا أن قلبي تغير، بل سأطير حبا، وسيضخ ودا وحنانا أحمر وسينبض كما نحن الآن..

فتى حيثما مر ترك رائحة الحكمة والعبقرية والإتقان مهما بدا للعيان.

إن غاب قال أعد أسماء الأيام حتى أراك وأستطيلها! أستثقل الأيام والأوقات كأنما تمر وأنا بانتظارك وهي واقفة، وأعجب من أسماءها، كأنما أريد كل يوم يوم رؤياك .
فزوجك في أبحر من فراغ موحش خاو، وعدم ارتياح لا يعتقه حين يغيب الحبيب.

فولاذ هو؟
حين ينهك، حين يتعب.. لايهن.. بل تتمدد روحه لتروح عن بدنه!

مازلت و إياها مذ اختط عارضي — كروحين في جسد و ما نقضت عهداً

أجمل شيء أن يكون من تحب كما تحب، بل كأجمل ما تحب.

* زوج الأحلام: عظمته في صفاء فكرته ونقاء فطرته، وليست في عبقرية ونبوغ خارق دوما, في تواضعه لربه في كل أحواله، وليست في سلطانه, في حبه للحق والخير والحكمة , فهو بهذا الحب بهيّ سنيّ زكيّ طيب, في غناه عن الدنيا، وليست في غناه منها, إذا جاءته طيّبة تسره, وإذا أعرضت عنه لا تضرُّه, فهي في الحالين لا تغره.

أرأيت علياً وفاطمة – رضوان ربي عليهما – في غرفة مسكينة الأثاث، ملابسهما هي أثمن مفروشاتها، قد يراها منافق ثري فيزدري ويسخر،
وإذ به يأوي إلى قفصه الذهبي فتنفر اليمامة ويزمجر, ويمضي ليله يلمع في القفص, أما هما فيسبحان.