إن اللغة علم كسائر العلوم، ولكل علم منطلق وأصول ومناهج وموازين فإذا اختلت ضل الباحث وأضل القارىْْء.
إن فيما نسمع اليوم وما نقرأ جديدا كثيرا، وليس كل جديد بمقبول ولا كل جديد بمرفوض، ولكن الخطر أن يكثر الجديد المرفوض حتى يصبح سماعا يقاس عليه. إن من عامل الإبداع والتجديد وعامل المحافظة على الأصول أن يقوم توازن يكفل للغة تطورها وبقاءها وهذان المعنيان جميعا يكوِنان معنى الخلود في اللغة. وليس مقياسا صحيحا أبدا في مجال اللغة أن يصبح للخطا الشائع قانون يحميه. وفي كل مجتمع شذوذ واستقامة، فساد وصلاح خطأ وصواب، ويبقى المجتمع بخير وعافية إذا بقي الحكم على الفساد والشذوذ والخطأ بأنه انحراف عن الجادة وخروج عن الصواب، ولكن البليةأن يكثر الخطأ ويشيع وأن يستمرئه الناس ويألفوه.
واللغة من الأمور التي وقع فيها الخطأ ثم شاع وانتشر حتى أصبح مشهورا وبات الصواب مهجورا، وكان من واجب المختصين أن ينبهوا على الخطأ ويطالبوا بالعودة إلى الصواب، ومازال على الباحثين اليوم أن يفرقوا بين مستوى التطور ومستوى الخطأ والصواب فإن بينهما فرقا خطيرا لابد من الوقوف عليه ليكون فيصلا في الحكم بين ما نأخذ من مستحدثات اللغة وماندع، ذلك هو الخطر الذي يجب أن لا تضل به الأقلام ولا تزيغ به الأفهام.