إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وبعد:
إن التربية في المفهوم الإسلامي هي التأثير في باطن الإنسان وخارجه في روحه وعقله وجسده وذلك لا يتم إلا بالوسائل التي يطلبها القرآن الكريم ويطبقها النبي صلى الله وعليه وسلم على نفسه ويربى بها أصحابه. ولما كان المخاطبون بشراً لهم طاقات وصفات بشرية ناسب أن تكون التربية وأسلوبها وسائلها مما يدخل في مقدرتهم وتقبله نفوسهم وتنصاع له مشاعرهم وعليه بعث الله تبارك وتعالى رسولاً من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويربيهم ويتعاهدهم في ذلك .
أهمية التربية وفضل المربين :
التربية من أجل الأعمال وأشرفها وكفى بها شرفاً أنها وظيفة المرسلين وأتباعهم رضي الله عنهم ولما كانت التربية تعني إحداث تغييرات مقصودة في سلوكيات الإنسان وإكسابه أنماطاً من السلوك السوي الرشيد وتوجيهه إلى الصواب في المعتقد والقول والفعل والفضيلة والإحسان وفي سائر مناحي الحياة.ولما كان هذا شأن التربية والمربين فلا عجب أن نرى الإسلام يرفع المشتغلين بالتربية والتعليم أرفع المنازل ويكرمهم أيما تكريم ، ويعد عملهم أفضل الأعمال، حيث يقول صلى الله عليه وسلم : "خيركم من تعلم القرآن وعلمه "حديث صحيح.
ويقزل صلى الله عليه وسلم :" إن الله وملائكته وأهل السموات والأرض حتى النملة في حجرها وحتى الحوت ليصلون على معلمي الناس الخير "حديث صحيح .
وحيث أن الرسول صلى الله عليه وسلم المعلم الأول فقد ضرب مثلاً رائعاً في التربية من حيث التكوين النموذجي التربوي الفريد.
مكث الرسول صلى الله عليه وسلم مع ما يحمل من هم الدعوة يتعاهد أصحابه فيغذي أرواحهم بالقرآن ويربي نفوسهم بالإيمان ومن آثاره صلى الله عليه وسلم في التربية :
أ. التغيير الكامل في سلوكيات وأخلاقيات الصحابة .
ب. تقوية الإيمان ليكون حارساً لأمانة الإنسان وعفافه وكرامته .
ج.من أثر هذه التربية تحقيق مفهوم الوسطية في الحياة .
د. تربيته صلى الله عليه وسلم وأصحابه على الشجاعة وتحمل المسؤولية .
ه. تغيير مفاهيم الناس واقتلاع جذور الجاهلية .
و. تقديم القدوات الصالحة في المجتمع المسلم .
لقد حبا الله تبارك وتعالى نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم من الخصائص العلية والصفات القوية والأخلاق الرضية ما كان داعياً لكل مسلم أن يوقره بلسانه وجوارحه.
وقد اختار الله -عز وجل – لنبيه صلى الله عليه وسلم اسم (محمد) وهو اسم اشتمل على معاني الحمد والثناء فقد جعله الله –عزوجل- محموداً عند ملائكته ومحموداً عند المرسلين عليهم الصلاة والسلام ومحموداً عند أهل الأرض كلهم . أغاث الله تعالى به البشرية المتخبطة في ظلمات الشرك والجهل والخرافة فكشف الله به الظلمة وأذهب الغمة وأصلح الأمة.
ومما يعرف عنه عليه الصلاة والسلام ما جبله الله عليه من مكارم الأخلاق فإن من نظر في أخلاقه وشيمه صلى الله عليه وسلم علم أنها أكرم شمائل الخلق فقد كان صلى الله عليه وسلم أعظم الناس أمانة وأصدقهم حديثاً وأجودهم نفساً وأسخاهم يداً وأشدهم احتمالاً وأكثرهم عفواً ومغفرة وكان لا يزيده شدة الجهل عليه إلا حلماً صلى الله عليه وسلم.
الدوافع إلى محبة النبي صلى الله عليها وسلم:
1- جعله الله تعالى سبباً لهداية الخلق فقد بُعثَ صلى الله عليه وسلم والناس في ضلال وغواية فكانت رسالته صلى الله عليه وسلم سبباً في الهداية وتأليف القلوب.
2- رحم الله تعالى به الأمة فأكرمها وفضلها وشرفها برسالته على سائر الأمم فأعطاها من الكرامات والفضائل ومنحها من الأعطيات ما لم يكن في أمة من الأمم فكانت بذلك خير أمة أخرجت للناس فخصها بالإسلام وأكمل لها الدين وأتم عليها النعمة قال تعالى: [كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ] "سورة آل عمران: 10".وقال تعالى: [الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا] "سورة المائدة: "3".
3- كان صلى الله عليه وسلم أولى بأمته من نفسها قال تعالى: [إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ] "سورة آل عمران: 68".وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم" متفق عليه. فقد كانت أمته أولى وأهم من نفسه عنده صلى الله عليه وسلم لذا فقد كان يقدمها على نفسه . وهكذا كان صحابته الكرام رضي الله عنهم الذين بذلوا أقصى ما يملكون من نفس ومال في سبيل دينهم وطاعة نبيهم صلى الله عليه وسلم .
4- حرصه صلى الله عليه وسلم على أمته قال تعالى [لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ] "سورة التوبة: 128".
ومن حرصه صلى الله عليه وسلم ما كان عليه من رحمة ورأفة بأمته وحرص على نجاتها. فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إنما مثلي ومثل أمتي كمثل رجل استوقد ناراً فجعلت الدواب والفراش يقعن فيه فأنا آخذ بحجزكم وأنتم تقحمون فيه" متفق عليه.
ومن حرصه صلى الله عليه وسلم على أمته تأخير لدعوته المستجابة-بإذن الله- لتكون شفاعة لهم يوم القيامة .
فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لكل نبي دعوة مستجابة فتعجل كل نبي دعوته وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة" متفق عليه.
قال تعالى عز وجل: [وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى] "سورة الضحى: 5".
5- جعله الله تعالى رحمة مهداة فهو رحمة للعالمين .قال الله تعالى : [وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ] "سورة الأنبياء". أعطاه الله تعالى اسمين من أسمائه جل شأنه وهما "روؤف رحيم" ووصفه بهما لأمته. فقد كان صلى الله عليه وسلم يخف عن أمته فيقول: "لولا أن أشق على أمتي…" ويقول صلى الله عليه وسلم "أمتي أمتي" حين ينشغل الناس بما فيهم الأنبياء والرسل عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام بأنفسهم أما هو صلى الله عليه وسلم فينشغل بأمته لا بنفسه فهي همه صلى الله عليه وسلم.
6- وضع الأصر والأغلال التي كانت على الأمم السابقة عن أمة الإسلام وذلك من حرصه صلى الله عليه وسلم ورحمته بأمته فأحل لهم الطيبات وحرَّم عليهم الخبائث فما من خير إلا ودلهم عليه وما من شر إلا وحذرهم منه ونهاهم عنه. قال تعالى: [وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ156 الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ] "سورة الأعراف: 156-157".
ولهذا جعل الله سبحانه وتعالى دين الإسلام دين يسر وسماحة ليس فيه عسر ولا حرج ولا مشقة فجعله موافقاً للفطرة ليواكب استمرارية الدعوة.
7- ما يكنه قلبه الشريف صلى الله عليه وسلم تجاه أمته. فلو علم المسلمون ما حواه قلب نبيهم الكريم من شوق ومحبة لأتباعه المؤمنين وما تكن نفسه الشريفة من حرص على هدايتهم ونجاتهم وخلاصهم مما هم فيه من غم الدنيا وهم الآخرة لاتبعوا سنته وساروا على هديه . فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم "إني لأرجو أن تكونوا شطر أهل الجنة" متفق عليه.
8- شفاعته صلى الله عليه وعلى آله وسلم في الآخرة لأمته وهذا مما أعطيه صلى الله عليه وسلم ، فقد اختُص عن سائر الأنبياء والمرسلين بالشفاعة.
وعلى ذلك فإن من يدعي محبة الله -عز وجل- لا بد له من أن يلتزم بمحبة رسوله صلى الله عليه وسلم ؛ وذلك لأن الله تعالى يحبه وجعل محبته من شروط محبته تبارك وتعالى، كما أمر عباده بتوقيره وتكريمه، فرفع شأنه وأعلى مقامه وعظم قدره صلى الله عليه وسلم .
من آثار محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم:
أ- استمرار المحبة بعده صلى الله عليه وسلم فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال الرسول صلى الله عليه وسلم "من أشد أمتي لي حباً ناس يكونون بعدي يود أحدهم لو رآني بأهله وماله" رواه مسلم.
ب- طاعته صلى الله عليه وسلم وامتثال أمره ونهيه يقول القاضي عياض -رحمه الله تعالى-: "اعلم أن من أحب شيئاً آثره وآثر مرافقته وإلا لم يكن صادقاً في حبه فالصادق في حب النبي صلى الله عليه وسلم تظهر عليه علامة ذلك وأولها الاقتداء به واقتفاء سنته واتباع أقواله وأفعاله وامتثال أوامره واجتناب نواهيه والتأدب بآدابه قال تعالى: [قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ] "سورة آل عمران".
كما أن من طاعته صلى الله عليه وسلم إيثار ما شرع على هوى النفس ورغباتها قال تعالى: [وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ] "سورة الحشر: 9".
ج- الاقتداء به عليه الصلاة والسلام والتخلق بأخلاقه والاتصاف بصفاته الكريمة وهذا من مظاهر محبته صلى الله عليه وسلم وآثارها ونتائجها فمن يتصف بصفاته الكريمة ، ويتخلق بأخلاقه العظيمة ، ويقتدي بأفعاله الجليلة يلزمه أن يتبعه في علاقته مع ربه عز وجل فيزداد خشية وخشوعاً . ويلزمه أن يتبعه في عبادته من فرائض ونوافل ، ويتبعه في أخلاقه من حلم وتواضع ومحبة ورحمة وصون للسان وصدق في الحديث وبعد عن الآثام. يتبعه في صفاته من وقار ورقة وصبر وعفة وعطف وشفقة وحنان على الصغار وتوقير للكبار. ويسير على نهجه في دعوته في إخلاصه وحرصه على هداية الناس ويكون ذلك كله وفق ما جاء به صلى الله عليه وسلم لأن شرط القبول مرتبطاً في أن تكون هذه الأعمال وفق ما جاء به صلى الله عليه وسلم بلا زيادة أو نقصِ مع ضرورة الإخلاص والصدق في النية.
د- كثرة الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم وذلك من محبة الرسول صلى الله عليه وسلم وإجلاله وتوقيره : [إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا] "سورة الأحزاب: 56".
ومن فوائد الصلاة والسلام عليه:
1- امتثال أمر الله عز وجل في الصلاة على نبيه محمد . ومن بعض الصيغ للصلاة عليه وصفتها أن نقول " صلى الله عليه وسلم" وأفضلها : " اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد ".
2- المسلم يؤثر محبة الله تعالى ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم على محبته ورغباته.
3- الصلاة على النبي تنفي عن العبد صفة البخل وتنجيه من الدعاء عليه برغم الأنف.
4- بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم تحصل الصلاة المضاعفة من الله على عبده فقد قال صلى الله عليه وسلم "من صلى عليَّ صلاة صلى الله عليه بها عشرا" رواه مسلم.
اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم :
إن اتباع النبي صلى الله عليه وسلم من أحد ركائز دين الإسلام وأساسياته كما أنه من أعظم مسلمات الشريعة ومن الأمور المعلومة منها بالضرورة وقد قال تعالى: [وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا] "سورة الحشر: 7". وقال تعالى: [مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا] "سورة النساء: 80".نا
والاتباع في الشرع هو الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في الاعتقادات والأقوال والأفعال بعمل ما عمله وعلى الوجه الذي عمله صلى الله عليه وسلم من إيجاب أو ندب أو مباح أو كراهة مع توفر القصد والإرادة في ذلك.
ويكون اتباع النبي صلى الله عليه وسلم في الاعتقاد بأن يعتقد العبد ما أعتقد النبي صلى الله عليه وسلم وعلى الوجه الذي اعتقده عليه صلى الله عليه وسلم . ويكون اتباعه صلى الله عليه وسلم في الأقوال: بامتثال مدلولها وما جاءت به من معاني. فمثلاً قوله صلى الله عليه وسلم "صلوا كما رأيتموني أصلي" رواه البخاري. وقوله صلى الله عليه وسلم "لا تحاسدوا ولا تناجشوا" رواه مسلم.
كما يكون اتباع النبي صلى الله عليه وسلم في الأفعال بأن نفعل مثل فعله وعلى الوجه الذي فعله من أجل أنه فعله صلى الله عليه وسلم.
مظاهر الاتباع:
للاتباع مظاهر كثيرة من أهمها وأبرزها:
1- تعظيم النصوص الشرعية.
2- الخوف من الزيغ والاستدراج وهو من أبرز علامات الاتباع ومظاهره فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه ، وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مر على أنفه فقال به هكذا " أخرجه البخاري. ويقول الحسن البصري "المؤمن يعمل بالطاعات وهو مشفق وجل خائف والفاجر يعمل بالمعاصي وهو آمن".
3- الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم والتأسي به ظاهراً وباطناً، ويكون ذلك بمتابعة الرسول صلى الله عليه وسلم والأخذ عنه والعمل بما جاء به عملاً بقوله تعالى: [لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا] "سورة الأحزاب: 21".
فلا اعتقاد ولا عبادة ولا معاملة ولا خلق ولا أدب إلا وفق ما جاء به صلى الله عليه وسلم من أحكام وتعاليم في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة.
4- تحكيم العبد للشرع وتحاكمه إليه بحيث يحكم بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم في الكتاب والسنة ويتحاكم إليهما، ويجعل ذلك الميزان الذي يزن بواسطته الاعتقادات والأقوال والأفعال .
5- الرضا بحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم وشرعه وهذا من مظاهر الاتباع للرسول صلى الله عليه وسلم فعن العباس رضي الله عنه أنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "ذاق طعم الإيمان من رضي بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد رسولاً" رواه مسلم.
الوسائل المعينة على الاتباع:
إن الوسائل المعينة على اتباع النبي صلى الله عليه وسلم كثيرة ومن أهمها:
1- تقوى الله عز وجل والخوف منه.
2- الإخلاص لله والتجرد في طلب الحق.
3- اللجوء والتضرع إلى الله عز وجل وإظهار الافتقار له.
4- تعلم الأحكام الشرعية.
5- فهم النصوص الصحيحة وتدبر معانيها.
6- اتباع السلف الصالح في العلم والعمل.
7- الصحبة الصالحة.
8- عوائق الاتباع ومنها:
1- الجهل. 2- اتباع الهوى. 3- تقديم الآراء على النصوص الثابتة.
4- تقديم العقل على النقل الصحيح. 5- التعلق بالشبهات. 6- مجالسة أهل الهوى والمعاصي.
7- الاعتماد على النصوص الضعيفة والموضوعة.
بيان خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم المعلم الأول وشرف أخلاقه وشمائله:
إن معرفة شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم تمام المعرفة موصلة للتأسي به صلى الله عليه وسلم والاقتداء بنهجه فهو المعلم الأمثل ، المربي الأول قال تعالى: [لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ] وقد وصفه الله سبحانه وتعالى بأكمل الصفات وجاء ذلك في قوله : [وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ] في هذه الآية بيان:
أ- كمال الخلق.ب- وكمال الخُلق.ج- فضائل الأقوال.د- فضائل الأعمال.
فالوجه الأول في كمال خُلقه بعد اعتدال صورته يكون بأربعة أوصاف وهي:
أولاً: السكينة الباعثة على الهيبة والتعظيم فكان أعظم مهيب في النفوس وكان موصوفاً بالتواضع والسهولة ولين الجانب معروفاً بحسن الخلق .
ثانياً: الطلاقة الموجبة للإخلاص والمحبة الباعثة على المودة فقد كان صلى الله عليه وسلم طلق الوجه محبوباً من أصحابه.
ثالثاً: حسن القبول وقد كان لقبوله صلى الله عليه وسلم أثر عظيم فلم ينفر منه معاند ولا استوحش منه مباعد ، إلا من ساقه الحسد إلى مشاقته وقاده الحرمان إلى مخالفته.
رابعاً: ميل النفوس إلى متابعته وانقيادها لموافقته.
وهذه أربع من دواعي السعادة تكاملت فيه صلى الله عليه وسلم.
الوجه الثاني: في كمال خلقه ومنها:
الخصلة الأولى: رجاحة عقله وصدق فراسته وصواب تدبيره.
الخصلة الثانية: ثباته في الشدائد وصبره على البأساء والضراء.
الخصلة الثالثة: زهده في الدنيا وقناعته بالبلاغ فلم يمل إلى نضارتها ولم يله بحلاوتها.
الخصلة الرابعة: تواضعه للناس وخفض جناحه لهم فلا يتميز عنهم إلا بإطراقه وحيائه ً.
الخصلة السادسة: حفظه للعهد وفاؤه بالوعد.
وأما الوجه الثالث: في فضائل أقواله ومنها:
1- ما أوتي صلى الله عليه وسلم من حكمة بالغة وعلوم باهرة.
2- حفظه عليه الصلاة والسلام لما أطلعه الله تعالى عليه من قصص الأنبياء والأمم السابقة.
3- ما أمر به عليه الصلاة والسلام من محاسن الأخلاق ودعا إليه من مستحسن الآداب وحث عليه من صلة الأرحام وندب إليه من عطف على الضعفاء والأيتام. وما نهى عنه من تباغض وتحاسد وغير ذلك من الأخلاق السيئة .
4- وضوح جوابه إذا سئل وظهور حجته إذا جودل لا يحصره عي ولا يقطعه عجز ولا يعارضه خصم في جدال إلا كان جوابه أوضح وحجه أرجح وقد أشار إلى ذلك بقوله عن نفسه : " لقد أوتيت جوامع الكلم".
5- أنه محفوظ اللسان من تحريف في قول واسترسال في خبر فهو مشهور بالصدق في خبره ناشئاً وكبيراً، ومن لزم الصدق في صغره كان له في كبره ألزم ، ومن عُصم منه في حق نفسه كان في حقوق الله تعالى أعصم.
6- إيجاز كلامه صلى الله عليه وسلم فهو أفصح الناس لساناً وأوضحهم بياناً وأجزلهم ألفاظاً وأصحهم معان لا يظهر فيه التكلف ولا يتخلله التعسف. يتوخى به إبانة حاجته ويقتصر منه على قدر كفايته فلا يسترسل فيه هذرا ولا يحجم عنه حصرا وهو فيما عدا حالتي الحاجة والكفاية أوجز الناس قولا وأحسنهم لغة ،ولذلك حفظ كلامه واستعذبته الأذان وبقي محفوظاً في القلوب ومدوناً في الكتب.
وأما الوجه الرابع في فضائل أفعاله فمنها:
1- حسن سيرته.
2- أنه عدل فيما شرع من الدين بعيد عن الغلو والتقصير.
3- أنه لم يمل بأصحابه إلى الدنيا ولا زخرفها وإنما أمرهم بالاعتدال.
4- تصديه لمعالم الدين ونوازل الأحكام حتى أوضح للأمة ما كلفوه من العبادات وبين لهم ما يحل لهم وما يحرم عليهم ، وبين لهم المباحات وحدد لهم المحظورات.
5- ما منح من السخاء والجود حتى جاد بكل موجود وكان إذا سُئل أعطى وإذا طُلب منحَ.
الفرق بين التربية والتعليم
هناك فرق واضح بين عملية التربية من جهة والتعليم من جهة أخرى فالتعليم يمثل جزءاً من التربية بينما التربية تشمل التعليم.
والتربية الإسلامية عملية متكاملة ومتزنة موجهة لجميع قوى الإنسان بشتى الوسائل والأساليب المشروعة ، ليكون الإنسان عضواً صالحاً في مجتمعه .وهي تشمل جميع جوانب الإنسان الروحية والعقلية والجسمية .
فالإسلام يسعى لإيجاد الإنسان السوي لكي يصلح حالة على الأرض ، وينظم حياته فيها وفق منهج محدد رسمه له فيتحرك به على الأرض وهو في الوقت نفسه متجه بروحه إلى الله تعالى .
أما عملية التعليم فهي جزء من عملية التربية الكاملة ،تسعى إلى تنمية العقل وصقله وتمكينه من اكتساب المعارف والمهارات التي تلزمه في حياته، وتمكينه من اتقان فن (ما) أو حرفة من الحرف .
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :" مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضاً فكانت منها طائفة طيبة قبلت الماء فأنبت الكلأ والعشب الكثير ،وكان منها أجادب أمسكت الماء ،فنفع الله بها الناس ، فشربوا منها وسقوا وزرعوا ،وأصاب طائفة منها أخرى هي قيعان لا تمسك ماء ،ولا تنبت كلأ ، فذلك مثل من فقه في دين الله ،ونفعه ما بعثني الله به ، فعلم وعلّم ، ومثل من لم يرفع بذلك رأساً ،ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به".
لا عدمناكِ ~؛