في أور أقترن أسم هذه الملكة بشهرة واسعة من خلال التنقيبات التي أجراها المنقب الانكليزي (وولي Woolley). في المقابر الملكية،
ولم تحض أي أمرأة سومرية بهذه الشهرة الواسعة، لقد كانت على ما يبدو تتمتع بذوق رفيع باختيار الأدوات الدقيقة الصنع التي صنعها لها فنانون مهتمون بهذه الصناعة الذهبية والأحجار الثمينة الأخرى،
وهذا يكشف لنا عن المستوى الفني الذي وصل اليه هؤلاء الفنانون في عصر السلالة السومرية الثانية ونهاية العصر السومري الحديث.
والقسم الأكبر من القبور والتي وجدت فيه النفائس ترجع الى بداية عصر فجر السلالات الثالث، ففي تعليق (لا ندري بارو) عن حلقة عنان الحصان عثر عليها في المقبرة الملكية قائلاً
( (هذه القطعة من المقبرة الملكية في اور ليست سوى مثال بين العديد من هذه النتاجات – الفنية الرائعة التي تبرر لنا أن نصف الفنانين السومريين بأنهم أعظم من جميع الفنانين القدامى، فليست هناك مدينة أخرى في العالم، وفي النصف الأول للألف الثالث قبل الميلاد تستطيع أن تتباهى بمثل هذه الوفرة من النتاجات الفنية التي نفذت بمثل هذه الصفة الكاملة) )
لقد اختارت بو – آبي – شبعاد بنفسها أدوات المائدة الأنيقة من أرقى المعادن وهو الذهب، وكانت انسيابية التحرجات للكأس والكاس الذي تنتهي خطوطه القوسية بقاعدته الدائرية المملوء فراغها بزهرة تسد هذه الفراغ المدور.
واختارت القلائد التي خرزاتها من الذهب والفضة ومختلف ألأحجار الكريمة وهي تعتبر من النفائس الفريدة التي وجدت في المقبرة وكذلك شرائط ذهبية وزهور تعتبر من زينات الرأس البديعة حتى علبة الزينة اختارتها بعناية فائقة من الذهب وكذلك الملاقط.
ولم يقف هؤلاء الصناع عاجزين عن أي صناعة أكثر تعقيداً. لقد أهتمت هذه بجمالها وزينتها التي لم تسبقها امرأة في كل العهود في تقديم أشياء أبداعية تضفي على أكثر جمالاً وأكثر ابهة وتعطيها الصفة الكاملة للقدسية الملكية. أو إعطاء الدرس في الأناقة وأختيار الموضة للزمن التي تعيش فيه هي وكل الفتيات السومريات،
وهذا أوج ما وصلت اليه في العهد السومري في الحضارة والتقدم، وما دامت هي التي أختارت الأواني الذهبية لمائدتها الملكية وأدوات زينتها النادرة فلا يستبعد كونها هي التي أشارت على الصناع المهرة أن يصنعوا لها أكليل الرأس النادر، والذي لم يشاهد من قبل في العهود السومرية السابقة عند النساء اللواتي سبقت – شبعاد – هذا الأكليل من الذهب الخالص الذي شكل أوراق الصفصاف أو اوراق شجر الزان المزخرفة بالذهب وقد أرتفعت فوقه ثلاث زهور تبدأ من مؤخرة الأكليل الخلفية وتنحني حركة الخطوط الثلاثة برقة مشكلة نصف أقواس تتطاول فيها الأدوار الثلاثة، أن هذا الأكليل يضفي مهابة وأجلال للملكة – شبعاد
( (أكتشف وولي هذه المقبرة بين عام 1922-1933- واكتشف القبر المرقم (789) العائد الى آباركي ومن بعده القبر الملاصق له رقم (800) العائد الى الملكة بو- آبي-شبعاد، وقد فسر وولي هذه الظاهرة بأن الملكة بو – آبي-بدافع حبها لزوجها الملك أباركي اوصت ان تدفن بالقرب منه بعد موتها، ولهذا السبب نشاهد القبرين (789) و(800) متلاصقين) ).
كان عمرها اثناء وفاتها بقدر الأربعين سنة لما تذكر المصادر التاريخية وجدت مدده على سرير من الخشب ومعها وصيفتان الأولى قرب رأسها والثانية عند قدميها،
وكانت بو –آبي-شبعاد ترتدي فوق ملابسها ثوباً قصيراً لحد الخصر، وهو عبارة عن سلاسل من الخرز المصنوع من الذهب والفضة والأحجار الكريمة، كانت هذه السلاسل تنتظم بخيوط وتتصل بطوق حول العنق ثم تتدلى هذه الخيوط على الأكتاف أما الأقراط التي تلبسها في اذنيها هي اقراط هلالية الشكل كبيرة الحجم وهي غير مسبوقة في جميع الحلي والجماليات في السابق
كما وجد في قبرها ثلاث أختام اسطوانية من اللازورد تحمل احدها أسمها ولقبها –الملكه-بوآبي-وهي تتمتع بمركز رفيع أذ دفن معها تسعة وخمسون شخصاً وكميات كبيرة من الحاجيات الثمينة والعربات والأدوات
وكانت الموسيقى منتشرة ومنظمة في الدويلات السومرية وخاصة أور وتكاد تكون من تكوينات الوظائف التي كانت قائمة انذاك في الدولة السومرية فهناك المنشدون الخاضعون الى ادارة المعبد وهي وظيفة يتوارثها الموسيقيون والمغنون ويقسم (كالا) وهو المتخصص في انشاد الاغاني الدينية الحزينة (ونار) وهو متخصص في انشاد الاغاني الدنيوية وخاصة في الافراح مثل اعياد (طقس الزواج المقدس) وهناك فرق خاصة بالقصر فيها نساء عازفات الى جانب الرجال الذين ينشدون الأغاني والترانيم أي الملك والملكة / وكان بعض الملوك يشجع الموسيقى بشكل ملفت للنظر، مثل الملك شولكي صاحب الذوق الموسيقى الرفيع وانه كان يجير الفرق على ثمان آلات موسيقية وانه يجيد القراءة والكتابة. وهناك نساء عازفات ماهرات فلا يستبعد ان تنتقل الوصيفات الى هيكل الملكة ومعهن القيثارات، وخاصة قيثارة اور الكبيرة والدقيقة الصنع كانت منتصبه في أرض المدفن بنحو 120سم وقد استخدم الفنان في عملها الذهب واللازورد واستخدام مواد اخرى مختلفة مثل الفضة والصدف والعقيق مقدما حسن الاستخدام وجلال التكوين الأخاذ ومن يدري ان هناك القبور غير المكتشفة في أور وفي مدن سومرية كثيرة وان عملية اخفاء القبور الملكية في اعماق الارض هي عقبة كبيرة في طريق التنقيبات الحديثة ( (الأرجح هو ان ملوك مابين النهرين سيظلون متمتعين بنوم هادئ عدة قرون قادمة) ).