ثانيا- الأدلة من السنة:-
-الدليل الأول-حديث عورة
عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان- رواه الترمذي 1173 وصححه الألباني في الإرواء273 وحققه الشيخ مصطفى العدوى في رسالة الحجاب وقال رجاله ثقات ويصلح الاحتجاج به – أما قوله عورة فقال المباركفورى في تحفة الأحوزى3/337 جعل نفسها عورة لأنها إذا ظهرت يستحيى منها كما يستحى من العورة إذا ظهرت والعورة السوأة وكل ما يستحى منه إذا ظهر , وكلمة استشرفها أي زينها في نظر الرجال. قلت ووجه الاستدلال هنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عورة أي عمم جميع ولم يستثنى منها الوجه والكفين.أنهما ليسا بعورة فدل ذلك على أن جميع بدن عورة بما فيه الوجه والكفين ووجب ستره وتضمن ذلك ستر الوجه والكفين
الدليل الثاني-الإذن للنساء في الخروج لحاجتهن
قال الإمام البخاريفتح8/528 عن عائشة رضي الله عنها قالت –خرجت سودة –بعدما ضرب الحجاب لحاجتها,وكانت إمرأة جسيمة لا تخفى على من يعرفها فرآها عمر بن الخطاب فقال يا سودة, أما والله ما تخفين علينا,فانظري كيف تخرجين,قالت:فانكفأت راجعة,ورسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي وإنه ليتعشى وفى يده عرق,فدخلت فقالت يارسول الله , إني خرجت لبعض حاجتي فقال لىعمركذا وكذا:فأوحى الله إليه,ثم رفع عنه وإن العرق في يده ما وضعه فقال:إنه قد أذن لكن أن تخرجن لحاجتكن. والحاصل أنه لما نزلت آية الحجاب بالغ فىتحجبهن فقصد بعد ذلك أن لا يبدين أشخاصهن أصلا ولوكن مستترات فمنع منه ,وأذن لهن في الخروج لحاجتهن دفعا للمشقة ورفعا للحرج . ووجه الاستدلال هنا على مشروعية ستر الوجه أن عمر رضي الله عنه ما عرف سودة إلا بطولها وجسامتها كما أخبرت عنها عائشةرضى الله عنها في الحديث فدل ذلك على أن وجهها كان مستورا ولو كانت كاشفة لوجهها لما احتاج أن يقول ما تخفين علينا
.الدليل الثالث-فعل عائشة رضي الله عنها.
في حديث الإفك- قالت عائشة:..وكان صفوان بن المعطل السلمي ثم الذكوانى من وراء الجيش فأدلج فأصبح عند منزلي,فرأى سواد إنسان نائم فأتاني فعرفني حين رآني,وكان يراني قبل الحجاب,فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني,فخمرت وجهي بجلبابي.." الحديث أخرجه البخاري8/452 ومسلم ص 2129
قال الحافظ ابن حجرفتح البارى8/463 قوله فخمرت: أي غطيت . قلت ووجه الاستدلال هنا أن عائشةرضى الله عنها أفادت عن سبب معرفة صفوان بن المعطل لها حين رآها أنه رضي الله عنه كان يراها قبل نزول الحجاب فدل ذلك على أنه بعد نزول الحجاب أنها سترت وجهها فلم تعرف بعد ,وكذلك أنها لما كانت وحدها في هذا المكان الذي غادره الجيش ولم يكن فيه أحد نامت وقد رفعت الجلباب عن وجهها ولما أصبح صفوان بن المعطل عندها عرفها لأنه كان يراها قبل نزول الحجاب فقال إنا لله وإنا إليه راجعون فاستيقظت رضي الله عنها باسترجاعه فتحجبت منه فغطت وجهها بجلبابها,ففي هذا الحديث الصحيح دليل واضح لكل أخت مؤمنة لها في أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها الصديقة بنت الصديق حبيبة رسول الله وزوجتة في الجنة أسوة حسنة في ستر الوجه والكفين .هذا وقد ورد أثر صحيح آخر عند الإمام مسلم والحديث برقم1211 .عن صفية بنت شيبة.قالت:قالت عائشة رضي الله عنها,يا رسول الله أيرجع الناس بأجرين وأرجع بأجر؟فأمر عبدا لرحمن بن أبى بكر أن ينطلق بها إلى التنعيم,قالت فأردفنى خلفه على جمل له ,قالت فجعلت أرفع خماري أحسره عن عنقي,فيضرب رجلي بعلة الراحلة,قلت له وهل ترى من أحد ؟, قالت فأهللت بعمرة ثم أقبلنا حتى انتهينا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالحصبة. رواه مسلم . والمعنى أن عائشة رضي الله عنها أحزنها أن ترجع إلى المدينة ولا تأتى بعمرة مع الحج كما فعل الناس فشكت ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم .فأمر أخوها عبد الرحمن أن ينطلق بها إلى خارج الحرم التنعيم لتحرم من هناك بعمرة فركبت خلفه على الجمل فلما رأت السيدة عائشة أنها في خلاء ليس فيه أحد جعلت تكشف خمارها وتبعده عن وجهها من أسفل عنقها فجعل عبد الرحمن يضرب رجلها بعود بيده عامدا لها حيث تكشف خمارها غيرة عليها وظاهر أمره أنه يضرب الراحلة ,فقالت له رضي الله عنها ردا على فعله هذا ,وهل ترى من أحد ؟ أي نحن في خلاء وليس هنا أجنبي أستتر منه .فلله در أم المؤمنين ما أعظم حياؤها وعفتها,مع أن الله برأها من فوق سبع سماوات وتوعد الذين ينالون منها بأشد العذاب فقال تعالى {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ النور23 ومع هذا كله تحرص رضي الله عنها على الالتزام والامتثال لأمر الله بالحجاب وهذا يذكرنا بقول الله عز وجل {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً الأحزاب36 .كما أورد الإمام الذهبىأثرأ في سير أعلام النبلاء3/491, وأخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى4/308,عن أحمد بن محمد الأزرقى:أنبأنا عبد الرحمن بن أبى الرجال عن ابن عمر,قال لما اجتلى رسول الله- صفية رأى عائشة متنقبة في وسط النساء فعرفها,فأدركها, فأخذ بثوبها, فقال:ياشقيراء كيف رأيت؟ قالت رأيت يهودية بين يهوديات,وأخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى8/99. والحديث رجاله ثقات إلا أن فيه انقطاع بين عبد الرحمن وابن عمر إلا أنه يشهد له ماسبق من الآثار الصحيحة عن عائشة , ومما سبق رد على من زعم أن النقاب لا أصل له فى الدين, وفيه أيضا بيان لصفة الحجاب الشرعى الذى أمر الله به فى الآيات حيث كان هذا هو التطبيق الفعلى له من قبل عائشة رضى الله عنها ولو كان غير ذلك لبينه النبى صلى الله عليه وسلم لعائشةرضى الله عنها.
الدليل الرابع- فعل الصحابيات:
عن صفية بنت شيبة أن عائشة رضي الله عنها كانت تقول لما نزلت هذه الآيةوليضربن بخمرهن على جيوبهنأخذن أزرهن فشققنها من قبل الحوا شى فاختمرن بها.رواه البخاري فتح البارى8/489ورواه البخاري من طريق آخر معلقا عن عائشة قالت :يرحم الله نساء المهاجرات الأول لما أنزل اللهوليضربن بخمرهن على جيوبهنشققن مروطهن فاختمرن بها. قال الحافظ ابن حجرفتح 8قوله فاختمرن :أي غطين وجوههن وصفة ذلك أن تضع الخمار على رأسها وترميه بالجانب الأيمن على العاتق الأيسر وهو التقنع .ووجه الاستدلال هو فعل الصحابيات رضي الله عنهن وسرعة استجابتهن لأمر الله وتفسير كلمة خمرهن بستر الوجه.وعن فاطمة بنت المنذر رحمها الله قالتكنا نخمر وجوهنا, ونحن محرمات مع أسماء بنت أبى بكر رضي الله عنهما.أخرجه الإمام مالك في الموطأ1/328 والحاكم1/454 وصححه ,ووافقه الذهبي . وفى هذا دليل على أن عمل النساء في زمن الصحابةرضى الله عنهم كان على تغطية الوجوه من الرجال الأجانب , وأن هذا الأمر كان عاما في النساء لا في زمن الصحابة فقط بل فيما بعدهم أيضا.
الدليل الخامس:فعل أسماء رضي الله عنها:
عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبى بكررضى الله عنهما قالت كنا نغطى وجوهنا من الرجال,وكنا نمتشط قبل ذلك فىالإحرام أخرجه الحاكم1/454 وقال صحيح على شرط الشيخين , ووافقه الذهبي
وللحديث شاهد آخر عند أبى داود وأحمد والبيهقى5/48من حديث عائشة رضي الله عنها قالت كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات فإذا حاذوا بنا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها فإذا جاوزنا كشفناه ولكن في إسناد هذا الحديث يزيد بن أبى زياد وهو ضعيف ولكن هذا الحديث يقويه حديث أسماء السابق.قال الشوكانى في النيل واستدل بهذا الحديث على أنه يجوز للمرأة إذا احتاجت إلى ستر وجهها لمرور الرجال قريبا منها أن تسدل ثوبها من فوق رأسها على وجهها . وقال ا بن المنذر أجمعوا على أن تلبس المخيط والخفاف , وأن لها أن تغطى وجهها فتسدل الثوب سدلا خفيفا تستتر به عن نظر الرجال . نيل الأوطار5/77 الدليل السادس:-عن ابن عمر رضي الله عنهما قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة فقالت أم سلمة,كيف يصنع النساء بذيولهن ؟ قال يرخين شبرا فقالت إذن تنكشف أقدامهن,قال فيرخينه ذراعا ولا يزدن عليه. رواه الترمذىوأبوداود وصححه الألباني2/776 وفى رواية عن ابن عمر أنهن قلن إن شبرا لا يستر من عورة فقال:اجعلنه ذراعا ,فكانت إحداهن إذا أرادت أن تتخذ درعا أرخت ذراعا فجعلته ذيلا .المسند 2/90.وقد أقرهن النبي صلى الله عليه وسلم على جعل القدمين عورة. هذا وإذا كان القدمان من العورة فما الظن بالوجه الذي يفتتن الرجال برؤيته, فهل يعقل أن يأمر الإسلام أن تستر شعرها وقدميها وأن يسمح لها أن تكشف وجهها ويديها؟ وأيهما تكون الفتنة فيه أكبر الوجه أم القدمان؟. الدليل السابع:قصة عائشة رضي الله عنها مع عمها من الرضاعة- وهو أفلح أخو أبى القعيس- لما جاء يستأذن عليها بعد نزول الحجاب,فلم تأذن له حتى أذن له النبي صلى الله عليه وسلم,لأنه عمها من الرضاعة. متفق على صحته قال الحافظ ابن حجر في الفتح9/152 وفيه وجوب احتجاب من الأجانب. الحديث رواه البخارى8/392 ومسلم رقم1444
الدليل الثامن:حديث أم عطيةرضى الله عنها, فىصحيح مسلم–أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أمر بإخراج النساء إلى مصلى العيد,قلن:يا رسول الله إحدانا لا يكون لها جلباب,فقال النبي صلى الله عليه وسلم لتلبسها أختها من جلبابها. ووجه الدلالة أن لا يجوز لها الخروج من بيتها إلا متحجبةبجلبابها الساتر لجميع بدنها , وقد تكلمنا في معنى الجلباب فيما سبق .
الدليل التاسع:-احتجاب أمهات المؤمنين:- فقد أورد ابن سعد في الطبقات فقال أخبرنا محمد بن عمر حدثنا إبراهيم ابن زيد المكي وسفيان ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن أبى جعفر قال:كان الحسن والحسين لا يريان أمهات المؤمنين…,فقال ابن عباس:إن رؤيتهن لهما تحل. الطبقات الكبرى8/178 , وقال: أخبرنا محمد بن عمر حدثني عبد لله بن أبى يحيى عن بُثينة بنت حنظلة عن أمها, أم سنان الأسلمية قالت :لما نزلنا المدينة لم ندخل حتى دخلنا مع صفية منزلها, وسمع بها نساء المهاجرين والأنصار,فدخلن عليها متنكرات , فرأيت أربعا من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم متنقبات:زينب بنت جحش , وحفصة, وعائشة ,وجويرية… الحديث-الطبقات الكبرى 8/126
الدليل العاشر:عن أنس رضي الله عنه في قصة زواج رسول الله صلى الله عليه وسلم من صفية رضي الله عنها:فقال المسلمون إحدى أمهات المؤمنين أو مما ملكت يمينه؟ ,فقالوا إن حجبها فهي من أمهات المؤمنين وإن لم يحجبها فهى مما ملك يمينه ,فلما ارتحل وطأ لها خلفه ومد الحجاب بينها وبين الناسرواه البخاري ومسلم رقم1365 , وفى رواية أخرى عن أنس رضي الله عنه قال :فلما قرب البعير لرسول الله صلى الله عليه وسلم ليخرج, وضع رسول الله صلى اله عليه وسلم رجله لصفية لتضع قدمها على فخذه,فأبت ووضعت ركبتها على فخذه. وسترها رسول الله صلى الله عليه وسلم وحملها وراءه وجعل رداءه على ظهرها ووجهها ثم شده من تحت رجلها وتحمل بها وجعلها بمنزلة نساءه . , قال الشيخ عبد العزيز بن خلف:- وهذا الحديث من أدلة الوجوب أيضا لأنه من فعله صلى الله عليه وسلم بيده الكريمة فهو عمل كامل, حيث إنه صلى الله عليه وسلم ستر جسمها كله, وهذا هو الحق الذي يجب إتباعه, فهو القدوة الحسنة, ولو لم يكن دليل من النصوص الشرعية على وجوب ستر المسلمة وجهها وجميع بدنها ومقاطع لحمها إلا هذا الحديث الصحيح, لكفى به موجبا وموجها إلى أكمل الصفات. نظرات في حجاب المسلمةص97
ثالثا:الاعتبار الصحيح والقياس المطرد:
وهو إنكار المفاسد ووسائلها والزجر عنها وإقرار المصالح ووسائلها والحث عليها, فقد ذكر العلامة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله في رسالة الحجاب هذا الاستدلال فقال:فكل ما كانت مصلحته خالصة أو راجحة على مصلحة فهو مأمور به أمر إيجاب أو أمر استحباب, وكل ما كانت مفسدته خالصة أو راجحة على مصلحة فهو منهي عنه نهى تحريم أو نهى تنزيه, وإذا تأملنا السفور وكشف وجهها للرجال الأجانب, وجدناه يشتمل على مفاسد كثيرة . ثم ذكر من هذة المفاسدباختصار 1- الفتنة, فإن بنفسها فتنة ,فضلا عما يجمل وجهها ويبهيه وهذا من أكبر دواعي الشر والفساد. 2-زوال الحياء عن الذي هو من الإيمان ومن مقتضيات فطرتها.3-افتتان الرجال بها.4-اختلاط النساء بالرجال وفى ذلك فتنة كبيرة وفساد عريض. وقال رحمه الله فإن كان قد اختلف في فهم الزينة الظاهرة , فإن الحجة في فهم الصحابة ونسائهم, حيث طبقن ذلك عملا بتغطية الوجه والصدر والنحر والشعر, لما ورد عن عائشة رضي الله عنها في حديث الإفكوكان يعرفني قبل نزول الحجاب وقولها في الإحرام كنا بالجمع فإذا حاذينا الرجال, سدلت إحدانا خمارها على وجهها, فإذا جاوزونا كشفنا. فهذا العمل حجة لا يصح تأويله, لأنه تطبيق عملي لمفهوم النص الشرعي, فىآية الحجاب وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرهم, ولو عملوا شيئا خطأ لنبههم إليه, كما في صلا ة المسيء.انتهى.
ويذكر الشيخ بكر ابن عبد الله أبو زيد هذا الاعتبار القياس المطرد,فيقولفقد دلت النصوص أيضا بدليل القياس المطرد على ستر الوجه والكفين كسائر جميع البدن, وإعمالا لقواعد الشرع المطهر الرامية إلى سد أبواب الفتنة عن النساء أن يفتن أو يفتتن بهن والرامية كذلك إلى تحقيق المقاصد العالية وحفظ الأخلاق الفاضلة مثل العفة والطهارة والحياء والغيرة وصرف الأخلاق السافلة من عدم الحياء وموت الغيرة والتبذل والتعري والسفور والاختلاط كما في قاعدة جلب المصالح ودرأ المفاسد, وقاعدة ارتكاب أدنى المفسدتين لدفع أعلاهما, وقاعدة ترك المباح إذا أفضى إلى مفسدة في الدين, ومن هذة المقايسات المطردة, الأمر بغض البصر وحفظ الفرج , وكشف الوجه أعظم داعية للفتنة من ذلك. النهى عن الضرب بالأرجل, وكشف الوجه أعظم داعية للفتنة من ذلك . النهى عن الخضوع بالقول , وكشف الوجه أعظم داعية للفتنة من ذلك . الأمر بستر القدمين والذراعين والعنق وشعر الرأس بالنص والإجماع ,وكشف الوجه أعظم داعية للفتنة والفساد من ذلك ,وغير هذة القياسات كثير يعلم مما تقدم,فيكون ستر الوجه واليدين وعدم السفور عنهما من باب الأولى والأقيس و وهو المسمى بالقياس الجلي. انتهى. حراسة الفضيلة ص65
تفنيد شبه المبيحين لكشف الوجه والكفين والرد عليها
الشبهة الأولى-قوله تعالى-ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها-قالوا إلا ما ظهر منها ,الوجه والكفين لورود بعض الآثار عن ابن عباس وبعض التابعين في تفسير إلا ما ظهر منها ,الوجه والكفين.وبالرد على هذة الشبهة: أولا الآثار التي وردت عن ابن عباس رضي الله عنه فىتفسير هذة الآية تتبعها الشيخ مصطفى العدوى حفظه الله ,بالتحقيق عند ابن جرير وابن كثير وما وقف عليه وبين أن في كل أثر منها مقالأي ضعيفةولايصلح الاحتجاج بها وأوردها فىرسالته-الحجاب أدلة الموجبين وشبه المخالفين-وبين مافيها من الضعف.
ثانيا-فقد صح لدينا أثر صحيح عن ابن مسعود رضي الله عنه في تفسير هذة الآية-فقال ابن جرير الطبري18/92عن عبد الله رضي الله عنه قال : قال ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها قال الثياب .0الحديث موقوف صحيح فهذا أثر صحيح عن ابن مسعود في أن الزينة المستثناه في الآية إنما هي الزينة الظاهرة وهى زينة الثياب والتي لا بد من ظهورها ولايمكن التحرذ منها وإخفاؤها وليس الوجه والكفين وهذا تفسير صحابي جليل وبأثر صحيح وحسبك بابن مسعود في عداد المفسرين من الصحابة رضي الله عنهم .فيقول عن نفسه –والله لقد أخذت من في رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بضعا وسبعين سورة,والله لقد علم أصحاب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنى من أعلمهم بكتاب الله وما أنا بخيرهم . أخرجه البخاري الفتح9/46 وقال أيضا:ولو أعلم أحدا أعلم منى بكتاب الله تبلغه الإبل لركبت إليهأخرجه مسلم.حديث2463 وقد أخرج الحاكم5387 وصححه الألباني فىصحيح الجامع3509 عن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:رضيت لأمتي مارضى لها ابن أم عبد. .قلت:فمثل هذا حرى أن يقدم تفسيره للآية , وهذا القول لابن مسعود رضي الله عنه هو ما يؤيده المعنىاللغوى لكلمة الزينة في لغة العرب وفى سياق كلمة الزينة في آيات كثيرة في القرآن ,وقد ذكر الشيح محمد الشنقيطى هذا في
أضواء البيان6/197 فقال –الزينة في لغة العرب هي ما تتزين به مما هو خارج عن أصل خلقتها:كالحلي والحلل فتفسير الزينة ببعض بدن خلاف الظاهر ولا يجوز الحمل عليه إلا بدليل يجب الرجوع إليه. وكذلك فإن لفظ الزينة في القرآن يكثر تكرره مرادا به الزينة الخارجة عن أصل المزين بها, ولا يراد بها بعض أجزاء ذلك الشيء كقوله تعالى إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها وقولهإنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكبوقولهالمال والبنون زينة الحياة الدنيا.فلفظ الزينة في هذة الآيات يراد به ما يزين به الشيء وهو ليس من أصل خلقته, وكون هذا المعنى هو الغالب في لفظ الزينة في القرآن يدل على أن لفظ الزينةفى محل النزاعولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منهايراد به هذا المعنى أي زينة ظاهر الثياب.
قول شيخ الإسلام ا بن تيمية في تفسير ابن عباسإلا ما ظهر منها , فقد ذهب إلى وقوع النسخ في مراحل تشريع الحجاب,فقال:فابن مسعود ذكر آخر الأمرين وابن عباس ذكر أول الأمرين. مجموع الفتاوى22/110
قول العلامة عبد العزيز بن باز:-وأما ما يروى عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه فسر إلا ما ظهر منها بالوجه والكفين فهو محمول على حالة النساء قبل نزول آية الحجاب وأما بعد ذلك فقد أوجب الله عليهن ستر الجميع. وقد نبه على ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره من أهل العلم والتحقيق وهو الحق الذي لاريب فيه. وتقدم قوله تعالى-وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب- ولم يستثن شيئا وهى آية محكمة , فوجب الأخذ بها والتعويل عليها وحمل ماسوا ها عليها والحكم فيها عام في نساء النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهن من نساء المؤمنين رسالة في الحجاب والسفورص19
الثاني-الشبهة الثانية:حديث أ سماءالوجه والكفين:
عن سعيد بن بشير عن قتادة عن خالد قال يعقوب :ابن دريك عن عائشة رضي الله عنها أن أسماء بنت أبى بكر دخلت على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وعليها ثياب رقاق فأعرض عنها رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقال ياأ سماء إن إذا بلغت المحيض لم تصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا .وأشار إلى وجهه وكفيه .رواه أبو داود وقال هذا مرسل خالد بن دريك .
الرد على هذة الشبهةكالآتى:1-الحديث ضعيف جدا وذلك لكثرة علله أولها:أن خالد بن دريك لم يدرك عائشة فالسند منقطع .ثانيها: قتادة مدلس . ثالثها:سعيد بن بشير ضعيف .رابعها:الوليد مدلس . كذلك الشواهد له أيضا ضعيفة إذن فلا يصلح الاحتجاج به
2-أن خالد بن دريك تفرد به دون باقي الرواة عن عائشة وقد قال فيه ابن القطان مجهول الحال
3-أنه مخالف لما عرف من حياء أسماء رضي الله عنها وغيرة الزبير بن العوام زوجها رضي الله عنه بالإضافة إلى أنها ابنة الصديق
4-الحديث مخالف لما روته عائشة من حديث الإفك وأنها غطت وجهها وكذلك ماروته من حديث سودة السابق
5-الحديث مخالف لما روته أسماء رضي الله عنها فىالحديث الصحيح حيث قالت :كنا نغطى وجوهنا من الرجال…
6-فضلا عما سبق فإن هذا محتمل أن يكون قبل نزول آية الحجاب .
الشبهة الثالثة:.قصة سفعاء الخدين:
عن جابر ابن عبد الله رضي الله عنه قال شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة يوم العيد فبدا بالصلاة قبل الخطبة بغير أذان ولا إقامة ثم قام متوكئا على بلال فأمر بتقوى الله وحث على طاعته ووعظ الناس وذكرهم ثم مضى حتى أتى النساء فوعظهن وذكرهن فقال تصدقن فإن أكثركن حطب جهنم فقامت امرأة من سطة النساء سفعاء الخدين فقالت لم يا رسول الله قال لأنكن تكثرن الشكاة وتكفرن العشير. رواه مسلم 2/537 ,وقد ذكر فضيلة الشيخ مصطفى العدوى عدة طرق لهذا الحديث ,أخرجه النسائي2/186 , وأخرجه أحمد3/318,وأخرجه البيهقى3/296,3/300 وكلها جاء فيها لفظامرأة من سفلة النساء وقد ذكر عياض أنه جاء في بعض روايات ابن أبى شيبةامرأة ليست من علية النساء, ثم قال – ومن هذا يتضح لنا وضوحا لانشك فيه أن الصوابامرأة من سفلة النساء , وفى اللسان ص2031 وسفلة الناس: أسا فلهم وغوغاؤهم. أما قوله سفعاء الخدين فمعنا فيها تغير وسواد كما قال ذلك النووي . وعلى هذا فقوله امرأة من سفلة النساء سفعاء الخدين أي ليست من علية النساءبل هي من سفلتهم وهى سوداء هذا القول يشعر ويشير إشارة قوية إلى أن كانت من الإماء وليست من الحرائر وعليه فلا دليل في هذا لمن استدل به على جواز كشف وجه إذ أنه يغتفر في حق الإماء مالا يغتفر في حق الحرائر وقد قال الصحابة لما بنى النبي صلى الله عليه وسلم بصفية – إن حجبها فهي إحدى أمهات المؤمنين , وإن لم يحجبها فهي مما ملكت يمينه. قلتوقد أورد صاحب كتاب أدلة الحجاب آثارا صحيحة عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كان ينهى الإماء عن التقنع بالجلباب ويقول لا تتشبهن بالحرائر. انظر إرواء الغليل للألباني6/203,ألمحلى لابن حزم3/218
.ثم هناك احتمال وارد أيضا وهو أن هذة قد تكون من القواعد من النساء
.هذا وليس فىهذا الحديث ما يفيد أن ذلك كان بعد الأمر بالحجاب. انتهى قال الشيخ محمد بن العثيمين: إما أن تكون هذة من القواعد اللاتي لا يرجون نكاحا فكشف وجهها مباح, أو يكون قبل نزول آية الحجاب, فإنها كانت في سورة الأحزاب سنة خمس أو ست من الهجرة, وصلاة العيد شرعت في السنة الثانية من الهجرة.رسالة الحجاب ص32
الشبهة الرابعة:قصة الخثعمية:
التي كانت تسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة يوم النحر وقد أردف الفضل ابن عباس رضي الله عنهما خلفه على عجز راحلته وفيها وأقبلت امرأة من خثعم وضيئة تستفتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فطفق الفضل ينظر إليها وأعجبه حسنها, فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم والفضل ينظر إليها فأخلف بيده فأخذ بذقن الفضل فعدل وجهه عن النظر إليها وأجاب عن ذلك الشيخ الشنقيطىأضواء البيان6/599 قال :ليس في شيء من روايات الحديث التصريح بأنها كانت كاشفة وجهها, وان النبي صلى الله عليه وسلم رآها كاشفة عنه وأقرها علي ذلك بل غاية مافى الحديث أنها وضيئة , ومعرفة كونها وضيئة أو حسناء لا يستلزم أنها كانت كاشفة عن وجهها, بل قد ينكشف عنها خمارها من غير قصد, فيراها بعض الرجال من غير قصد. ثم قال مع أن جمال قد يعرف وينظر إليها وهى مختمرة, وذلك لحسن قدها وقوامها , وقد تعرف وضاءتها وحسنها, من رؤية بنانها, فقط كما هو معلوم ولذلك فسر ابن مسعودولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها بالملاءة فوق الثوب , ومما يوضح أن الحسن يعرف من تحت الثياب قول الشاعر :
طافت أمامة بالركبان آونة يا حسنها من قوام ما ومنتقبا ,فقد بالغ في حسن قوامها مع أن العادة كونه مستورا بالثياب لا منكشفا. انتهى. وقد نقل الشيخ الألباني في كتاب حجاب المسلمة بعض ما جاء في ترجمة أبى على التنوخى أنه أنشد : قل للمليحة في الخمار المذهب أفسدت نسك أخي التقى المذهب
نور الخمار ونور خدك تحته عجبا لوجهك كيف لم يتلهب .
الوجه الثاني : أن الخثعمية كانت محرمة والمحرمة لا يجب عليها تغطية وجهها لقول النبي صلى الله عليه وسلم لاتنتقب المحرمة ولا تلبس القفازين قال ابن قدامة في المغنى3/325 في شرحه:و إحرامها في وجهها فإن احتاجت سدلت على وجهها . وقال الحافظ ابن حجر في الفتح4/54 في قوله لاتنتقب المحرمة: أي لاتستر وجهها,فالأصل في المحرمة أنها لا تغطى وجهها إلا إذا احتاجت عند مرور الرجال مثلا أن تغطيه بشيء غير النقاب كأن تسدل عليه شيئا, وليست تلك التغطية واجبة عليها والله أعلم, انتهى وفى هذا الحديث رد على من قال بجواز نظر الرجل الأجنبي إلى وجه لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يقر الفضل على ذلك ,بل صرف وجهه , وكيف يمنعه من شيء مباح. وقال الدكتور البوطى معلقا على هذا الحديث: قالوا فلولا أن وجهها عورة لا يجوز نظر الرجل الأجنبي إليه لما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك بالفضل,أما ذاتها فقد كان عذرها في كشفه أنها كانت محرمة بالحج. إلى كل فتاة تؤمن بالله ص40
الشبهة الخامسة:قصة الواهبة: وهى أن امرأة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالت يا رسول الله,جئت لأهب لك نفسي فنظر إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فصعد النظر إليها وصوبه ثم طأطأ رأسه… الحديث وفى الاستدلال بهذا الحديث على جواز كشف الوجه نظر من نواحي: الأولى: إن مجيئها على هذا الحال كان لإرادة التزويج من رسول الله صلى الله عليه وسلم فلها حينئذ أن تكشف وجهها ليراها.ففي الحديث-إذا خطب أحدكم امرأة, فلا جناح عليه أن ينظر إليها إذا كان إنما ينظر إليها لخطبته, وإن كانت لاتعلمأخرجه أحمد5/424 الثانية: أن ذلك محتمل انه قبل الحجاب الثالثة:أن ذلك خاص برسول الله صلى الله عليه وسلم, وقد قال الحافظ ابن حجرفتح البارى9/210…والذي تحرر عندنا أنه صلى الله عليه وسلم كان لا يحرم عليه النظر إلى النساء الأجنبيات بخلاف غيره الشبهة السادسة :دعوى أن الحجاب خاص بزوجات النبي صلى الله عليه وسلم
للجواب على ذلك من وجوه :- الأول-أن الحكمة من سؤالهن من وراء حجاب هي طهارة القلوب كما قال تعالى وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ,ونساء المؤمنين كنساء النبي صلى الله عليه وسلم في احتياج إلى هذة الحكمة إذن فالعلة مشتركة وعامة إذ ليس أحد من المسلمين يقول إن غير أزواج النبي صلى الله عليه وسلمنساء المؤمنين لا حاجة لتزكية قلوبهن وقلوب الرجال من الريبة منهن فلاعليهن أن لايسألن من وراء حجابَ, وكيف تؤمر أمهات المؤمنين بالحجاب وهن أطهر النساء قلوبا وأعظمهن فضلا وقدرا في قلوب المؤمنين ولا تؤمر غيرهن بالحجاب ممن هن أقل إيمانا وفضلا وشرفا؟ فغيرهن أولى بهذا الأمر, وعلى هذا فعموم علة الحجاب دليل على عموم حكم الحجاب لجميع نساء المسلمين
الثاني قول النبي صلى الله عليه وسلم إياكم والدخول على النساء فقال رجل من الأنصار يا رسول الله أفرأيت الحمو؟ قال الحمو الموت أخرجه البخاري من حديث عقبة بن عامر الجهنى رضي الله عنه9/242. ففي هذا الحديث دليل واضح على منع الدخول على النساء وسؤالهن متاعا إلا من وراء حجاب ,وتحذير النبي صلى الله عليه وسلم من دخول الرجال على النساء دليل صحيح على أن قوله تعالى: فاسألوهن من وراء حجاب عام في جميع النساء إذ لو كان حكمه خاصا بأزواجه صلى الله عليه وسلم, لما حذر الرجال هذا التحذير البالغ العام من الدخول على النساء
الثالث قول النبي صلى الله عليه وسلم لاتنتقب المحرمة ولا تلبس القفازينأخرجه البخارىرقم1838من حديث ابن عمر رضي الله عنهما , فالخطاب هنا عام لجميع نساء الأمة ,وهذا الحكم خاص ب المحرمة لاتنتقب أي لا تغطى وجهها إلا إذا احتاجت-عند مرور الرجال مثلا- فتغطيه بشيء غير النقاب كأن تسدل عليه شيئا كما كانت أسماء رضي الله عنها تغطى وجهها وهى محرمة. كما يفهم من الحديث أن غير المحرمة تنتقب , وإنما يعرف الشيء بضده.ويفهم منه أيضا أن النقاب كان معروفا.
الرابع قوله تعالى {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً الأحزاب59 فهذه الآية تتمة وتفسير لآية الحجاب وعامة لنساء المؤمنين.
الخامس التطبيق العملي للصحابيات والتابعيات ونساء المؤمنين للحجاب ,كما صح الأثر عن أسماء رضي الله عنها في الإحرام وفاطمة بنت المنذر رحمها الله قالت: كنا نخمر وجوهنا , ونحن محرمات مع أسماء بنت أبى بكر رضي الله عنهما أخرجه الإمام مالك في الموطأ 1/328 والحاكم1/454,وصححه, ووافقه الذهبي, فحديث أسماءرضى الله عنهاكنا نغطى وجوهنا من الرجال دليل على أن عمل النساء في زمن الصحابة رضي الله عنهم كان على تغطية الوجوه من الرجال الأجانب,وأما حديث فاطمة بنت المنذر فيفيد أن تغطية الوجه في الإحرام كان عاما في النساء لافى زمن الصحابة فقط بل فيما بعدهم أيضا.
تعليق
يقول الشيخ بكربن عبد الله أبو زيد فيما هو معلوم من الشرع المطهر,وعليه المحققون, أنه ليس لدعاة السفور دليل صحيح صريح,وأن جميع ما يستدل به دعاة السفور عن الوجه والكفين لا يخلو من حال من ثلاث حالات:
1-دليل صحيح صريح,لكنه منسوخ بآيات فرض الحجاب أي قبل عام خمس من الهجرة , أوفى حق القواعد من النساء . 2-دليل صحيح لكنه غير صريح,لاتثبت دلالته أمام الأدلة القطعية الدلالة من الكتاب والسنة على حجب الوجه والكفين كسائر البدن, ومعلوم أن رد المتشابه إلى المحكم هو طريق الراسخين في العلم.3-دليل صريح لكنه غير صحيح,لا يحتج به, ولا يجوز أن تعارض به النصوص الصحيحة الصريحة من حجب النساء لأبدانهن وزينتهن ومنها الوجه والكفان. هذا مع أنه لم يقل أحد في الإسلام بجواز كشف الوجه واليدين عند وجود الفتنة ورقة الدين, وفساد الزمان, بل هم مجمعون على سترهما,وهذة الظواهر الإفسادية قائمة في زماننا, فهي موجبة لسترهما,لو لم يكن أدلة أخرى. انتهى. حراسة الفضيلة ص68
خاتمة
وخلاصة ما سبق من البحث نرى أن ستر وجه أمام الرجال الأجانب ليس بدعة ولا تطرفا أو تنطعا بل وليس سنة, بل هو أمر واجب, وذلك للأدلة التي سقناها فيما سبق من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية وكلام كثير من المفسرين وشراح الأحاديث وفعل الصحابيات وأقوال التابعين وكلام الفقهاء والعلماء فىذلك مما يؤكد قوة الاحتجاج بوجوب ستر الوجه والكفين وضعف قول القائلين بجواز كشف الوجه والكفين وذلك أن العمدة في استدلالهم على ذلك هو تفسير ابن عباس رضي الله عنه للآية إلا ما ظهر منها بالوجه والكفين وقد ذكرنا سابقا أن الروايات الواردة عن ابن عباس في ذلك كلها ضعيفةللتحقيق يرجع إلى رسالة الحجاب لفضيلة الشيخ مصطفى العدوى ص45 والعجيب أن هناك رواية لابن عباس رضي الله عنه تخالف ما روى عنه بقوله الوجه والكفين وهى تفسيره للآية-يدنين عليهن من جلابيبهن- فقال أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤسهن بالجلابيب ويبدين عينا واحدة. وإن كانت هذة الرواية أيضا فيها كلام كما ذكر الشيخ مصطفى العدوى , فلماذا يتشبث المجوزون لكشف الوجه بالرواية الأولى ويهملون الرواية الثانية وهى تفسيره لقوله تعالى يدنين عليهن من جلابيبهن ؟ بل وهناك الرواية الصحيحة
لابن مسعود رضي الله عنه في تفسير قوله تعالى-إلا ما ظهر منها فقال الثياب . فلماذا نترك الرواية الصحيحة ونعدل عنها إلى الضعيفة؟ وكذلك يستدل المجوزون لكشف الوجه والكفين بحديث أ سماء رضي الله عنهاإن إذا بلغت المحيض لا يرى منها…
وقد بينا أنه ضعيف جدا ولا يصلح الاحتجاج به. ومع العلم بأن الذين قالوا بجواز كشف الوجه والكفين من المالكية والحنفية قيدوه بأمن الفتنة واتفقوا على وجوب ستر الوجه والكفين فىحالةخوف الفتنة .والناظر إلى واقعنا المعاصر يرى أن الفتنة بلغت فيه أوجا رفيعا لم يبلغ في أي عصر من العصور السالفة من هذا التبرج والسفور القبيح في لباس وتفننها بأنواع الزينة ووسائل الإغراء وحصول الاختلاط وقلة الحياء وغربة الدين ألا يدعو ذلك كله إلى التمسك بالعفة والطهارة وبالاعتصام بالكتاب والسنة ؟ فاحذارى أختاه أن تنخدعي بدعاة التبرج والسفور فإنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم وتذكري حقارة الدنيا ونعيمها الزائل المنقطع عن أهلها وأن الفوز الحقيقي في النجاة من عذاب الله والفوز بالجنة, النعيم المقيم. قال تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ آل عمران185 . ومازال في الوقت بقية للتوبة والإنابة والعود الحميد إلى الله قبل أن يأتي الندم في وقت لا ينفع فيه ندم, ولا ينبئك مثل خبير ,قال تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ العَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ بَلَى قَدْ جَاءتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِينَ وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ الزمر . وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
كتبه وراجعه فضيلة الشيخ مجدي مصيلحي