آلام أسفل الظهر هي واحدة من أكثر الشكاوى الجسدية الشائعة، فهي تؤثر على 80 في المائة من الناس خلال فترة ما من حياتهم.
وأغلبية آلام الظهر هذه تذهب من دون رجعة، لوحدها. إلا أن تلك التي تعاود التكرار، أو آلام الظهر المزمنة، بمقدورها أن تثير الاضطراب في الأنشطة اليومية، وتزيد من صعوبات العمل اليومي، أو تمنع الإنسان عن تأديته.
وقد جربت العديد من الاستراتيجيات غير الدوائية للسيطرة على آلام الظهر المتواصلة، إلا أن عددا قليلا منها فقط أثبت فاعليته على المدى الطويل.
والآن، تفيد دراسة بأن الأشخاص المعانين من ألم الظهر المزمن، يستطيعون التوصل إلى نوع من الراحة بتمريناتهم على «وسيلة (تكنيك) الكساندر» Alexander technique، وهي وسيلة لإعادة التأهيل تم تطويرها قبل أكثر من 100 عام مضت.
وقد افترضت دراسات سابقة فوائد هذه الوسيلة، إلا أن هذه أول تجارب عشوائية تم اختبارها فيها. وقد نشرت نتائجها في المجلة الطبية البريطانية «BMJ» 23 أغسطس 2022.
«وسيلة اليكساندر»
الفكرة وراء هذه الوسيلة تكمن في أن الناس تظهر لديهم مع الزمن، عادات سيئة في وضعية الجسم (الوقفة، الجلسة) والحركة postural and movement habits على سبيل المثال، الانحناء عند العمل مع الكومبيوتر، أو شد عضلات الرقبة أو الكتف عند العزف على الكمان، وهذا ما يؤدي إلى التداخل مع عملية التنسيق العضلي العصبي المعتاد. وتظهر النتيجة على شكل توتر وشد وألم.
ومدرسو «وسيلة اليكساندر» يعملون مع طلابهم كل على انفراد ـ وغالبا من الفنانين والممثلين ـ لمساعدتهم في التوصل إلى وعي أكبر لهذه العادات الضارة، والتعلم على الطرق الجيدة لحركة أجسامهم وانتصابها.
ويؤكد هؤلاء المدربون على أن التكرار مهم للتوصل إلى اعلي درجات إتقان هذه الوسيلة. ولذلك فإن التوصية المعهودة هي حضور نحو 20 جلسة.
وخلال جلسة «وسيلة اليكساندر»، فإن المدرس يوجه الطالب كي ينفذ حركات بسيطة مثل الجلوس، إحناء الجذع، والمشي. والهدف هو تطوير طرق صحية للمشي ولانتصاب القامة.
فاعلية «وسيلة اليكساندر»
وقد جمع باحثون من جامعتي ساوث هامبتن وبريستول البريطانيتين، 579 من البالغين، الذين يعانون من آلام مزمنة في الظهر، في دراسة استمرت سنة كاملة، تمت فيها مقارنة فاعلية التدليك، وسيلة اليكساندر، والتمارين الرياضية الموصوفة طبيا ضمن برنامج الرعاية الصحية.
وقد تم تقسيم كل المشاركين، عشوائيا، إلى أربع مجموعات: مجموعة الرعاية الصحية، مجموعة ست جلسات تدليك، مجموعة ست جلسات من «وسيلة اليكساندر»، مجموعة 24 جلسة من «وسيلة أليكساندر». كما اختبر عشوائيا نصف العدد من كل مجموعة للتمارين الموصوفة طبيا.
وخلال سنة من العلاج، عانى أفراد المجموعة التي شاركت في 24 جلسة «وسيلة اليكساندر»، من آلام الظهر لفترة 3 أيام فقط، مقارنة بـ21 يوما من الآلام لأفراد مجموعة الرعاية الطبية، و14 يوما لمجموعة التدليك.
ومن المهم الإشارة إلى أن أولئك الذين حصلوا على ست جلسات من «وسيلة اليكساندر»، عانوا 11 يوما من آلام الظهر خلال سنة.
وهذا يجعل من هذا العلاج القصير بـ«وسيلة اليكساندر» (زائد التمارين) طريقة أكثر فاعلية من التدليك أو الرعاية الصحية المعتادة، كما أنها طريقة توازي بفاعليتها تقريبا فاعلية 24 جلسة من «وسيلة اليكساندر».
تاريخ «وسيلة اليكساندر»
وكانت «وسيلة اليكساندر» قد طورت نهاية القرن التاسع عشر، على يد فردريك أم. اليكساندر، وهو ممثل نمساوي كان يرغب في استعادة صوته المفقود بين مرة وأخرى.
وبعد أن أخبره الأطباء بأنهم لم يجدوا أي تفسير فسيولوجي لحالته، أخذ اليكساندر يدقق في الصلة بين فقدانه للصوت، وبين سوء وضعية جسمه الميكانيكية.
وقد كان بمقدوره تصحيح مشكلته عبر توظيفه لعدد من الإستراتيجيات، التي أصبحت فيما بعد عمادا لـ«وسيلة اليكساندر».
وفي عام 1937، توجه 19 طبيبا برسالة إلى المجلة الطبية البريطانية يعبرون فيها عن دعمهم لهذه الوسيلة، أكدوا فيها أنهم قد رصدوا «تغيرات مفيدة أثناء استخدامها» في وظائفية مرضاهم.
وشجعوا الباحثين على تقييم هذه الطريقة التجريبية، ونوهوا إلى احتمال إدخالها في مناهج الكلية الطبية.
وعلى الرغم من هذا التحبيذ القديم، فإنه لم تنفذ دراسة جيدة حول الفوائد بعيدة المدى لهذه الوسيلة، حتى الآن.
وتفترض دراسات أخرى أن هذه الوسيلة بمقدورها تحسين وظيفة الجهاز التنفسي، وتقليل القلق، والتخفيف من الإعاقة المصاحبة لمرض باركنسون، إلا أنه لا توجد إلا دلائل علمية قليلة تتيح وضع توصيات لاستخدامها لتحقيق هذه الأهداف. ولمزيد من المعلومات إليك الصلات الإلكترونية التالية:
– المؤسسة الدولية لـ«وسيلة اليكساندر» Alexander Technique Internationalـ http://ati-net.com
– الجمعية الأميركية لـ«وسيلة اليكساندر»the American Society for Alexander Technique –