الأدلة على عذاب ونعيم القبر
عذاب القبر ونعيمه حـق كما صـرحت بـه الأحاديث الصحيحة ، والإيمان بهما واجـب .. فالمرء إذا مات إما أن يكون في نعيم أو عـذاب ، وإن الروح تبقى بعد مفارقة البدن .. إما منعمة أو معذبة . وعند البعث تعاد الأرواح إلى الأجساد .
ولقد جاء القرآن الكريم مبيناً لهـذا بالأدلة والآيات الواضحة ومن ذلك قوله تعالى :
﴿ ولـو ترى إذ الظالمون في غمرات﴿ المـوت والملائكة باسطـو أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عـذاب الهـون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون ﴾
( سورة الأنعام ، آية 93 )
فقوله : ﴿ اليوم تجزون عـذاب الهـون ﴾ أي يـوم تخرج أنفسهـم .
ومن ذلك قوله تعالى : ﴿ فوقاه الله سيئات ما مكروا وحاق بآل فرعـون سوء العذاب النار يعرضون عليها غـدواً وعشياً ويـوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعـون أشد العذاب ﴾
( سورة غافـر ، الآية : 46 .
فقوله : ﴿ غـدواً وعشياً ﴾ أي صباحاً ومساء وذلك في النار .
وقوله تعالى أيضاً : ﴿ مما خطيئاتهم أغـرقوا فأدخلوا ناراً ﴾ سورة نوح ، الآية : 25 .
أعقب الإغراق إدخال النار والإحراق بها .
ومن ذلك قوله تعالى : ﴿ ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكـبر لعلهم يرجعون ﴾
سورة السجدة ، الآية 21 .
فالعذاب الأدنى قبل الحشر والعذاب الأكـبر بعده .
وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت : دخلت على عجوز من عجائز يهود أهـل المدينة فقالت إن أهـل القبور يعذبون في قبورهـم . قالت فكذبتها ولم أنعم أن أصدقها قالت فخرجت ودخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله إن عجوزاً من عجائز يهود أهـل المدينة دخلت فزعمت أن أهـل القبور يعذبون في قبورهم ، قال : (( صدقت إنهم يعذبون عذاباً تسمعه البهائم كلها )) . قالت فما رأيته بعد في صلاة إلا يتعوذ من عـذاب القبر .
وفي صحيح ابن حبان عن أم مبشر قالت : دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهـو يقول : (( تعوذوا بالله من عـذاب القبر )) . فقالت : يا رسول الله وللقبر عـذاب ؟ قال :
(( إنهـم ليعذبون في قبورهـم عـذاباً تسمعه البهائم )) .
وعـذاب القبر هـو عذاب البرزخ { الفترة ما بين المـوت والبعث } فكل من مات وهـو مستحق للعذاب ناله نصيبه منه قبر أو لم يقبر فلو أكلته السباع أو أحـرق حتى صار رماداً ونسف في الهـواء أو أغرق في البحـر وصل إلى روحه وبدنه من العذاب ما يصل إلى موتى القبور .
روى البخاري ومسلم عن حذيفة بن اليمان أنه قال :
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
(( إن رجلاً من بني إسرائيل حضره الموت فلما يئس من الحياة أوصى أهـله إذا أنا مت فاجمعوا لي حطباً كثيراً وأوقـدوا فيه ناراً حتى إذا أكلت لحمي وخلصت إلى عظمي فامتحشت
( أي احترقت ) فخذوها فاطحنوها ثـم انظروا يوماً راحاً ( أي كثير الرياح ) ، فذروه في اليم
ففعلوا فجمعه الله فقال لـه : لم فعلت ذلك ؟ قال : من خشيتك ، فغفـر لـه )) .