عندما تضيق أحضان الوالدين لدرجة لا تتسع فيه لضم أبنائهم ، وتبرد مشاعر الأمومة والأبوة الدافئة إلى درجة الأنجماد الإنساني والوجداني ، يتوقف مصير الأطفال على إنسانية المحيطين بهم ، سعيد الحظ منهم من يجد حضن دافئ غير حضن أمه وصدر أمنا غير صدر أبيه ، وتعيس الحظ قد يصبح مثل الطفل احمد ياسين …
صورة الطفل احمد ياسين
براءة في مهب الريح
..
أبصر الطفل احمد ياسين النور ولم يرى بين الوجوه التي تحيطه وجه أبيه لأن أمه حملت به بطريقة غير شرعية ليعيش حياة اليتم رغم أن أباه يتنفس هواء نفس المدينة التي يقطنها ، و لتدرأ الأم عنها الفضيحة أعطت الطفل لخالته التي تخلت عنه لامرأة عاقر مليئة بالعقد النفسية جراء معانات عجزها عن الإنجاب ليختم زوجها مسلسل الاضطراب النفسي التي تعيشه بتركها فجأة وبدون مقدمات ، وفي ظل كل هذه المتناقضات ولدت شراكة أسرية معاقة طرفها الطفل احمد و الآم الجديدة وتدعى زهرة (موظفة متقاعدة مولودة في مراكش عام 1951) ، وبهذا التنازل الغير قانوني أصبح الطفل احمد ياسين في عهدت أمه الجديدة لا رادع بينه وبين ظلمها أو حبها له ألا ضميرها الذي يبدوا انه في سبات طويل لا صحوة منه ، تسلمت زهرة الطفل بدون أوراق رسمية بهدف أن يملئ عليها حياتها ويخرجها من عزلتها القدرية ، انتقل الطفل الحمد قبل أن يكمل ربيعه الثالث إلى منزل زهرة في حي باب دكالة في مدينة مراكش ، ليعيش حياة لا تمت إلى الطفولة بصله بحسب الجيران حيث يتلقى يوميا أنواع الضرب والركل والرفس جراء شقاوته الطفولية بدل العطف والحنان والإرشاد ، طفل عانى من اليتم الإجباري ليصبح فيما بعد ضحية للعنف المرضي .
الطفل السجين
استكثرتها زهرة على احمد أن يلهوا ويلعب مع إقرانه في الحي لذا منعته من الخروج الدار وليكون المنع تاما حبسته زهرة فوق سطح المنزل وحيدا بلا أصدقاء مع الكلاب والقطط التي كانت تهوى تربيتها لتصبح الحيوانات أصدقائه من دون أن يختار هو ذلك ومن دون أن تكون شروط الصداقة منصفة لطفولته ، وبهذا أصبح مصير الطفل بيد من لا يرحم ، الأيام الطويلة التي امتدت إلى فترة ثلاث سنوات جعلت أحمد يتخذ من احد أركان السطح مأوى له إلى جانب القطط الضالة والكلاب المتوحشة، ومع مرور الوقت تحول الطفل إلى حالة اقرب للحيوانات منها إلى البشر فأصبح عاجزا عن الوقوف على رجليه و يمشي على أعضائه الأربعة كالحيوانات بالضبط ربما لأنه لا يختلف عن الكلاب والقطط التي يتقاسم معها فضاء ذلك السطح الموحش فقد كان يلعب ويأكل ويتشاجر معها وضاعة ضحكاته الطفولية بين المواء والنباح ، ليفقد بعد ذلك القدرة على الكلام وما حاجته للكلام أذا كان يقضي النهار موصولا بالليل برفقة ،كانت خالته تسال عنه بين الحين والحين أو ربما عندما تتذكر هي وأختها أنهما تبرعا بطفل بعمر الزهور إلى أمراه بالكاد يعرفها ولتريح زهرة نفسها من تقديم مبررات اختفاء احمد اخترعت كذبه لا تخلو من الخبث حيث أخبرت خالته وأمه أنها أرسلته إلى العاصمة الرباط ليتلقى التعليم في إحدى المدارس الداخلية الخاصة ولم تكن تلك المدرسة سوى مدرسة حيوانات يتلقى فيها الطفل البريء أصول التحاور والتعايش مع حيوانات لا عقل لها .
طفل بدون انف
..
طفل بلا انف
تحول احمد إلى طفل متوحش يتصارع مع الحيوانات من أجل البقاء على قيد الحياة يقتات على ما يستطيع الحصول عليه من بين مخالب القطط والكلاب لتنتهي إحدى معاركه الغذائية اليومية بفقدانه انفه بعد أن عضه كلب شرس، وتركت زهرة الطفل ينزف دما مصارعا الألم والأعاقه من دون أن ترتجف إنسانيتها هذا أذا كانت تملك من الإنسانية شيء، الإعاقة وعدم النظافة والشعر الكثيف والجروح التي رسمت على وجه احمد تفاصيل رحلته مع العذاب كلها جعلت من احمد مخلوق مخيف يرتجف قلب من يبصره ، ثلاث سنوات عجاف عاشها أحمد معزولا عن العالم الخارجي ، يأكل ويقتات مع الحيوانات بل يأكل غائط الكلاب والقطط مما أدى إلى تدهور حالته الصحية نتيجة نوعية ما كان يقتات عليه .
طفل أم جني
في أحد الأيام كان أحد شباب الحي ويدعى سمير فوق سطح منزله من دون أن يعلم انه سيكون سبب في إنقاذ هذا الطفل مما الم به طوال ثلاث سنوات فرمق بالجهة المقابلة كائنا يتحرك لا يحمل سمات الإنسان، شعره كثيف يمشي على أربعة، حاول أن جاهدا أن يعرف ماهية ذلك الكائن فربما يكون إحدى كلاب الزينة فجارتهم مغرمة بتربية الحيوانات ، لكنه وقف متسمرا في مكانه وكاد يغمى عليه من هول ما رآه لأنه اعتقد أن فوق سطح الدار يقطن جني فركض مسرعا ليخبره أصدقائه بما رأى وما يعتقد ليصبح محط سخرية أهل الحي الذي اقتنعوا بالذهاب معه لمزيد من المتعة وليضحكوا أكثر على عقل صاحبهم ، خمسة من شباب الحي رافقوا الشاب الخائف إلى مكان الجني المفترض ليصيبهم الذهول مما رأوا لحظات الذهول انتهت بسرعة حيث هرب أربعه من الشباب وتشجع اثنين عرفوا أن الجني المزعوم ما هو ألا طفل مجردا من الملابس كما ولدته أمه بجهاز تناسلي غير مختون وبأظافر طويلة وبدون أنف، وشعر كثيف أظهر رأسه كبير الحجم مقارنة مع جسمه النحيل الذي لم يتعد المتر وبدت منه كل عظامه وكأنه هيكل عظمي ، تسور الشابان إلى حيث يوجد الطفل وهم يتلوان آيات من القران الكريم وتوجهوا نحوه مطالبين إياه بالاقتراب فلبا الطفل النداء وجاءهم زاحفا على أطرافه الأربعة وكان الطفل يتلكم بكلمات تفهم بصعوبة، حيث نطق اسمي امرأتين كانتا تسكن بالبيت نفسه، فيما أشار إلى كلب عضه في أنفه كما وجدت آثار بقايا من أقدام دواجن قربه كان يقتات عليها وبصعوبة بالغة تعرف الشباب على الطفل الذي لم يكن سوى أحمد ياسين الذي اختفى عن الأنظار مدة ثلاث سنوات
لم تنتهي الحكاية بعد
..
الرحمة انتهت
وعلى الفور اتصل احد الشباب بالجهات الأمنية الذين نقلوا الطفل على وجه السرعة إلى المستشفى ابن طفيل لتلقي الإسعافات الضرورية وقد اخضع الطفل الضحية إلى عدة فحوصات طبية اتضح من خلالها تعرضه للتعذيب الجسدي ، أما على المستوى النفسي فوضعية الطفل تحتاج إلى وقت كبير من أجل تحديد مدى قوة تأثير التعذيب الجسدي للطفل على مستوى نفسيته، ومن ثم تحديد مدة العجز الحقيقي والنهائي ، وأن الأطباء النفسيين لاحظوا أن جل ردود فعل الطفل وأشكال لعبه وحركاته والكلمات الصادرة عنه خلال اللعب ترتبط بكلمات لها علاقة بعضِّ الكلاب وخدوش القطط ، وهو ما يُستنتج منه أن هذه الحيوانات كانت تستعمل في ترهيبه وتشير التقارير الطبية إلى كون الطفل يعاني من سوء التغذية، وهو الأمر الذي جعل نموه الطبيعي يتوقف منذ حوالي ثلاث سنوات، كما أنه يعاني من كسر في ذراعه اليمنى منذ ستة أشهر تقريباً ولم يتلق أي علاج، مما نتج عنه تشوه في عظام الذراع. وأكد التقرير كذلك على أن وزن الطفل لا يتعدى 14 كيلوغراماً، وقامته في حدود 96 سنتمتراً وهي المعطيات التي تناسب طفلا في الثالثة من العمر وليس السادسة كما في حالة أحمد ياسين وبعد شهور من العلاج والعناية المباشرة من لدن والدة صاحب الجلالة الملك محمد السادس تحسنت الحالة الصحية للطفل أحمد ياسين ، وزاد وزنه بحوالي ثلاثة كيلوغرامات ، وأنه مباشرة بعد استكمال تلك العلاجات سيتم نقله إلى فرنسا من أجل إجراء عمليات جراحية وتجميلية لأنفه على نفقة والدة جلالة الملك، التي تتابع وضعه الصحي عن كثب، وقد تكفلت بتطبيبه ودراسته وتربيته.
مصير الجناة
صورة الطفل قبل التعذيب
..
تشير المصادر الصحفية المطلعة أن زهرة تقبع في احد سجون المملكة وقد تعرضت لضرب مبرح من السجينات بعد أن علموا بأنها هي التي احتجزت طفل بريء لمدة ثلاث سنوات رغم نفي أدارة السجن للحادث قطعيا ويصر محام زهرة بأن موكلتهم قد قامت بجنحة لا تصل إلى مرتبة الجناية وان تهمة بتر عضو الذي ستوجه لها لا يمكن اعتبارها قائمه لان العضو لم يفقد خاصيته كعضو للشم ، بينما تصف زهرة الحادث بأنها عبارة عن جرح بسيط تمت مداواته دون أن يعرض الطفل على الطبيب، غير أن الجرح تعفن وتطور إلى أن اختفى جزء كبير من أنف الطفل، كما أن المتهمة اعترفت بمنع الطفل من الخروج من البيت بسبب شغبه ومشاكساته، وكانت تغلق عليه باب المنزل، ويبقى مع عشرات القطط والكلاب التي كانت تربيها في البيت ولم تخضع أمه الشرعية لأي تهمه لكنها منعت من زيارته حيث أنها متزوجة الآن ولديها ولد وبنت وكانت المتهمة زهرة قد قدمت شكوى قضائية ضد أم الطفل، تتهمها من خلالها بالإهمال والدعارة، وهي التهمة التي تم استبعادها بسبب التقادم ولا يزال مصير الجناة ينتظر حكم المحكمة
حسبي يالله ونعم الوكيل
اوادم ماعندهم رحمه