خشونة الركبة… المرض الذي لا يكاد يخلو منه أي بيت!!!
التدخل الجراحي قد يصبح ضرورياً
لا يخلو بيت في المملكة العربية السعودية من شخص أو أكثر ممن يعانون من آلام الركبتين، وأهم وأكثر الأسباب التي تؤدي إلى هذه الآلام هي خشونة الركبة أو ما يعرف باحتكاك أو التهاب أو تآكل مفصل الركبة وخاصة في كبار السن.
والمفصل الطبيعي الذي يقع عند التقاء عظمة الفخذ مع عظمة الساق يكون مغطى بطبقة غضروفية تمتص الصدمات وتؤمن حركة سلسة للمفصل، ولكن عندما تقل كمية هذه الطبقة الغضروفية فإن المرض الناتج هو ما يعرف بخشونة الركبة وهو عادة ما يحدث نتيجة التقدم في السن أو زيادة الوزن أو الإصابات والكسور حول الركبة أو نتيجة قطع مزمن في الرباط الصليبي أو الغضروف الهلالي، إلا أن أهم الأسباب التي تؤدي إلى انتشار هذا المرض في المجتمعات الشرقية هي العادات التي تؤدي إلى إجهاد مفصل الركبة مثل الجلوس في وضعية القرفصاء أو وضعية التربيعة لفترات طويلة وانعدام اللياقة وترهل عضلات الفخذ وعدم ممارسة الرياضة.
الأعراض والتشخيص
في المراحل الأولية يشتكي المريض أو المريضة من آلام حول الركبتين أو إحداهما تزداد مع الحركة والمشي وصعود الدرج والإجهاد وتزول مع الراحة والأدوية المسكنة للآلام، ومع تقدم المرض فإن هذه الآلام تزداد حدتها وتجعل من الأعمال اليومية مجهوداً مؤلماً مثل الصلاة والجلوس على الأرض واستخدام الحمام.
كما يصاحب هذه الآلام تورم وانتفاخ حول مفصل الركبة وتيبس في حركة الفرد والثني والشعور بطقطقة أو أصوات عند تحريك المفصل، أما في الحالات المتقدمة جداً فقد يكون هناك تشوه واضح والتواء في الساقين وصعوبة شديدة في الوقوف والمشي ولو لخطوات بسيطة.
وعلى الرغم من أن هذه الأعراض قد تستجيب للمسكنات في المراحل الأولية من المرض إلا أن هذه المسكنات تصبح عديمة المفعول في المراحل المتأخرة عندما تكون الخشونة قد دمرت الغالبية العظمى من الغضروف، أما بالنسبة للتشخيص فإنه يكون عن طريق الفحص السريري والأشعة السينية للركبتين في وضعية الوقوف، هذه الأشعة تبين بوضوح وجود المرض وانعدام الغضروف بين عظمة الفخذ وعظمة الساق اللتين تكونان مفصل الركبة، كما أنها تبين وجود زوائد عظمية وتشوهات في المفصل والتواء في الساقين، وفي بعض الحالات قد يلزم إجراء أشعة رنين مغناطيسي لتقييم حالة الغضروف بشكل دقيق.
الخطة العلاجية
لا يوجد دواء أو حل جذري ونهائي لمرض خشونة الركبة ولا يمكن القضاء على المرض تماماً بالعلاجات، وإنما يكون هناك تحكم في الأعراض وإزالة للآلام وإبطاء لسرعة تطور المرض عن طريق خطة علاجية متكاملة تتكون من التالي:
1- التغيير في نمط الحياة، وذلك عن طريق إنقاص الوزن الذي يعتبر أحد أهم العوامل التي تؤدي إلى تخفيف الأعراض.
بالإضافة إلى ذلك يجب ممارسة الرياضة الخفيفة كالمشي والسباحة والأثقال الخفيفة والابتعاد عن الجلوس في وضعية التربيعة والقرفصاء وعدم استخدام الحمام العربي والصلاة على كرسي عند اشتداد الألم.
– العلاج الطبيعي بجميع أنواعه وأهمها هو عمل برنامج لتقوية عضلات الفخذ الأمامية وعضلات الركبتين.
3- استخدام الأجهزة المساندة مثل عكاز المشي والأحذية الطبية اللينة وبعض أنواع الأربطة الطبية للركبة.
4- استخدام الأدوية المضادة لالتهابات المفاصل والأدوية المسكنة للآلام، وذلك عن طريق الفم أو كمراهم موضعية
5- استخدام بعض البروتينات المقوية والتي قد تساعد على ترميم الغضروف مثل حبوب (الجلوكوزامين) و(الكوندروتين) والتي تستدعي استخداماً لفترات طويلة.
6- استخدام الإبر الموضعية في مفصل الركبة مثل إبرة (الديبوميدرول) أو إبرة (الهيالورونات) الزلالية والتي تساعد على تخفيف حدة الالتهاب وتوفير لزوجة تساعد على سهولة الحركة داخل المفصل، هذه الإبر يكون مفعولها مؤقتاً وتلزم إعادتها كل بضعة أشهر.
العلاج الجراحي
عندما تفشل الخطة العلاجية التحفظية في إزالة الأعراض فإن التدخل الجراحي يصبح ضرورياً وقد يتكون من التالي:
1- عملية منظار الركبة: وهي عملية سهلة يتم إجراؤها عن طريق المنظار، ولكن نسبة نجاحها ضئيلة جداً وغير دائمة على المدى الطويل ولا ينصح بها في معظم الحالات.
2- عملية تعديل تقوس الساقين حول الركبة: وهي ناجحة فقط عندما يكون المرض في بدايته وعندما يكون نتيجة التواء غير طبيعي في الساقين.
مفصل الركبة الصناعي
عملية يتم خلالها إزالة الغضروف المتآكل واستبداله بأجزاء مصنوعة من معدن التيتانيوم ولدائن بلاستيكية طبية فائقة الجودة، وبذلك يتم القضاء على الألم الناتج عن احتكاك الغضاريف المتآكلة بعضها ببعض، وهذه العملية يتم إجراؤها لأكثر من مليون مريض سنوياً في جميع أنحاء العالم وهي تعتبر من أنجح الجراحات لإزالة الألم وإعادة المرضى لممارسة حياتهم بشكل طبيعي، وعلى الرغم من أن هذه العمليات عادة ما يتم إجراؤها في المرضى كبار السن الذين لديهم مشاكل صحية أخرى كارتفاع ضغط الدم ومرض السكري، إلا أن هذه المشاكل لا تمنع إجراء العملية حيث إنه يتم التحكم بالسكر والضغط قبل وأثناء وبعد العملية وكذلك يتم استعمال أدوية تساعد على عدم حصول مضاعفات مثل الالتهابات الجرثومية أو الجلطات الوريدية، وعادة ما يقضي المريض حوالي سبعة أيام في المستشفى يخضع أثناءها لجلسات العلاج الطبيعي يتعلم خلالها بعض التمارين التي يجب المواظبة عليها بعد الخروج من المستشفى، وعادة ما يتمكن المريض من المشي بمساعدة أخصائي العلاج الطبيعي في اليوم التالي للعملية، وتصل نسبة نجاح هذه العمليات إلى أكثر من 59% ويمكن للمريض بعدها المشي لمسافات غير محدودة وصعود الدرج والسفر بالطائرة أو السيارة وممارسة بعض الرياضات كالمشي والسباحة والجلوس على الأرض والنوم بشكل طبيعي بإذن الله ومؤخراً فإن التقنية الحديثة مكنتنا من تصغير الفتحة الجراحية لهذه العملية إلى حوالي عشرة سنتيمترات مما يساعد على سرعة الشفاء والتأهيل بإذن الله.
والنصيحة النهائية للمرضى هي مشاورة الطبيب وأخذ التعليمات التامة عن العملية وعدم التردد في إجرائها عندما تفشل الطرق غير الجراحية في إزالة الأعراض.