طبعا ليس من المعقول على واحدة مواكبة للموضة وتريد أن تبدو في أجمل حلة أن تلبس فوق فستانها الخفيف المتفتح بالورود المنعشة معطفا صوفيا ثقيلا، كما لا يمكنها أن تختال بالفستان وحده من دون أن تهز بدنها قشعريرة برد مساءً، إذا أسعفها الحظ وسلمت الجرة خلال النهار.
الحل توصل إليه البريطانيون منذ أكثر من قرن ونصف، كونهم أكثر من يعاني من تقلبات الطقس هذه، إلى حد أنهم قد يعيشون الفصول الأربعة في يوم واحد.
الحل ابتكره توماس بيربيري على شكل معطف ممطر، لحماية الجنود والمقاتلين في الخنادق من البرد وغيره من العوامل الطبيعية، كان ذلك في عام 1911، لكنه سرعان ما أصبح من الكلاسيكيات أو الأساسيات في خزانة الرجل والمرأة على حد سواء، محققا نجاحا عالميا لم يكن يتوقعه حتى مبدعه.
ومرت السنوات، وتحول من العملية ليصبح عنوان الأناقة خصوصا بعد أن ظهرت به نجمات من مثيلات بريجيت باردو وكاثرين دونوف وغيرهما في الستينات، ورؤساء مثل الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك، هذا عدا عن الملكة إليزابيث الثانية وغيرها.
ولم يخفّ وهجه، بدليل أنه لا يزال حتى يومنا هذا، يحظى بنفس المكانة في نفوس نجمات اليوم، كما تشير هذه الصور.
فمجرد ارتدائه فوق أي زي وتنسيقه مع حذاء من «لوبوتان» وإيشارب من «هيرميس» تكون الواحدة منا جاهزة لمواجهة العالم بثقة وكأنها تلبس فستانا من «لانفان» أو غيره من بيوت الأزياء العالمية وليس مجرد معطف.
ما اكتشفته هؤلاء الجميلات أنه خفيف لكنه يحمي من المطر ومن البرد، والأهم أنه يضفي الأناقة على كل من تلبسه، بغض النظر عن تصميماته وخاماته وألوانه التي تنوعت في الآونة الأخيرة بشكل كبير، ذلك أنه، وككل الأساسيات، كان لا بد له من حقنة بجرعات بوتوكس للمحافظة على شبابه وعصريته، وفي الوقت من دون تغيير ملامحه الأصلية.
وهذا ما قامت به مجموعة من بيوت الأزياء والمصممين، بدءا من «أكواسكوتم» إلى المصمم إيرديم مرورا بمحلات «توب شوب» وغيرها، لكن يبقى أي معطف ممطر بتوقيع «بيربيري» استثمارا مدى الحياة.
وهذا طبيعي، فنحن عندما نفكر في فستان أسود ناعم أو تايور من التويد نفكر تلقائيا في دار «شانيل»، وعندما نفكر في «توكسيدو» أنثوي نفكر في دار «إيف سان لوران»، وبالتالي فإننا عندما نحتاج إلى معطف ممطر يحمل كل البصمات الكلاسيكية، فإننا حتما نفكر بهذه الدار البريطانية، فهي الأصل، ولحسن الحظ أنها لم تتهاون في تطويره، وما فتئت تقدمه في كل موسم بأشكال جد مغرية، بفضل مصممها الفني كريستوفر بايلي، الذي يبدو أنه أخذ على عاتقه أن لا يترك هذا الإرث لأحد غيره لكي يتمتع به ويجني ثماره، وهذا ما جعله يحتفظ ببريقه.
فكل رجل عصري لا بد أنه استثمر في معطف ممطر في فترة من فترات حياته، سواء كان باللون البيج أو الأسود، اللونين الكلاسيكيين لهذه القطعة، مع قاسم مشترك بينهما وهو التبطين المنقوش.
كما أن كل امرأة لا بد أن يكون في حوزتها واحد أو أكثر، بعد أن تنوعت أشكاله وأصبح يغني عن الفستان.
بل هناك من تملك تصميمات مختلفة منه وبنفس اللون مثل النجمة ليف تايلور، التي شوهدت به في عدة مناسبات، مرة للتسوق ومرة في مناسبة مسائية، عدا أنها تمتلك منه واحدا بالأسود.
ميشا بارتون وديمي مور أيضا ظهرتا به في مناسبات مختلفة، وهن لسن وحيدات، فالخامات أصبحت أكثر ترفا، والألوان أكثر تنوعا، والتفاصيل أكثر جرأة، سواء تعلق الأمر بالجيوب أو بالأزرار أو الأكمام والأحزمة.
بل إنه أصبح يأتي بالقماش المقصَّب أو المغزول بخيوط من فضة أو ذهب لكي يؤدي مهمته على أحسن وجه في مناسبات المساء والسهرة.
أما الموضة الجديدة، كما تؤكد المناسبات الخاصة للنجمات، أن المعطف الكلاسيكي باللون البيج هو المفضل لديهن، حتى إن كانت المناسبة تتطلب فساتين سهرة، ليؤكدن مرة أخرى أن الفوارق بين النهار والليل أُلغيت تماما، وأن الشيء عندما يكون أنيقا يمكن أن يكون لكل الأوقات والمناسبات والمواسم، وإن كان أساسا قطعة ربيعية، فالطقس في هذه الفترة يبقى مشوبا بالمزاجية مما يجعله واقيا رائعا منها.