بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـنِ الرَّحِيمِ
مقدمة
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
فلقد بعث الله تعالى محمداً صلى الله عليه وسلّم، بالهدى ودين الحق ليخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد، بعثه الله لتحقيق عبادة الله تعالى، وذلك بتمام الذل والخضوع له تبارك وتعالى بامتثال أوامره واجتناب نواهيه وتقديم ذلك على هوى النفس وشهواتها. وبعثه الله متمماً لمكارم الأخلاق داعياً إليها بكل وسيلة، وهادماً لمساوىء الأخلاق محذراً رسالة الحجاب عنها بكل وسيلة، فجاءت شريعته، صلى الله عليه وسلّم، كاملة من جميع الوجوه. لا تحتاج إلى مخلوق في تكميلها أو تنظيمها، فإنها من لدن حكيم خبير، عليم بما يصلح عباده رحيم بهم.
وإن من مكارم الأخلاق التي بعث بها محمد صلى الله عليه وسلّم، ذلك الخلق الكريم، خلق الحياء الذي جعله النبي صلى الله عليه وسلّم من الإيمان، وشعبة من شعبه، ولا ينكر أحد أن من الحياء المأمور به شرعاً وعُرفاً احتشام وتخلقها بالأخلاق التي تبعدها عن مواقع الفتن ومواضع الريب.
وإن مما لا شك فيه أن احتجابها بتغطية وجهها ومواضع الفتنة منها لهو من أكبر احتشام تفعله وتتحلى به لما فيه من صونها وإبعادها عن الفتنة. ولقد كان الناس في هذه البلاد المباركة بلاد الوحي والرسالة والحياء والحشمة كانوا على طريق الاستقامة في ذلك فكان النساء يخرجن متحجبات متجلببات بالعباءة أو نحوها بعيدات عن مخالطة الرجال الأجانب، ولا تزال الحال كذلك في كثير من بلدان المملكة ولله الحمد.
لكن لما حصل ما حصل من الكلام حول رسالة الحجاب الحجاب ورؤية من لا يفعلونه ولا يرون بأساً بالسفور صار عند بعض الناس شك في الحجاب وتغطية الوجه هل هو واجب أو مستحب؟ أو شيء يتبع العادات والتقاليد ولا يحكم عليه بوجوب ولا استحباب في حد ذاته؟ ولإزالة هذا الشك وجلاء حقيقة الأمر أحببت أن أكتب ما تيسر لبيان حكمه، راجياً من الله تعالى أن يتضح به الحق، وأن يجعلنا من الهداة المهتدين الذين رأوا الحق حقّاً واتبعوه ورأوا الباطل باطلاً فاجتنبوه.
فأقول وبالله التوفيق:
اعلم أيها المسلم أن احتجاب عن الرجال الأجانب وتغطية وجهها أمر واجب دل على وجوبه كتاب ربك تعالى، وسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلّم، والاعتبار الصحيح، والقياس المطرد:
أولاً: أدلة القرآن
فمن أدلة القرآن:
الدليل الأول:
قوله تعالى: {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَـاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَـارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ ءَابَآئِهِنَّ أَوْ ءَابَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَآئِهِنَّ أَوْ أَبْنَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِى إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِى أَخَوَتِهِنَّ أَوْ نِسَآئِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَـانُهُنَّ أَوِ التَّـابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِى الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُواْ عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَآءِ وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُواْ إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ . النور: 31. وبيان دلالة هذه الاية على وجوب الحجاب على عن الرجال الأجانب وجوه:
1 ـ أن الله تعالى أمر المؤمنات بحفظ فروجهن والأمر بحفظ الفرج أمر به وبما يكون وسيلة إليه، ولا يرتاب عاقل أن من وسائله تغطية الوجه لأن كشفه سبب للنظر إليها وتأمل محاسنها والتلذذ بذلك، وبالتالي إلى الوصول والاتصال. وفي الحديث: "العينان تزنيان وزناهما النظر". إلى أن قال: "والفرج يصدق ذلك أو يكذبه". فإذا كان تغطية الوجه من وسائل حفظ الفرج كان مأموراً به لأن الوسائل لها أحكام المقاصد.
2 ـ قوله تعالى: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ ءَابَآئِهِنَّ أَوْ ءَابَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَآئِهِنَّ أَوْ أَبْنَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِى إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِى أَخَوَتِهِنَّ أَوْ نِسَآئِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَـانُهُنَّ أَوِ التَّـابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِى الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُواْ عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَآءِ وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُواْ إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ . فإن الخمار ما تخمر به رأسها وتغطيه به كالغدفة فإذا كانت مأمورة بأن تضرب بالخمار على جيبها كانت مأمورة بستر وجهها، إما لأنه من لازم ذلك، أو بالقياس فإنه إذا وجب ستر النحر والصدر كان وجوب ستر الوجه من باب أولى لأنه موضع الجمال والفتنة. فإن الناس الذين يتطلبون جمال الصورة لا يسألون إلا عن الوجه، فإذا كان جميلاً لم ينظروا إلى ما سواه نظراً ذا أهمية. ولذلك إذا قالوا فلانة جميلة لم يفهم من هذا الكلام إلا جمال الوجه فتبين أن الوجه هو موضع الجمال طلباً وخبراً، فإذا كان كذلك فكيف يفهم أن هذه الشريعة الحكيمة تأمر بستر الصدر والنحر ثم ترخص في كشف الوجه.
3 ـ إن الله تعالى نهى عن إبـداء الزينة مطلقاً إلا ما ظهـر منها، وهي التي لابد أن تظهر كظاهر الثياب ولذلك قـال: {إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ ءَابَآئِهِنَّ أَوْ ءَابَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَآئِهِنَّ أَوْ أَبْنَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِى إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِى أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَآئِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَـنُهُنَّ أَوِ التَّـابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِى الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُواْ عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَآءِ وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُواْ إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ لم يقل إلا ما أظهرن منها، ثم نهى مرة أخرى عن إبداء الزينة إلا لمن استثناهم، فدل هذا على أن الزينة الثانية غير الزينة الأولى. فالزينة الأولى هي الزينة الظاهرة التي تظهر لكل أحد ولا يمكن إخفاؤها، والزينة الثانية هي الزينة الباطنة التي يتزين بها، ولو كانت هذه الزينة جائزة لكل أحد لم يكن للتعميم في الأولى والاستثناء في الثانية فائدة معلومة.
4 ـ أن الله تعالى يرخص بإبداء الزينة الباطنة للتابعين غير أولي الإربة من الرجال وهم الخدم الذين لا شهوة لهم، وللطفل الصغير الذين لم يبلغ الشهوة ولم يطلع على عورات النساء فدل هذا على أمرين:
أحدهما: أن إبداء الزينة الباطنة لا يحل لأحد من الأجانب إلا لهذين الصنفين.
الثاني: أن علة الحكم ومداره على خوف الفتنة ب والتعلق بها، ولا ريب أن الوجه مجمع الحسن وموضع الفتنة فيكون ستره واجباً لئلا يفتتن به أولو الإربة من الرجال.
5 ـ قوله تعالى: {وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُواْ إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ . يعني لا تضرب برجلها فيعلم ما تخفيه من الخلاخيل ونحوها مما تتحلى به للرجل، فإذا كانت منهية عن الضرب بالأرجل خوفاً من افتتان الرجل بما يسمع من صوت خلخالها ونحوه فكيف بكشف الوجه. فأيما أعظم فتنة أن يسمع الرجل خلخالاً بقدم امرأة لا يدري ما هي وما جمالها؟! لا يدري أشابة هي أم عجوز؟! ولا يدري أشوهاء هي أم حسناء؟! أيما أعظم فتنة هذا أو أن ينظر إلى وجه سافر جميل ممتلىء شباباً ونضارة وحسناً وجمالاً وتجميلاً بما يجلب الفتنة ويدعو إلى النظر إليها؟! إن كل إنسان له إربة في النساء ليعلم أي الفتنتين أعظم وأحق بالستر والإخفاء.
الدليل الثاني:
قوله تعالى: {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَآءِ الَّلَاتِى لاَ يَرْجُونَ نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَـاتٍ بِزِينَةٍ وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عِلِيمٌ . النور: 60. وجه الدلالة من هذه الاية الكريمة أن الله تعالى نفى الجناح وهو الإثم عن القواعد وهن العواجز اللاتي لا يرجون نكاحاً لعدم رغبة الرجال بهن لكبر سنهن نفى الله الجناح عن هذه العجائز في وضع ثيابهن بشرط أن لا يكون الغرض من ذلك التبرج بالزينة .
ومن المعلوم بالبداهة أنه ليس المراد بوضع لثياب أن يبقين عاريات، وإنما المراد وضع الثياب التي تكون فوق الدرع ونحوه مما لا يستر ما يظهر غالباً كالوجه والكفين فالثياب المذكورة المرخص لهذه العجائز في وضعها هي الثياب السابقة التي تستر جميع البدن وتخصيص الحكم بهؤلاء العجائز دليل على أن الشواب اللاتي يرجون النكاح يخالفنهن في الحكم، ولو كان الحكم شاملاً للجميع في جواز وضع الثياب ولبس درع ونحوه لم يكن لتخصيص القواعد فائدة .
وفي قوله تعالى: {غَيْرَ مُتَبَرِّجَـتِ بِزِينَةٍ وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عِلِيمٌ . دليل آخر على وجوب الحجاب على الشابة التي ترجو النكاح لأن الغالب عليها إذا كشفت وجهها أن تريد التبرج بالزينة وإظهار جمالها وتطلع الرجال لها ومدحهم إياها ونحو ذلك، ومن سوى هذه نادرة والنادر لا حكم له .
الدليل الثالث:
قوله تعالى: {يأَيُّهَا النَّبِىُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَـاتِكَ وَنِسَآءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً . الأحزاب: 59 .
قال ابن عباس رضي الله عنهما: "أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب ويبدين عيناً واحدة" .
وتفسير الصحابي حجة، بل قال بعض العلماء أنه في حكم المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلّم، وقوله رضي الله عنه "ويبدين عيناً واحدة" إنما رخص في ذلك لأجل الضرورة والحاجة إلى نظر الطريق فأما إذا لم يكن حاجة فلا موجب لكشف العين. والجلباب هو الرداء فوق الخمار بمنزلة العباءة. قالت أم سلمة رضي الله عنها لما نزلت هذه الاية: "خرج نساء الأنصار كأن على رؤوسهن الغربان من السكينة وعليهن أكسية سود يلبسنها". وقد ذكر عبيدة السلماني وغيره أن نساء المؤمنين كن يدنين عليهن الجلابيب من فوق رؤوسهن حتى لا يظهر إلا عيونهن من أجل رؤية الطريق .
الدليل الرابع:
قوله تعالى: {لاَّ جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِى ءَابَآئِهِنَّ وَلاَ أَبْنَآئِهِنَّ وَلاَ إِخْوَانِهِنَّ وَلاَ أَبْنَآءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلاَ أَبْنَآءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلاَ نِسَآئِهِنَّ وَلاَ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ شَهِيداً . الأحزاب: 55.
قال ابن كثير رحمه الله: لما أمر الله النساء بالحجاب عن الأجانب بيّن أن هؤلاء الأقارب لا يجب الاحتجاب عنهم كما استثناهم في سورة النور عند قوله تعالى: {وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ ءَابَآئِهِنَّ أَوْ ءَابَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَآئِهِنَّ أَوْ أَبْنَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِى إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِى أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَآئِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَـانُهُنَّ أَوِ التَّـابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِى الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُواْ عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَآءِ وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُواْ إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ . الأية. فهذه أربعة أدلة من القرآن الكريم تفيد وجوب احتجاب عن الرجال الأجانب، والاية الأولى تضمنت الدلالة عن ذلك من خمسة أوجه.
ثانياً: أدلة السنة
وأما أدلة السنة فمنها:
الدليل الأول:
قوله صلى الله عليه وسلّم: "إذا خطب أحدكم امرأة فلا جناح عليه أن ينظر منها إذا كان إنما ينظر إليها لخطبة وإن كانت لا تعلم". رواه أحمد. قال في مجمع الزوائد: رجاله رجال الصحيح. وجه الدلالة منه أن النبي صلى الله عليه وسلّم، نفى الجناح وهو الإثم عن الخاطب خاصة إذا نظر من مخطوبته بشرط أن يكون نظره للخطبة، فدل هذا على أن غير الخاطب آثم بالنظر إلى الأجنبية بكل حال، وكذلك الخاطب إذا نظر لغير الخطبة مثل أن يكون غرضه بالنظر التلذذ والتمتع به نحو ذلك. فإن قيل: ليس في الحديث بيان ما ينظر إليه. فقد يكون المراد بذلك نظر الصدر والنحر فالجواب أن كل أحد يعلم أن مقصود الخاطب المريد للجمال إنما هو جمال الوجه وما سواه تبع لا يقصد غالباً. فالخاطب إنما ينظر إلى الوجه لأنه المقصود بالذات لمريد الجمال بلا ريب.
الدليل الثاني:
أن النبي صلى الله عليه وسلّم لما أمر بإخراج النساء إلى مصلى العيد قلن: يا رسول الله إحدانا لا يكون لها جلباب فقال النبي صلى الله عليه وسلّم: "لتلبسها أختها من جلبابها". رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
فهذا الحديث يدل على أن المعتاد عند نساء الصحابة أن لا تخرج إلا بجلباب، وأنها عند عدمه لا يمكن أن تخرج. ولذلك ذكرن رضي الله عنهن هذا المانع لرسول الله صلى الله عليه وسلّم، حينما أمرهن بالخروج إلى مصلى العيد فبين النبي صلى الله عليه وسلّم، لهن حل هذا الإشكال بأن تلبسها أختها من جلبابها ولم يأذن لهن بالخروج بغير جلباب، مع أن الخروج إلى مصلى العيد مشروع مأمور به للرجال والنساء، فإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم، لم يأذن لهن بالخروج بغير جلباب فيما هو مأمور به فكيف يرخص لهن في ترك الجلباب لخروج غير مأمور به ولا محتاج إليه؟! بل هو التجول في الأسواق والاختلاط بالرجال والتفرج الذي لا فائدة منه. وفي الأمر بلبس الجلباب دليل على أنه لابد من التستر. والله أعلم.
الدليل الثالث:
ما ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم، يصلي الفجر فيشهد معه نساء من المؤمنات متلفعات بمروطهن ثم يرجعن إلى بيوتهن ما يعرفهن أحد من الغلس. وقالت: لو رأى رسول الله صلى الله عليه وسلّم، من النساء ما رأينا لمنعهن من المساجد كما منعت بنو إسرائيل نساءها. وقد روى نحو هذا عبدالله بن مسعود رضي الله عنه. والدلالة في هذا الحديث من وجهين:
أحدهما: أن الحجاب والتستر كان من عادة نساء الصحابة الذين هم خير القرون، وأكرمها على الله عز وجل، وأعلاها أخلاقاً وآداباً، وأكملها إيماناً، وأصلحها عملاً فهم القدوة الذين رضي الله عنهم وعمن اتبعوهم بإحسان، كما قال تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِىَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ . التوبة: 100.
فإذا كانت تلك طريقة نساء الصحابة فكيف يليق بنا أن نحيد عن تلك الطريقة التي في اتباعها بإحسان رضى الله تعالى عمن سلكها واتبعها، وقد قال الله تعالى: وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَآءَتْ مَصِيراً . النساء: 115.
الثاني: أن عائشة أم المؤمنين وعبدالله بن مسعود رضي الله عنهما وناهيك بهما علماً وفقهاً وبصيرة في دين الله ونصحاً لعباد الله أخبرا بأن رسول الله صلى الله عليه وسلّم، لو رأى من النساء ما رأياه لمنعهن من المساجد، وهذا في زمان القرون المفضلة تغيرت الحال عما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلّم، إلى حد يقتضي منعهن من المساجد.
فكيف بزماننا هذا بعد نحو ثلاثة عشر قرناً وقد اتسع الأمر وقل الحياء وضعف الدين في قلوب كثير من الناس؟! وعائشة وابن مسعود رضي الله عنهما فهما ما شهدت به نصوص الشريعة الكاملة من أن كل أمر يترتب عليه محذور فهو محظور.
الدليل الرابع:
أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: "من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة". فقالت أم سلمة فكيف يصنع النساء بذيولهن؟ قال: "يرخينه شبراً". قالت إذن تنكشف أقدامهن. قال: "يرخينه ذراعاً ولا يزدن عليه".
ففي هذا الحديث دليل على وجوب ستر قدم وأنه أمر معلوم عند نساء الصحابة رضي الله عنهم، والقدم أقل فتنة من الوجه والكفين بلا ريب. فالتنبيه بالأدنى تنبيه على ما فوقه وما هو أولى منه بالحكم، وحكمة الشرع تأبى أن يجب ستر ما هو أقل فتنة ويرخص في كشف ما هو أعظم منه فتنة، فإن هذا من التناقض المستحيل على حكمة الله وشرعه.
الدليل الخامس:
قوله صلى الله عليه وسلّم: "إذا كان لإحداكن مكاتب وكان عنده ما يؤدي فلتحتجب منه". رواه الخمسة إلا النسائي وصححه الترمذي. وجه الدلالة من هذا الحديث أنه يقتضي أن كشف السيدة وجهها لعبدها جائز مادام في ملكها فإذا خرج منه وجب عليها الاحتجاب لأنه صار أجنبياً فدل على وجوب احتجاب عن الرجل الأجنبي.
الدليل السادس:
عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان الركبان يمرون بنا ونحن محرمات مع الرسول صلى الله عليه وسلّم، فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها على وجهها من رأسها. فإذا جاوزونا كشفناه"، رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه. ففي قولها: "فإذا جاوزونا" تعني الركبان "سدلت إحدانا جلبابها على وجهها" دليل على وجوب ستر الوجه لأن المشروع في الإحرام كشفه، فلولا وجود مانع قوي من كشفه حينئذ لوجب بقاؤه مكشوفاً. وبيان ذلك أن كشف الوجه في الإحرام واجب على النساء عند الأكثر من أهل العلم والواجب لا يعارضه إلا ما هو واجب، فلولا وجوب الاحتجاب وتغطية الوجه عن الأجانب ما ساغ ترك الواجب من كشفه حال الإحرام، وقد ثبت في الصحيحين وغيرها أن المحرمة تنهى عن النقاب والقفازين. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وهذا مما يدل على أن النقاب والقفازين كانا معروفين في النساء اللاتي لم يحرمن وذلك يقتضي ستر وجوههن وأيديهن.
فهذه ستة أدلة من السنة على وجوب احتجاب وتغطية وجهها عن الرجال الأجانب أضف إليها أدلة القرآن الأربعة تكن عشرة أدلة من الكتاب والسنة.
يـــــــــــتـــــــــــــبـــ ـــع
الدليل الحادي عشر:
الاعتبار الصحيح والقياس المطرد الذي جاءت به هذه الشريعة الكاملة وهو إقرار المصالح ووسائلها والحث عليها، وإنكار المفاسد ووسائلها والزجر عنها. فكل ما كانت مصلحته خالصة أو راجحة على مفسدته فهو مأمور به أمر إيجاب أو أمر استحباب. وكل ما كانت مفسدته خالصة أو راجحة على مصلحة فهو نهي تحريم أو نهي تنزيه. وإذا تأملنا السفور وكشف وجهها للرجال الأجانب وجدناه يشتمل على مفاسد كثيرة وإن قدر فيه مصلحة فهي يسيرة منغمرة في جانب المفاسد.
فمن مفاسده:
1 ـ الفتنة، فإن تفتن نفسها بفعل ما يجمل وجهها ويبهيه ويظهره بالمظهر الفاتن. وهذا من أكبر دواعي الشر والفساد.
2 ـ زوال الحياء عن الذي هو من الإيمان ومن مقتضيات فطرتها. فقد كانت مضرب المثل في الحياء. "أحي من العذراء في خدرها"، وزوال الحياء عن نقص في إيمانها، وخروج عن الفطرة التي خلقت عليها.
3 ـ افتتان الرجال بها لاسيما إذا كانت جميلة وحصل منها تملق وضحك ومداعبة في كثير من السافرات وقد قيل "نظرة فسلام، فكلام، فموعد فلقاء". والشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم.
فكم من كلام وضحك وفرح أوجب تعلق قلب الرجل ب، وقلب بالرجل فحصل بذلك من الشر ما لا يمكن دفعه نسأل الله السلامة.
4 ـ اختلاط النساء بالرجال، فإن إذا رأت نفسها مساوية للرجل في كشف الوجه والتجول سافرة لم يحصل منها حياء ولا خجل من مزاحمة، وفي ذلك فتنة كبيرة وفساد عريض. وقد خرج النبي صلى الله عليه وسلّم، ذات يوم من المسجد وقد اختلط النساء مع الرجال في الطريق فقال النبي صلى الله عليه وسلّم: "استأخرن فإنه ليس لكن أن تحتضن الطريق. عليكن بحافات الطريق". فكانت تلصق بالجدار حتى إن ثوبها ليتعلق به من لصوقها. ذكره ابن كثير عند تفسير قوله تعالى: {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ ءَابَآئِهِنَّ أَوْ ءَابَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَآئِهِنَّ أَوْ أَبْنَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِى إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِى أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَآئِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَـانُهُنَّ أَوِ التَّـابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِى الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُواْ عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَآءِ وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُواْ إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ .
وقد نص شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله على وجوب احتجاب عن الرجال الأجانب، فقال في الفتاوى المطبوعة أخيراً ص 110 ج 2 من الفقه و22 من المجموع: وحقيقة الأمر أن الله جعل الزينة زينتين: زينة ظاهرة، وزينة غير ظاهرة، ويجوز لها إبداء زينتها الظاهرة لغير الزوج وذوات المحارم، وكانوا قبل أن تنزل آية الحجاب كان النساء يخرجن بلا جلباب يرى الرجل وجهها ويديها وكان إذ ذاك يجوز لها أن تظهر الوجه والكفين، وكان حينئذ يجوز النظر إليها لأنه يجوز لها إظهاره.
ثم لما أنزل الله آية الحجاب بقوله: {يأَيُّهَا النَّبِىُّ قُل لاَِزْاوَجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَآءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً حجب النساء عن الرجال. ثم قال: والجلباب هو الملاءة وهو الذي يسميه ابن مسعود وغيره الرداء وتسميه العامة الإزار وهو الإزار الكبير الذي يغطي رأسها وسائر بدنها، ثم يقال: فإذا كن مأمورات بالجلباب لئلا يعرفن وهو ستر الوجه أو ستر الوجه بالنقاب كان الوجه واليدان من الزينة التي أمرت أن لا تظهرها للأجانب، فما بقي يحل للأجانب النظر إلى الثياب الظاهرة فابن مسعود ذكر آخر الأمرين، وابن عباس ذكر أول الأمرين إلى أن قال: وعكس ذلك الوجه واليدان والقدمان ليس لها أن تبدي ذلك للأجانب على أصح القولين بخلاف ما كان قبل النسخ بل لا تبدي إلا الثياب.
وفي ص 117، 118 من الجزء المذكور وأما وجهها ويداها وقدماها فهي إنما نهيت عن إبداء ذلك للأجانب لم تنه عن إبدائه للنساء ولا لذوي المحارم وفي ص 152 من هذا الجزء قال: وأصل هذا أن تعلم أن الشارع له مقصودان: أحدهما الفرق بين الرجال والنساء. الثاني: احتجاب النساء. هذا كلام شيخ الإسلام، وأما كلام غيره من فقهاء أصحاب الإمام أحمد فأذكر المذهب عند المتأخرين قال في المنتهى ويحرم نظر خصي ومجبوب إلى أجنبية وفي موضع آخر من الإقناع ولا يجوز النظر إلى الحرة الأجنبية قصداً ويحرم نظر شعرها وقال في متن الدليل: والنظر ثمانية أقسام.... الأول: نظر الرجل البالغ ولو مجبوباً للحرة البالغة الأجنبية لغير حاجة فلا يجوز له نظر شيء منها حتى شعرها المتصل أ.هـ وأما كلام الشافعية فقالوا إن كان النظر لشهوة أو خيفت الفتنة به فحرام قطعاً بلا خلاف، وإن كان النظر بلا شهوة ولا خوف فتنة ففيه قولان حكاهما في شرح الإقناع لهم وقال: الصحيح يحرم كما في المنهاج كأصله ووجه الإمام باتفاق المسلمين على منع النساء من الخروج سافرات الوجوه وبأن النظر مظنة للفتنة ومحرك للشهوة. وقد قال الله تعالى: {قُلْ لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُواْ فُرُوجَهُمْ ذلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ . واللائق بمحاسن الشريعة سد الباب والإعراض عن تفاصيل الأحوال ا.هـ. كلامه.
وفي نيل الأوطار وشرح المنتقى ذكر اتفاق المسلمين على منع النساء أن يخرجن سافرات الوجوه لاسيما عند كثرة الفساق.
المصدر من كتاب رسالة الحجاب الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله
1- المقدمة
2- نبذة عن بداية السفور
3- لماذا الحجاب ؟
4- تعريف الحجاب والنقاب
5- أدلة وجوب ستر الوجه والكفين
أولا-الأدلة من القرآن الكريم
ثانيا- الأدلة من السنة النبوية
ثالثا-الاعتبار الصحيح والقياس المطرد
6- تفنيد شبه المبيحين لكشف الوجه والكفين والرد عليها
7- تعليق
8- خاتمة
مقدمة:-
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبى بعده نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين : أما بعد .فهذة رسالة مختصرة تتعلق بوجوب الحجاب الذي تعبدنا الله به من ستر جميع بدن عن الأجانب بما في ذلك الوجه والكفان مستدلا" على ذلك بالأدلة الشرعية من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة . وأقوال أهل العلم من الأئمة والعلماء, والإقرار العملي لزوجات النبي صلى الله عليه وسلم ونساء الصحابة رضي الله عنهن ونساء المؤمنين من بعدهن حيث كن لا يخرجن إلا متحجبات غير سافرات الوجوه ولاحاسرات عن شيء من أبدانهن
وا ستمر العمل به إلى نحومن منتصف القرن الرابع عشر الهجري وقت انحلال الدولة الإسلامية إلى دول ولذلك قال الحافظ ابن حجر في الفتح 9/224"لم تزل عادة النساء قديما وحديثا أن يسترن وجوههن عن الأجانب"انتهى .,ثم كانت بداية السفور بخلع الخمار عن الوجه في مصر ثم تركيا ثم العراق ثم بلاد الشام ثم انتشرت في الدول الإسلامية انتشار النار في الهشيم بفضل دعاة التبرج والسفور والرزيلة كما سنبين ذلك فيما بعد, حتى بلغت الفتنة مبلغا عظيما في عصرنا اليوم من تبرج وسفور واختلاط وتولى كبر هذة الفتنة وسائل الإعلام المرئية والمسموعة التىقامت على نشر الرزيلة ومحاربة الفضيلة وهدم البقية الباقية من الأخلاق الحميدة من تعاليم ديننا الحنيف باسم حرية ولسان حالهم -هذة هي المتحضرة فكوني مثلهاوصدق الله العظيم إذ يقول {وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيماً النساء27.ثم لم يكتف هؤلاء بذلك بل راحوا يسخرون من العفة والطهارة ويحاربون عفة وحيائها ممثلا في محاربة الحجاب ولسان حالهم أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون. بل وعظم الخطب وعظمت الفتنة بأن دعا إلى سفور كاشفة عن وجهها أناس ينتسبون إلى العلم والدين فمنهم من قال إن النقاب عادة جاهلية ومنهم من قال إن النقاب ليس فرضا ولا سنة ولا مندوبا بل هو سلوك شخصي يقع في دائرة المباح ومنهم من قال إن النقاب تطرف وزيادة لا دليل عليها, حتى صار الناس بذلك في أمر مريج وتزلزل الإيمان في نفوس كثيرين .لذا كان ولابد من كلمة حق ترفع الضيم عن نساء المؤمنين وتدفع شر المستغربين المعتدين على الدين والأمة وكلمة ندين الله بها وندعوا إليها عملا بقوله تعالى {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ آل عمران104. وقد اقتصرت في هذة الرسالة على بعض الأدلة من الكتاب والسنة الواضحة الدلالة على وجوب ستر الوجه والكفين ففيها غنية وكفاية لمن أراد الحق , وقد قمت باختصار النقول عن بعض أهل العلم بقدر الإمكان بما يدخل في موضوع البحث مباشرة , فهي رسالة مختصرة انتقيتها من كتب ورسائل لمشايخ وعلماء أجلاء .,ومن أراد الإستذادة والتحقيق فليرجع إلى الموسوعة العلمية الموثقة لفضيلة الشيخ محمد بن أحمد إسماعيل المقدم حفظه الله, في كتابه الشافي الكافي أدلة الحجاب,ورأيت من الفائدة أن أذكر نبذة عن بداية ظهور السفور والداعين إليه لعلها تخدم الموضوع . فما كان من توفيق فمن الله وما كان من زلل أو خطأ أو سهو أو نسيان فمنى ومن الشيطان والله ورسوله منه براء والحمد لله رب العالمين. جمع وترتيب / مجدي مصيلحي محمد
نبذة عن بداية السفور:-
لما أنزل الله آية الحجاب تحجبت زوجات النبي صلى الله عليه وسلم ونساء الصحابة رضي الله عنهن ونساء المؤمنين فكن محجبات غير سافرات الوجوه وفهمن ذلك من الحجاب وظل هذا الأمر أصلا متبعا منذ عصر النبي صلى الله عليه وسلم إلى منتصف القرن الرابع عشر الهجري وأنه على مشارف إنحلال الدولة الإسلامية الخلافة الإسلامية في آخر النصف الأول من القرن الرابع عشر الهجري وتوزعها إلى دول دب الاستعمار الغربي الكافر إلى بلاد المسلمين فكانت أول شرارة لضرب الأمة الإسلامية هي في سفور نسائهم عن وجوههن وذلك البداية على أرض الكنانة مصر حيث بعث والى مصر محمد على باشا البعوث إلى فرنسا للتعلم وكان فيهم واعظ البعوث رفاعة الطهطاوي وبعد عودته إلى مصر بذر البذرة الأولى للدعوة إلى تحرير السفور وساعده في ذلك النصراني مرقس فهمي وأحمد لطفي السيد وهو أول من أدخل الفتيات المصريات في الجامعات مختلطات بالطلاب سافرات الوجوه يناصره في هذا طه حسين والذي تولى كبر هذة الفتنة داعية السفور قاسم أمين الذي ألف كتابه تحرير والذي ساعدت الصحافة على انتشاره ثم ألف على إثره كتاب الجديدة أي تحويل المسلمة إلى أوربية ثم كان منفذ فكر قاسم أمينداعية السفور:سعد باشا زغلول وشقيقه أحمد فتحي زغلول ثم ظهرت الحركة النسائية بالقاهرة عام1337 هجرية بتحرير برئاسة هدى شعراوى وكانت هدى شعراوى أول مصرية مسلمة رفعت الحجاب وذلك أن سعد زغلول لما عاد من بريطانيا مسمما بجميع مقومات الإفساد صنع له سرادقان لاستقباله, سرادق للرجال وسرادق للنساء فلما نزل من الطائرة عمد إلى سرادق النساء المحجبات واستقبلته هدى شعراوى بحجابها لينزعه فمد يده فنزع الحجاب عن وجهها فصفق الجميع ونزعن الحجاب وفى اليوم الحزين الثاني قامت صفية هانم زغلول بمظاهرة نسائية أمام قصر النيل فخلعت الحجابالنقاب مع من خلعته ود سنه تحت الأقدام ثم أشعلن فيه النار ولذا سمي هذا الميدان ميدان التحرير. وتتابع على تأجج نارهذة الفتنة وانتشارها في مصر إحسان عبد القدوس ومصطفى أمين ونجيب محفوظ وطه حسين يؤازرهم في هذة المكيدة الصحافة التي ساعدت على نشر هذة الفتنة حتى أصدرت مجلة باسم"مجلة السفور" عام1338 هجرية وركزت الصحف على نشر صور النساء الفاضحة وركزت على فكرة المساواة بين الرجل و .هكذا صارت البداية المشؤمة للسفور فىهذة الأمة بنزع الحجاب عن الوجه. وماهى إلا سنوات قلائل حتى انتشرت هذة الفتنة والمؤامرة في بلدان كثيرة ففي تركيا أصدر الملحد أتاتورك قانونا بنزع الحجاب عام1338هجرية وفى إيران أصدر الرافضي رضا بهلوى قانونا بنزع الحجاب عام1344هجرية وفى أفغانستان أصدر محمد أمان قرارا بإلغاء الحجاب وفى تونس أصدر أبو رقيبة الهالك فىعام1421هجريةقانونا بمنع الحجاب و تجريم تعدد الزوجات ومن فعل ذلك فيعاقب بالسجن سنة وغرامة مالية,ثم أصدر قرارا بأن إذا تجاوزت العشرين من عمرها أن تتزوج بدون موافقة والديها. وفى الجزائر والمغرب كانت الحملة المسعورة على نزع الحجاب وانتقلت الحملة إلى بلاد الشام, وفى الهند وباكستان ترجم كتاب قاسم أمين تحرير . وباسم الحرية والمساواة أخرجت من البيت تزاحم الرجل وخلع منها الحجاب ورفعوا حواجز منع الاختلاط والخلوة إلى آخر ما هنالك من البلاء مما نراه اليوم ولاحول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم .
لماذا الحجاب ؟
من حكمة الله سبحانه وتعالى أن ركب في الإنسان شهوة الفرج تركيبًا قويًا وجعل لها عليه سُلطانًا شديداً ولعل الحكمة من ذلك هو التكاثر والإبقاء على النسل وإعمار الأرض, فإذا ثارت هذه الشهوة كانت أشد الشهوات عصيانًا على العقل, فلا تقبل منه صرفا ولاعدلا, إلا من تحجزه التقوى ويعصمه الله عز وجل بتوفيقه.فإذا تُرك الناس لدواعي أهوائهم فسدت الأعراض واختلطت الأنساب وانتشرت الأوبئة والأمراض, لذا فإن المسلمة لقيت عناية فائقة من الإسلام بما يصون عفتها ويجعلها عزيزة الجانب سامية المكانة فأحاطها بسياج من الضوابط والقيود فى ملبسها وزينتها وعلاقتها بالرجال وذلك سدا لذريعة الفساد وتجفيفًا لمنابع الافتتان بها, فنراه قد بين لنا مدى خطورة وحذر من الافتتان بها فقال تعالى {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ آل عمران14 ,وقال حاكيًا عن عزيز مصر: قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ يوسف28 . وحذر رسول الله من فتنة ونصح لأمته أعظم النصح فعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ما تركت بعدى فتنة هي أضر على الرجال من النساء رواه البخاري9/41 ومسلم رقم2740 ,وأخرج البخاري3/381 ضمن حديث طويل عن أبى سعيد الخدرى بلفظما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن يا معشر النساء . وعنه أيضا:قال رسول الله إن الدنيا حُلوة خضرة وإن الله مستخلفكم فيها, فناظر كيف تعملون؟ فاتقوا الدنيا , واتقوا النساء, فإن أول فتنة بنى إسرائيل كانت فى النساء رواه مسلم رقم2742 . ولذا نرى الشرع الحنيف قد نهى عن التبرج وتوعد فيه بأسوأ مصير , فقال صنفان من أهل النار لم أرهما:قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس , ونساء كاسيات عاريات, مميلات مائلات, رؤسهن كأسنمة البُخت المائلة, لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها, وإن ريحها لتوجد من مسيرة كذا وكذا أخرجه مسلم رقم2128. ونرى الشرع الحنيف قد حرم الزنا وجعله قرين الشرك والقتل,قال تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ آثاما {يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً ا {إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً الفرقان68-70,وبين لنا الشرع الحنيف أن ظهور الفاحشة فى قوم حتى يُعلنوا بها سبب لانتشارالأوبئة و الأمراض المزمنة وسبب لوقوع العذاب والنكبات على المجتمع ,فعن ابن عمر رضي الله عنهما, قال رسول الله:لم تظهر الفاحشة فى قوم حتى يُعلنوا بها ,إلا فشا فيهم الطاعون, والأوجاع التي لم تكن فى أسلافهم الذين مضوا. رواه الحاكم4/540 وقال صحيح الإسناد ووافقه الذهبي وحسنه الألباني لشواهده في الصحيحة رقم106 . وعن ابن عباس رضي الله عنهما, قال رسول الله إذا ظهر الزنا والربا فى قرية, فقد أحلوا بأنفسهم عذاب الله , ولذا ترى الشرع الحنيف أيضا قد حرم الخُلوة بالأجنبية فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يخطب , يقول لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم, ولا تسافر إلا مع ذي محرم رواه البخاري4/86 ومسلم رقم1341, وحرم الاختلاط المُستهتروهو اجتماع الرجل ب التي ليست بمحرم له اجتماعًا يؤدى إلى ريبة , وحرم الخضوع بالقول ,قال تعالى {يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً الأحزاب32, ونراه قد حرم خروج مُتطيبة مُتعطرة ,قال أيما امرأة استعطرت, ثم خرجت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية, وكل عين زانية رواه الإمام أحمد من حديث أبى موسى 4/414, والحاكم2/396 وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي .
وحرم أن يُظن بمؤمن سوء وحرم قذف المؤمن أو المؤمنة بالفاحشة ووضع لذلك عقوبة زاجرةالجلد ثمانين جلدة, وحرم مُجرد حُب إشاعة الفاحشة في البلاد والعباد ,ُفقال تعالى {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ النور19,وأمر بغض البصر وحفظ الفرج عما حرم الله, وشرع الاستئذان وفرض الحجاب على النساء فقال تعالى وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ الأحزاب53 وقال تعالى {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً الأحزاب59 ,واعتبر قرارهن في البيت هو الأصل الأصيل وما عداه استثناء, {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى .الأحزاب33 ,ثم إن هي خرجت تخرج, لا تخالط الرجال, وبشروط أخرى جماعها:حمايتها,وحماية المجتمع من الافتتان بها.يقول ابن مسعود إنما النساء عورة ,وإن لتخرج من بيتها وما بها من بأس,فيستشرفها الشيطان, فيقول إنك لا تمرين بأحد إلا أعجبته,وإن لتلبس ثيابها, فيقال:أين تريدين؟فتقول أعود مريضًا, أشهد جنازة , أو أصلى في مسجد, وما عبدت امرأة ربها مثل أن تعبده في بيتها.رواه الطبراني في الكبير وقال الهيثمى في المجمع رجاله ثقات2/35 وقال المنذرى:إسناده حسن, ووافقه الألباني. مما سبق يتبين لكل ذي لُب عاقل أن الشرع الحنيف اتخذ التدابير الوقائية اللازمة لسد ذريعة الفساد وتجفيفا لمنابع الفتنة ب وذلك صيانة للأعراض ومحافظة على النسل وتطهيرا للمجتمع من الرزيلة ولعل من أعظم هذه التدابير هو فرض الحجاب على النساء طُهرة لقلوب الرجال والنساء من الفتنة وذلك أنه إذا لم تر العين لم يشته القلب, أما إذا رأت العين فقد يشتهى القلب, وقد لا يشتهى,والقلب في الجسد بمنزلة الملك والأعضاء بمنزلة الجنود فإذا فسد الملك فسدت الجنود وإذا صلح الملك صلحت الجنود, فكان الحجاب أطهر للقلب, وأنفى للريبة ,وأبعد للتهمة, وأقوى في الحماية والعصمة. مما سبق يتبين لنا أن فرضية الحجاب الشرعي تتواءم مع مقاصد الشريعة التي منها: المحافظة على النسل والعرض وطهارة المجتمع وسعادته في الدنيا والآخرة.
تعريف الحجاب والنقاب
الحجاب يدور معناه لغة على الستر والحيلولة والمنع ,وسمي الحجاب حجابا لأنه يمنع المشاهدة , يقال حجبه الحاجب أي منعه من الدخول ,ومنه قوله تعالىحتى توارت بالحجاب أي احتجبت الشمس وتوارت بالجبال ,ومنه قوله تعالىفاتخذت من دونهم حجابا أي ساترا ,وقوله تعالى فاسألوهن من وراء حجاب أي من وراء ساتر يمنع الرؤية ومعناه شرعا:-فالحجاب يعنى الستر الواجب على المسلمة والذي من شأنه منع رؤية الرجال الأجانب لها
النقاب.لغة :فأصله البرقع أو القناع الذي تغطى به وجهها بحيث تبدى منه عينيها ,وسمي النقاب نقابا لوجود نقبين في مواجهة العينين لمعرفة الطريق
وشرعا:هو أن تغطى وجهها وذلك بأن تدنى عليه جزءا من جلبابها أو خمارها. وبهذا يعلم أن الحجاب والنقاب ليسا شيئين مختلفين بل الأول أعم من الثاني
تعريف الجلباب : القميص,جمعه ,جلابيب وهو كساء كثيف تشتمل به من رأسها إلى قدميها,ساتر لجميع بدنها وما عليها من ثياب وزينة . ويقال له الملاءة والملحفة والعباءة .
الخمار : كل ماستر شيئا فهو خماره وهو ما تغطى به رأسها ووجهها وعنقها وجيبها ويسمى عند العرب المقنع والنصيف ويقال المسفع .
بم يكون الحجاب ؟ يتكون الحجاب من أحد أمرين:- الأول: الحجاب بملازمة البيوت , لأنها تحجبهن عن أنظار الرجال الأجانب والاختلاط بهم. الثاني:- الحجاب باللباس وذلك عند خروجهن من البيوت مستورات الأبدان من الرأس إلى القدم
شروط الحجاب الشرعي:- كتاب أدلة الحجاب-للشيخ محمد بن إسماعيل المقدم.
1-استيعاب جميع بدن على الراجح
2- أن لا يكون زينة في نفسه
3- أن يكون صفيقا لا يشف
4- أن يكون فضفاضا غير ضيق .
5- أن لا يكون مبخرا مطيبا
6- أن لا يشبه لباس الرجل.
7- أن لا يشبه لباس الكافرات.
8- أن لا يكون لباس شهرة.
أدلة النقاب وجوب ستر الوجه والكفين
أولا القرآن الكريم :
الدليل الأول- وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ الأحزاب53- 1- سبب نزول الآية وذلك أن النبى صلى الله عليه وسلم لما بنى بزينب بنت جحش رضى الله عنها جلس أصحابه عنده فأطالوا الجلوس فتهيأ للقيام والخروج ومعه أنس رضي الله عنه لكى يقوموا فلم يفعلوا فعل ذلك أكثر من مرة حتى خرجوا فأنزل الله هذة الآية فيقول أنس فضرب بينى وبينه سترا , والستر هو الحجاب الذى حجب أنس رضى الله عنه عن زوجات النبى صلى الله عليه وسلم
2- أقوال بعض أهل العلم من المفسرين فى الآية :-
ابن جرير الطبرىيقول وإذا سألتم أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم ونساء المؤمنين اللواتى لسن لكم بأزواج متاعا فا سألوهن من وراء حجاب يقول من وراء ستر بينكم وبينهن جامع البيان 22/39 القرطبىيقول: في هذه الآية دليل على أن الله تعالى أذن فى مسألتهن من وراء حجاب فى حاجة تعرض
أو مسألة يستفتين فيها ويدخل في ذلك جميع النساء بالمعنى وبما تضمنته أصول الشريعة من أن كلها عورة فلا يجوز كشف ذلك إلا لحاجة كالشهادة عليها أوداء يكون ببدنهاأوسؤالها عما يعرض وتعين عندها الجامع لأحكام القرآن14/227
ابن كثير :-المجلد3 ص55 أي وكما نهيتكم عن الدخول عليهن كذلك لا تنظروا إليهن بالكلية ولو كان لأحدكم حاجة يريد تناولها منهن فلا ينظر إليهن ولا يسألهن حاجة إلا من وراء حجاب الشنقيطى صاحب أضواء البيان 6/584-واعلم أن مع دلالةالقرآن على احتجاب عن الرجال الأجانب قد دلت على ذلك أيضا أحاديث نبوية . فمن ذلك ما أخرجه الشيخان من حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إياكم والدخول على النساء فقال رجل من الأنصار يا رسول الله أريت الحمو؟ قال الحمو الموت فهذا الحديث دليل واضح على منع الدخول عليهن وسؤالهن متاعا"
إلا من وراء حجاب لأنه من سألهن متاعا" لا من وراء حجاب فقد دخل عليهن ،
وقال رحمه الله وإذا علمت بما ذكرنا أن حكم آية الحجاب عام وأن ما ذكرنا معها من الآيات فيه الدلالة على احتجاب جميع بدن عن الرجال الأجانب، علمت أن القرآن دل على الحجاب،
2-الدليل الثاني- {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً الأحزاب59
أقوال بعض أهل العلم من المفسرين في الآية:-
ورد أثر عن بن عباس رضى الله عنه فى هذه الآية, في إسناده كلام ولكن يعضد بغيره. قال ,أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن فى حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤسهن
بالجلابيب ويبدين عينا" واحدة.
وورد أثر صحيح عن عبيدة السليمانى وهو من التابعين لما سئل عن هذه الآية ,تقنع بردائه وغطى أنفه
وعينه اليسرى وأخرج عينه اليمنى وأدنى رداءه من فوق حتى جعله قريبا" من حاجبه أوعلى الحاجب. كما ورد أثر حسن عند الطبري عن قتادة من أئمة التابعين في الآية قال,أخذ الله عليهن إذا خرجن أن يقنعن على الحواجب ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وقد كانت المملوكةإذامرت تناولوها بالإيذاء فنهى الله الحرائر أن يتشبهن بالإماء
ابن جرير الطبري , يقول تعالي ذكره لنبيه صلي الله عليه وسلم : يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك
ونساء المؤمنين لا تتشبهن با لإماء فىلباسهن إذا هن خرجن من بيوتهن لحاجتهن فكشفن شعورهن ووجههن ولكن ليدنين عليهن من جلابيبهن لئلا يعرض لهن فاسق إذاعلم أنهن حرائر بأذى من قول.جامع البيان عن تأويل القرآن 22/45
-القرطبى-لما كانت عادة العربيات التبذل وكن يكشفن وجوههن كما يفعل الإماء وكان ذلك داعية إلى نظر الرجال إليهن وتشعب الفكرة فيهن أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يأمرهن بإرخاء الجلابيب عليهن إذا أردن الخروج إلى حوائجهن فيعلم الفرق بينهن وبين الإماء فتعرف الحرائر بسترهن. الجامع لأحكام القرآن15/243
تفسيرالإمام جلال الدين المحلى:. – يدنين عليهن من جلابيبهن جمع جلباب وهي الملاءة التي تشتمل بها أي يرخين بعضها على الوجوه إذا خرجن لحاجتهن إلا عينا واحدة ذلك أدنى أقرب إلى أن يعرفن بأنهن حرائر فلا يؤذين بالتعرض لهن بخلاف الإماء فلا يغطين وجوههن فكان المنافقون يتعرضون لهن
وكان الله غفورا لما سلف منهن لترك الستر رحيما بهن إذ سترهن.قرة العينين على تفسير الجلالين ص 560
قال السيوطى :- هذة آية الحجاب في حق سائر النساء ففيها وجوب ستر الرأس والوجه عليهن .عون المعبود 4/106
ابن كثير- ذكر نحوا مما سبق واستشهد بقول عبيدة وقتادة والحسن البصري وبأثر بن عباس.تفسير القرآن العظيم 3/534
الألوسى- قال- والظاهر أن المراد بمعنى يدنين عليهن أي على جميع أجسادهن وقيل رؤسهن أو على
وجوههن لأن الذي كان يبدو منهن في الجاهلية هو الوجه.روح المعاني فىتفسير القرآن العظيم والسبع المثانى 22/88
العلامة الشوكانى:- في فتح القدير قال في الآية –والجلابيب جمع جلباب وهو ثوب أكبر من الخمار قال الجوهري:الجلباب الملحفة، وقيل القناع،وقيل هو ثوب يستر جميع بدن كما ثبت في الصحيح من حديث أم عطية أنها قالت:يارسول الله إحدانا لا يكون لها جلباب، فقال لتلبسها أختها جلبابها، قال الواحدى:قال المفسرون يغطين وجوههن ورؤسهن إلا عينا واحدة،فيعلم أنهن حرائر فلا يعرض لهن بأذى.فتح القدير 4/304 .
الشنقيطى في أضواء البيان فقد قال غير واحد من أهل العلم أن معنى يدنين عليهن من جلابيبهن أنهن يسترن بها جميع وجوههن ولايظهرمنهن شيء إلا عين واحدة تبصر بها وممن قال به ابن مسعود وابن عباس وعبيدة السليمانى وغيرهم.أضواء البيان 6/586
وقال الزمخشرى في الكشافيرخينها عليهن ويغطين بها وجههن الكشاف عن حقائق التنزيل 3/274
أبو بكر الرازي الحنفي- وفى هذة الآية دلالة على أن الشابة مأمورة بستر وجهها عن الأجنبيين وإظهار الستر والعفاف عند الخروج لئلا يطمع أهل الريب فيهن. أحكام القرآن 3/371
البيضاوي- يغطين وجوههن وأبدانهن بملاحفهن إذا برزن لحاجة.أنوار التنزيل وأسرار التأويل 2/280
الحافظ بن حجر- قال في- قوله وليضربن بخمرهن على جيوبهن-يغطين وجوههن, ثم ذكر رواية عائشة أن نساء المهاجرات الأول لما أنزل الله وليضربهن بخمرهن على جيوبهن-شققن مروطهن فاختمرن بها.وصفة ذلك أن تضع الخمار على رأسها وترميه بالجانب الأيمن على العاتق الأيسر وهو التقنع.فتح الباري 8/490
شيخ الإسلام ابن تيمية- فقد ذكر فىجوابه واستنباطه من معاني سورة النور قال –وأمر الله بإرخاء الجلابيب لئلا يعرفن ولا يؤذين وقد ذكر عبيدةالسلمانى وغيره: أن نساء المؤمنين كن يدنين عليهن الجلابيب من فوق رؤسهن حتى لا يظهر إلا عيونهن لأجل رؤية الطريق,وثبت في الصحيح أن المحرمة تنهى عن الإنتقاب والقفازين وهذا مما يدل على أن النقاب والقفازين كانا معروفين في النساء اللاتى لم يحرمن وذلك يقتضى ستر وجوههن وأيديهن وقد ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم لما دخل بصفية ,قال أصحابه: إن حجبها فهي من أمهات المؤمنين وإن لم يحجبها فهي مما ملكت يمينه ., فضرب عليها الحجاب. وإنما ضرب الحجاب على النساء لئلا ترى وجوههن وأيديهن.مجموع الفتاوى 15/370 وقال أيضا رحمه الله-وعكس ذلك الوجه واليدان والقدمان ليس لها أن تبدى ذلك للأجانب على أصح القولين بخلاف ما كان قبل النسخ بل لا تبدى إلا الثياب . مجموع الفتاوى 22/117
ابن قيم الجوزية قال: وإنما نشأت الشبهة أن الشارع شرع ذلك للحرائر أن يسترن وجوههن عن الأجانب وأما الإماء فلم يوجب عليهن .القياس في الشرع الإسلامىص69
الإمام الخطيب الشربينى :-يدنين يقربن عليهن أي على وجوههن وجميع أبدانهن فلا يدعن شيئا منها مكشوفا.السراج المنير3/371
ابن حبان الأندلسى وقال السدى تغطى إحدى عينيها وجبهتها والشق الآخر إلا العين, وكذا عادة بلاد الأندلس لا يظهر من إلا عينها الواحدة, ومن في جلابيبهن للتبعيض ,وعليهنشامل لجميع أجسادهن , أو عليهن على وجوههن,لأن الذي كان يبدو منهن في الجاهلية هو الوجه . البحر المحيط 7/250
محمد الطبري المعروف ب ألكيا الطبري قال:- , الجلباب هو الرداء فأمرهن بتغطية وجوههن ورؤسهن ولم يوجب على الإماء ذلك تفسير ألكيا الهراس الطبري 4/354
الإمام عبد الله بن أحمد النسفى قال:-يرخينها عليهن ويغطين بها وجوههن وأعطافهن.-مدارك التنزيل وحقائق التأويل3/79
عبد الرحمن السعدي قال: وهن اللاتي يكن فوق الثياب من ملحفة وخمار ورداء ونحوه,أي يغطين بها وجوههنتيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان 6/122
أبو بكر الجزائري قال :-هذة الآية أبطلت دعوى الخصوصية في الحجاب حيث أشركت في الخطاب نساء المؤمنين باللفظ الصريح, وهى تطالب المؤمنات إذا خرجن من بيوتهن لحاجة استدعت ذلك أن يغطين وجوههن ويسترن محاسنهن, والمقصود من الكلام أن هذة الآية مؤكدة لفرضية الحجاب ومقررة له.فصل الخطاب في والحجاب ص38
الشيخ عبد العزيز بن خلف قال:-فقوله تعالىذلك أدنى أن يعرفن يدل على تخصيص الوجه ,لأن الوجه عنوان المعرفة فهو نص على وجوب ستر الوجه ,وقوله تعالى فلا يؤذين هو نص على أن في معرفة محاسن إيذاء لها ولغيرها بالفتنة والشر, ولذلك حرم الله عليها أن تخرج من بدنها ماتعرف به محاسنها أيا كانت.نظرات في حجاب المسلمة ص48
العلامة عبد العزيز بن باز قال:-أمر الله سبحانه جميع النساء بإدناء جلابيبهن على محاسنهن من الشعور والوجه وغير ذلك حتى يعرفن بالعفة فلا يفتتن ولا يفتن غيرهن فيؤذيهن.رسالة تبحث في مسائل السفور والحجاب ص 6
الدليل الثالث- {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاء اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ النور60
قال القرطبى القواعد: العجز اللواتي قعدن عن التصرف من السن وقعدن عن الولد والحيض هذا قول أكثر أهل العلم. وقد وردت عدة آثار في تفسير هذة الآية نقتصر على بعضها الذي يمثل رأى الجمهور- فقد ذكر ابن جرير أثرا صحيحا عن عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه يقول في هذة الآية فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن قال الجلباب. جامع البيان 18/127 وقد ذكر البيهقى7/93 أثرا صحيحا عن ابن عباس رضي الله عنه أنه كان يقرأأن يضعن ثيابهن قال الجلباب . وقد قيل أن الجلباب هو الملحفة وقيل القناعيرجع إلى كلام الشوكانى كما ذكرنا سابقا. قال ابن كثير –وقولهوان يستعففن خير لهن. أي وترك وضعهن لثيابهن –وإن كان جائزا –خير وأفضل لهن والله سميع عليم. ويفسر لنا الآية والمقصود من الجلباب هذا الأثرالذى ذكره البيهقى7/93- عن عاصم الأحول قال كنا ندخل على حفصة بنت سيرين وقد جعلت الجلباب هكذا وتنقبت به فنقول لها رحمك الله قال الله تعالىوالقواعد من النساء اللاتى لايرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة وأن يستعففن خير لهن .هو الجلباب قال فتقول لنا أي شيء بعد ذلك فنقول وأن يستعففن خير لهن.فتقول.هو إثبات الجلباب. هكذا فهمت حفصة بنت سيرين التابعية الجليلة أن معنى وأن يستعففن خير لهن هو الجلباب وتطبيقها العملي له هو التنقب أي ستر الوجه.
قلت يفهم من الآية أن العجائز من النساء وهن اللاتى قعدن عن الحيض والولد ولا رغبة لهن فىالزواج,يجوز لهن كشف الوجه والكفين بشرط أن يكن غير متبرجات بزينة الزينة التي توضع على الوجه والكفين
فليس عليهن جناح في ذلك أي ليس عليهن إثم وغيرهن من الشابات عليهن جناح في كشف وجوههن وأيديهن أمام الأجانب الذين ليسوا لهن بمحارم . وماذا يفهم من قوله تعالى أن يضعن ثيابهن؟ أيفهم منه أن تنخلع من ثيابها وتتعرى؟ أم أن المقصود منه أن تضع جلبابها الذي على وجهها وهو ما تغطى به وجهها كما بينت حفصة بنت سيرين رحمها الله وكما قالت أمنا عائشة رضي الله عنها في حديث الإفك حيث قالت فخمرت وجهي بجلبابي وهو في الصحيح.؟ كذلك قوله تعالىغير متبرجات بزينة يبين لنا محل وضع الثياب وهو الوجه والكفين حيث أن الزينة غالبا توضع على الوجه كالكحل في العينين والأحمر على الخدين والشفتين وغيرها من أدوات الزينة وكذلك قوله تعالى وأن يستعففن خير لهن أي يبقين على ترك وضعهن لثيابهن أي يبقين على تغطية وجوههن وأيديهن
الدليل الرابع- وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ -الآية31 النور
يقول الشيخ محمد ابن العثيمين رحمه الله-يعنى لا تضرب برجلها فيعلم ما تخفيه من الخلاخيل ونحوها مما تتحلى به للرجل فإذا كانت منهية عن الضرب با لأرجل خوفا من افتتان الرجل بما يسمع من صوت خلخالها ونحوه فكيف بكشف الوجه. فأيهما أعظم فتنة أن يسمع الرجل خلخالا بقدم امرأة لا يدرى ماهى وما جمالها لا يدرى أشابة أم عجوز, أيهما أعظم فتنة هذا أو أن ينظر إلى وجه سافر جميل ممتلىء شبابا ونضارة بما يجلب الفتنة ويدعو إلى النظر إليها. ؟ إن كل إنسان له إربة في النساء ليعلم أي الفتنتين أعظم وأحق بالستر والإخفاء. رسالة الحجاب 9 الدليل الخامس:- قوله تعالى {لَّا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلَا أَبْنَائِهِنَّ وَلَا إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاء إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاء أَخَوَاتِهِنَّ وَلَا نِسَائِهِنَّ وَلَا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً الأحزاب55 . قال ابن كثير في تفسيرهذةالآية3/506-لما أمر الله النساء بالحجاب عن الأجانب بين أن هؤلاء الأقارب لا يجب الاحتجاب عنهم,كما استثناهم في سورة النور عند قوله تعالى: وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ النور31. وجاء في تفسير الجلابين في الآية لاجناح عليهن أن يروهن ويكلموهن من غير حجاب .انتهى .وهذا استثناء من الأصل العام وهو فرض الحجاب ففي الآية نفى الجناح بخروج أمام محارمها كالأب والابن غير محجبة الوجه والكفين أما غير المحارم فواجب على الاحتجاب عنهم .
-الدليل الأول-حديث عورة
عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان- رواه الترمذي 1173 وصححه الألباني في الإرواء273 وحققه الشيخ مصطفى العدوى في رسالة الحجاب وقال رجاله ثقات ويصلح الاحتجاج به – أما قوله عورة فقال المباركفورى في تحفة الأحوزى3/337 جعل نفسها عورة لأنها إذا ظهرت يستحيى منها كما يستحى من العورة إذا ظهرت والعورة السوأة وكل ما يستحى منه إذا ظهر , وكلمة استشرفها أي زينها في نظر الرجال. قلت ووجه الاستدلال هنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عورة أي عمم جميع ولم يستثنى منها الوجه والكفين.أنهما ليسا بعورة فدل ذلك على أن جميع بدن عورة بما فيه الوجه والكفين ووجب ستره وتضمن ذلك ستر الوجه والكفين
الدليل الثاني-الإذن للنساء في الخروج لحاجتهن
قال الإمام البخاريفتح8/528 عن عائشة رضي الله عنها قالت –خرجت سودة –بعدما ضرب الحجاب لحاجتها,وكانت إمرأة جسيمة لا تخفى على من يعرفها فرآها عمر بن الخطاب فقال يا سودة, أما والله ما تخفين علينا,فانظري كيف تخرجين,قالت:فانكفأت راجعة,ورسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي وإنه ليتعشى وفى يده عرق,فدخلت فقالت يارسول الله , إني خرجت لبعض حاجتي فقال لىعمركذا وكذا:فأوحى الله إليه,ثم رفع عنه وإن العرق في يده ما وضعه فقال:إنه قد أذن لكن أن تخرجن لحاجتكن. والحاصل أنه لما نزلت آية الحجاب بالغ فىتحجبهن فقصد بعد ذلك أن لا يبدين أشخاصهن أصلا ولوكن مستترات فمنع منه ,وأذن لهن في الخروج لحاجتهن دفعا للمشقة ورفعا للحرج . ووجه الاستدلال هنا على مشروعية ستر الوجه أن عمر رضي الله عنه ما عرف سودة إلا بطولها وجسامتها كما أخبرت عنها عائشةرضى الله عنها في الحديث فدل ذلك على أن وجهها كان مستورا ولو كانت كاشفة لوجهها لما احتاج أن يقول ما تخفين علينا
.الدليل الثالث-فعل عائشة رضي الله عنها.
في حديث الإفك- قالت عائشة:..وكان صفوان بن المعطل السلمي ثم الذكوانى من وراء الجيش فأدلج فأصبح عند منزلي,فرأى سواد إنسان نائم فأتاني فعرفني حين رآني,وكان يراني قبل الحجاب,فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني,فخمرت وجهي بجلبابي.." الحديث أخرجه البخاري8/452 ومسلم ص 2129
قال الحافظ ابن حجرفتح البارى8/463 قوله فخمرت: أي غطيت . قلت ووجه الاستدلال هنا أن عائشةرضى الله عنها أفادت عن سبب معرفة صفوان بن المعطل لها حين رآها أنه رضي الله عنه كان يراها قبل نزول الحجاب فدل ذلك على أنه بعد نزول الحجاب أنها سترت وجهها فلم تعرف بعد ,وكذلك أنها لما كانت وحدها في هذا المكان الذي غادره الجيش ولم يكن فيه أحد نامت وقد رفعت الجلباب عن وجهها ولما أصبح صفوان بن المعطل عندها عرفها لأنه كان يراها قبل نزول الحجاب فقال إنا لله وإنا إليه راجعون فاستيقظت رضي الله عنها باسترجاعه فتحجبت منه فغطت وجهها بجلبابها,ففي هذا الحديث الصحيح دليل واضح لكل أخت مؤمنة لها في أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها الصديقة بنت الصديق حبيبة رسول الله وزوجتة في الجنة أسوة حسنة في ستر الوجه والكفين .هذا وقد ورد أثر صحيح آخر عند الإمام مسلم والحديث برقم1211 .عن صفية بنت شيبة.قالت:قالت عائشة رضي الله عنها,يا رسول الله أيرجع الناس بأجرين وأرجع بأجر؟فأمر عبدا لرحمن بن أبى بكر أن ينطلق بها إلى التنعيم,قالت فأردفنى خلفه على جمل له ,قالت فجعلت أرفع خماري أحسره عن عنقي,فيضرب رجلي بعلة الراحلة,قلت له وهل ترى من أحد ؟, قالت فأهللت بعمرة ثم أقبلنا حتى انتهينا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالحصبة. رواه مسلم . والمعنى أن عائشة رضي الله عنها أحزنها أن ترجع إلى المدينة ولا تأتى بعمرة مع الحج كما فعل الناس فشكت ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم .فأمر أخوها عبد الرحمن أن ينطلق بها إلى خارج الحرم التنعيم لتحرم من هناك بعمرة فركبت خلفه على الجمل فلما رأت السيدة عائشة أنها في خلاء ليس فيه أحد جعلت تكشف خمارها وتبعده عن وجهها من أسفل عنقها فجعل عبد الرحمن يضرب رجلها بعود بيده عامدا لها حيث تكشف خمارها غيرة عليها وظاهر أمره أنه يضرب الراحلة ,فقالت له رضي الله عنها ردا على فعله هذا ,وهل ترى من أحد ؟ أي نحن في خلاء وليس هنا أجنبي أستتر منه .فلله در أم المؤمنين ما أعظم حياؤها وعفتها,مع أن الله برأها من فوق سبع سماوات وتوعد الذين ينالون منها بأشد العذاب فقال تعالى {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ النور23 ومع هذا كله تحرص رضي الله عنها على الالتزام والامتثال لأمر الله بالحجاب وهذا يذكرنا بقول الله عز وجل {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً الأحزاب36 .كما أورد الإمام الذهبىأثرأ في سير أعلام النبلاء3/491, وأخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى4/308,عن أحمد بن محمد الأزرقى:أنبأنا عبد الرحمن بن أبى الرجال عن ابن عمر,قال لما اجتلى رسول الله- صفية رأى عائشة متنقبة في وسط النساء فعرفها,فأدركها, فأخذ بثوبها, فقال:ياشقيراء كيف رأيت؟ قالت رأيت يهودية بين يهوديات,وأخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى8/99. والحديث رجاله ثقات إلا أن فيه انقطاع بين عبد الرحمن وابن عمر إلا أنه يشهد له ماسبق من الآثار الصحيحة عن عائشة , ومما سبق رد على من زعم أن النقاب لا أصل له فى الدين, وفيه أيضا بيان لصفة الحجاب الشرعى الذى أمر الله به فى الآيات حيث كان هذا هو التطبيق الفعلى له من قبل عائشة رضى الله عنها ولو كان غير ذلك لبينه النبى صلى الله عليه وسلم لعائشةرضى الله عنها.
الدليل الرابع- فعل الصحابيات:
عن صفية بنت شيبة أن عائشة رضي الله عنها كانت تقول لما نزلت هذه الآيةوليضربن بخمرهن على جيوبهنأخذن أزرهن فشققنها من قبل الحوا شى فاختمرن بها.رواه البخاري فتح البارى8/489ورواه البخاري من طريق آخر معلقا عن عائشة قالت :يرحم الله نساء المهاجرات الأول لما أنزل اللهوليضربن بخمرهن على جيوبهنشققن مروطهن فاختمرن بها. قال الحافظ ابن حجرفتح 8قوله فاختمرن :أي غطين وجوههن وصفة ذلك أن تضع الخمار على رأسها وترميه بالجانب الأيمن على العاتق الأيسر وهو التقنع .ووجه الاستدلال هو فعل الصحابيات رضي الله عنهن وسرعة استجابتهن لأمر الله وتفسير كلمة خمرهن بستر الوجه.وعن فاطمة بنت المنذر رحمها الله قالتكنا نخمر وجوهنا, ونحن محرمات مع أسماء بنت أبى بكر رضي الله عنهما.أخرجه الإمام مالك في الموطأ1/328 والحاكم1/454 وصححه ,ووافقه الذهبي . وفى هذا دليل على أن عمل النساء في زمن الصحابةرضى الله عنهم كان على تغطية الوجوه من الرجال الأجانب , وأن هذا الأمر كان عاما في النساء لا في زمن الصحابة فقط بل فيما بعدهم أيضا.
الدليل الخامس:فعل أسماء رضي الله عنها:
عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبى بكررضى الله عنهما قالت كنا نغطى وجوهنا من الرجال,وكنا نمتشط قبل ذلك فىالإحرام أخرجه الحاكم1/454 وقال صحيح على شرط الشيخين , ووافقه الذهبي
وللحديث شاهد آخر عند أبى داود وأحمد والبيهقى5/48من حديث عائشة رضي الله عنها قالت كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات فإذا حاذوا بنا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها فإذا جاوزنا كشفناه ولكن في إسناد هذا الحديث يزيد بن أبى زياد وهو ضعيف ولكن هذا الحديث يقويه حديث أسماء السابق.قال الشوكانى في النيل واستدل بهذا الحديث على أنه يجوز للمرأة إذا احتاجت إلى ستر وجهها لمرور الرجال قريبا منها أن تسدل ثوبها من فوق رأسها على وجهها . وقال ا بن المنذر أجمعوا على أن تلبس المخيط والخفاف , وأن لها أن تغطى وجهها فتسدل الثوب سدلا خفيفا تستتر به عن نظر الرجال . نيل الأوطار5/77 الدليل السادس:-عن ابن عمر رضي الله عنهما قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة فقالت أم سلمة,كيف يصنع النساء بذيولهن ؟ قال يرخين شبرا فقالت إذن تنكشف أقدامهن,قال فيرخينه ذراعا ولا يزدن عليه. رواه الترمذىوأبوداود وصححه الألباني2/776 وفى رواية عن ابن عمر أنهن قلن إن شبرا لا يستر من عورة فقال:اجعلنه ذراعا ,فكانت إحداهن إذا أرادت أن تتخذ درعا أرخت ذراعا فجعلته ذيلا .المسند 2/90.وقد أقرهن النبي صلى الله عليه وسلم على جعل القدمين عورة. هذا وإذا كان القدمان من العورة فما الظن بالوجه الذي يفتتن الرجال برؤيته, فهل يعقل أن يأمر الإسلام أن تستر شعرها وقدميها وأن يسمح لها أن تكشف وجهها ويديها؟ وأيهما تكون الفتنة فيه أكبر الوجه أم القدمان؟. الدليل السابع:قصة عائشة رضي الله عنها مع عمها من الرضاعة- وهو أفلح أخو أبى القعيس- لما جاء يستأذن عليها بعد نزول الحجاب,فلم تأذن له حتى أذن له النبي صلى الله عليه وسلم,لأنه عمها من الرضاعة. متفق على صحته قال الحافظ ابن حجر في الفتح9/152 وفيه وجوب احتجاب من الأجانب. الحديث رواه البخارى8/392 ومسلم رقم1444
الدليل الثامن:حديث أم عطيةرضى الله عنها, فىصحيح مسلم–أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أمر بإخراج النساء إلى مصلى العيد,قلن:يا رسول الله إحدانا لا يكون لها جلباب,فقال النبي صلى الله عليه وسلم لتلبسها أختها من جلبابها. ووجه الدلالة أن لا يجوز لها الخروج من بيتها إلا متحجبةبجلبابها الساتر لجميع بدنها , وقد تكلمنا في معنى الجلباب فيما سبق .
الدليل التاسع:-احتجاب أمهات المؤمنين:- فقد أورد ابن سعد في الطبقات فقال أخبرنا محمد بن عمر حدثنا إبراهيم ابن زيد المكي وسفيان ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن أبى جعفر قال:كان الحسن والحسين لا يريان أمهات المؤمنين…,فقال ابن عباس:إن رؤيتهن لهما تحل. الطبقات الكبرى8/178 , وقال: أخبرنا محمد بن عمر حدثني عبد لله بن أبى يحيى عن بُثينة بنت حنظلة عن أمها, أم سنان الأسلمية قالت :لما نزلنا المدينة لم ندخل حتى دخلنا مع صفية منزلها, وسمع بها نساء المهاجرين والأنصار,فدخلن عليها متنكرات , فرأيت أربعا من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم متنقبات:زينب بنت جحش , وحفصة, وعائشة ,وجويرية… الحديث-الطبقات الكبرى 8/126
الدليل العاشر:عن أنس رضي الله عنه في قصة زواج رسول الله صلى الله عليه وسلم من صفية رضي الله عنها:فقال المسلمون إحدى أمهات المؤمنين أو مما ملكت يمينه؟ ,فقالوا إن حجبها فهي من أمهات المؤمنين وإن لم يحجبها فهى مما ملك يمينه ,فلما ارتحل وطأ لها خلفه ومد الحجاب بينها وبين الناسرواه البخاري ومسلم رقم1365 , وفى رواية أخرى عن أنس رضي الله عنه قال :فلما قرب البعير لرسول الله صلى الله عليه وسلم ليخرج, وضع رسول الله صلى اله عليه وسلم رجله لصفية لتضع قدمها على فخذه,فأبت ووضعت ركبتها على فخذه. وسترها رسول الله صلى الله عليه وسلم وحملها وراءه وجعل رداءه على ظهرها ووجهها ثم شده من تحت رجلها وتحمل بها وجعلها بمنزلة نساءه . , قال الشيخ عبد العزيز بن خلف:- وهذا الحديث من أدلة الوجوب أيضا لأنه من فعله صلى الله عليه وسلم بيده الكريمة فهو عمل كامل, حيث إنه صلى الله عليه وسلم ستر جسمها كله, وهذا هو الحق الذي يجب إتباعه, فهو القدوة الحسنة, ولو لم يكن دليل من النصوص الشرعية على وجوب ستر المسلمة وجهها وجميع بدنها ومقاطع لحمها إلا هذا الحديث الصحيح, لكفى به موجبا وموجها إلى أكمل الصفات. نظرات في حجاب المسلمةص97
ثالثا:الاعتبار الصحيح والقياس المطرد:
وهو إنكار المفاسد ووسائلها والزجر عنها وإقرار المصالح ووسائلها والحث عليها, فقد ذكر العلامة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله في رسالة الحجاب هذا الاستدلال فقال:فكل ما كانت مصلحته خالصة أو راجحة على مصلحة فهو مأمور به أمر إيجاب أو أمر استحباب, وكل ما كانت مفسدته خالصة أو راجحة على مصلحة فهو منهي عنه نهى تحريم أو نهى تنزيه, وإذا تأملنا السفور وكشف وجهها للرجال الأجانب, وجدناه يشتمل على مفاسد كثيرة . ثم ذكر من هذة المفاسدباختصار 1- الفتنة, فإن بنفسها فتنة ,فضلا عما يجمل وجهها ويبهيه وهذا من أكبر دواعي الشر والفساد. 2-زوال الحياء عن الذي هو من الإيمان ومن مقتضيات فطرتها.3-افتتان الرجال بها.4-اختلاط النساء بالرجال وفى ذلك فتنة كبيرة وفساد عريض. وقال رحمه الله فإن كان قد اختلف في فهم الزينة الظاهرة , فإن الحجة في فهم الصحابة ونسائهم, حيث طبقن ذلك عملا بتغطية الوجه والصدر والنحر والشعر, لما ورد عن عائشة رضي الله عنها في حديث الإفكوكان يعرفني قبل نزول الحجاب وقولها في الإحرام كنا بالجمع فإذا حاذينا الرجال, سدلت إحدانا خمارها على وجهها, فإذا جاوزونا كشفنا. فهذا العمل حجة لا يصح تأويله, لأنه تطبيق عملي لمفهوم النص الشرعي, فىآية الحجاب وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرهم, ولو عملوا شيئا خطأ لنبههم إليه, كما في صلا ة المسيء.انتهى.
ويذكر الشيخ بكر ابن عبد الله أبو زيد هذا الاعتبار القياس المطرد,فيقولفقد دلت النصوص أيضا بدليل القياس المطرد على ستر الوجه والكفين كسائر جميع البدن, وإعمالا لقواعد الشرع المطهر الرامية إلى سد أبواب الفتنة عن النساء أن يفتن أو يفتتن بهن والرامية كذلك إلى تحقيق المقاصد العالية وحفظ الأخلاق الفاضلة مثل العفة والطهارة والحياء والغيرة وصرف الأخلاق السافلة من عدم الحياء وموت الغيرة والتبذل والتعري والسفور والاختلاط كما في قاعدة جلب المصالح ودرأ المفاسد, وقاعدة ارتكاب أدنى المفسدتين لدفع أعلاهما, وقاعدة ترك المباح إذا أفضى إلى مفسدة في الدين, ومن هذة المقايسات المطردة, الأمر بغض البصر وحفظ الفرج , وكشف الوجه أعظم داعية للفتنة من ذلك. النهى عن الضرب بالأرجل, وكشف الوجه أعظم داعية للفتنة من ذلك . النهى عن الخضوع بالقول , وكشف الوجه أعظم داعية للفتنة من ذلك . الأمر بستر القدمين والذراعين والعنق وشعر الرأس بالنص والإجماع ,وكشف الوجه أعظم داعية للفتنة والفساد من ذلك ,وغير هذة القياسات كثير يعلم مما تقدم,فيكون ستر الوجه واليدين وعدم السفور عنهما من باب الأولى والأقيس و وهو المسمى بالقياس الجلي. انتهى. حراسة الفضيلة ص65
تفنيد شبه المبيحين لكشف الوجه والكفين والرد عليها
الشبهة الأولى-قوله تعالى-ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها-قالوا إلا ما ظهر منها ,الوجه والكفين لورود بعض الآثار عن ابن عباس وبعض التابعين في تفسير إلا ما ظهر منها ,الوجه والكفين.وبالرد على هذة الشبهة: أولا الآثار التي وردت عن ابن عباس رضي الله عنه فىتفسير هذة الآية تتبعها الشيخ مصطفى العدوى حفظه الله ,بالتحقيق عند ابن جرير وابن كثير وما وقف عليه وبين أن في كل أثر منها مقالأي ضعيفةولايصلح الاحتجاج بها وأوردها فىرسالته-الحجاب أدلة الموجبين وشبه المخالفين-وبين مافيها من الضعف.
ثانيا-فقد صح لدينا أثر صحيح عن ابن مسعود رضي الله عنه في تفسير هذة الآية-فقال ابن جرير الطبري18/92عن عبد الله رضي الله عنه قال : قال ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها قال الثياب .0الحديث موقوف صحيح فهذا أثر صحيح عن ابن مسعود في أن الزينة المستثناه في الآية إنما هي الزينة الظاهرة وهى زينة الثياب والتي لا بد من ظهورها ولايمكن التحرذ منها وإخفاؤها وليس الوجه والكفين وهذا تفسير صحابي جليل وبأثر صحيح وحسبك بابن مسعود في عداد المفسرين من الصحابة رضي الله عنهم .فيقول عن نفسه –والله لقد أخذت من في رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بضعا وسبعين سورة,والله لقد علم أصحاب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنى من أعلمهم بكتاب الله وما أنا بخيرهم . أخرجه البخاري الفتح9/46 وقال أيضا:ولو أعلم أحدا أعلم منى بكتاب الله تبلغه الإبل لركبت إليهأخرجه مسلم.حديث2463 وقد أخرج الحاكم5387 وصححه الألباني فىصحيح الجامع3509 عن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:رضيت لأمتي مارضى لها ابن أم عبد. .قلت:فمثل هذا حرى أن يقدم تفسيره للآية , وهذا القول لابن مسعود رضي الله عنه هو ما يؤيده المعنىاللغوى لكلمة الزينة في لغة العرب وفى سياق كلمة الزينة في آيات كثيرة في القرآن ,وقد ذكر الشيح محمد الشنقيطى هذا في
أضواء البيان6/197 فقال –الزينة في لغة العرب هي ما تتزين به مما هو خارج عن أصل خلقتها:كالحلي والحلل فتفسير الزينة ببعض بدن خلاف الظاهر ولا يجوز الحمل عليه إلا بدليل يجب الرجوع إليه. وكذلك فإن لفظ الزينة في القرآن يكثر تكرره مرادا به الزينة الخارجة عن أصل المزين بها, ولا يراد بها بعض أجزاء ذلك الشيء كقوله تعالى إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها وقولهإنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكبوقولهالمال والبنون زينة الحياة الدنيا.فلفظ الزينة في هذة الآيات يراد به ما يزين به الشيء وهو ليس من أصل خلقته, وكون هذا المعنى هو الغالب في لفظ الزينة في القرآن يدل على أن لفظ الزينةفى محل النزاعولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منهايراد به هذا المعنى أي زينة ظاهر الثياب.
قول شيخ الإسلام ا بن تيمية في تفسير ابن عباسإلا ما ظهر منها , فقد ذهب إلى وقوع النسخ في مراحل تشريع الحجاب,فقال:فابن مسعود ذكر آخر الأمرين وابن عباس ذكر أول الأمرين. مجموع الفتاوى22/110
قول العلامة عبد العزيز بن باز:-وأما ما يروى عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه فسر إلا ما ظهر منها بالوجه والكفين فهو محمول على حالة النساء قبل نزول آية الحجاب وأما بعد ذلك فقد أوجب الله عليهن ستر الجميع. وقد نبه على ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره من أهل العلم والتحقيق وهو الحق الذي لاريب فيه. وتقدم قوله تعالى-وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب- ولم يستثن شيئا وهى آية محكمة , فوجب الأخذ بها والتعويل عليها وحمل ماسوا ها عليها والحكم فيها عام في نساء النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهن من نساء المؤمنين رسالة في الحجاب والسفورص19
الثاني-الشبهة الثانية:حديث أ سماءالوجه والكفين:
عن سعيد بن بشير عن قتادة عن خالد قال يعقوب :ابن دريك عن عائشة رضي الله عنها أن أسماء بنت أبى بكر دخلت على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وعليها ثياب رقاق فأعرض عنها رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقال ياأ سماء إن إذا بلغت المحيض لم تصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا .وأشار إلى وجهه وكفيه .رواه أبو داود وقال هذا مرسل خالد بن دريك .
الرد على هذة الشبهةكالآتى:1-الحديث ضعيف جدا وذلك لكثرة علله أولها:أن خالد بن دريك لم يدرك عائشة فالسند منقطع .ثانيها: قتادة مدلس . ثالثها:سعيد بن بشير ضعيف .رابعها:الوليد مدلس . كذلك الشواهد له أيضا ضعيفة إذن فلا يصلح الاحتجاج به
2-أن خالد بن دريك تفرد به دون باقي الرواة عن عائشة وقد قال فيه ابن القطان مجهول الحال
3-أنه مخالف لما عرف من حياء أسماء رضي الله عنها وغيرة الزبير بن العوام زوجها رضي الله عنه بالإضافة إلى أنها ابنة الصديق
4-الحديث مخالف لما روته عائشة من حديث الإفك وأنها غطت وجهها وكذلك ماروته من حديث سودة السابق
5-الحديث مخالف لما روته أسماء رضي الله عنها فىالحديث الصحيح حيث قالت :كنا نغطى وجوهنا من الرجال…
6-فضلا عما سبق فإن هذا محتمل أن يكون قبل نزول آية الحجاب .
الشبهة الثالثة:.قصة سفعاء الخدين:
عن جابر ابن عبد الله رضي الله عنه قال شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة يوم العيد فبدا بالصلاة قبل الخطبة بغير أذان ولا إقامة ثم قام متوكئا على بلال فأمر بتقوى الله وحث على طاعته ووعظ الناس وذكرهم ثم مضى حتى أتى النساء فوعظهن وذكرهن فقال تصدقن فإن أكثركن حطب جهنم فقامت امرأة من سطة النساء سفعاء الخدين فقالت لم يا رسول الله قال لأنكن تكثرن الشكاة وتكفرن العشير. رواه مسلم 2/537 ,وقد ذكر فضيلة الشيخ مصطفى العدوى عدة طرق لهذا الحديث ,أخرجه النسائي2/186 , وأخرجه أحمد3/318,وأخرجه البيهقى3/296,3/300 وكلها جاء فيها لفظامرأة من سفلة النساء وقد ذكر عياض أنه جاء في بعض روايات ابن أبى شيبةامرأة ليست من علية النساء, ثم قال – ومن هذا يتضح لنا وضوحا لانشك فيه أن الصوابامرأة من سفلة النساء , وفى اللسان ص2031 وسفلة الناس: أسا فلهم وغوغاؤهم. أما قوله سفعاء الخدين فمعنا فيها تغير وسواد كما قال ذلك النووي . وعلى هذا فقوله امرأة من سفلة النساء سفعاء الخدين أي ليست من علية النساءبل هي من سفلتهم وهى سوداء هذا القول يشعر ويشير إشارة قوية إلى أن كانت من الإماء وليست من الحرائر وعليه فلا دليل في هذا لمن استدل به على جواز كشف وجه إذ أنه يغتفر في حق الإماء مالا يغتفر في حق الحرائر وقد قال الصحابة لما بنى النبي صلى الله عليه وسلم بصفية – إن حجبها فهي إحدى أمهات المؤمنين , وإن لم يحجبها فهي مما ملكت يمينه. قلتوقد أورد صاحب كتاب أدلة الحجاب آثارا صحيحة عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كان ينهى الإماء عن التقنع بالجلباب ويقول لا تتشبهن بالحرائر. انظر إرواء الغليل للألباني6/203,ألمحلى لابن حزم3/218
.ثم هناك احتمال وارد أيضا وهو أن هذة قد تكون من القواعد من النساء
.هذا وليس فىهذا الحديث ما يفيد أن ذلك كان بعد الأمر بالحجاب. انتهى قال الشيخ محمد بن العثيمين: إما أن تكون هذة من القواعد اللاتي لا يرجون نكاحا فكشف وجهها مباح, أو يكون قبل نزول آية الحجاب, فإنها كانت في سورة الأحزاب سنة خمس أو ست من الهجرة, وصلاة العيد شرعت في السنة الثانية من الهجرة.رسالة الحجاب ص32
الشبهة الرابعة:قصة الخثعمية:
التي كانت تسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة يوم النحر وقد أردف الفضل ابن عباس رضي الله عنهما خلفه على عجز راحلته وفيها وأقبلت امرأة من خثعم وضيئة تستفتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فطفق الفضل ينظر إليها وأعجبه حسنها, فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم والفضل ينظر إليها فأخلف بيده فأخذ بذقن الفضل فعدل وجهه عن النظر إليها وأجاب عن ذلك الشيخ الشنقيطىأضواء البيان6/599 قال :ليس في شيء من روايات الحديث التصريح بأنها كانت كاشفة وجهها, وان النبي صلى الله عليه وسلم رآها كاشفة عنه وأقرها علي ذلك بل غاية مافى الحديث أنها وضيئة , ومعرفة كونها وضيئة أو حسناء لا يستلزم أنها كانت كاشفة عن وجهها, بل قد ينكشف عنها خمارها من غير قصد, فيراها بعض الرجال من غير قصد. ثم قال مع أن جمال قد يعرف وينظر إليها وهى مختمرة, وذلك لحسن قدها وقوامها , وقد تعرف وضاءتها وحسنها, من رؤية بنانها, فقط كما هو معلوم ولذلك فسر ابن مسعودولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها بالملاءة فوق الثوب , ومما يوضح أن الحسن يعرف من تحت الثياب قول الشاعر :
طافت أمامة بالركبان آونة يا حسنها من قوام ما ومنتقبا ,فقد بالغ في حسن قوامها مع أن العادة كونه مستورا بالثياب لا منكشفا. انتهى. وقد نقل الشيخ الألباني في كتاب حجاب المسلمة بعض ما جاء في ترجمة أبى على التنوخى أنه أنشد : قل للمليحة في الخمار المذهب أفسدت نسك أخي التقى المذهب
نور الخمار ونور خدك تحته عجبا لوجهك كيف لم يتلهب .
الوجه الثاني : أن الخثعمية كانت محرمة والمحرمة لا يجب عليها تغطية وجهها لقول النبي صلى الله عليه وسلم لاتنتقب المحرمة ولا تلبس القفازين قال ابن قدامة في المغنى3/325 في شرحه:و إحرامها في وجهها فإن احتاجت سدلت على وجهها . وقال الحافظ ابن حجر في الفتح4/54 في قوله لاتنتقب المحرمة: أي لاتستر وجهها,فالأصل في المحرمة أنها لا تغطى وجهها إلا إذا احتاجت عند مرور الرجال مثلا أن تغطيه بشيء غير النقاب كأن تسدل عليه شيئا, وليست تلك التغطية واجبة عليها والله أعلم, انتهى وفى هذا الحديث رد على من قال بجواز نظر الرجل الأجنبي إلى وجه لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يقر الفضل على ذلك ,بل صرف وجهه , وكيف يمنعه من شيء مباح. وقال الدكتور البوطى معلقا على هذا الحديث: قالوا فلولا أن وجهها عورة لا يجوز نظر الرجل الأجنبي إليه لما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك بالفضل,أما ذاتها فقد كان عذرها في كشفه أنها كانت محرمة بالحج. إلى كل فتاة تؤمن بالله ص40
الشبهة الخامسة:قصة الواهبة: وهى أن امرأة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالت يا رسول الله,جئت لأهب لك نفسي فنظر إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فصعد النظر إليها وصوبه ثم طأطأ رأسه… الحديث وفى الاستدلال بهذا الحديث على جواز كشف الوجه نظر من نواحي: الأولى: إن مجيئها على هذا الحال كان لإرادة التزويج من رسول الله صلى الله عليه وسلم فلها حينئذ أن تكشف وجهها ليراها.ففي الحديث-إذا خطب أحدكم امرأة, فلا جناح عليه أن ينظر إليها إذا كان إنما ينظر إليها لخطبته, وإن كانت لاتعلمأخرجه أحمد5/424 الثانية: أن ذلك محتمل انه قبل الحجاب الثالثة:أن ذلك خاص برسول الله صلى الله عليه وسلم, وقد قال الحافظ ابن حجرفتح البارى9/210…والذي تحرر عندنا أنه صلى الله عليه وسلم كان لا يحرم عليه النظر إلى النساء الأجنبيات بخلاف غيره الشبهة السادسة :دعوى أن الحجاب خاص بزوجات النبي صلى الله عليه وسلم
للجواب على ذلك من وجوه :- الأول-أن الحكمة من سؤالهن من وراء حجاب هي طهارة القلوب كما قال تعالى وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ,ونساء المؤمنين كنساء النبي صلى الله عليه وسلم في احتياج إلى هذة الحكمة إذن فالعلة مشتركة وعامة إذ ليس أحد من المسلمين يقول إن غير أزواج النبي صلى الله عليه وسلمنساء المؤمنين لا حاجة لتزكية قلوبهن وقلوب الرجال من الريبة منهن فلاعليهن أن لايسألن من وراء حجابَ, وكيف تؤمر أمهات المؤمنين بالحجاب وهن أطهر النساء قلوبا وأعظمهن فضلا وقدرا في قلوب المؤمنين ولا تؤمر غيرهن بالحجاب ممن هن أقل إيمانا وفضلا وشرفا؟ فغيرهن أولى بهذا الأمر, وعلى هذا فعموم علة الحجاب دليل على عموم حكم الحجاب لجميع نساء المسلمين
الثاني قول النبي صلى الله عليه وسلم إياكم والدخول على النساء فقال رجل من الأنصار يا رسول الله أفرأيت الحمو؟ قال الحمو الموت أخرجه البخاري من حديث عقبة بن عامر الجهنى رضي الله عنه9/242. ففي هذا الحديث دليل واضح على منع الدخول على النساء وسؤالهن متاعا إلا من وراء حجاب ,وتحذير النبي صلى الله عليه وسلم من دخول الرجال على النساء دليل صحيح على أن قوله تعالى: فاسألوهن من وراء حجاب عام في جميع النساء إذ لو كان حكمه خاصا بأزواجه صلى الله عليه وسلم, لما حذر الرجال هذا التحذير البالغ العام من الدخول على النساء
الثالث قول النبي صلى الله عليه وسلم لاتنتقب المحرمة ولا تلبس القفازينأخرجه البخارىرقم1838من حديث ابن عمر رضي الله عنهما , فالخطاب هنا عام لجميع نساء الأمة ,وهذا الحكم خاص ب المحرمة لاتنتقب أي لا تغطى وجهها إلا إذا احتاجت-عند مرور الرجال مثلا- فتغطيه بشيء غير النقاب كأن تسدل عليه شيئا كما كانت أسماء رضي الله عنها تغطى وجهها وهى محرمة. كما يفهم من الحديث أن غير المحرمة تنتقب , وإنما يعرف الشيء بضده.ويفهم منه أيضا أن النقاب كان معروفا.
الرابع قوله تعالى {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً الأحزاب59 فهذه الآية تتمة وتفسير لآية الحجاب وعامة لنساء المؤمنين.
الخامس التطبيق العملي للصحابيات والتابعيات ونساء المؤمنين للحجاب ,كما صح الأثر عن أسماء رضي الله عنها في الإحرام وفاطمة بنت المنذر رحمها الله قالت: كنا نخمر وجوهنا , ونحن محرمات مع أسماء بنت أبى بكر رضي الله عنهما أخرجه الإمام مالك في الموطأ 1/328 والحاكم1/454,وصححه, ووافقه الذهبي, فحديث أسماءرضى الله عنهاكنا نغطى وجوهنا من الرجال دليل على أن عمل النساء في زمن الصحابة رضي الله عنهم كان على تغطية الوجوه من الرجال الأجانب,وأما حديث فاطمة بنت المنذر فيفيد أن تغطية الوجه في الإحرام كان عاما في النساء لافى زمن الصحابة فقط بل فيما بعدهم أيضا.
تعليق
يقول الشيخ بكربن عبد الله أبو زيد فيما هو معلوم من الشرع المطهر,وعليه المحققون, أنه ليس لدعاة السفور دليل صحيح صريح,وأن جميع ما يستدل به دعاة السفور عن الوجه والكفين لا يخلو من حال من ثلاث حالات:
1-دليل صحيح صريح,لكنه منسوخ بآيات فرض الحجاب أي قبل عام خمس من الهجرة , أوفى حق القواعد من النساء . 2-دليل صحيح لكنه غير صريح,لاتثبت دلالته أمام الأدلة القطعية الدلالة من الكتاب والسنة على حجب الوجه والكفين كسائر البدن, ومعلوم أن رد المتشابه إلى المحكم هو طريق الراسخين في العلم.3-دليل صريح لكنه غير صحيح,لا يحتج به, ولا يجوز أن تعارض به النصوص الصحيحة الصريحة من حجب النساء لأبدانهن وزينتهن ومنها الوجه والكفان. هذا مع أنه لم يقل أحد في الإسلام بجواز كشف الوجه واليدين عند وجود الفتنة ورقة الدين, وفساد الزمان, بل هم مجمعون على سترهما,وهذة الظواهر الإفسادية قائمة في زماننا, فهي موجبة لسترهما,لو لم يكن أدلة أخرى. انتهى. حراسة الفضيلة ص68
خاتمة
وخلاصة ما سبق من البحث نرى أن ستر وجه أمام الرجال الأجانب ليس بدعة ولا تطرفا أو تنطعا بل وليس سنة, بل هو أمر واجب, وذلك للأدلة التي سقناها فيما سبق من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية وكلام كثير من المفسرين وشراح الأحاديث وفعل الصحابيات وأقوال التابعين وكلام الفقهاء والعلماء فىذلك مما يؤكد قوة الاحتجاج بوجوب ستر الوجه والكفين وضعف قول القائلين بجواز كشف الوجه والكفين وذلك أن العمدة في استدلالهم على ذلك هو تفسير ابن عباس رضي الله عنه للآية إلا ما ظهر منها بالوجه والكفين وقد ذكرنا سابقا أن الروايات الواردة عن ابن عباس في ذلك كلها ضعيفةللتحقيق يرجع إلى رسالة الحجاب لفضيلة الشيخ مصطفى العدوى ص45 والعجيب أن هناك رواية لابن عباس رضي الله عنه تخالف ما روى عنه بقوله الوجه والكفين وهى تفسيره للآية-يدنين عليهن من جلابيبهن- فقال أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤسهن بالجلابيب ويبدين عينا واحدة. وإن كانت هذة الرواية أيضا فيها كلام كما ذكر الشيخ مصطفى العدوى , فلماذا يتشبث المجوزون لكشف الوجه بالرواية الأولى ويهملون الرواية الثانية وهى تفسيره لقوله تعالى يدنين عليهن من جلابيبهن ؟ بل وهناك الرواية الصحيحة
لابن مسعود رضي الله عنه في تفسير قوله تعالى-إلا ما ظهر منها فقال الثياب . فلماذا نترك الرواية الصحيحة ونعدل عنها إلى الضعيفة؟ وكذلك يستدل المجوزون لكشف الوجه والكفين بحديث أ سماء رضي الله عنهاإن إذا بلغت المحيض لا يرى منها…
وقد بينا أنه ضعيف جدا ولا يصلح الاحتجاج به. ومع العلم بأن الذين قالوا بجواز كشف الوجه والكفين من المالكية والحنفية قيدوه بأمن الفتنة واتفقوا على وجوب ستر الوجه والكفين فىحالةخوف الفتنة .والناظر إلى واقعنا المعاصر يرى أن الفتنة بلغت فيه أوجا رفيعا لم يبلغ في أي عصر من العصور السالفة من هذا التبرج والسفور القبيح في لباس وتفننها بأنواع الزينة ووسائل الإغراء وحصول الاختلاط وقلة الحياء وغربة الدين ألا يدعو ذلك كله إلى التمسك بالعفة والطهارة وبالاعتصام بالكتاب والسنة ؟ فاحذارى أختاه أن تنخدعي بدعاة التبرج والسفور فإنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم وتذكري حقارة الدنيا ونعيمها الزائل المنقطع عن أهلها وأن الفوز الحقيقي في النجاة من عذاب الله والفوز بالجنة, النعيم المقيم. قال تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ آل عمران185 . ومازال في الوقت بقية للتوبة والإنابة والعود الحميد إلى الله قبل أن يأتي الندم في وقت لا ينفع فيه ندم, ولا ينبئك مثل خبير ,قال تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ العَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ بَلَى قَدْ جَاءتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِينَ وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ الزمر . وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
كتبه وراجعه فضيلة الشيخ مجدي مصيلحي