هل لاحظت مما يشتكي منه أفراد الأسرة اليوم؟ بعض الأبناء يشكون من أن آباءهم لا يستمعون إليهم وإلى مناقشاتهم، دائما
يخاطبونهم بطريقة فرض الرأي بحكم دورهم كآباء أو أمهات، الأب من جهة يقول بأن الابن يثور ويتكلم بعصبية عندما يريد أن يشرح
وجهة نظره.
كذلك يريد الزوج من زوجته أن تفهمه وتريد هي منه أن يحبها، والأجداد يعيبون على الأجيال الصاعدة منتقدين تصرفاتهم، والجيل
الجديد بدوره يأخذ على الكبار تحفظهم وتقليديتهم.مما يجعل الحوار أو التواصل بينهم مشوشا وغير ذي نفع.
لهذا كان من الضروري التطرق إلى مسألة الحوار داخل الأسرة، كيف يجب أن يكون بمفاهيمه وأطره؟
1- الحوار مع الأبناء:
يجب على الأبناء أن يعرفوا أن الوالدين يتعاملان معهم بدافع الحب والشعور بالمسؤولية تجاههم وليس من أجل
فرض رأي معين.
كذلك على الابن ألا يحاول ان يظهر بمظهر المدرك لأموره والمعتمد بآرائه دون حساب لرأي الأهل بحجة أنهم لا يعرفون متطلبات
العصر، فهم بالنهاية لديهم خبرة في الحياة أعمق مما لدى الأبناء وربما يشاهدون الأمور من زاوية أخرى لا يدركونها هم أنفسهم،
من ناحية أخرى على الأهل ألا يظهروا بمظهر اللامبالي في أمور أبنائهم أو المسفه لأقوالهم وآرائهم بل لنبادر نحن- كآباء- إلى بناء
الحوار السليم مع الأبناء وفق الاعتبارات التالية:
* نشجعهم عند أي نجاح ولا نقلل من قدراتهم.
* نصغي إليهم حتى يشعروا بمكانتهم وأهميتهم لدينا.
* نحترس من النقد المستمر كي لا يفقدوا الثقة بذاتهم.
* لا نقدم النصائح كيفما اتفق إلا إذا سئلت، لندع لهم فرصة أخذ القرارات الصحيحة فذلك يساعد على ثبات الحقائق والمبادئ في
ذهنهم.
* لنخصص لهم وقتا في المحادثة والاستماع بهدف تعلم أسلوب "المناقشة".
* ندعهم يشاركوننا الرأي عند التخطيط لنزهة أو مشروع لهم دور فيه.
* نحاورهم في المشاكل التي تواجهنا حتى يستطيعوا تقدير الظروف.
* إذا أغضبونا وكانت ردة فعلنا سلبية فلا نتردد في الاعتذار لهم فذلك يجعلنا مثلا أعلى بالنسبة لهم فيحذون حذونا.
* لنقدر قلقهم أو خوفهم عند أي اضطراب ولنعمل على تبديد تلك المخاوف.
* لنتجنب وصف الأطفال مسبقا أو على مسامعهم بما يمتازون به حتى لا يعتادوا هذا الوصف، فإذا قلنا لأحدهم مثلا أنك ستكون
محتالا،
أو عصبيا في المستقبل، فقد يشب وهو على شيء من هذا الحال.
علينا أن نعي باستمرار سلوك الأبناء وتصرفاتهم. كما ينبغي على الآباء توضيح المعلومات التي يريدها الأبناء بالأسلوب المناسب
وفي الوقت المناسب لا كما يفعل بعض الأهل الذين يخشون على أبنائهم معارف ليست لهم أو أكبر منهم، ثمة أكثر من أسلوب
لكي يقتنع ويعرف.
وعلى الأب والأم أيضا تقييم دورهم بين الحين والآخر: هل ثمة تقصير في أداء دورهم تجاه أبنائهم أم لا؟
2- الحوار بين الشريكين: قبل أن يتزوج اثنان فإنهما ينظران لأن يصبحا واحدا في دروب الحياة، لكن عندما يتزوجان تبرز مشكلة في
أيهم سيكون هذا الواحد (في القرار)، هذا ما يجعلنا نتساءل: هل رومانسية الماضي واتفاقياته ينسفها الحاضر بظروفه وواقعه؟ يبدو
أنه ليس هناك زواج مثالي لا تشوبه التوترات ولا يخلو من قلاقل. رغم أن الزواج الناجح يمكن الوصول إليه ببساطة عبر الحوار الهادئ
والنقاش البناء الذي يمكن أن يتم عبر أساليب معينة يقوم بها الشريكين منها:
1- لا يتكلمان معا، فليتكلم أحدهما وليصنت الآخر.
2- يفكران معا في كيفية إزالة جدار الصمت الحاصل نتيجة الزعل أو المشاجرة، بأن يتبادلا حوارا حقيقيا عن مواضيع عامة وصولا إلى
المواضيع التي كانت سبب الخلاف.
3- الابتعاد قدر الممكن عن التقييم السلبي الدائم والتلميحات (التلطيشات) وليحذرا التعليقات الجارحة.
4- يجب أن يستمر الصوت العالي هو المسيطر في لغة التبادل الكلامي، فليتوقف ولا يتكرر حدوثه.
5- ليبتعد الشريكين عن تبادل الاتهامات ولا يسجل كل منهما سقطات الآخر أو يعيد تذكيره بأخطاء سابقة، إذ من شأن ذلك أن يعقد
الأمور بينما المطلوب فض الإشكال لا نكأ الجروح. فلا يضربن أحد منكم الآخر تحت الحزام.
6- عندما يتوجه أحدهما للآخر فليناديه باسمه ويعبر عن صراحته في تصرف شريكه المزعج، أي ركز اعتراضك على نقطة الخلاف لا
على شخصية بحد ذاتها. افصل الشخصية عن الحدث.. فإذا كان أحد الشريكين اقتصاديا مقترنا بشريك مبذر مثلا، فجدير بأحدهما أن
يسأل: "ألا نستطيع مناقشة شراء سلعة ما إذا كانت تكلف أكثر من مئة دولار قبل أن نقدم على شرائها؟ فهذا السؤال أفضل من
الصياح: عليك أن تكف عن تبذير الأموال بلا طائل".
7- ليبادر أحدهم ويكسر عنف الحوار برقة الاعتذار.. لقول عالم النفس السويسري "توزنيير": "إن لدى كل زوجين مشكلات وهو
شيء حسن، فالذين يبدون أنهم أكثر الناس نجاحا في الزواج هم أولئك الذين تعاملوا مع مشكلاتهم سويا وتخطوها".
8- لا يكون أحدهم مزدوج الرأي أو القول متناقض العاطفة، تارة يظهر بحبه الجارف عندما يعبر عن مشاعره الحميمة وتارة يكرهه
عندما يستشيط غيظا، ثمة أمور انفعالية تحصل لا يمكن إغفال نقيضها بسهولة.
تقول إحدى السيدات السعيدات في زواجها: "كانت حياتنا أشبه بركوب الأرجوحة لها قمتها العليا وانخفاضها إلى أسفل، بل إن أحدنا
كان يسقط في بعض الأحيان من فوق الأرجوحة ويتألم من أثر السقطة، لكننا كنا نجد متعة الصعود إليها ثانية"، لهذا نورد بعض
النصائح لعلاقة أمثل بين كل شريكين حسبما اتفق الباحثون عليها:
للزوج:
– حاول أن تكون زوجا مخلصا قدر الإمكان، بل اجعله دعامة علاقتك بزوجتك. لأن التوفيق بالزواج ليس فقط في أن يجد المرء زوجة
صالحة وإنما أن يكون أيضا زوجا صالحا.
– صادق زوجتك وتودد إليها لأن إذا كانت المرأة أفضل من الرجل في الحب فهو أفضل منها في الصداقة.. كم هو جميل أن تتسم
الحياة الزوجية بعربة يجرها حصاني: الحب والصداقة.
– تباهي بميزات وقيم زوجتك السامية "فالمرأة الفاضلة تاج لزوجها" "خير متاع الدنيا المرأة الصالحة".
– "استوصوا بالنساء خيرا" هكذا يدعو الحديث الشريف، فمنهن الأم والأخت والابنه والزوجة والقريبة أو ليس هن أجدر بكل خير
حياتنا،؟ إذن لا تتواني عن فعله.
للزوجة :
– احرصي ألا تكوني مصدر إزعاج على زوجك وتذكري أن الإلحاح يثمر العناد.
– خاطبي زوجك كرجل ناضج وليس بأسلوب آخر.
– عندما تحدث فوضى في المنزل- بسبب أولادك أو زوجك- حاولي التحكم أولا في هذه الفوضى وانتظري حتى تهدئي تماما ثم
تحدثي عن موضوع الترتيب والفوضى.
– تجنبي استعمال التعبيرات السلبية لأي من أفراد الأسرة خاصة الزوج كقولك: أنت غير مرتب، أنت غير منظم، أنت.. إلخ. هناك
أكثر من طريقة لرسالتك.
– احتفظي بهدوئك وبرقتك في مواقف المواجهة واحذري التوتر وفقدان العصبية، من شأن ذلك أن يظهرك "صاحبة مشاكل"
لا "شريكة ودودة".. يرى عالم العلاقات الإنسانية الشهير "ليوباسكاجاليا" أن العلاقات التي تسودها المحبة تعتبر أساسا حيويا لكل
منا في حياته الأسرية مهما كان موقعه من العلاقات الأسرية، ولكن ما هي أهم وسائل تحقيق المودة والألفة والمحبة بين الزوجين،
للإجابة عن ذلك أجرى هذا الباحث استفتاء بين ألف زوج وزوجة، فأجمع أكثرهم على أن هناك أربع عناصر رئيسية لضمان نجاح
العلاقات الزوجية:
1- المحادثة والتواصل الحسي بالكلام الجميل والإطراء.
2- الإعراب عن مشاعر الود وترجمتها في الحياة اليومية بأفعال.
3- التسامح والعفو وغفران الخطأ.
4- التعامل بأمانة، وهذا لا يتم إلا إذا كان هناك ثقة، والثقة لا يمكن أن تقوم بغير صدق وعندما لا يكون هناك صدق لا يكون هناك
حب.