التكيّس الدموي في الحوض هو عبارة عن نمو خلايا رحمية في غير مكانها الطبيعي أي في أماكن مختلفة من الجسم، لتنزف مع نهاية الدورة الشهرية، وتصيب المريضة بأعراض مختلفة حسب الأعضاء المعنية كعنق الرحم أو المبيض أو الأمعاء. وهذه الحالة توضح لنا بعض المشاكل المتعلّقة بالخصوبة، ولكنها غير مطروحة للنقاش الطبي الكثيف. «سيدتي» اطلعت من الإختصاصي في الطب والجراحة النسائية الدكتور وديع أبي شبل عن عوارض هذه الحالة، وطرق علاجها..
> متى يبدأ التكيّس، وهل من سن معيّنة لحدوثه؟
ـ تبدأ المشكلة في سن المراهقة وتنتهي عند انقطاع الحيض، علماً أنها تتعلّق بالدورة الهورمونية الشهرية، وغالباً ما تصيب النساء اللواتي تتراوح أعمارهن ما بين الثلاثين والأربعين سنة، خصوصاً اللواتي تأخّر زواجهن أو حملهن.
ومعلوم أنه خلال الدورة الشهرية، تزداد سماكة بطانة الرحم نتيجة نمو الغدد والخلايا الرحمية لتكون مستعدة لتلقي البويضة الملقحة عند حدوث الحمل. وإذا لم يحدث التلقيح، تتساقط هذه البطانة المتشكّلة إلى خارج الرحم بما يعرف بـ «الطمث» أو «العادة الشهرية».
> ما هي الأسباب المسؤولة؟
ـ ترجّح النظريات أن تناثر خلايا البطانة الرحمية إلى الحوض من خلال الأنابيب (الطمث الرجعي) يفسّر سبب التكيّس الدموي المسؤول عن الآلام أثناء العادة الشهرية عند بعض النساء. ويلاحظ أنه لدى بعض النساء اللواتي يعانين من هذه التكيّسات، وبدون أن نعرف السبب، تنمو هذه الألياف خارج الرحم وتستوطن في أماكن عدّة من الجسم خصوصاً في المبيض وعنق الرحم والمصران والأمعاء والمبولة، وقد تصل في بعض الحالات الخاصة إلى الرئتين.
ويلعب العامل الوراثي دوراً أساسياً إذ بيّنت بعض الدراسات أن نحو 7 % من التكيّس الدموي يحدث عند الأقارب من الدرجة الأولى، ما يؤكّد البعد الجيني للمشكلة. وقد يسبّب الخلل الجيني في جهاز المناعة هذه الحالة.
النزيف والإلتهابات المتكرّرة
> ماذا ينتج عن هذه المشكلة؟
ـ في كل شهر تنزف هذه الألياف، وبغض النظر عن المكان الموجودة فيه. وهذا النزيف ليس خطراً
ولا يهدّد عمل الأعضاء، ولكنه على المدى الطويل وبسبب الإلتهابات المتكرّرة للأنسجة وتراكم الدم في أماكن مغلقة، من الممكن أن يتسبّب بآثار غير مرغوب فيها كالإلتهابات والآلام الحادة، بالإضافة إلى التصاقات داخل الحوض وألم عند المجامعة أو عند الخروج أو التبوّل، وكل ذلك يرتبط بمكان وجود هذه التكيّسات. وينتج عنها أوجاع متكرّرة تظهر في كل دورة إذا غلّفت هذه التكيّسات الجهاز التناسلي، وهذا ما يحصل في غالبية الحالات. كما يمكن أن تبقى في أسفل البطن ما يسبّب آلاماً فيه. وتكمن المشكلة لدى وجود هذه التكيّسات في المبولة أو في الشرج لأن كل تبوّل أو خروج يسبّب آلاماً حتى خارج الدورة الشهرية.
> كيف تؤثّر هذه الحالة على الخصوبة؟
ـ تعتبر هذه الحالة من الأسباب الرئيسية لتدني الخصوبة عند المرأة لكونها تصيب المبيض في حوالي 40 % من الحالات، إضافة إلى تسبّبها بالتصاقات في الحوض تعوق عمل الأعضاء التناسلية، وبالتالي يجب دائماً أن نعمل على تشخيص هذه الحالة عند تقييمنا للخصوبة عند الزوجين.
آلام مزمنة
> هل من علاجات تساعد على التخلّص من هذه المشكلة المزعجة؟
ـ في غياب العلاجات لفترة زمنية طويلة، تصبح التشققات التي يسبّبها التكيّس والنزيف في وضع حرج للغاية، وتتحوّل هذه الآلام إلى مزمنة وتظهر خصوصا ً أثناء أو بعد العلاقات الزوجية ما يعني أن الألياف استقرت بين المهبل والشرج. وتعاني امرأة من بين عشر نساء من هذه المشكلة. والجدير ذكره، أن هذا الداء لا يستجيب لأبرز مضادات الإلتهابات، ويمكنه أن يمنع المريضة من ممارسة عملها وحياتها الإجتماعية، بالإضافة إلى دوره في معاناتها من التعب والإنهيار النفسي!
> لماذا نتأخر أحياناً لسنوات عدّة لاكتشاف المرض؟
ـ إن السبب الأساسي المسؤول عن التأخر في اكتشاف المرض يعود إلى أن إشاراته ليست واضحة تماماً، فمن الممكن أن تستوطن هذه التكيّسات في عرق النساء وتسبّب آلاماً في أسفل الظهر، ومن الصعب التخيّل أن يتسبّب مرض نسائي بالإكتام أو بالإسهال. وغالباً ما يشخص هذا الداء على أنه نفسي أو مرتبط بالجهاز الهضمي أو بالتوتر. وأحياناً، لا يظهر التكيّس أية علامة إلا أن ذلك لا يعني أنه غير موجود، لأنه مع الآلام وبدونها تعاني النساء من صعوبة في إنجاب الأطفال. وغالباً ما تكتشف السيدة أنها تعاني من هذا التكيّس من خلال فحص الخصوبة.
الهورمون للحدّ من انتشار التكيّس
> ما هو العلاج الأفضل بعد التشخيص السليم للحالة؟
ـ إذا تمّ العلاج من الآلام أو من مشاكل الخصوبة، يمكن للطبيب الإختيار بين المعالجة بواسطة الأدوية أو بواسطة الجراحة. وتجدر الإشارة إلى أن العلاج بواسطة الأدوية قد يحدّ من انتشار التكيّس بواسطة الهورمون، وأحياناً تكفي حبوب منع الحمل لذلك. ولكن في بعض الحالات المستعصية، يتم اللجوء الى أدوية هورمونية خاصّة تؤدي إلى انقطاع مؤقت للدورة الشهرية (بما يشبه انقطاع الحيض تماماً) لإراحة المريضة. ولكن، لهذا الأخير أعراض غير مرغوب فيها إذ تشعر المرأة بالهبّات الساخنة، وبنوع من نشاف المهبل، وتخسر من كثافتها العظمية، كما يجب أن لا تستمر مدة العلاج لأكثر من ستة أشهر.
الجراحة غير مضمونة النتائج
تفيد الجراحة بواسطة المنظار الضوئي في إزالة كمية من التكيّس الذي يدخل إلى البطن عبر جرح صغير تزال من خلاله التكيّسات غير المرغوب فيها. ولكن هذه الجراحة لا تؤدي الى الشفاء النهائي إذ إن هذه التكيّسات تعاود الظهور!
ماذا عن الطب البديل؟
ترغب بعض النساء اللواتي يعانين من هذه الحالة في التخفيف من كميات الأدوية المضادة للإلتهاب، فيلجأن إلى الطب البديل ما يساعدهن عند الخضوع للعملية على تحمّل الأعراض الجانبية لانقطاع الحيض الإصطناعي.
ويلجأ قسم من النساء إلى وخز الابر الذي يساعد على التحكم بطاقة الجسم، ومحاربة التعب، والتخفيف من الألم ووجع الأمعاء. كما أن العلاج بتحريك المفاصل والعضلات مهم لأنه يخفّف من الضغط على الحوض.
منقول