هذا بالضبط ما أثبتته نتائج إحدى الدراسات العلمية الحديثة في عالم الحياة الزوجية، مشيرة إلى أن الرجل يمل من زوجته بعد فترة من العمر، الأمر الذي يجعل الزوجة الثانية سبباً في سعادة الزوجة الأولى، فعندما يلجأ الرجل لزوجة أخرى يشتاق إلى زوجته الأولى عندما يشعر بالملل من الثانية، الأمر الذي يجعل الزوجة الأولى في سعادة وسرور.
في البداية يجب ألا ننكر أن الزواج الثاني أو مبدأ تعدد الزوجات أمر شرعه الله عز وجل، ولا ينبغي علينا أبداً أن نعترض على أمر قدره الله سبحانه وتعالى لعباده المسلمين، ولكن لماذا يلجأ الرجل إلى الزوجة الثانية؟، ولماذا يرفض المجتمع الزواج الثاني؟، وما سبب انتشار هذه الظاهرة؟ .. كلها استفهامات تبحث عن إجابة.
فتيل الأزمة
لا شك أن انتشار عدد المطلقات في مجتمعنا الحديث كان الفتيل الأول الذي أدى إلى انتشار هذه الظاهرة، التي استغلها بعض الرجال اسوأ استغلال، فهم يعتقدون حتماً أن المطلقة يمكن أن ترضى بأي وضع وتقبل بالقليل من أجل التخلص من اللقب ومن نظرة المجتمع الدونية لها، ومن ثم بدأ التلاعب بالمشاعر، والتغني بألفاظ الحب ووعود الزواج لاقناع المطلقة على الموافقة على أن تكون الزوجة الثانية سواء في السر أو العلن، كلاً حسب جديته ومشاعره تجاه من يختارها، ومن الرجال من يكون جاداً ومنهم من يكون ذئب يبحث فقط عن المتعة ويستغل ضعف المطلقة من أجل الحصول على ما يريد من أطماع، وأصبح عالم المطلقات سوق للمتعة، يصطاد منه الرجال الأنثى الضعيفة صاحبة الظروف السيئة.
نصف الكوب الفارغ
الواقع يقول أنه من الرجال من يمتلك زوجة جميلة ومثقفة وحنونة، تبذل كل جهدها من أجل إسعاده، ولأن التعدد مباح وحلال باقتناع تام من كل الرجال، فالرجل دائماً يبحث عن الثانية التي تبادله مشاعر يفقتقدها مع الزوجة الأولى، مهما أعطت الزوجة الأولى فالرجال لا يكتفون ويبحثون دائماً عن الجزء المفقود، ولا ينظرون إلى من يمتلكوه بالفعل.
فمن الرجال من يفتقد الحب الرومانسى الحالم الحب المجرد من المتطلبات والأعباء والالتزامات فهو يفتقد الكلمة الطيبة التى أحيلت إلى قاموس الذكريات ويشتاق إلى روعة الإحساس بمفعول كلمه الحب والغزل والشعر، ويفتقد رسالة على هاتفه المحمول من زوجته، يفتقد الإحساس بالغيرة عليه والقلق على حياته وكلمات تشجيع الذات ورسائل الحب والغرام، ومنهم من يشتاق إلى هدية وكيفية صنع المفاجات من أجل تجديد الشباب والحياة وبث روح جديده فى نفسه، ومن يشتاق إلى ملهمة تلهمه أصدق كلمات ومعانى الحب.
تعاسة مؤكدة
تقول الاستشارية النفسية والخبيرة التربوية هبة شركس أن هناك أسباب كثيرة تدفع الزوج إلى اللجوء لامرأة اخرى غير زوجته أهمها عدم تفهم الزوجة الأولى لزوجها، أوحدوث مشاكل متكررة بينهما حاولوا حلها ولم يفلحوا، أو بسبب اهمال الزوجة لنفسها، وإهمالها لزوجها، واحساسها بالاطمئنان وبالاستقرار الأسري على خلفية أنها امتلكت الزوج بالفعل، فهنا الزوجة الأولى تسلك طريقاً تضيع به الزوج من بين يديها، والعكس صحيح، فربما تكون الأسباب بعيدة تماماً عن الزوجة، ولأن صفة التعددية عند الرجال تجبرهم على التفكير بالأخرى سيكون البحث عن امرأة ثانية فطرة ذكورية بحتة، لا يمكن السيطرة عليها.
وأشارت الدكتورة هبة إلى أن الرجل الذي يصحح خطأ زواجه الأول بالزواج من أخرى هو رجل يخطئ التصرف، فالزواج من الثانية يجب ألا يكون على حساب الزوجة الأولى، بل ينبغي الاتفاق بين الطرفين وقبول الزوجة الأولى بوجود امرأة أخرى في حياة زوجها، وإلا ستنقلب الحياة إلى جحيم، وستؤثر سلباً على الزوجتان الأولى والثانية.
من جانبها، تقول استشارية الطب النفسي الدكتورة هالة حماد، أن بين الزوجات دائماً تناحر وتنافس مستشهدة بزوجات الرسول وما كان بينهما من غيرة أحياناً رغم الحب والوئام الذي نشأ بينهن، مستطردة "وربما توجد مشاعر نبيلة بين الزوجات، ولكنها قلما ما تستمر بسبب مشاكل الحياة، وبرغم من شرعية التعدد وجوازه الشرعي إلا أن هذا لا يمنع ألم الزوجة الأولى فهي المتضررة الأولى من الزواج الثاني"، مؤكدة أن الزوجة الأولى دائماً تكون الأقوى تأثيراً على الزوج، مهما بلغت قيمة الثانية في حياة الرجل، فالزوجة الثانية هي حلم خيالي يعيش بداخله الرجل لمدة ساعة أو اثنان، ثم يعود إلى ملجأه الحقيقي وهو بيت زوجته الأولى، ولهذا لن يحقق الزواج الثاني إلا التعاسة للأولى والثانية.