التصنيفات
الاستشارات الخاصة و استشارات الصحة و الطب

العلاج بالبرودة

عند الإصابة بالتواء في الكاحل، أو بآلام في الظهر، أو في الرأس، يلجأ الكثيرون بشكل أوتوماتيكي إلى الثلج للتخفيف من أوجاعهم، وغالباً ما يكون ذلك مفيداً وفاعلاً، كيف لا، وهناك طريقة علاج كاملة تقوم على البرودة.
ربما كانت الفرق الطبية التي تعالج الرياضيين الأكثر استخداماً للعلاج بالبرودة، فنراهم كلما سقط لاعب كرة قدم، يهرعون إلى استخدام عبوة الرذاذ المعجزة ويرشُّون المنطقة المؤلمة به، وسرعان ما ينهض اللاعب ويتابع المباراة وكأنّه لم يسقط ولم يتألم. واستخدام البرودة لا يقتصر على الرياضيين بل يشملنا جميعاً. من منا لا يستعين بالثلج أو بكيس من السائل البارد المثلَّج لإزالة انتفاخ ناتج عن صدمة أو تورُّم في الركبة إثر سقطة، أو التخفيف من آلام الرأس النصفية. والواقع أنّ استخدام البرودة لتسكين الأوجاع ليس أمراً جديداً، فقد كان الصينيون يستخدمونه منذ 3500 سنة، غير أنّ العلاج بالبرودة لم يشهد تطوراً فعلياً إلاّ مع نهاية التسعينات.

قام اختصاصي العلاج الطبيعي الفرنسي كريستيان كلوزو بتطوير تقنية جديدة تستخدم برودة الغاز، وتم بذلك الاستعاضة عن الرذاذ الهلامي البارد القديم، الذي كان يستخدمه المسعفون، (بمسدس) يطلق غازاً كربونياً تبلغ درجة حرارته 78 درجة تحت الصفر. ويلجأ عدد كبير جداً من اختصاصيي العلاج الطبيعي اليوم إلى استخدام هذا الغاز البارد لعلاج حالات الروماتيزم والتهاب الأوتار وعرق النسا وآلام الظهر والتهاب المفاصل. ويقول الدكتور فنسان كافيليه، الذي يعالج فريق كرة سلة فرنسيا، إنّه يلجأ إلى الغاز الكربوني البارد كعلاج إضافي مع استخدام الثلج والكمادات الباردة.
وتجدر الإشارة إلى أنّ البرودة الشديدة تخفض درجة حرارة الجلد خلال ثوان معدودة من 37 درجة إلى 4 درجات. هذه (الصدمة الحرارية) تعطل شعور المستقبلات الحسيّة بالألم، نظراً إلى انخفاض درجة حرارة الجلد إلى أقل من 15 درجة مئوية، وهو أمر يندر حدوثه مع استخدام الثلج وحده.
ويدوم هذا المفعول التخديري مدة تتراوح بين نصف ساعة وثلاث ساعات بعد إنهاء العلاج. ونظراً إلى ما تتمتع به البرودة من خصائص مضادة للالتهابات والاستسقاء الموضعي، فإنّها تحد من إفراز المواد الكيميائية الوسطية المسؤولة عن الالتهابات، وتتسبب في انقباض الأوعية الدموية مما يبطئ بدوره من حدوث الاستسقاء الموضعي، كما تخفف البرودة التوتر العضلي، أي أنّها تساعد على الاسترخاء.
يقول اختصاصي العلاج الطبيعي الفرنسي مارك أورلو إنّ الغاز الكربوني البارد يوقف الآلام حال الإحساس بها، ومقارنة بالثلج، فإنّ المفعول المضاد للالتهابات يظهر بعد ثلث ساعة من استخدامه. وقد تم تطوير (مسدس) الغاز الكربوني، فأصبح أصغر حجماً، وتوضع فيه خراطيش من غاز ثاني أوكسيد الكربون المُعقَّم. ولا بد من الإشارة إلى أنّ تسليط غاز تبلغ درجة حرارته 78 درجة تحت الصفر ليس بالأمر البسيط، لذلك لا يسمح إلاّ للأشخاص المدربين باستخدامه. وتقول الدكتورة إليزابيث برونيت، مسؤولة قسم الخدمات الطبية الخاصة بالرياضيين في أحد مستشفيات ليون في فرنسا، إنّ مدة تعريض المنطقة المصابة للغاز البارد يجب ألاّ تتعدى الدقيقة الواحدة. وقد زوّد المسدس بما يشبه المسطرة لضبط المسافة اللازمة بينه وبين الجلد، إضافة إلى جهاز استقبال يعمل على الموجات ما تحت الحمراء لضبط حرارة الجلد. إنّ انخفاض درجة حرارة الجلد إلى ما تحت الدرجتين يؤدي إلى أضرار لا يمكن تصحيحها. وهناك نوع آخر من العلاج بالبرودة يعتبر أقل تكلفة من الغاز الكربوني، وهو العلاج بالهواء البارد، وفيه يعمل الجهاز المستخدم على استقطاب الهواء المحيط به وتبريده إلى درجة 30 تحت الصفر، ثم يقوم بعد ذلك بإطلاقه على جلد المريض والتسبب في صدمة حرارية مماثلة لتلك التي نحصل عليها عند استخدام الغاز الكربوني البارد. ولكن نظراً إلى كون الهواء المستخدم غير مُعقَّم، فإنّ دخول هذا الجهاز إلى غرف العمليات غير وارد، وفضلاً عن ذلك، يتوجب إزالة الثلج عن الجهاز بانتظام، أي أنّه يحتاج إلى صيانة أكثر من مسدس الغاز.
وتجدر الإشارة إلى أنّه ظهر مؤخراً نوع جديد من العلاج بالبرودة هو العلاج بتبريد الجسم بأكمله، داخل (غرفة باردة) . يدخل المريض وهو يرتدي بدلة سباحة فقط إلى غرفة تبلغ درجة حرارتها 110 درجات مئوية تحت الصفر، ويبقى فيها بضع دقائق فقط. وقد يبدو ذلك مفزعاً بالنسبة للكثيرين، لكن الجسم قادر على تحمُّل ذلك جيداً، وتتسبّب هذه الحرارة بالغة الانخفاض في ما يشبه الوخز والتنمُّل في الجلد وتكبح مباشرة أي إحساس بالألم، وذلك عن طريق تنشيط الدورة الدموية، وإزالة التوتر العضلي، وغالباً ما يخضع المريض بعدها إلى جلسة من التدليك الطبي.
ويؤدي تكرار هذا النوع من العلاج إلى التخفيف من الآلام العضلية والعظمية على المدى البعيد، ويُحسن وظائف الجسم ويساعد على التخفيف من كمية الأدوية التي يتناولها المريض. وتجدر الإشارة إلى أنّ الرياضيين المحترمين يلجأون إليه للتعزيز من قدراتهم وتحسين أدائهم. وغالباً ما يوصف هذا العلاج في حالات الأمراض المزمنة، مثل الروماتيزم، أو الأوجاع العامة. وقد لاقى نجاحاً بارزاً لدى مرضى يعانون من شتى أنواع الأمراض مثل الصدفية والربو والاكتئاب.
ولا ينحصر استخدام البرودة في مراكز العلاجات الطبيعية، بل نشهد هذه الأيام دخول تقنيات التبريد إلى غرف العمليات، ويفضل عدد كبير من الجراحين التبريد على الاستئصال، وخاصة في حالات الإصابة بالسرطان. ويقوم الجراح في هذه الحالة بتخدير المريض وإدخال (مسبار) إلى الورم، حيث يجمده مستخدماً غازاً بارداً معقَّماً تبلغ درجة حرارته 180 درجة تحت الصفر، وبفعل هذه البرودة تموت الخلايا الموجودة في قلب الورم. وتلقى هذه التقنية نجاحاً في الولايات المتحدة بشكل خاص، حيث يتم تطويرها واستخدامها في حالات سرطان البروستات والثدي والرحم بشكل خاص.
أما في منازلنا فيمكننا، عندما تقتضي الحاجة، اللجوء إلى الثلج أو حتى إلى أكياس الخضار المثلجة لتخفيف الآلام أو الانتفاخات الناتجة عن الصدمات أو السقطات، ولكن لا بد من الانتباه إلى أنّ البرودة، مثلها مثل الحرارة، يمكن أن (تحرق) الجلد، مما يستلزم وضع منشفة رطبة بين الجلد والثلج أو الكمادة المثلجة. ويمكن أيضاً غمس الذراع أو الساق المصابة في مغطس من الماء البارد بعد إضافة الثلج إليه، ولكن ذلك وحده لا يكفي إذ لا بد من استشارة طبيب بعد ذلك عندما تكون الإصابات أكثر من سطحية، لأنّ البرودة لا تشفي بل تخفف الآلام فقط.




منقول



خليجية



تسلم يدينك حبيبتي

الله يعطيكي العافيه




خليجية



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.