لكاتبته: دينا توفيق.
الآباء والأمهات يضجون من أحوال أبنائهم الصحية التي لا تريحهم.. ومن الغريب أن هؤلاء الأبناء قد يبالغون في تنفيذ القواعد الصحية لدرجة تضر بهم.. ويساعد على ذلك ما نشاهده على شاشات التلفزيون من رسائل تحث على الحفاظ على الصحة وخاصة للأطفال والمراهقين.. لكن عادةً ما يخطئ هؤلاء في استقبال الرسائل التي تجرهم إلى المبالغات!
من الأمثلة التي شاهدتها عن مخاطر أساليب التخسيس التي يتبعها أبناؤنا دون وعي أو استشارة طبيب ما حدث لإحدى الفتيات -وعمرها 15 عامًا- عندما أصيبت بإعياء شديد. وصداع.. وانقطاع الطمث لمدة عام كامل!!.
ومن ملاحظة نحافتها الزائدة اكتشف الطبيب أنها تحولت إلى نباتية منذ ما يقرب العام.. فقاطعت اللحوم بجميع أنواعها الحمراء والبيضاء!!.. وبطبيعة الحال تمادت في نظامها القاسي حتى أنها وبالتدريج قللت من تناول البيض ومنتجات الألبان والدهون كذلك!!.
وعند عرض الفتاة على متخصص التغذية قرر أنها لم تستطع الاستغناء عن اللحوم بتناول الكميات الكافية من الأطعمة الغنية بالبروتينات مثل منتجات الألبان والبيض والبقول.. وكانت النتيجة عدم حصولها على البروتينات اللازمة لبناء ونمو الأنسجة.. والعضلات والدم.. والعظام..!!.
وكذلك وجد أن ذلك النظام الغذائي الخالي من الدهنيات خفض معدل الدهون في الجسم للحد الذي عاق حدوث الطمث.. فالامتناع عن الألبان أفقدها عنصر الكالسيوم.. فكانت بجهلها تعرض نفسها للتجويع مما أصابها بسوء التغذية.
.. وعلى العكس من الحالة السابقة من الممكن –نتيجة لسوء التغذية– حدوث استمرار الطمث لمدد تزيد على المألوف.. فأمامنا حالة أخرى لفتاة دفعها خوفها من الكولسترول إلى عدم أكل اللحوم الحمراء مدة عام.. وعانت الإعياء وطول الطمث.. وكان ذلك مؤشرًا واضحًا لإصابتها بالأنيميا والانخفاض في قياس الأكسجين الذي يحمل خلايا الدم الحمراء ليصل إلى 22%؛ أي أقل من المعدل الطبيعي 42%، وهنا يحذر جميع الأطباء من خطورة الأنيميا؛ فمعها بالتأكيد تتزايد نسب احتمال التعرض للعدوى.. وأمراض القلب وغيرها.
فيتامينات زائدة!
سلوك معاكس قد يسبب المتاعب.. فبعض المراهقين –وحتى الكبار– قد يعتقدون أنه ما دام القليل جيدًا فالكثير منه أفضل!!..
وسأروي لكم قصة صغيرتي ذات السنوات التسع التي تعرضت لنوبة برد حادة، وعندما سألها الطبيب عن أي تغيير قد تم في نظامها الغذائي قالت إنها تتناول يوميًّا كميات كبيرة من عصير البرتقال الطبيعي؛ لأنها سمعت أن تلك الجرعات تحميها من البرد.. ومنطق الطفولة لم يحمها من تلك النوبة الحادة.. فقد تعرضت كما قال الطبيب لحساسية شديدة نتيجة إفراطها في تناول حامض الستريك citric.
وهناك أيضًا حالات تسمم يمكن أن يتعرض لها البعض من جراء تناولهم جرعات كبيرة من الفيتامينات بملء اليد.. إذ يعتقدون بذلك أنهم قد وجدوا مفتاح الصحة الدائمة وإكسير القوة.. والسبيل هو بلع كل ما يقع في أيديهم من فيتامينات وبكميات هائلة.. ولا يعلم هؤلاء أنهم بذلك يتعرضون لخطر التسمم وهم يسعون غير واعين لأصول الصحة السليمة!!.
تمرينات رياضية!!
والمبالغات أيضًا تدخل تحتها محاولات السعي للحصول على جسد رشيق بالرياضة..
والمراهق في سنه الصغيرة يسعى لبناء عضلاته التي توحي بالرجولة.. وحين يقدم على ذلك دون توجيه يتعرض للخطر؛ فقد تكون التمرينات غير ملائمة لسنه وبناء جسمه.
والصغير الذي أعرفه أقدم على رفع الأثقال وعمره 13 عامًا ظنًّا منه أنه بذلك يبني عضلاته.. ولكنه بالفعل ألحق الضرر بجسده النحيل؛ لأن الهرمونات التي تساعد على ذلك البناء لم تكتمل بعد.. أو لم توجد أصلا.. فلم تظهر النتيجة على الفتى ولم تظهر تلك العضلات التي يطمح في الحصول عليها!!.
ويواصل حملَ الأثقال مستميتًا فيضر بنفسه! ويتعرض لإصابات في العظام الصغيرة للقدمين نتيجة الضغط الزائد عليهما إذ لم ينموَا بعد..!.
وقد يتعرض لتمزقات في العضلات.. ولألم في الظهر.. أما الفتيات فيعانين من آلام وعسر الطمث!!.. ولأن المراهقين ينفد صبرهم سريعًا في تحمل العلاج فتطول مدة العلاج نتيجة عدم المداومة فالحالات تزداد سوءًا.
وحتى إن لم تحدث متاعب جسمانية نتيجة المجهود الرياضي الزائد فالأمر قد يكون نفسيا!.. كيف؟!..
يجيب عن ذلك أطباء نفسيون من جامعة شيكاغو، فهذا المراهق إن فرّغ نفسه للرياضة واقتطع من وقته الكثير فهو بذلك يجور على وقت الاستذكار وهو لا يستطيع التوفيق بين النشاطين..!.. وتتأخر درجاته الدراسية مع أن جسده يكون جميلا وممشوقًا نتيجة الجري!!.
ومن بين العادات الخاطئة: الهوس بغسل الأسنان، وقد يعاني الطفل ألم الأسنان المتواصل ويعتاد ذلك ولا يستطيع التوقف حتى تدمر اللثة من غسلها ما يقرب من عشر مرات يوميًّا!!.
.. يحدث ذلك مع أنه كان بمقدورنا تجنب الأمر تمامًا لو جعلنا الطفل على وعي بعدد المرات التي يغسلها وليس بهذه المبالغة التي تصل إلى حد المرض!!
حب الشباب..!
وتطبيب الطفل أو المراهق لنفسه قد ينتهي به إلى المرض نفسه، فوجهها الجميل مثلا أصابه حب الشباب.. وكتب لها الطبيبُ اسمَ (كريم) معين بعدد مرات تضعه على وجهها. وعملاً بمبدأ ما دام القليل مفيدًا فالإكثار أكثر فائدة!! أقدمت الفتاة على استعمال (الكريم) في مواعيد وعدد مرات أكثر مما أدى إلى إحراق جلدها!!!.
حتى بخاخ الحلق إن أفرط الشخص في استخدامه فهو يضر بنفسه، فهذا الفتى أصابه التهاب الحلق ونصحه الطبيب باستخدام مطهر الحلق ونقط للأنف.. ولكنه لم يكتف بما قرره الطبيب في الروشتة، وكانت الكارثة التي جعلته يصاب بصعوبة بالغة في البلع، فقد استخدم البخاخ كل ساعتين!!!.