التصنيفات
السيدات و سوالف حريم

في الغربة

في الغربة..

في الغربة.. أنت "شيء" ما على الهامش..

تخبأ الأخبار عنك بحسن نية غالبا.. يقولون:"تحكولهوش، بكفيه اللي فيه" أو "بلاش يقلق".. وتغلب "رابطة الأرض" رابطة الدم.. لتكون أنت دائما آخر من يعلم..
في الغربة.. تصلك الأخبار الساخنة من النوع "المر" بالخطأ غالبا.. حيث يتلعثم المتصل قائلا: انتو بتعرفوش انو…مات!
في الغربة: يصبح من الخير العميم الذي أدركته إن استطعت أن تجد طائرة تقلك لتلقي "نظرة الوداع" على فقيد من الدرجة الأولى قبل الدفن..
ستنهال المكالمات للتعزية ويكون السؤال الأهم: إن شاء الله لحقته؟!!
مهلا..! أتعرف ما هي نظرة الوداع؟! معناها أن يكون من تحبه أمام عينيك.. بلا حراك.. بلا رئة تتنفس.. بلا قلب يخفق..! وبطريقة ما ستجد نفسك تشبهه كثيرا.. فلن تستطيع أن تنبس ببنت شفة.. لن يسمعك إذ تقول له كم أحببته! أو حين تطلب الصفح والمسامحة منه! لن يسمع آخر أسرارك… فستؤثر أن تتحدث بعين دامعة.. وقلب ذاكر لله صابر!

وفي الغربة تنسى أحيانا ساعة الأخبار المفرحة.. ستعرف -بالخطأ- أيضا أن أخوك "لقي بنت الحلال" أو أن أختك "إجاها عدلها"..والخطبة بكرة.. !! هذه المرة لم أملك أن أجد مبررا! هل يخشون عليك أن تقلق أيضا!! أم أنك -واعذرني- منسي فعلا!

وحين تعود في إجازة: يصطف أمامك جيش من الأطفال ليسلموا على عمهم -الذين لا يعرفونه بطبيعة الحال-، وأنت كمثلهم تحاول أن تحزر ابن من هذا أو تلك! ثم تسأل عن أبو محمد جاركم ليقال لك: الله يرحمه، وعن أبو سليمان صاحب دكانة الحارة.. ليقال لك: عطاك عمره..
طبيعي..ففي الغربة.. جرت سنة الحياة مع أهل الوطن..رحل جيل.. ليولد آخر.. وأنت مغترب، لم تودع أحدهما فضلا عن أن تستقبل الآخر!

في الغربة لا تحاز لك الدنيا بما فيها أبدا ..قد تكون "معافى في بدنك، ومعك قوت يومك".. ولكنك لن تكون يوما "آمنا في سربك".. فأي "سرب" يرضى أن يحتوي "غريبا".!
ستبقى دائما تلك "البطة السوداء"…

في الغربة: تتغنى برائحة تراب أرضك التي ما شممت يوما.. وتشتاق أن تضمك أزقتها وشوارعها التي تجهلك! كمثل أعمى يصف جمال البحر ليلة اكتمال القمر، ولا هو قد رأى بحر ولا أبصر نور القمر!

في الغربة ستصل دائما متأخرا.. لتكون "شيئا ما" علة الهامش أو ربما لا شيء..
لذلك؛ عزيزي المُغترب.. ما لم تكن أرضُك قد لفظتك.. أو كنت تطلب علما، تأكد أن المستوى المعيشي "الأفضل" يغدو لا شيء أمام تلك المواقف المُرّة التي تشعر فيها بأنّك "صفر على الشمال".. عٌد لأرضك وكن بين أهلك.. هو أكرم لك!

على الهامش: منذ سمعت نبأ وفاة جدتي رحمها الله .. في يوم الجمعة 20 يناير 2022.. وأنا أحاول أن أترجم وجعي لعدم تمكني من وداعها.. فضلا عن أن أحتفظ لي بذكريات كثيرة معها في جُعبة ذكرياتي..
والحمد لله على كل حال.. والله المُستعان..




اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.