التصنيفات
رعاية الاطفال والمواليد

كيف تنمّى شعور الأمان عند الطفل

كيف تنمّى شعور الأمان عند الطفل

يمكن أن تساعدك عملية بناء جسور الثقة مع طفلك في تكوين علاقة ترابط وثيقة تدوم طوال العمر. والترابط هو الصلة العميقة التي تتشكل بين الطفل والمربي الذي يرعاه في سنواته المبكرة، وهذا الترابط يمكن أن يؤثر بشكل كبير على تطور طفلك النفسي والعاطفي والإجتماعي والمعرفي. وقد ثبت أن الأطفال الذين تربطهم علاقات وثيقة مع آباءهم تزيد احتمالات كونهم أشخاص يتمتعون بالثقة في فترات لاحقة من حياتهم.

وتتكون علاقة الترابط هذه حسب أنماط التفاعل بينك (أو من يقدم له الرعاية) وبين طفلك، فبمرور الوقت يتعلم طفلك أنه بإمكانه أن يعتمد عليك إذا وجد منك ردود أفعال ثابتة وانتباه لاحتياجاته وذلك من خلال تلبية حاجاته من الطعام والأمان والدفء والراحة، فحينها يتمكن الطفل من بناء علاقة وثيقة معك (أو مع المربي الذي يظهر السلوك ذاته)، بل ويستخدمك كقاعدة آمنة ليكتشف العالم من خلالك. ويمكنك أن تذكري مثالًا على ذلك حين تصطحبين طفلك لمكان جديد فقد يخجل طفلك في البداية من استكشاف المكان إلا أنه عندما تقدمين له الدعم الإيجابي سيبدأ فورًا في التجوّل واستكشاف محيطه ويمكن أن يعود إليك كل حين ثم يواصل المغامرة مرة أخرى، ثم سيكرر هذه الدورة ويتوسع في عملية الاستكشاف في كل مرة طالما لا يزال واثقًا من أنك ستظلين موجودة وتستجيبين في حالة ظهور أي مشكلة.

ربما يساور بعض الأباء القلق من إفساد آباءهم عندما يستجيبون لكل مطالبهم، إلا أنه ثمة فارق كبير بين الاستجابة لحاجات طفلك والاستجابة لرغبات الطفل المادية. فإن منح الطفل الحب والدفء والاستجابة للبكاء يساعد على تأسيس علاقة آمنة من خلال ترسيخ الثقة لدى الطفل أنك ستكونين موجودة عندما يحتاج إليك. وهذا الأمر يختلف تمامًا عن الاستجابة لحاجات الطفل من خلال إعطاء اللعب والهدايا وغيرها من الأشياء المادية. يبدو الأطفال الذيت يتمتعون بالترابط الآمن أكثر استقلالًا وليس العكس.

ثبُت أيضًا أن الأطفال الذين يتمتعون بالشعور بالأمان يصبحون أقرانًا أفضل ويتعاملون مع الخلافات بشكل أفضل ويتطورون أسرع من الأطفال الذين لا يتمتعون بهذا الشعور، كما لا تظهر لديهم مشاكل سلوكية ويتمكنون من الدخول في علاقات زوجية ناجحة فيما بعد. تتعلق العلاقة والوثيقة مع الطفل بعدة عوامل ولكن الأهم هي مدى حساسية الآباء (أو المربي الأساسي) لاحتياجاته. من المهم معرفة أن الأطفال يكونون علاقات ترابط متنوعة مع كل من الأشخاص من حولهم اعتمادًا على سلوك الشخص البالغ.

كيف تفعلين ذلك؟

حاولي أن تتعرفي على إشارات طفلك وأسلوب تعبيره. استجيبي لبكاء طفلك حين يطلب الدفء أو الطعام أو الراحة أو الأمان.
انتبهي أيضًا للإشارات الإيجابية التي يصدرها طفلك وشجعيها مثل الابتسام والضحك وغيرها من الأصوات التي يصدرها طفلك والتي تدل على السعادة. اكتشفي اللمسات والأصوات والتعبيرات التي تسعد طفلك.
قدمي الدعم لطفلك. امنحيه مساحة من الحرية لاكتشاف أنشطة أو أماكن جديدة مع وجودك بالقرب منه لتقديم الدعم عند الضرورة.
لا تبالغي في التدخل في مبادرات طفلك، وتجنبي فرض نفسك عليه بشكل مبالغ حتى لا ينفر.
حاولي إيجاد توازن بين منح طفلك الاستقلال وبين تقديم الدعم. يحتاج طفلك أن يشعر أنك ستكونين موجودة إذا احتاج إليك.
تواصلي مع طفلك ووضحي له أسباب كل شئ، لماذا تتركيه في الحضانة؟ أين ستذهبين؟ متى ستعودين؟ وتأكدي من التزامك بما تقوليه.
كوني إيجابية عند تصحيح سلوك طفلك أو عند تقديم المساعدة، فإن ذلك يساعد طفلك على تنمية حس الثقة والتقدير الذاتي.
اعتني بنفسك

تأكدي من حصولك على القدر الكافي من الراحة حتى تمتلكي الطاقة لتستجيبي لطفلك. اطلبي المساعدة من أصدقاءك وعائلتك من وقت لآخر.
إذا تعرضت لإكتئاب ما بعد الولادة فلا تترددي في طلب المساعدة الطبية أو التحدث إلى شريك حياتك عن هذه المشاعر، إذ يمكن لهذا الاكتئاب أن يؤدي مشاعر الإحباط والضيق وغيره من السلوكيات التي قد تؤثر على علاقتك بطفلك. وبذلك فعنايتك بنفسك تعني وضع صحة عائلتك على قمة الأولويات.
لست بحاجة إلى ترك وظيفتك للتفرغ لطفلك حتى تكوّني علاقتك به، بل الأهم هو مدى استجابتك عندما تكونين مع طفلك. كما عليك أيضًا أن تتأكدي من المربين الآخرين في حياة طفلك والتزامهم بالسلوك ذاته حتى يحصل طفلك على نوع موحّد من الرعاية.
تذكري دائمًا أن تحصلي على قدرًا من المرح..اضحكي وتكلمي والعبي مع طفلك كلما أُتيحت لك الفرصة.
اعتني بعلاقتك الزوجية، فقد أثبتت الدراسات أن الآباء الذين يتمتعون بأزواج متعاونين تكون لديهم قدرة أفضل في الاستجابة لحاجات الطفل ويوفرون جودة أفضل في الرعاية التي ينتج عنها الشعور بالأمان.
رسالة للآباء

يمكن أن تنطبق كافة النصائح التي قدمناها في هذا المقال على الآباء كما تنطبق على الأمهات. فقد أظهرت الدراسات أن الآباء يلعبون أدوارًا حيوية في تطور أطفالهم كما أظهرت أن علاقة الأب والطفل تعد أحد العوامل المهمة في حياة طفلك.
قد يشعر الآباء أنهم لا يقضون أوقاتًا كافية مع أبناءهم بسبب انشغالهم في أعمالهم. حاول أن تشترك مع طفلك في أنشطة متنوعة كلما أتُيحت الفرصة مثل إعطاء الطفل زجاجة الحليب وتغيير الحفاظات ووضع الطفل في سريره وهي التي يمكن أن تكون فرصًا رائعة لتكوين علاقتك مع طفلك.
اقرأ لطفلك وتحدث معه وغني له واجعله يسمع صوتك، واستمتع أيضًا بالاشتراك في اهتمامات طفلك الأكبر سنًا.
تذكر أن تسلك سلوكًا ايجابيًا عند تصحيح أفعال طفلك أو توجيهه، فقد أظهرت الأبحاث أن التربية الإيجابية بالغة الفاعلية في تصحيح السلوك غير المرغوب مع الحفاظ في الوقت ذاته على التقدير الذاتي للطفل والعلاقة الوثيقة معه.




اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.