السرقة مرض نفسي مثله مثل الأمراض الأخرى، له أسباب ودوافع، وله أيضا علاج
رد الفعل السليم
خبراء التربية يقولون لنا كآباء ألا نضخم هذا الحدث ونحوله إلى مأساة تشعر الطفل أنه ارتكب ذنباً كبيراً.. لأنه قد لايعلم من الأساس أن ما فعله يعد سرقة.. إلا إذا سبق أن وضحنا له ذلك من قبل.
ولا ننسي أن نبحث عن بعض الأسباب التي تدفع الطفل إلى السرقة وإزالتها.. لأن الطفل قد يتجه إلى هذه العادة القبيحة عندما يشعر بالغيرة أو القهر أو التعاسة.
كما أن على الآباء أن يكونوا يقظين على مالديهم من مال في البيت.. يعلمون مقدار مالديهم منه.. حتى لايسرق الطفل من المال المنثور أمامه دون أن يعلم الأب فلا يتمكن من ردعه مباشرة فيتعود على السرقة بسبب إهمال والديه
الوقاية من البداية
إذن.. لكي لايتعود الطفل على هذه العادة السيئة يجب أن يجد من يعلمه أن أخذه ماهو ملك غيره من غير استئذان يعتبر سرقة.. وهذا يتطلب منه أن يعيده إلى أصحابه مع اعتذاره لما فعل.. وينطبق ذلك حتى على الطفل الذي لم يتجاوز السنتين.. ومثال على ذلك، لو وجدت الأم أن ابنها أخذ لعبة صديقه دون أن يستأذنه، فإن عليها أن تقول له بهدوء وحزم:
– هذه اللعبة ملك لصديقك.. إذا كنت تريدها استأذن منه.. إذا قَبِل تستطيع أن تأخذها وإذا لم يقبل عليك أن تدعها في مكانها، لأنها تخص من يملكها.
ولو رأت الأم أن ابنها أخذ من رف الحلويات في إحدى البرادات حلوى وضعها في جيبه.. فإن الواجب عليها أن تواجهه مباشرة قائلة:
– الحلوى التي وضعتها في جيبك، يجب أن تعود إلى مكانها على الرف.
وإذا أنكر طفلها أخذه للحلوى. عندئذ عليها أن تعيد جملتها بأسلوب حازم وهي تصر علي حروف كلماتها.
وإذا رفض أن يعيد الحلوى إلى مكانها.. فإن عليها أن تأخذ الحلوى من جيبه وهي تقول له:
– هذه الحلوى تخص هذه البرادة.. ويجب أن تبقى في مكانها على الرف.. أنت لاتستطيع أن تأخذها إلا إذا دفعت ثمنها.
لنفترض أن الأم اكتشفت أن ابنها قد سرق ديناراً من محفظتها.. عند ذلك عليها ألا تسأله من أخذ تلك النقود.. وإنما تقول له:
– لقد أخذت ديناراً من محفظتي.. أرجعه إلى مكانه.
وعندما يعيد الطفل الدينار يجب عليها أن تقول له وهي جادة:
– اسألني إذا كنت تحتاج إلى مال.. وسنتفق على المبلغ المسموح لك بأخذه.
أما إذا أنكر الطفل أنه سرق الدينار.. فإن على الأم ألا تجادله أو تحاول الحصول على اعترافه، وإنما عليها أن تقول له بنبرة واثقة وثابتة:
– المال الذي أخذته أعده إلى مكانه.
وإذا أنفق الطفل الدينار الذي سرقه.. عندئذ على الأم أن تأخذ الدينار من مصروف ابنها الخاص الأسبوعي الذي يتعلم من خلاله قيمة المال. أو من أي مال يملكه.. إلا أنها يجب أن تتجنب أن تلقبه باللص وأن مصيره السجن عندما يكبر.. أو تدع أحداً من العائلة يعامله هذه المعاملة.. وبدلاً من ذلك عليها أن توضح له أنها تتوقع منه أن يتحدث معها حول مايحتاج إليه.. بأن تقول له مثلاً:
– قل لي عندما تحتاج إلى المال.. وسنناقش الأمر معاً.
وتخطيء الأم عندما تسأل طفلها الذي سرق الدينار أو غيره:
– لماذا فعلت ذلك؟
لأنه قد لايعلم لماذا فعل مافعل.. وقد يكذب مرة أخرى تحت ضغط الإجابة على السؤال "لماذا؟".
كما أن على الأم التي تكتشف أن ابنها سرق بعض الحلوى من العلبة التي وضعتها في البيت أن تتجنب هذا السؤال لأبنائها:
– هل أكل أحد منكم من الحلوي الموضوعة في العلبة؟
أو تسأل ابنها الذي سرق:
– هل رأيت أحداً بالصدفة أخذ من الحلوى الموضوعة في العلبة؟
لأنها إذا فعلت ذلك فإنها تدفع طفلها إلى المزيد من الكذب.
وعليها أيضاً ألا تسأل أي سؤال تعرف إجابته، وإنما تقول لابنها:
– أعلم أنك أكلت من الحلوى التي وضعتها في العلبة دون إذن مني.. لقد خيبت أملي فيك، وأنا غير راضية عنك.
وسترى الأم أن ابنها سيشعر بعدم الراحة.. وسيبدو ذلك واضحاً على ملامحه.. وسيفكر أنه مسئول عن تصحيح سلوكه.. أي تطوير ذاته بنفسه.
المراقبة المستمرة
أما إذا عاد الطفل إلى السرقة، فإن على والديه أن يضعاه تحت المراقبة المستمرة لمدة لاتقل عن ستة أشهر حتى يتأكدا من إقلاع ابنهما عن السرقة.. وإذا سرق الطفل خارج بيته فإن على والديه أن يضاعفا مسألة مراقبة سلوكه والذهاب معه إلى أي مكان يذهب إليه، حتى لو كان تطبيق الأمر صعباً.. إلا أنه ضروري إذا كانا يريدان لابنهما الإقلاع عن هذه العادة السيئ.
م/ن
سلمت يداكي