قسَّم العلماء التوحيـدَ إلى ثلاثـةِ أقسام :
توحيد الربوبيـة ، وتوحيد الألوهية ، وتوحيد الأسماءِ والصِّفات ؛
فقـد قسَّموه هـذا التقسيمَ بِناءً على التَّتَبُّع والاستقراء ، واستئناسًا بقولِ اللهِ تبارك وتعالى : ﴿ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا ﴾ مريم/65 .
فإنَّ هـذه الآيةَ الكريمةَ تضمَّنَت أنواعَ التوحيدِ الثلاثة ؛ فقولُه تعالى : ﴿ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ﴾ توحيد الربوبية ، وقولُه تعالى : ﴿ فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ ﴾ توحيد الألوهية ، وقولُه تعالى : ﴿ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا ﴾ توحيد الأسماءِ والصِّفات ؛ لأنَّ معنى قولِه تعالى : ﴿ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا ﴾ : أى لا تعلمُ له نظيرًا ومُساويًا في أسمائه وصِفاتِه .
وتقسيمُ التوحيدِ إلى ثلاثـةِ أقسامٍ جائِـزٌ وليس بِدعـة كما قال بعضُ الناس ؛ لأنَّه من باب الوسائل والتقريب ، وحصر الأشياءِ لطالِبِ العلِم .
– توحيـدُ الرُّبُوبيَّـة : قال موسى _ عليه السَّلامُ _ وهو يُناظِرُ فِـرعـون : ﴿ لَقَدْعَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ ﴾ الإسراء/102 .
– توحيـدُ الأُلُوهِيَّـة : وهو الذي بُعِثَ مِن أجلِه الرُّسُل ، وأُنزِلَت مِن أجلِهِ الكُتُب ، قال اللهُ تعالى : ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ﴾ الأنبياء/25 .
– توحيـدُ الأسماءِ والصِّفات : انقسمَ الناسُ في باب الأسماءِ والصِّفاتِ إلى ثلاثـةِ أقسام :
1- مُمَثِّلَة .
2- مُعَطِّلَة .
3- أهل حديثٍ وسُنَّةٍ ، مُثبِتُونَ على الوجهِ اللائِقِ بالله .
** الفـرقُ بين العقيـدةِ و العِـلم :
أولاً : أنَّ العِلمَ أن تُدركَ الشئَ على ما هو عليه ، والعقيـدةَ أن تعقِـدَ قلبَكَ عليه ، وتُثبته أو تنفيه .. فالفـرقُ بين العقيـدةِ والعِـلم : أنَّ العِـلمَ إدراكٌ بلا حُكم ، وأمَّا العقيـدةُ فهيَ حُكم .
ثانيًا : أنَّ العِـلمَ يُطابِقُ الواقِع ، والعقيـدةَ تُخالِفُ الواقِـع .
يقـولُ العُلَماءُ :
المُختَصَـر : هو الذي قَـلَّ لَفْظُه ، وكَثُرَ معناه ؛ لأنَّ الكلامَ ينقسِمُ إلى ثلاثـةِ أقسام : إطناب – اختصار – اقتصار .
1- الإِطْنَاب : أن يزيدَ الَّلفظُ على المعنى .
2- الاقتِصَار : أن يكونَ الَّلفظُ مُساوِيًا للمعنى .
3- الاختصار : أن يكونَ الَّلفظُ أقلَّ مِن المعنى ؛ بمعنى أن يكونَ ألفاظًا قليلةً ، ولكنَّها تحمِلُ معانٍ كثيرة .
نُؤمِنُ بربوبيـةِ اللهِ تعالى : ‹‹ أى : بأنَّه الرَّبُّ الخالِقُ المَلِكُ المُدَبِّرُ لجميعِ الأمور ›› . هـذه الربوبيـةُ تتضمَّنُ ثلاثـةَ أشياء :
أولاً : الخَلْق ؛ فاللهُ تعالى خالِقُ كُلِّ شئ .
ثانيًا : المُلْك ؛ فاللهُ تعالى مالِكُ كُلِّ شئ .
ثالثًا : التَّدبير ؛ فالتدبيرُ كُلُّه لله .
هـذه هيَ الرُّبوبيَّـة ، ودليلُ هـذا قولُ اللهِ تبارك وتعالى : ﴿ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ ﴾ الأعراف/54 ، الخَلْقُ واضِح ، والأمرُ والتدبيرُ كذلك ، ودليلُ المُلْكِ قولُه تعالى : ﴿ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾ الجاثية/27 .
‹‹ ونُؤمِنُ بأُلوهيةِ اللهِ تعالى ؛ أى : بأنَّه الإلَهُ الحَقُّ ، وكُلُّ معبودٍ سِواه باطِل ›› ، وهـذا توحيـدُ الأُلوهيـة ، والإلهُ بمعنى المألُوه ، ودليلُ ذلك قولُه تبارك وتعالى : ﴿ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ آل عمران/18 .
‹‹ ونُؤمِنُ بأسمائِه وصِفاتِه ؛ أى : بأنَّه له الأسماءُ الحُسنَى والصِّفاتُ الكامِلةُ العُليا ›› ، نُؤمِنُ بذلك ، لأنَّ اللهَ تعالى قال : ﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى ﴾ الأعراف/180 . ونُؤمِنُ بالصِّفاتِ العُليا ، لأنَّ اللهَ تعالى قال : ﴿ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى ﴾ النحل/60 .
** الفـرقُ بين الأسمـاءِ و الصِّفـات :
————
الأسماءُ تَسمَّى اللهُ بها ، وأمَّا الصِّفات فوَصَفَ اللهُ بها نفسَه .
والصِّفاتُ أَعَمُّ مِن الأسماءِ ؛ لأنَّ كُلَّ اسمٍ مُتضمِّنٌ لصِفة ، وليس كُلُّ صِفةٍ مُتضمِّنةً للاسم ، ولهـذا نَصِفُ اللهَ بأنَّه صانِعٌ ، كما قال تعالى : ﴿ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ﴾ النمل/88 ، ولا نُسمِّيه الصَّانِع .. كذلك أيضًا نَصِفُ اللهَ تعالى بأنَّه يستهزِئُ بالمُنافقين ، ولا نُسمِّيه المُستهزِئ .. كذلك نَصِفُ اللهَ بأنَّه يمكُرُ بِمَن يمكُرُ به وبأوليائِه ، ولا نُسمِّيه ماكِرًا .
هل يُوصَفُ اللهُ بأنَّه مُتكلِّم ؟
نعم يُوصَف ، لكنْ لا يُسمَّى بأنَّه مُتكلِّم ؛ لأنَّ الكلامَ في حَدِّ ذاتِه صِفةٌ عُليا ، لكنْ باعتبارِه اسمًا لا يَصِحُّ أن يكونَ اسمًا ؛ لأنَّ المُتكلِّمَ قـد يتكلَّمُ بخيرٍ وقـد يتكلَّمُ بِشَرٍّ أو بما ليس خيرًا ، وكلامُ اللهِ مُنَزَّهٌ عن ذلك ، لذلك لم يأتِ اسمًا مِن أسماءِ الله .
[/IMG]