بقلم : نبيل جلهوم *
بسم الله الرحمن الرحيم
خاطرة:
استوقفني حديثٌ عن ربِّ العزة والجلال ، يرويه نبي الرحمة وصاحب الذوق الرفيع،ذلك النبي الشفيع ، جميل الخصال، سيِّدنا محمد – صلَّى الله عليه وسلَّم -:
نصه ما يلي:
عن أبي سعيد – رضي الله عنه – عن رسولِ اللهِ – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنَّ الله – تعالى – يقول لأهل الجنة : يا أهل الجنة ، فيقولون : لبَّيك يا ربَّنا وسعديك ، فيقول: هل رضيتم ؟ فيقولون : وما لنا لا نرضى وقد أعطيتنا مما لَمْ تعطِ أحدًا من خلقك ؟! فيقولُ : ألا أعطيكم أفضل من ذلك ؟ فيقولون: يا ربِّ ، وأيُّ شيء أفضل من ذلك ؟ فيقول: أحِلُّ عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبدًا )).
الله الله ، يا أهلَ الجنة !
حَدّثونا عنكم ، ما قصَّتكم ، شوَّقتمونا كثيرًا ؟
فهل يا تُرى ؟!!
1- فهل يا ترى ، كنتم ممَّن هُم – في الدنيا – أهل الخير والصدق والأخلاق الحسنة ؟
2- أم يا ترى ، كنتم ممن هم – فيها – مصابيح هدًى ، ولآلئ نور ، ومصدر استقرار تصنعون الخير ليلَ نهار ؟
3- فهل يا ترى ، كنتم ممن هم – في الدنيا – حملة قلوب نقيَّة، لا حقد فيها ولا حسد ولا بغض ؟
4- أم يا ترى ، كنتم فيها ممن يتصدَّقون عند المقدرة ، وكانت أعينُكم تفيض حزنًا إذا لم يُسعفكم النصيب أن تتصدَّقوا وتنفقوا بسبب عَوَزكم وقلَّة مالِكم ؟
5- فهل يا ترى ، كنتم ممن كانوا لله محبِّين ، ولرسوله متَّبعين ، ولآلِه وصحابتِه محترِمين ، وعلى خُطاهم سائرين ؟
6- أم يا ترى ، كنتم ممن أتعبوا أقدامهم بين يدي الله في الليل واقفين، وبِجِباههم على الأرض ساجدين ، ولأيديهم رافعين متضرِّعين ، وبالسماء مُتعلِّقين ، وللدُّنيا مُطلِّقين .
7- فهل يا ترى ، كنتم ممن كانوا – في الدنيا – صابرين ، وابتغاء أجر ومرضاتِ ربهم محتسبين ، وإلى جيرانِهم محسنين ، وبأخلاقهم متميِّزين ، ولدِينهم ناصرين عاملين ، ولنهضة أمَّتهم صانعين، ولمن حولهم مُسْعِدين ؟
رضوانٌ ربَّانيٌّ ، لا سخَطَ بعده !
ما أعظمَ ذلك الرِّضوان ! وهذه الخصوصيَّةَ الربَّانية !
1. ما أعظمَه ؛ لأن المانحَ له والمتكرِّم به هو الخالقُ المعبود ، صاحب الكرم ، وعظيم الجود !
2. ما أعظمَه ؛ لأن المانح له والمتكرِّم به هو من كتب على نفسه الرحمةَ لعباده ؛ فكان رحيمًا ، بل واسعَ الرحمة ، بل زادتْ عن ذلك ووسِعت رحمتُه كلَّ شيء !
3. ما أعظمه ؛ لأن المُكافَئين به هم أهلُ الجنة !
4. ما أعظمه ؛ لأنه رضوانٌ من ربٍّ راضٍ ، عظيم كريم ، كتبَ على نفسه الكرم والعدل ، الكريم والعدل اسمين من أسمائه ، وجعل الكرَم والعدل وصفًا من أوصاف ذاتِهِ سبحانه !
5. ما أعظمَه ؛ فالحمد لك يا كريمُ ، فما أكرمَك ، ويا عادلُ ، فما أعدلَك على جمالِ كرمك وميزان عدلِك : ((حرَّمتَ على نفسِك الظلمَ، وجعلتَه على عبادِك محرَّمًا )) !
6. ما أعظمَه ؛ فعندك يا ربِّ الرضا ، وعندك لن يُحرَم ولن يُظلم عبدٌ سجد لك ، وعبدَك وقدَّسك ونزَّهك !
7. ما أعظمَه ؛ فعندك يا ربِّ الرضا ، وعندك لن يُظلم عبدٌ رفع يديه وتوجَّه بكُلِّيته إليك ، وركع لك وما انحنى إلا إليك !
8. ما أعظمَه ؛ فعندك يا ربِّ الرضا ، وعندك لن يُظلم عبدٌ قام بين يديك ذليلاً لك ، لم يُستذلَّ ولم يُذِّل نفسه لغيرك !
خاتمة :
اللهم يا قادرًا على كل شيء ، اغفر لنا وللمسلِمين كلَّ شيء ، وارحمنا برحمتك الواسعة التي رحِمت بها كل شيء ، وإذا وقفنا بين يديك فارحمنا واغفر لنا ؛ فإنك أهل التقوى وأهل المغفرة ، واجعلنا والمسلمين من أهل الجنة الذين شرَّفتهم بندائك الرَّباني ورضوانك الأبديِّ .
اللهم يا أرحم الراحمين، ارحمنا ، وإلى غيرك لا تَكِلْنا ، وعن بابِك لا تطردنا، ومن نَعْمائك لا تحرمنا، ومن شرور أنفسنا ومن شرور خلقك وكلِّ من حولنا سلِّمْنا، واجعلنا من أهل الجنة الذين شرَّفتهم بندائك الرباني ورضوانك الأبدي .
اللهم يا من لا يردُّ سائله ، ولا يخيب للعبد رجاءه ؛ إنا قد بسطنا إليك أكفَّ الضراعة متوسِّلين إليك بأسمائك الحسنى ما علمنا منها وما لم نعلم : اجعلنا من أهل الجنة الذين شرَّفتهم بندائك الرباني ، ورضوانك الأبدي .
اللهم رُدَّنا إليك ردًّا جميلاً ، اللهم ردَّنا إليك وأنت راضٍ عنا ، واجعلنا من أهل الجنة الذين شرَّفتهم بندائك الرباني ، ورضوانك الأبدي.
اللهم أعنَّا على الموت وكربته ، والقبر وغمَّته ، والصراط وزلَّته ، ويوم القيامة وروعته ، واجعلنا من أهل الجنة الذين شرَّفتهم بندائك الرباني ورضوانك الأبدي .
اللهم إنا نسألك الراحة عند الموت، والعفو عند الحساب ، وأن تجعلَنا من أهل الحنة الذين شرَّفتهم بندائك الرباني ورضوانك الأبدي.
اللهم لا تُثقل بنا أرضًا، ولا تُكرِّه بنا عبدًا .
اللهم لا تعذِّبنا والمسلمين عند الموت ، واجعلنا من أهل الجنة الذين شرَّفتهم بندائك الرباني ورضوانك الأبدي.
اللهم ارزقنا والمسلمين الموت في بلد نبيِّك محمد – صلَّى الله عليه وسلَّم – واجعلنا من أهل الجنة الذين شرَّفتهم بندائك الرباني ورضوانك الأبدي .
( اللهم اجعلنا من الذين يحبُّون لقاءكَ ، وتحبُّ لقاءهم يا أرحم الراحمين ).
( وصلِّ اللهم على نبيِّنا محمد ، صاحب الذوق الرفيع والنبيِّ الشفيع ).