عن أبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : (( لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة : عيسى ابن مريم ، وصاحب جُرَيْج ، وكان جريجٌ رجلا عابدا ، فاتخذ صومعة فكان فيها ، فأته أمه وهو يصلي فقالت : يا جُرَيْجُ ، فقال : يا رب أمي وصلاتي ، فأقبل على صلاته فانصرفت ، فلما كان من الغد أته وهو يصلي فقالت : يا جُرَيْجُ ، فقال : يا رب أمي وصلاتي ، فأقبل على صلاته فانصرفت ، فلما كان من الغد أته وهو يصلي ، فقالت : يا جُرَيْجُ ، فقال : يا رب أمي وصلاتي ، فأقبل على صلاته ، فقالت : " اللهم لا تُمِتْه حتى ينظر إلى وجوه المومسات " …….. إلى آخر الحديث )) متفق عليه .
قال الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله تعالى – :
(( يستفاد من هذه الجملة من هذا الحديث : أن الوالدين إذا نادياك وأنت تصلي ، فإن الواجب إجابتهما ؛ لكن بشرط ألا تكون الصلاة فريضة ، فإن كانت فريضة فلا يجوز أن تجيبهما ؛ لكن إذا كانت نافلة فأجبهما .
إلا إذا كانا ممن يقدرون الأمور قدرها ، وأنهما إذا علما أنك في صلاة عذراك ، فهنا أشر إليهما بأنك في صلاة ، إما بالنحنحة ، أو بقول : سبحان الله ، أو برفع صوتك في آية تقرؤها ، أو دعاء تدعو به ، حتى يشعر المنادي بأنك في صلاة ، فإذا علمت أن هذين الأبوين الأم والأب عندهما مرونة ، يعذراك إذا كنت تصلي ألا تجيب ، فنبههم على أنك تصلي .
فمثلا : إذا جاءك أبوك وأنت تصلي سنة الفجر ، قال : يا فلان ، وأنت تصلي ، فإن كان أبوك رجلا مرنًا يعذرك فتنحنح له ، أو قل : سبحان الله ، أو ارفع صوتك بالقراءة أو بالدعاء أو بالذكر الذي أنت فيه ؛ حتى يعذرك .
وإن كان من الآخرين الذين لا يعذرون ، ويريدون أن يكون قولهم هو الأعلى فاقطع صلاتك وكلمهم ، وكذلك يقال في الأم .
أما الفريضة فلا تقطعها لأحد إلا عند الضرورة ، كما لو رأيت شخصا تخشى أن يقع في هلكة ، في بئر ، أو في بحر ، أو في نار ، فهنا اقطع صلاتك للضروة ، وأما لغير ذلك فلا يجوز قطع الفريضة .
انظر : كتاب ( شرح رياض الصالحين من كلام سيد المرسلين ( ، لفضيلة الشيخ ( محمد بن صالح العثيمين ) – رحمه الله – الجزء ( 2 ) – الصفحة ( 54 ) .