فهل تستخدمه مع أبنائك وبناتك وهل تستخدمينه أيتها الأم مع بناتك ؟ وهل تستخدمه أيها الزوج مع زوجتك ؟
فن إدارة الحوار مع الأبناء والزوجات من أفضل السبل لحل المشكلات ، وما كان لكثير من المشكلات النفسية والاجتماعية أن تظهر للسطح بين الآباء والأبناء أو بين الزوجين المتخاصمين إلا بانعدام الحوار الهادئ الخالي من النرفزة والصراخ، والحوار معناه الاتصال بين شخصين بينهما خلاف يحاولان أن يقلصا أو يقربا من وجهة نظريهما بالمناقشة والمحاورة لتزول المشكلة التي تؤرق أحدهما أو كليهما ، ومع الأسف الشديد أن كثيرا من الأسر العربية تحل خلافاتها عن طريق أحد الأقرباء أو الأصدقاء أو المحاكم ،أو بالصراخ والعنف والمقاطعة ، مهما كان السبب المختلفين عليه تافها وبسيطا، وكم من مشكلة وصلت للمحكمة وهي تافهة ، يستطيع أبسط إنسان أن يقرب وجه النظر بين الاثنين المتخاصمين فيها ، وقد ذكر لي أحد الزملاء أنه كان يوما ما في المحكمة لغرض ما فلاحظ أن هناك رجلا وزوجته قدما للمحكمة لتنفيذ قرار الطلاق بينهما فتدخل زميلي وتحدث مع الزوج ، ورأى أن المشكلة سهلة جدا وأن الخلاف يمكن أن يحل بالمناقشة والحوار بينهما ولا داعي للحضور للمحكمة ، واستطاع زميلي هذا أن يعيد لأسرتهما وأطفالهما البسمة التي كاد الطلاق أن يعصف بها ، أنا أردت من هذه المقدمة أن أمهد لموضوع مهم جدا وهو: فن الحوار بين الآباء والأبناء وبين الزوجين وسوف أركز في تناولي للموضوع على النقاط التالية :
• لماذا يلجأ الآباء إلى العنف مع الأبناء ، ولماذا يلجأ الزوج – أيضا- إلى استخدام العنف مع زوجته ؟
• ما هي العقبات التي تعترض النجاح في الحوار ؟
• عندما يختفي الحوار بين الآباء والأبناء أو بين الزوجين ماذا يحدث ؟
يلجأ الأب أو الزوج للعنف بدل الحوار لأنهما يجهلان شيء اسمه الحوار والمناقشة لتقريب وجهة نظريهما أو أنهما تعلما هذا الأسلوب من أبويهما فهما نشأ وقد اقتنعا أن خلافاتهما لاتحل إلا باستخدام العنف والتسلط ، كما كان يفعل ذلك والداهما
ومن الأمور التي تفشل الحوار الهادف والبناء بين الآباء وأبنائهم أو بين الزوجين مايلي:
1. التفكير في العقاب أولا قبل النظر في أسباب الخلاف
2. العصبية والتسرع في حسم الأمور وعدم التريث والتفكير السليم
3. عدم الاقتناع بأهمية الحوار الهادف في حل المشكلات
4. عدم الإنصات والاستماع للأبناء أ والزوجة وعدم التسامح معهم وتقبلهم وعدم مراعاة مشاعرهم واحترام شخصياتهم الحديث
5. عدم الثقة في الابن أوالزوجة : إ ذا وثق الأب في ابنه فإنه سوف يستطيع أن يوصل لابنه مايريد توصيله وسيؤثر فيه بشكل جيد ، وإذا فقد الأب ثقة ابنه فيه فسيحرم الأب نفسه من هذه الصفة وهي التأثير الجيد في أفكار واتجاهات ابنه ، وسيصعب عليه تعديل سلوكه ، أما الأم إذالم تثق في ابنتها فسيكون باب الحوار موصودا بينها وبين ابنتها ولن تستطيع أن تقيم معها حوارا ناجحا
6. العلاقة السيئة بين المتحاورين، فلا بد أن تكون بين المتحاورين علاقة جيدة قائمة على الحب والألفة والاحترام المتبادل ومراعاة المشاعر
7. عدم مقاطعة الابن أو البنت أو الزوجة حتى ينتهوا من حديثهم ، أيها المربي الكريم عندما تتحدث مع ابنك أو تلميذك لاتقاطع كلامه دعه يتحدث ويعبر عما في نفسه وهذا من أدب الحديث ، ينبغي أن إشارات جسدية تدل على الموافقة والإنصات ( أنا أسمع —تابع —أنا معك —الخ) كما أن على المربي أن يعيد عبارة المحاور لابألفاظها ولكن بمفهومها ومثال ذلك :
المسترشد– والدي أزعجني كثيرا بكثرة طلباته ، إنه لايدع لي وقتا للراحة ولا حتى لاستذكار دروسي ، كأنني خادم عنده
المرشد- أنت مستاء جدا من معاملة والدك لك ،
المسترشد – نعم إنه لايحب أصدقائي ، فإذا جاءوا لزيارتي طردهم ، إنه يحرجني أمامهم
المرشد –هذا الأمر قد أثر في نفسك كثيرا، أليس كذلك
المسترشد- إنني أفكر أن أهرب من البيت
8. عدم فرض رأي الأب أو الزوج أثناء الحوار وإلزام الطرف المقابل بالتنفيذ دون مناقشة
9. عدم مصارحة الأبناء لآبائهم بما يجول في خواطرهم
10. انشغال الوالد وعد م إطالة فترة الحوار ، يقول أحد الأبناء : ( نحن لانتحدث مع أبينا لأنه دائما مشغول عنا )
11. عدم معرفة الأبوين بمراحل النمو فكل مرحلة من مراحل النمو لها ميزات وطبيعة تختلف عن غيرها وعلى الأب أو المربي أن يعلم أن معاملة الطفل غير معاملة المراهق ومعاملة المراهق غير معاملة الراشد وهكذا البنت
12. ينبغي للأب عندما يتحدث ويحاور ابنه الا يكون جالسا والابن واقف ، لأن الابن سيقول داخل نفسه لماذا هذا يقصد والده يخاطبني باستعلاء ، لذا يجب أن يجلس المتحاوران على على كرسيين متقابلين مع وجوب أن ينظر الأب على عيني ابنه وهو يتحدث معه
عندما يختفي الحوار في الأسرة يسود الشقاق والنزاع وتتعقد الأمور أكثر وأكثر، ويسود المنزل جو من التوتر والقلق، وتتصدع الأسرة ويحصل الطلاق وتشريد الأبناء والبنات ويتهدم عش الزوجية لأنه فقد الترابط و التواصل الدافئ بين أفراد الأسرة عندما ينعدم الحوار بين الآباء والأبناء يلجأ الابن إلى أصدقائه الذين يستمعون له جيدا ويفرغ ما في جعبته من الآم ومعاناة عليهم، فيجد لديهم القبول ، فيحلون محل والده وتحل الصديقة محل الأم فإن كانوا من أهل الخير كان حظه أو حظها جيدا وإن كانوا من أهل الشر فسيؤدي ذلك إلى انحرافه أو انحرافها أو إصابتهما بالأمراض النفسية ومن بينها الاكتئاب ، أما البنت فسوف تلجأ لصديقاتها وستحس بجومن الغربة في أسرتها وربما يؤدي بها هذا الأمر إلى أن تنقل من صديقاتها خبرات سيئة نتيجة قلة خبراتهن ، أما الزوجة فسوف تلجأ لبيت أهلها وتتطور المشكلة فقد تكون المشكلة بسيطة لاتستدعي تدخلا من أحد ولكنها عندما تصل إلى منزل أسرة الزوجة تكبر أكثر وتتعقد وقد تصل إلى المحاكم والمطالبات وكثير من حالات الطلاق بدأت مشاكل بسيطة ولكن هذه المشاكل البسيطة بقيت بدون حل فتراكمت ثم تعقدت فحدث الانفجار وهو الطلاق
عندما يختفي الحوار بين الأب والابن يظهر الابن ذو الوجهين الوجه الأول : يظهر الابن أمام والده بالابن المطيع العاقل الهادئ حتي يتجنب المشاكل في زعمه مع أبيه ولكنه في غياب والده يظهر بشخصية أخرى فما لم يستطع أن يمارسه أمام والده يمارسه في خلوته أو مع أصدقائه الذين لايقولون له لا بل يشجعونه على أن يعمل ما بدا له حتى ولو كان ضارا به ، إذا صمام الأمان لعدم إنحراف الأبناء هو الحوار الهادئ بين الآباء والأبناء
كما أنه عندما يختفي الحوار بين أفراد بعض الأسر يسود الهدوء والسكون بين أفراد الأسرة ، وكل فرد في الأسرة يعيش في حالة ، فليس هناك موضوعات تهم الجميع لمناقشتها لذا فإن جلساتهم الجماعية التي يتحاورون فيها تكون معدومة أو قليلة ، ويدب في وسط مثل هذه الأسر الكآبة والممل والضجر ، وتفشي بعض الأمراض النفسية
نلاحظ أن كثيرا من الأسر يسودها الجفاف العاطفي ، والتباغض والتحاسد نتيجة انعدام الحوار الهادئ بين أفرادها فعن طريق هذه الأسر مع الأسف تتولد الجرائم إذ الأطفال يعيشون في جو غير إنساني فهو قائم على المقاطعة والمشاحنة ، ولو رجعنا إل نزلاء السجون ودور الأحداث لوجدنا أن العلاقات بين هؤلاء النزلاء وأسرهم ضعيفة ، إذ أن بعض الآباء يرمي ابنه في الدار ثم لايسأل عنه أو يودع الأب أو الأم في المستشفى فلا يسأل عنهما أحد ، كما أن بعض الأسر إذا خرج ابنهم من السجن لايستقبلونه بل يقاطعونه على أنه مجرم ، مما يزيد ذلك في انحرافه منقول للأمانة