أخرج البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : أوصاني خليلي بثلاث : صيام ثلاثة أيام من كل شهر و ركعتي الضحى و أن أوتر قبل أن أنام . و جاء في فتح الباري شرح صحيح البخاري أن المراد بالبيض اليالي التي يكون فيها القمر من أول اليل إلى آخره.
و قد دل هذا الحديث على أنه صلى الله عليه و سلم كان يأمر الصحابة بصيام هذه الأيام البيض ، محمول على الندب لا على الوجوب . فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يعرض له عارض فلا يصومها مما يدل على عدم الوجوب ، و هذا متفق عليه.
و سميت بالبيض لأن لياليها بيضاء من شدة ضوء القمر عند اكتماله ..و لأنها أشبهت بالنهار لشدة ضوئها و اكتماله .. و انسحب الاسم إلى اليوم لأن اليوم يشمل بياض النهار و سواد اليل.
قال ابن سينا في القانون : "و يأمر باستعمال الحجامة لا في أول الشهر لأن الأخلاط لا تكون قد تحركت و هاجت ، و لا في آخره لأنها تكون قد نقصت بل في وسط الشهر حين تكون الأخلاط هائجة بالغة في تزايدها ، لتزايد النور في جرم القمر" .
العلم الحديث يكشف السر :
و قد ظهرت في الأعوام الأخيرة أبحاث علمية كثيرة مفادها أن القمر عندما يكون بدرا ، أي في الثالث عشر و الرابع عشر و الخامس عشر ، يزداد التهيج العصبي و التوتر النفسي إلى درجة بالغة .. و يقول الدكتور ليبر عالم النفس بميامي في الولايات المتحدة : "إن هناك علاقة قوية بين العدوان البشري و الدورة القمرية و خاصة بينه و بين مدمني الكحول ، و الميالين إلى الحوادث و ذوي النزعات الإجرامية ، و أولئك الذين يعانون من عدم الاستقرار العقلي و العاطفي " .
و يشرح ليبر نظرته قائلا : " إن جسم الإنسان مثل سطح الأرض يتكون من 80% من الماء و الباقي هو المواد الصلبة " . و من ثم فهو يعتقد بأن قوة الجاذبية القمر التي تسبب المد و الجزر في البحار و المحيطات تسبب أيضا هذا المد في أجسامنا عندما يبلغ القمر أوج اكتماله في أيام البيض.
و يقول الدكتور ليبر في كتابه "التأثير القمري" إنه نبه شرطة ميامي ، كما طلب من وضع أخصائي التحليل النفسي في مستشفى جاكسون التذكاري في حالة طواريء تحسبا للأحداث التي ستقع نتيجة الاضطرابات في السلوك الإنساني ، و المتأثرة بزيادة جاذبية القمر .. و يقول الدكتور ليبر: "إن ما حدث كان جحيما انفتح ، فقد تضاعفت الجريمة في الأسابيع الثلاثة الأولى من يناير ، كما وردت أنباء عن جرائم أخرى غريبة و جرائم ليس لها أي دافع".. و أصبح المعروف أن للقمر في دورته تأثيرا على السلوك الإنساني و على الحالة المزاجية، و هناك حالات تسمى (الجنون القمري) حيث يبلغ الاضطراب في السلوك الإنساني أقصى مداه في الأيام التي يكون القمر فيها بدرا ( في الأيام البيض) .
فما أصدق رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و أحكمه و أعلمه بأسرار النفس و أسرار تكوينها أخلاطها و هرموناتها ، فصلى الله عليه و سلم أفضل و أكمل ما صلى على أحد من العالمين . . .