التصنيفات
منوعات

الفرق بين القلب والفؤاد

القلب والفؤاد . .. !!
بين القلب والفؤاد 1 / 3

في برنامج محادثي على شبكة الانتر نت أثير سؤال لطيف مفاده :
ماالفرق بين القلب والفؤد في قول الله تعالى : " وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغاً إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ " (القصص:10) .
فوجدتني عند هذا السؤال متعجّباً من دقّة التعبير القرآني ، ومتسائلاً أيضاً : عن سرّ هذاالتفريق ؟!

: : * : : * : : * : : * : :

** الفؤاد في القرآن .
ورد ( الفؤاد ) في القرآن في نحو خمس عشرة موضع على النحو التالي :

1- " وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ " (الأنعام:110)

2- " وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ " (الأنعام:113)

3- " وَكُلّاً نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ " (هود:120)

4- " رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ " (ابراهيم:37) .

5- " مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُوسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء ٌ " (ابراهيم:43 ) .

6- " وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ " (النحل:78)

7- " وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً " (الاسراء:36) .

8- " وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَا تَشْكُرُونَ " (المؤمنون:78) .

9- " وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً " (الفرقان:32) .

10 – " وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغاً إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ " (القصص:10) .

11 – " ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَا تَشْكُرُونَ " (السجدة:9) .

12 – " وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصَاراً وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصَارُهُمْ وَلا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ " (الاحقاف:26) .

13 – " مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى " (لنجم:11) .

14 – " قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَا تَشْكُرُونَ " (الملك:23) .

15 – " الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ " (الهمزة:7) .

* من خلال قراءة هذه الآيات يمكن أن نخرج بالنتائج التالية :
1- جاء الفؤاد على صيغة الجمع ( أفئدة ) في عشرة مواضع .
2 – وجاء الفؤاد على صيفة الإفراد ( فؤاد ) في خمسة مواضع .

3 – لم يأتِ الفؤاد في مقابل القلب إلاّ في موضع سورة القصص .

4 – اقترن ذكر الفؤاد مع ذكر السمع والبصر معاً في ستة مواضع .

5 – اقترن ذكر الفؤاد مع ذكر ( البصر )فقط في موضع واحد .
6 – جاء ذكر ( الفؤاد ) مفرداً بدون اقتران في ثمانية مواضع .

** الفؤاد في الحديث .

ورد ذكر الفؤاد و ( الأفئدة ) في مواضع من السنة النبوية ، من أهم هذه المواضع :

– عن أبي هريرةَ رضيَ اللَّهُ عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: «أتاكم أهلُ اليمنِ أضعفُ قلوباً وأرقُّ أفئدةً. الفقهُ يمان، والحكمةَ يَمانية». وعند أحمد " ألين أفئدة "

– عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضيَ اللَّهُ عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «يَدْخُلُ الْجَنَّةَ أَقْوَامٌ أَفْئِدَتُهُمْ مِثْلُ أَفْئِدَةِ الطَّيْرِ».

– عن عائشةَ رضيَ الله عنها «أنها كانت تأمرُ بالتلبين للمريضِ، وللمحزونِ على الهالك، وكانت تقول: إني سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنَّ التلبينةَ تجمُّ فؤادَ المريض، وتَذهبُ ببعض الحزن».

– عن عَائِشَةَ رضيَ الله عنها قالَت: «كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إِذَا أَخَذَ أَهْلَهُ الْوَعَكُ أَمَرَ بالْحِسَاءِ فَصُنِعَ، ثُمَّ أَمَرَهُمْ فَحَسَوْا مِنْهُ، وَكَانَ يَقُولُ: إِنَّهُ لَيَرْتُو فُؤَادَ الْحَزِينِ وَيسرو عن فُؤَادِ السَّقِيمِ كَمَا تَسْرُو إِحْدَاكُنَّ الوَسَخَ بالمَاءِ عن وَجْهِهَا» .

ومن هذه القراءة يمكن أن تظهر معنا النتائج التالية :

1 – أن ( الفؤاد – الأفئدة ) اقترن بها مرة صفة ( الرقة ) ومرة صفة ( اللين ) .
2 – اختصاص التشبيه بأفئدة الطير .
3 – أن الفؤاد محل للإحساس والشعور .
4 – أن الفؤاد يُطلق ويُراد به المعدة ، على ضوء قول بعض شرّأح الأحاديث أن الفؤاد في حديث التلبينة مقصود به المعدة ، كما حكى ذلك ابن حجر في الفتح .

** الفؤاد في اللغة .
– جاء في اللسان :
والفؤادُ : القلب , وقيل : وسَطُه , وقيل : الفؤاد غِشاءُ القلبِ , والقلبُ حبته وسُوَيْداؤُه ؛ وقول أَبي ذؤيب :
رآها الفُؤادُ فاستَضَلَّ ضَلالَه : : : : نِيافاً من البيضِ الحِسانِ العِطائِلِ
و فأَده يَفْأَدُه فَأْداً أَصاب فؤاده ..

– وفي الوسيط :
يقال: هو فارِغ الفؤاد: لا هَمَّ عنده ولا حَزَن، أَو سيِّئ الحال !

– وعند الفيروز آبادي :
(والقَلْبُ) الفُؤادُ أو أخَصُّ منه .

* نستطيع من خلال هذه اللغويات أن نخرج بأمور :

1- أن الفؤاد هو القلب .

2 – أن الفؤاد أخصّ من القلب ، بمعنى أنه محل في القلب – وسطه – وليس جزءاً منه !

3 – الفؤاد محلٌّ في القلب وجزء منه – غشاء القلب – !

4 – أن الفؤاد محل للشعور والاحساس !

5 – أن الفؤاد أعم من القلب والقلب أخصّ منه !

يتبع




التتمة . . .

بين القلب والفؤاد 2/ 3

: : * : : التأمل : : * : :

من خلال تأمل ما سبق يمكن أن نستبين نقاطاً مهمّة :

أولاً : أن الفؤاد ليس هو القلب أو هو أعم من القلب والقلب أخصّ .

يدل على ذلك :
1 – موضع آية سورة القصص .

2 – أن الله جل وتعالى جعل القلب هو أمير الجوارح فقال : " فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور " وفي نصّ الحديث الصحيح : " ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلُحت صلُح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب " ولم يرد في نصّ واحد وصف الفؤاد بأنه أمير الجوارح أو عليه المعوّل .

3 – أن الله جعل الفؤاد وسيلة من وسائل المعرفة ، وذلك من أنه يقرن في الذكر بينه وبين السمع والبصر ، كما جاء في قوله : " والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاً وجعل لكم السمع والبصر والفؤاد لعلكم تشكرون " فالسمع وهو الخبر، والبصر وهو الحس، والفؤاد يشمل العقل بالمعنى الأخص .

4 – حديث النبي صلى الله عليه وسلم في وصف أهل اليمن ، فقال " أضعف قلوباً وأرق أفئدة " والتفريق في سياق واحد له دلالته .

5 – دليل اللغة . على ما ذكره صاحب القاموس المحيط .

السؤال : إذا لم يكن " الفؤاد " هو " القلب " فماذا وأين يكون ؟!

نلاحظ عند قراءتنا للآيات السابقة والتي ورد فيها ذكر " الفؤاد " نقف أمام حقيقتين مهمّتين :

الأولى : أن ذكر " الفؤاد " في القرآن كثيراً ما يأتي ذكره مقروناً بـ ( السمع والبصر ) .!

والسمع والبصر يشيران إلى مناطق عقلية عليا في قشرة المخ ، وتتعامل هذه المناطق مع المسموعات والبصريات بكفاءة عالية ، هذا الاقتران المتكرر في القرآن يدلنا على وجود علاقة عضوية بين السمع والبصر والفؤاد !

الثانية : أن " الفؤاد " في القرآن جاء على صيغة الجمع " أفئدة " أكثر من وروده بصيغة الإفراد " فؤاد " !!

ومن خلال هاتين الحقيقتين نستطيع أن نخرج بالدلالات التالية :
1 – أن الفؤاد وسيلة من وسائل الإدراك والمعرفة ، دلّ على هذا اقترانه بالسمع والبصر في الذكر .
2 – أن الفؤاد يقع في ( المخ ) ، وهذا الذي يكشف لناالعلاقة العضوية بين السمع والبصر والفؤاد .
3 – أن الفؤاد في المخّ عدّة أجزاء وعدّة مناطق ، بدليل أنه ذُكر في القرآن على صيغة الجمع " أفئدة " في نحو عشرة مواضع .

وبهذا يمكن القول : بأن الفؤاد محلٌّ :

– للشعور !
– للإدراك .
– للتخزين .

ويجعلنا نطمئن إلى هذه النتيجة هو ما ورد في الأحاديث النبوية ايضا من التفريق بين القلب والفؤاد ، ووصف الفؤاد بأوصاف شعوريةعاطفية ، كحديث القوم الذين يدخلون الجنةأفئدتهم كأفئدة الطير :
الشعور العاطفي أو الغريزي لعله – والله أعلم – هو سرّ تشبيه أفئدة بعض من يدخل الجنة بأفئدة الطير .
قال النووي : قيل مثلها في رقتها وضعفها ..وقيل في الخوف والهيبة والطير أكثر الحيوان خوفاً وفزعاً كما قال الله تعالى: {إنما يخشى الله من عباده العلماء} وكان المراد قوم غلب عليهم الخوف كما جاء عن جماعات من السلف في شدة خوفهم، وقيل المراد متوكلون والله أعلم .
فالخوف ..
والهيبة ..
والتوكل ..
معاني شعورية عاطفية وبعضها غريزي !

وحتى أهل اليمن الذين وصفوا بقوله " ألين قلوبا وأرق أفئدة " قال النووي :

قال الشيخ: وقوله صلى الله عليه وسلم: «ألين قلوباً وأرق أفئدة» المشهور أن الفؤاد هو القلب، فعلى هذا يكون كرر لفظ القلب بلفظين وهو أولى من تكريره بلفظ واحد، وقيل: الفؤاد غير القلب وهو عين القلب، وقيل: باطن القلب، وقيل: غشاء القلب. وأما وصفها باللين والرقة والضعف فمعناه أنها ذات خشية واستكانة سريعة الاستجابة والتأثر بقوارع التذكير، سالمة من الغلظ والشدة والقسوة التي وصف بها قلوب الآخرين. أ.هـ
نلاحظ أنه وصف الفؤاد بهذه العواطف الرقيقة اللينة المستكينة ..
الأمر الذي يجعلنا نطمئن إلى أن الفؤاد ( محل للشعور والإدراك ) .

وحديث التلبينةأيضا ..
قال ابن حجر في الفتح : ومعني يرتو يقوي ومعنى يسرو يكشف، والبغيض بوزن عظيم من البغض أي يبغضه المريض مع كونه ينفعه كسائر الأدوية، وحكى عياض أنه وقع في رواية أبي زيد المروزي بالنون بدل الموحدة، قال: ولا معني له هنا، قال الموفق البغدادي: إذا شئت معرفة منافع التلبينة فاعرف منافع ماء الشعير ولا سيما إذا كان نخالة، فإنه يجلو وينفذ بسرعة ويغذي غذاء لطيفا، وإذا شرب حارا كان أجلى وأقوى نفوذا وأنمى للحرارة الغريزية، قال: والمراد بالفؤاد في الحديث رأس المعدة فإن فؤاد الحزين يضعف باستيلاء اليبس على أعضائه وعلى معدته خاصة لتقليل الغذاء، والحساء يرطبها ويغذيها ويقويها، ويفعل مثل ذلك بفؤاد المريض، لكن المريض كثيرا ما يجتمع في معدته خلط مراري أو بلغمي أو صديدي، وهذا الحساء يجلو ذلك عن المعدة، قال: وسماه البغيض النافع لأن المريض يعافه وهو نافع له . . . .

خليجية

خليجية

العلم الحديث رسم خريطة معقّدة للمخ وحدد من خلال هذه الخريطة مركز السمع ومركز البصر في المخ ، بعد أن كان يُظن أن مركز السمع موجود في الأذن ومركز البصر موجود في العين ، حيث فصل العلم بين العضو ومركزه . وهذا الاكتشاف يؤكد سرّا بديعاً في سياق القرآن الكريم لآيات ( السمع والبصر ) ’ فحيث ذكر السمع والبصر – الإبصار – قدّم السمع في الذكر على البصر لأن مركز السمع في المخ يتقدم مركز البصر ، وحيث ذكرت ( العين والأذن ) قُدّم ذكر ( العين ) على ( الأذن ) باعتبار تقدم ( العين ) على ( الأذن ) بالنسبة للرأس .
وقد توصلت الأبحاث العلمية الحديثة إلى تحديد مناطق " الفؤاد " في المخ فهناك ما يسمى بـ :
– حصان البحر (لأنه يشبه حصان البحر) .
– وهناك جزء يسمى اللوزة .
– وجزء آخر اسمه الزنار .
– وهناك المهاد .
وقد استطاع العلماء تحديد وظائف هذه الأجزاء :
– فالمهاد به مناطق الإحساس بالألم .
– أما الزنار فيوجد به مناطق الإحساس بألم الحريق .
– ولحصان البحر واللوزة علاقة بالذاكرة وتدميرها يفقد الإنسان القدرة على تكوين ذكريات جديدة ولكن تظل الذكريات القديمة مخزونة .
– ويوجد باللوزة أيضا جزء خاص بالعاطفة .
– أما منطقة تحت المهاد فبها مناطق الغرائز (الجوع والعطش…) .

هذا الاكتشاف يكشف لنا سرّأ قرآنيا بديعاً في سياق ذكره الفؤاد ، حيث أن صيغ الجمع ( أفئدة ) في القرآن أكثر وروداً من صيغة الإفراد ( فؤاد ) !

الأمر الذي يدل على أن الفؤاد في المخ عدّة أجزاء وعدة مناطق ، هذه الأجزاء كلها تمثل الفؤاد الذي أثبت القرآن أولا ثم العلم ثانيا وجوده في مخ الإنسان ليبقى القلب أمير الجوارح في صدر الإنسان وبذلك يصبح السمع والبصر والفؤاد من أدوات القلب ، ويرتبط قلب المخ بمايسترو الجسم وهو الغدة النخامية ، وبالتالي تتولد الأحاسيس المختلفة في المناطق المختلفة للفؤاد قبل أن تذهب إلى القشرة المخية لتتميز ، ولكن الإحساس بالألم يبدأ في منطقة المهاد ، ويتميز بأنواعه المختلفة في القشرة .

يتبع




التتمة . . .


بين القلب والفؤاد 3 / 3

ثانياً : قراءة دلالات بعض الآيات على هذه المناطق الشعورية والإدراكية والتخزينية في الفؤاد .

– العقل .
دلّ عليه قول الله تعالى : " مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُوسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء ٌ " فقوله ( هواء ) تعني خلو أفئدتهم من العقل من شدة الرعب والخوف ، قال مجاهد ومرة وابن زيد: خاوية خربة متخرقة ليس فيها خير ولا عقل !

– الذاكرة .

قال تعالى : " وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغاً . . "
قال ابن مسعود وابن عباس والحسن ومجاهد وعكرمة وقتادة والضحاك وأبو عمران الجوني وأبو عبيدة: "فارغا" أي خاليا من ذكر كل شيء في الدنيا إلا من ذكر موسى !
وقال الحسن أيضا وابن إسحاق وابن زيد: " فارغا" من الوحي إذ أوحى إليها حين أمرت أن تلقيه في البحر "لا تخافي ولا تحزني " والعهد الذي عهده إليها أن يرده ويجعله من المرسلين . . .!
فبعد أن ألقت ام موسى بابنها الرضيع في اليم أصيبت بصدمة ، فقدت على أثرها ذاكرتها ، واصبح فؤادها فارغا من الوعد الذي أخذته قبل أن تلقيه في اليم ، فالفؤاد هنا معطل ، بينما كان القلب صاحب اليد العليا في هذه القضية .

– العواطف .
قال الله تعالى : " رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ "
تهوي : قال بعض المفسرين : أي تحن إلى زيارة البيت !!
وقال ابن سعدي رحمه الله : أي : تحبهم ، وتحب الموضع الذي هم ساكنون فيه . فأجاب الله دعاءه ، فأخرج من ذرية إسماعيل ، محمدا صلى الله عليه وسلم ، حتى دعا ذريته إلى الدين الإسلامي ، وإلى ملة أبيهم إبراهيم ، فاستجابوا له وصاروا مقيمي الصلاة . وافترض الله حج هذا البيت ، الذي أسكن به ذرية إبراهيم ، وجعل فيه سرا عجيبا ، جاذبا للقلوب ، فهي تحجه ، ولا تقضي منه وطرا على الدوام ، بل كلما أكثر العبد التردد إليه ، ازداد شوقه ، وعظم ولعه وتوقه ، وهذا سر إضافته تعالى إلى نفسه المقدسة . أ. هـ
إنه لا يمكن أن يقوم الناس بزيارة هذا الوادي الخالي من الزرع والماء إلا أن الله جعل فيه ما يثير عاطفتهم نحوه ويحفّزها فلا يأتونه قسراً إنما حبّاً وتحنناً .

– الغرائز .
قال الله تعالى : " وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الْأِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (112) وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ "
جاء في التفسير أن الشيطان تزخرف الباطل وتزيّنه تثير به الغرائز غروراً .
وعبّر بـ ( الإصغاء ) الذي هو الميل الشديد ، والميل الشديد يكون مع ثوران الغريزة ولابد ، فمثلا : لا يميل الإنسان إلى الطعام ميلاً شديداً إلاّ إذااشتدّت عليه غريزة الجوع .. وهكذا .
وتأمل كيف ربطت الآية الغرائز بالفؤاد .!
ومن ذلك قول مجنون ليلى :
وداعٍ دعا إذ نـحن بـالـخيف من منى : : : : فهيج لوعات الفؤاد وما يدري
دعا بـاسم لـيـلـى غيرها فكأنـما : : : : أطار بلـيـلـى طائراً كان فـي صدري

– منطقة الإحساس بالألم.

قال تعالى في وصف نار جهنم مع أهلها : " الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ "
قال محمد بن كعب: تأكل النار جميع ما في أجسادهم، حتى إذا بلغت إلى الفؤاد، خلقوا خلقا جديدا، فرجعت تأكلهم. وكذا روى خالد بن أبي عمران عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أن النار تأكل أهلها، حتى إذا اطلعت على أفئدتهم انتهت، ثم إذا صدروا تعود، فذلك قوله تعالى: "نار الله الموقدة. التي تطلع على الأفئدة". أ.هـ
وإنما تصل إلى الأفئدة لأنها أرق ما في الجسد حيث إنها مكان الإحساس بالألم ، وهذه إشارة واضحة إلى أن مكان الإحساس بالألم هو الفؤاد وليس الجلد إذ الجلد إنما هو أداة ناقلة للألم بدليل قوله : " كلما نضجت جلودهم بدّلناهم جلوداً غيرها " فقال " غيرها " ولم يقل : نفسها مما يدل على أن الإحساس بالإلم إنما مركزه الفؤاد وبالتحديد في منطقة ( الزنار ) في المخ .

: : : : : : : : : : :

أسأل الله العظيم أن يهديناللصواب وأن يلهمنا رشدنا . .
وأن يصلح قلوبنا وأن يعلمنا ما ينفعنا وأنينفعنا بما علمنا . .
والحمد لله رب العالمين .




بارك الله فيك طرح مميز



منوره الموضوع يعطيكي العافيه



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.