هناك ثلاثة أنواع من الناس: واحد يريد أن يعيش، واحد يريد أن يستفيد، واحد يريد أن يفيد!
والذي يعيش فقط هو مثل النباتات والحيوانات، لا يسأل نفسه ما معنى هذه الحياة.. ما معنى حياته؟.. إنه يريد أن يأكل ويشرب وينام وأثناء النوم يجيء الأطفال ويتقدم في السن ويموت.. وهذا النوع من الناس ليست له مشكلة.
أما الذي يريد أن يستفيد من الحياة، فهو ينظر إليها على أنها صفقة تجارية.. وهو يصحو وينام على سؤال واحد: ما الذي كسبته اليوم؟ ومن أجل المكسب فإنه يدوس على الناس والقيم الإنسانية. فمثله الأعلى هو النجاح.. والنجاح بأي ثمن.. ولكي يحقق النجاح فإنه ينافس الآخرين.. وعندما ينافسهم يكرههم ويحقد عليهم والحقد يدفعه إلى الجريمة.. والجريمة تكبر فتصبح حرباً.. تشنها دولة على دولة.. دولة تريد أن تبيع بالقوة وتكسب بالقوة.. ومن أجل المكسب فإنها تحرق الزرع وتطحن الحيوانات وتدفن الناس.. وحيث توجد التجارة الجشعة توجد الطبقات والحقد الطبقي والاحتكارات والاستغلال والانهيارات العصبية. والصفحات السوداء في تاريخ الإنسانية هي التي كتبها التجار بدماء الزبائن.. بدماء المستهلكين!!
والنوع الثالث هو الذي يسأل نفسه دائماً: ما الذي أستطيع أن أضيفه لحياة الناس.. ما الذي أستطيع أن أعطيه.. إنه فنان.. يتذوق الحياة ويفهم معناها ويحرص على أن يقدم للناس شيئاً يجعل لحياتهم معنى ويجعل للمعنى هدفاً، ويجعل الطريق إلى الهدف مفروشاً بالحب والسلام والتعاون بين الناس. إن مثل هذا النوع من الناس يعطي راحته.. ويبذل حياته. وكل الذين ساهموا في إسعاد الإنسانية لا يمكن أن يكونوا تجارا للحياة. ولا يمكن أن يكون الاستغلال أسلوبهم ولا النجاح بالدماء هو شعارهم من أجل إسعاد البشرية! فالسعادة هي أن يجد الإنسان نفسه مشغولا بشيء مفيد.. وأن يجد هذا الانشغال لذيذاً!
بقلم الكاتب الكبير
انيس منصور