التصنيفات
سيرة النبي وزوجاته والصحابة

وصف الملائكة من الكتاب والسنة

وصف الملائكة.. من الكتاب والسنة
الحمد الله فاطر السموات والأرض جاعل الملائكة رسلا ً أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع يزيد في الخلق ما يشاء إنّ الله على كلّ شيءٍ قدير. والصلاة والسلام على أكرم الخلق سيدنا محمد المؤيد بالنصر من الله سبحانه ، سخّر له ملائكته فنصره على من عاداه . اللهم صليّ وسلّم عليه حق قدره ومقداره العظيم / وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد أيها الأخوات الكرام
قبل أن ندخل إلى قصة آدم عليه السلام وسجود الملائكة له ، نتوقف في هذه الحلقة لنلقي الضوء على ماهية الملائكة ووظائفهم والإيمان بالملائكة هو أحد أركان الإيمان الستة التي وردت في الحديث فهي ممّا علم من الدين بالضرورة .والآيات التي وردت في صفات الملائكة ووظائفهم كثيرة ، فمنها قوله تعالى : "وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ(26) لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ " الأنبياء(27)
وقوله تعالى :" جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ ءَابَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ(23) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ "(24) الرّعد . وفي قول الله عزَ وجلَ :" وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ " الزمر(75) . ومعنى الإيمان بالملائكة ، التصديق بوجودهم وأنهم أجسام لطيفة نورانّية كما قال عليه الصلاة والسلام :"خلقت الملائكة من نور ، وخلق الجان من مارج من نار وخلق آدم مما وصف لكم " رواه مسلم . وهم قادرون على التشكيل بأشكال حسنة وعلى الأفعال الشاقة . وكان جبريل عليه السلام يأتي إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم في صفات متعددة فتارة ً يأتي بصورة رجل اسمه دحية بن خليفة وتارة ً في صورة أعرابي وتارة ً على صورته التي خلق عليها . وقد جاءت الملائكة إلى نبي الله لوط في صور حسنة من بني البشر . والملائكة لا يأكلون ولا يشربون ولا يتناكحون ، ولا يوصفون بذكورة ولا بأنوثة عباد مكرّمون لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون
والذي يجب معرفته تفصيلا ً فهو سيدنا جبريل وميكائيل و إسرافيل وملك الموت ورضوان خازن الجنة ومالك خازن النار ورقيب وعتيد وكذا سيدنا منكر ونكير ويجب أيضا ً الإيمان بحملة العرش والحفظة الكرام والكرام الكاتبين
وقد ورد في صفة جبريل عليه السلام أمرٌ عظيم قال الله تعالى :"علمه شديد القوى" النجم5- قالوا كان من شدّة قوّته أنه رفع مدائن قوم لوط وكنّ سبعا ً بمن فيها من الأمم وكانوا قريبا ً من أربعمائة ألف وما معهم من الدواب والحيوانات ، رفع ذلك كلّه على طرف جناحه حتى بلغ بهنّ عنان السماء حتى سمعت الملائكة نباح الكلاب وصياح ديكتهم ثمّ قلبها فجعل عاليها سافلها فهذا هو شديد القوى .وقال: ذو مرّة – أي خلق حسن وبهاء وسناء – وجاء في وصفه قوله تعالى :"إنه لقول رسول كريم ، ذي قوة عند ذي العرش مكين ، مطاع ثمّ أمين " له مكانة ومنزلة عالية رفيعة ، مطاع في الملأ الأعلى ، ذي أمانة عظيمة ولهذا كان هو رسول الله إلى الانبياء والرسل عليهم السلام . وقد رآه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على حقيقته مرّتين ، مرّة عند نزول أول الوحي ، ومرّة عند سدرة المنتهى في الإسراء والمعراج ، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم :"رأيت جبريل وله ستمائة جناح ينتشر من ريشه التهاويل الدرّ والياقوت " رواه أحمد / وقال تعالى :"ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى " وجاء في تفسير قول الله تعالى :"ما كذب الفؤاد ما رأى " قال رأى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم جبريل على صورته عند سدرة المنتهى وله ستمائة جناح ورغم مكانة جبريل وعظم خلقه إلا ّ أنه وصل في المعراج عند حدّ قال فيه للرسول عليه الصلاة والسلام تقدّم فإنك لو تقدمت إخترقت أمّا أنا فلو تقدمت إحترقت
وسدرة المنتهى كما وصفها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عندما عرج به إليها قال
ثمّ ذهب إلى سدرة المنتهى وإذا أوراقها كآذان الفيلة وإذا ثمرها كالهلال فلماّ غشيها من أمر الله ما غشي تغيّرت فما أحد من خلق الله يستطيع أن ينعتها من حسنها " رواه مسلم . ووصف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عظم حجمها فقال:" يسير الراكب في ظلّ الغصن منها مائة سنة
ولم سميت سدرة المنتهى = قال ابن عبّاس : أنّ الأعمال تنتهي إليها وتقبض منها قال الضحاك – كما جاء في الحديث :" إليها ينتهي ما يفرج به من الأرض فيقبض منها وإليها ينتهي ما يهبط به من فوقها فيبقض منها
أماّ صفة إسرافيل عليه السلام وهو أحد حملة العرش وهو الذي ينفخ في الصّور بأمر ربّه نفخات ثلاثة يوم القيامة أولاهن نفخة الفزع والثانية نفخة الصعق والثالثة نفخة البعث ، والصّور هو قرن ينفخ فيه ، كل دارة فيه كما بين السماء والأرض وفيه موضع أرواح العباد حين يأمره الله بالنفخ للبعث فإذا نفخ تخرج الأرواح تتوهج فيقول الربّ جلّ وعلا وعزتي وحلالي لترجعن كلّ روح إلى البدن الذي كانت تغمره في الدنيا فتدخل على الأجساد في قبورها فتدبّ فيها الحياة فتحي الأجسا دوتنشقّ عنهم الأحداث ( القبور) فيخرجون منها سراعا ً إلى مقام المحشر . ولهذا قال رسول الله صلّى الله عليه وسلَم : كيف أنعم وصاحب القرن قد التقم القرن وحنى جبهته وأصغى سمعه ينظر متى يؤمر قالوا كيف تقول يا رسول الله قال :"قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل على الله توكلنا " رواه أحمد. فكأنّ ذلك ثقل على أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال لهم قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل
يقول الله تعالى :" وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ " الزمر(68) يقول الحبيب مصطفى صلّى الله عليه وسلّم :" فأكون أول من رفع رأسه ، فإذا موسى آخذ بقائمة من قوائم العرش فلا أدري أرفع رأسه قبلي أم كان ممّن استثنى الله". وقد ورد في الحديث الذي رواه مسلم :" أنّ الله سبحانه ينزل المطر بعد الصعقة الأولى فتنبت منه أجساد الناس ثمّ ينفخ في الصّور مرّة أخرى فإذا هم قيام ينظرون ثمّ يقال : يا أيها الناس هلمّ إلى ربّكم وقفوهم إنهم مسؤلون .
أمّا الملك الثالث الذي ذكر في القرآن فهو ميكائيل وهو موكل بالقطر والنبات اللذين يخلق منهما الأرزاق في هذه الدار ، وله أعوان يفعلون ما يأمرههم به بأمر ربّه ، يصرفون الرياح والسحاب كما يشاء الربّ جلّ جلاله . وقد روي أنه ما من قطرة تنزل من السماء إلاّ ومعها ملك يقررّها في موضعها من الأرض
فهؤلاء الملائكة الثلاثة وردت أسماؤهم في القرآن في قوله تعالى: (مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ " البقرة98
وأما ملك الموت فليس بمصرّح باسمه في القرآن ولا في الأحاديث الصحاح ، وقد جاء تسميته في بعض الآثار ( بعزرائيل) والله أعلم وقد قال الله تعالى :" قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ " الزمر 11
وله أعوان يستخرجون روح العبد من جسده حتّى تبلغ الحلقوم يتناولها ملك الموت بيده فإذا أخذها لم تدعها الملائكة في يده طرفة عين فإماّ تأخذها ملائكة الرحمة أو ملائكة العذاب . والمعلوم أنّ ملائكة الموت يأتون الإنسان على حسب عمله إن كان مؤمناً أتاه ملائكة بيض الوجوه بيض الثياب كأن وجوههم الشمس ، وإن كان كافراً فالضد من ذلك . وممّا ورد من رأفة نبينا عليه الصلاة والسلام بالمؤمنين أنّه نظر إلى ملك الموت عند رأس رجل من الأنصار ، فقال له النبي صلّى الله عليه وسلّم :" يا ملك الموت ارفق بصاحبي فهو مؤمن فقال ملك الموت يا محمّد طب نفساً وقر عينا فإنيّ بكل مؤمن رفيق
والملا ئكة عليهم السلام بالنسبة إلى ماهيأهم الله تعالى أقسام فمنهم حملة العرش :قال تعالى " الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ ءَامَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ " غافر(7). ومنهم سكّان السموات السبع يعمرونها عبادة دائبة ليلا ً ونهارا ً صباحا ً ومساء ً كما قال
وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ(19)يُسَبِّحُون َ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ ( 20 الأنبياء) ، فمنهم الراكع دائما ً والقائم دائما ً والساجد دائما ً . يقول الحبيب المصطفى صلّى الله عليه وسلّم :" إنّي أرى ما لا ترون وأسمع ما لا تسمعون ، أطّت السماء ( أي صوّتت وحجّت ) وحقّ لها أن تئط ما فيها موضع أربع أصابع إلا عليه ملك ساجد لو علمتم ما أعلم لضحكتم قليلا ً ولبكيتم كثيرا ً ولا تلذذتم بالنساء على الفرشات ولخرجتم إلى الطرق الصعدات تجأرون إلى الله ( تتضرعون) . ومن الملائكة الذين يتعاقبون زمرة بعد زمرة إلى البيت المعمور يحجّ اليه كلّ يوم سبعون ألفا ً لا يعودون إليه آخر ما عليهم ، وهو في السماء لو وقع منه حجر لسقط على الكعبة المشرفة وقد رآه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في ليلة الإسراء والمعراج ، وكان سيدنا إبراهيم عليه السلام مسنداً ظهره إليه
فقال عليه الصلاة والسلام :" فرفع لي البيت المعمور فسألت جبريل فقال هذا البيت المعمور يصلّى فيه كلّ يوم سبعون ألف ملك إذا خرجوا لم يعودوا إليه آخر ما عليهم
ومن الملائكة الكرام الموكلون بالجنان وإعداد الكرامة لأهلها وتهيئة الضيافة لساكنيها وتهنئتهم لهم بما حصل لهم من الله من التقريب والانعام والإقامة في دار السلام . قال تعالى :" جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ ءَابَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ(23) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ "(24) الرّعد " . وخازن الجنة كما ورد في الحديث إسمه رضوان ، ومنهم الموكلون بالنار وهم الزبانية وعددهم تسعة عشر وخازنها مالك وهو مقدّم على جميع الخزنة وقد ذكر إسمه في قوله تعالى: " ونادوا يا مالك ليقض علينا ربّك قال إنّكم ماكثون لقد جئناكم بالحق ولكن أكثركم للحق كارهون "( الزخرف 77) والزبانية هم المذكورون في قوله تعالى :" عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون " ( التحريم 6) . وفي قوله تعالى : " وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ " ( غافر49) . وكذلك في قوله تعالى :" عليها تسعة عشر وما جعلنا أصحاب النار إلا ّ ملائكة – إلى قوله تعالى :" وما يعلم جنود ربك إلا ّ هو" . ومن الملائكة من هم موكلون بحفظ بني آدم كما قال تعالى:" سواء منكم من أسرّ القول ومن جهر به ، ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ" وهي الملائكة
قال عكرمة عن ابن عبّاس : يحفظونه من أمر الله : قال ملائكة يحفظونه من بين يديه ومن خلفه فإذا جاء قدر الله خلوا عنه . ومنهم الموكلون بحفظ أعمال العباد كما قال تعالى: " عن اليمين وعن الشمال قعيد ما يلفظ من قول إلا ّ لديه رقيب عتيد ( 18ق
وقال تعالى :" وإنّ عليكم لحافظين كراما ً كاتبين يعلمون ما تفعلون " 12الانفطار
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم :"أكرموا الكرام الكاتبين الذين لا يفارقونكم إلاّ عند إحدى حالتين الجنابة والغائط وإذا إغتسل أحدكم فليستتر بحذم حائط أو بعيره أو يستره أخوه " . حديث مرسل وقد وصله البزار
وقد ورد في الحديث من مخاطبة العبد ربه يوم القيامة يقول يا رب ألم تجرني من الظلم قال يقول بلى قال فيقول:" فإنّي لا أجيز على نفسي إلاّ شاهدا ً منّي قال فيقول كفى بنفسك اليوم عليك شهيدا ً وبالكرام الكاتبين شهودا ً ، قال فيختم على فيه فيقال لأركانه أنطقي قال فتنطق بأعماله قال ثمّ يخلىّ بينه وبين الكلام قال فيقول بعدا ً لكن وسحقا ً فعنكنّ كنت أناضل" رواه مسلم
ومن الملائكة من يتعاقبون بالليل والنهار ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر وفي الحديث :" يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ويجتمون في صلاة العصر وصلاة الفجر ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم وهو أعلم بهم كيف تركتم عبادي فيقولون تركناهم وهم يصلّون وأتيناهم وهم يصلّون " رواه البخاري . ومنهم ملائكة ليوم الجمعة كما ورد في الحديث:" إذا كان يوم الجمعة كان على كلّ باب من أبواب المسجد ملائكة يكتبون الأول فالأول فإذا جلس الإمام طووا الصحف وجاؤوا يسمعون الذكر " وقد قال الله تعالى :" وقرآن الفجر إنّ قرآن الفجر كان مشهودا" تشهده ملائكة الليل وملائكة النهار
وفي الحديث أيضا ً :" ومن سلك طريقا ً يلتمس به علما ً سهل الله له به طريقا ً إلى الجنة وما إجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا ّنزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده " . ومنهم من هم جنود لله سبحانه لنصرة عباده المؤمنين في الحرب وقد ورد ذلك في كتاب الله عزّ وجل ، منها في موقعة بدر ، قال تعالى :" إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ ءَالَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ(124)بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ ءَالَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ " آل عمران(125).
وفي الختام نعود لنذكّر الاخوة المستمعين ، أنّ على كلّ مسلم أن يؤمن بالملائكة الكرام وبصفاتهم وبكل ما ورد في القرآن والسنة ، إجمالا ً في الإجمالي وتفصيلا ً في التفصيلي .وصلّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلّم

فصل: في عبّاد الملائكة

لقد تلاعب الشيطان ببعض الناس وأضلّهم ، فزيّن لقوم عبادة الملائكة فعبدوهم بزعمهم
ولم تكن عبادتهم في الحقيقة لهم ، ولكن كانت للشياطين فعبدوا أقبح خلق الله وأحقّهم باللعن والذم . قال تعالى : " و يوم يحشرهم وما يعبدون من دون الله فيقول أءنتم أضللتم عبادي هؤلاء أم هم ضلّوا السبيل ( الفرقان 16-17 ) . فيقول سبحانه( ويوم يحشرهم وما يعبدون من دون الله) وهذا عام في كلّ عابد ومن عبده من دون الله
وأما قوله :" فيقول أءنتم اضللتم عبادي هؤلاء أم هم ضلّوا السبيل " قال مجاهد فيما رواه ورقاء ، عن ابن أبي نجيح قال: "هذا خطاب لعيسى والعزير ، والملائكة " . قال تعالى :" ويوم يحشرهم جميعا ً ثمّ يقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون ، قالوا سبحانك أنت وليّنا من دونهم " ( سبأ 40-41)
وفي الآية التي ذكرناها قوله تعالى " قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَءَابَاءَهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا " ( الفرقان 18) . ومعنى الآية كما قاله ابن كثير ، أي : ليس للخلائق كلهم أن يعبدوا أحداً سواك ، لا نحن ولا هم فنحن ما دعوناهم إلى ذلك ، بل هم فعلوا ذلك من تلقاء أنفسهم من غير أمرنا ولا رضانا ، ونحن براء منهم ومن عبادتهم . كما جاء في سورة القصص قولهم :" قَالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنَا أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ(63)القصص. إذاً المعنى يأتي على الشكل الآتي : ليس يصلح لنا أن نعبد ونتخذ آلهة فكيف نأمرهم بما لا يصلح لنا ، ولا يحسن منّا ؟ ثم ذكر المعبودون سبب ترك العابدين الإيمان بالله تعالى بقولهم :" ولكن متّعتهم وآباءهم حتّى نسوا الذكر وكانوا قوما ً بورا "( 18 الفرقان) / بورا : أي هلكى وفاسدون قد غلب عليهم الشقاء والخذلان قال ابن زيد (في تفسير ابن كثير) : ينادي مناد يوم القيامة ، حين يجتمع الخلائق : (ما لكم لا تناصرون ) يقول من عبد من دون الله ، لا ينصر اليوم من عبده ، والعابد لا ينصر إلهه ( بل هم القوم مستسلمون ) ( الصافات 26) . فهذا حال عبدة الشيطان يوم لقاء الرحمن ، فوا سوء حالهم حين إمتيازهم عن الؤمنين، إذ سمعوا النداء : " وامتازوا اليوم أيها المجرمون ، ألم أعهد إليكم يا بني آدم ألا تعبدوا الشيطان إنّه لكم عدوّ

خليجية[/IMG]




اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.