ويتصور الكبار – بهذه الرؤية – أن مخ الطفل الصغير ما زال غير قادر على التذكر، أو التعلم، بكفاءة، بما يكفي لتمرير الخبرات السيئة عليه دون أن تترك أثرًا على "عقله الصغير".
ويترتب على هذه "المسلمات" أيضًا أن الاهتمام بتكوين عقل الطفل قبل الالتحاق بالمدرسة غير مُجْد، وأن الأطفال الأكبر سنًّا يكونون أقدر على اكتساب مهارات معينة، مثل اكتساب لغات غير اللغة الأم؛ ولذلك تقضي النظرة التقليدية في دوائر التعليم مثلاً بتأجيل تعليم اللغات الإضافية إلى ما بعد العاشرة.
غير أن الدراسات الأكثر حداثة في دراسة تكوين المخ، ونشاطه، وعلاقتهما بالتعلم([ii])، تقطع بأنه ليس أبعد عن الحقيقة من هذه "المسلمات". الأمر الذي ينطوي على تبعات جوهرية لِفَهْم عملية تعلم الأطفال الصغار، وعملية التنشئة الاجتماعية بوجه عام؛ ويفرض، من ثَمَّ، تغييرات عملية أساسية في المنطق التقليدي لهاتين العمليتين المجتمعتين بالغتي الأهمية، للفرد وللمجتمع على حد سواء.
فجماع الرأي العلمي الآن أن المخ ليس مجرد جهاز عضوي – كما كان يظن في السابق – وأن الاهتمام بتطوير مخ الطفل قبل الالتحاق بالمدرسة، بل منذ لحظة الولادة، أو حتى قبلها، أمر لا يدانيه في الأهمية – في تنشئة الطفل العقلية – أي اعتبار آخر، حيث تؤثر الخبرات التي يتعرض لها الطفل في السنوات الأولى من العمر تأثيرًا بالغ الأهمية على معمار المخ، وعلى أدائه طول الحياة.
سلمت اناملك