من أعجب العلاقات الإنسانية على الإطلاق العلاقة الزوجية. توقفت كثيرًا عند حكمة الخالق العظيم فيها فازداد عجبى!! فكل العلاقات الإنسانية الأخرى تنبع منها وتصب فيها، إذا صلحت صلح سائر جوانب الحياة، وإذا فسدت – لا قدر اللّه – كانت الحياة كئيبة، وإن بدا عكس ذلك. إن السعادة تنبع من بيوتنا وتصب أينما ذهبنا، لا أقول إننا نعيش فى الجنة، ولكن استقرارنا النفسى والعاطفى، هو الذى يجعلنا نحل مشكلاتنا بحنكة، ونتعامل مع أزماتنا بحكمة..
الواقعية أم الرومانسية؟!
أنا فتاة عمرى 24 سنة، والحمد لله على قدر من الجمال والالتزام، تخرجت فى إحدى كليات القمة، كما يطلقون عليها، وحاليًا أعمل بإحدى الوظائف التى تناسب مؤهلى.
أنا فتاة نصفى واقعى والنصف الآخر رومانسى، لذلك أعيش ممزقة بين النصفين، فطوال حياتى لم أنسق وراء قصص حب عابثة فقط لمجرد الإحساس بالحب، وإيمانًا منى بأن الحب الحقيقى يجب أن يكون تحت ظلال الشرع، أى بالزواج.. وهنا بدأت خيوط المشكلة.. فأنا أهتم بشكل الخاطب جدًا، ولا أقصد أننى أريده فاتنًا، أبدًا أبدًا، فقط يهمنى أن أتقبل شكله، ولا أنفر منه، اعذرينى لجرأتى إن قلت أهم نقطة أفكر فيها وأهتم بها، وهى أننى أسأل نفسى: هل أستطيع أن أتقبل هذا الشخص فى علاقة حميمية؟ فإن كان الجواب نعم أمضى بالموضوع، وإن كان لا فلا توجد قوة بالدنيا تقنعنى بتقبل هذا الخاطب.
أنا أنظر للزواج من منطق عقلانى كبير وعاطفى أقل منه فى القدر، وأؤمن بأن الزواج يحتاج لتفكير محايد، ولكن والله – وهذه المشكلة خارجة عن إرادتى – الزواج ليس بالنسبة لى بيتاً وفستاناً وفرحاً، والله إن الزواج عندى يذهب أبعد من ذلك، فهو حياة من نوع آخر، وهذا أيضاً يسبب لى القلق، إذ إن الزواج طريق طالما دخلته الفتاة، فلا رجعة فيه..وقد تقدم لى هذه الأيام شاب، وهو بشهادة كل من يعرفه ملتزم أخلاقيًا ودينيًا، وعندما تحدثت معه وجدته على قدر من الثقافة والتفتح.. مثالى فى كل شىء تقريبًا،
ما عدا أننى لم أتقبله شكلاً ولا أشعر بأى ميل تجاه فكرة الارتباط به، إلا من الناحية العقلية والمنطقية فقط، وبالطبع أنا الآن أعيش صراعًا بين عقلى وعاطفتى، قد تسأليننى يا سيدتى أين أهلى من ذلك، أقول لك إنهم لا يتدخلون فى قرارى إلا بالنصيحة فقط، ولكن لا أخفيك يا سيدتى أنهم يحاولون من بعيد الضغط على للموافقة لما يرونه فيه من مميزات يرون أنها قد لا تأتى فى إنسان آخر.
إن هذه المشكلة تؤرقنى جدًا وأخاف أن تستمر معى ولا أستطيع تقبله مع مرور الأيام، وأن يجعلنى هذا الشعور أنفر منه بعد الزواج، وفى الوقت نفسه، أخشى إذا رفضت أن يكون هذا بطرًا على النعمة، وألا يأتى أبدًا من أتقبله ويكون مثل خلق هذا الشاب ودينه.
آسفة للإطالة وأرجو أن تفيدونى بالمشورة فى أقرب وقت أكرمكم الله وجزاكم عنا كل خير.
استوقفتنى أكثر من نقطة فى رسالتك يا فتاتى العزيزة، ولكن قبل الخوض فى ذلك دعينى أعترف لك بإعجابى بك وبعقليتك، فأنت نموذج حى للفتاة المصرية التى تربت تربية محافظة ولكن تقدمية فى الوقت نفسه.
أما النقاط التى استوقفتنى فهى كالتالى:
أولاً: لقد أشرت فى صدر رسالتك إلى أنك لم تنساقى وراء قصص حب عابثة لمجرد الإحساس بالحب، حيث إن الحب يجب أن يكون فى ظل علاقة شرعية، وهى الزواج!! فمن قال يا فتاتى إن الحب قبل الزواج دائمًا ما يكون علاقة عابثة؟ المهم هو النية من وراء الحب، والأهم من ذلك هو الأشخاص الذين هم طرفا العلاقة، فالأمر يختلف باختلاف نواياهم وخلفياتهم الأخلاقية، ولا نستطيع أن ننكر أن الحب فى حد ذاته من أسمى العلاقات الإنسانية إذا توافرت فيه شروط الجدية ونية الزواج.
ثانيًا: إنك تصفين حالتك الآن بالتمزق لأنك تشعرين أنك مقسمة بين عقلك وعاطفتك، وهذا ليس تمزقاً يا عزيزتى، ولكنه التوازن النفسى الذى يجب أن يتوفر لدى جميع الناس، ولكن لأن المحيط العام الآن يفرض عدم رجاحة عقل الشباب والفتيات فإنك تجدين نفسك غريبة بين أقرانك وقريناتك.
ثالثًا: أشفقت عليك كثيرًا يا فتاتى من كم لومك لذاتك بسبب الشروط التى تفرضينها على اختيارك لشريك حياتك المستقبلى، وهنا أريد أن أتحدث إليك فى محورين متوازيين، أولهما: أنه من حقك تماماً الحق أن تضعى ما يحلو لك من شروط فى اختيار الشاب الذى يستحق فتاة مثلك، وكونك تتخيلينه فى علاقة حميمة، فهذه هى النقطة التى أريد أن أنبهك لخطئها..
إن العقل البشرى يا فتاتى العزيزة لا يستطيع أن يتخيل شيئًا لم يكن له به سابق تجربة، ولذلك فلن يكون الخيال غنيًا بشكل كافٍ أن يصور لك حقيقة الأمر، فلا يجب إذن أن تبنى شيئًا على خيال.. أما ثانيهما: فهو أننى لا أريد أن ترجح كفة العاطفة فى حالة هذا الخاطب الأخير، الذى يثنى عليه الجميع، ويمتدحون صفاته وأخلاقه، فإذا أخذنا فى الاعتبار أن العنصر الذى تبنين عليه رفضك هو عنصر خيالى فى أصله فستخونك رجاحة عقلك هذه المرة لأن سبب رفضك غير منطقى ولا مقبول.
وإذا أردت نصيحتى فى هذا الأمر يا فتاتى فسأقول لك: تريثى، واعطى نفسك فرصة أكبر، وابدئى فى مشوار التعرف الأعمق على هذا العريس، الذى ترشحه جميع الشواهد، واستخيرى ربك فى أمره، فربما تجدين نفسك منشرحة لمسألة الارتباط به، وستجدين أن الله إما يدفعك دفعة نفسية قوية نحوه أو يصرفك عنه بشكل قاطع ولأسباب قوية تستطيعين الاستناد إليها فى رفضك إذا قررت الرفض فى آخر الأمر.
وفقك الله يا فتاتى لحسن الاختيار وكتب لك الحياة السعيدة المديدة مع الزوج الصالح ورزقك بالذرية التى تقر عينك وعينه إن شاء الله.
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ♥ نــــ الهــ ღ ـــدى ـــور�
|
تسلمى للمرور نور الهدى :11_1_207[1]::11_1_207[1]::11_1_207[1]: