وإذا كان المثل الحكيم يقول: تكلّم حتى أراك فإننا نقول: تكلم حتى يشعر بك شريكك، وتشعر به. حاجتنا شديدة وماسة لتعلم فنون الكلام، وحاجتنا أكثر ربما لتعلم فن الإصغاء. وهناك أسباب أخرى لفقد لغة الحوار تكشفها الملابسات الزوجية اليومية فقد يخشى أحد الطرفين أو كلاهما من تكرار محاولة فشلت لاقامة حوار من قبل أو أن تخاف الزوجة أن تطلب من الزوج، أو تتحرج، إذ ربما يصدها أو يهمل طلبها، أو يستخف به كما فعل في مرة سابقة.
وقد ييأس الزوج من زوجة لا تُصغي، ولا تجيد إلا الثرثرة أو لا تفهم وتتفاعل مع ما يطرحه، أو يحكيه. الخوف من رد الفعل، أو اليأس من تغيير طباع الطرف الآخر يجعل إيثار السلامة بالصمت هو الحل، وهنا يكون عدم الحوار اختيارًا واعيًا لم تدفع إليه ظروف خفية، أو تمنعه المشاغل، ولم ينتج عن إهمال أو تناسٍ. والمبادرة هنا لا بد أن تأتي من الطرف الذي سبق وأغلق باب الحوار بصدٍ أو إعراضٍ أو عدم تجاوب. إن التحاور والتشاور يعني طرفين أحدهما يستمع، والآخر يتحدث ثم العكس، ولا يعني أن أحدهما يرسل طوال الوقت أو يُتوقع منه ذلك، والآخر يستقبل طوال الوقت، أو يُنتظر منه ذلك، وتكرار المبادرات بفتح الحوار،ومحاولة تغيير المواقف السلبية مسألة صعبة، لكن نتائجها أفضل من ترك الأمر، والاستسلام للقطيعة والصمت.
إن الحياة الزوجية هي الحب بمعناه الأشمل الذي يأخذ بين الزوجين معانٍ أعمق وأرحب مما يأخذ بين غيرهما. ولابد أن يستمر الحوار بعد الزواج ففي فترة الخطوبة وما بعدها -حتى الزفاف- يمكن أن تستمر مكالمات هاتفية بين الطرفين لساعات ثم بعد الزواج يقولون: لا يوجد كلام نقوله!!!
أن فعل الكلام علامة على التواصل، بينما عدمه دليل على الانقطاع والتواصل بكل أشكاله سواء كان فكريا أو روحيا .الحوار -حتى الصاخب- علامة من علامات الحياة: حياة العلاقة، ودفئها، وتدفقها، ومعناه أن الشريك يأنس بشريكه، ويهتم بأمره-ولو شغبًا أو اعتراضًا- ويحب الحديث معه، يتبادلان الضحكات أو الآراء، أو حتى الاتهامات ثم يصفو الجو أو يتكدّر فيتجدد الحب حين يتحرك تيار التواصل، أما الصمت حين يسود يقتل الحب ومن ثم يفنى التفاهم وتنهار الحياة الزوجية.
والله فادني كتير
انا اسفة حبيبتي