* يعانى كثير من الطلبة خلال فترة الامتحانات بأعراض نفسية يحلو للبعض أن يسميها إكتئاب ما قبل الامتحان؟
** في الغالب الأعراض التي يعانى بها الطلبة في فترة الامتحانات هي أعراض قلق وتوتر، وليس إكتئاب، والقلق والتوتر هما الأكثر شيوعا، وهذا القلق والتوتر منه ما هو صحي، ومنه ما قد يصل إلى المرحلة المرضية وهنا يجب الحذر.
* وهل هناك توتر صحي وآخر غير صحي؟
**نعم : هناك توتر إيجابي وصحي، وهو ما يعين على الاستذكار، ويكون دافعا داخليا لدى الطالب للمزيد من البحث والاستذكار، ويزيد من طاقة الإنسان، لأن هذا النوع من القلق يزيد من إفراز هرمونات معنية بزيادة النشاط بدرجة عالية، بحيث أن طاقة الطالب ترتفع في تلك الفترة عن معدلاتها الطبيعية، فالطالب في الأحوال الطبيعية يستطيع الاستذكار لفترة لا تتعدى ثلاث أو أربع ساعات، في حين أن حالة التوتر الصحي التي يمر بها الطالب ترفع تلك المقدرة عنده إلى عشر ساعات يوميا!
توتر مطلوب
* لكن الشائع أن الهدوء يأتي بنتائج أفضل من القلق، إذ يساعد على التركيز.. وليس القلق؟
* في الحقيقة التوتر في هذه الحالات نعتبره صحي وإيجابي لأنه ينم عن إحساس بالمسئولية، ويشحذ طاقة الإنسان للوصل به إلى أعلى مستويات الطاقة، وكما قلت قد يدفعه إلى زيادة مجهوده لأكثر من الضعفين، وهو ما لا يستطيع فعله وهو هادئ، والقلق هو عرض يصيب الإنسان عند الإقبال على شيء غامض كالامتحان الذي لا يعرف هل سيكون في الممكن الإجابة على تساؤلاته، وهل ستكون من الأسئلة الغامضة أم من الأسئلة المألوفة.
كما انه يكون عند الإقدام على زواج أو خطوبة أو الذهاب إلى عمل جديد، وبمجرد مواجهة الموقف مثار التساؤلات يختفي القلق تدريجيا.. لكن هناك نوعية من الناس قد لا يختفي القلق بمجرد مواجهة الموقف، وإنما قد يتحول إلى مرض، وهذا لا يحدث في الإنسان الطبيعي وإنما يحدث عند من توجد عندهم الاستعداد البيولوجى للمرض، وهؤلاء هم الذين قد يتطور القلق عندهم إلى أعراض مرضية مختلفة كالإصابة بنوبات الهلع، أو سرعة خفقان القلب، أو الإحساس بان كارثة معينة قد رآها ستحدث له، والمشكلة أن هؤلاء يعالجون بطريقة خطأ لأنهم عادة ما يتوجهون إلى طبيب قلب وليس إلى طبيب نفسي مما يبقى الحال على ما هو عليه.
* وهل للقل المرضى أنواع أخرى؟
** هناك أنواع من القلق المرضى تعتبر الأشهر وهى :
1- القلق المعمم : أي أن الإنسان يصبح خائف من كل شيء، فلو رأى حادثا فانه يظل مقتنعا بأنه سيحدث له حادث مثله، ولو سمع خبر عن شيء يشعر بأنه سيصيبه.
2- الفوبيا : وهو خوف زيادة عن الطبيعي من أشياء قد تكون طبيعية وعادية، والمصابون بهذا النوع من الفوبيا قد يتطور الخوف لديهم إلى نوع آخر من القلق المرضى وهو الوسواس القهري، وهنا تحتاج الحالة إلى تدخل طبي نفسي.
* وهل يمكن أن تؤثر الضغوط المحيطة بالطالب سواء من الأسرة أو المدرسة أو سائل الإعلام في الطالب إلى درجة تنقله من التوتر الصحي إلى التوتر المرضى؟
** قد يتطور القلق الطبيعي إلى مرضى ولكن ليس عند كل الشخصيات، وغالبا ما يتطور مع الشخصيات الهشة، أي غير القوية، والشخصية الهشة هي التي تؤثر فيها الأحداث في العمق وبشدة، ولا تستطيع تحمل المواقف الصعبة، وهذا النوع من القلق المرضى يكون مصحوبا في الغالب بأعراض جسمانية هشة، فمرة يشتكى من آلام في مكان، ثم ينتقل الألم إلى مكان آخر وهكذا.
* لكننا في التوصيف العام نسمى تلك الأعراض بالاكتئاب.. فهل هذا ليس صحيحا؟
** الاكتئاب شيء آخر تماما وأكثر تعقيدا من ذلك، والاكتئاب لا يستطيع أن يشخصه إلا الطبيب النفسي، فمريض الاكتئاب يعانى من فقدان شبه تام للأمل، وله أعراض تنعكس على حياة المريض كلها، سواء الجسمانية أو الاجتماعية أو النفسية ، وهو ليس معناه الحزن والضيق فقط.
* في سنة من السنوات تم نقل طالبة إلى المستشفى بعد أن عجزت عن الإجابة على أسئلة الامتحان، وقال الطبيب بأنها أصيبت بانفصام.. فهل يمكن أن يتطور القلق إلى انفصام؟
** القلق والانفصام شيئان مختلفان تماما، ولا صلة بينهما ، فالقلق عارض نفسي، أما الانفصام فهو مرض عقلي له جذوره البيولوجية والوراثية، وله أسباب تكوينية، ولكنه يظل كامنا ويظهر عند التعرض لموقف صعب جدا، وهو يظهر عادة في الفترة من سن 17-25 سنة ، ولا يمكن للطبي أن يشخص المرض من أول وهلة، إذ لابد أن تستمر الأعراض لمدة ستة أشهر حتى يستطيع الطبيب أن يتأكد أنها أعراض انفصام، والانفصام درجات منها ما يتعايش الإنسان معه؟، ويعيش بين الناس به، ويمارس حياته عاديا، ومنها ما يصل إلى أقصى درجات الجنون التي تعوق الإنسان عن الحياة بصورة طبيعية مثل الناس.
* في النهاية ما نصيحتكم للطلبة لكبح جماح القلق حتى يظل صحيا ولا يتطور إلى الصورة المرضية المعوقة؟
** كمعالجين نفسين نبدأ بالدين كعلاج قوى المفعول في تقوية الإرادة وشحذ الهمة والدعوة إلى الصبر وعدم اليأس، فالدين يمنح الإنسان قوة معنوية تحصنه من الهواجس والهموم والقلق الزائد والتوتر، ناصحين الطلبة بالآتي:
أولا : بالاستعانة بالصبر والصلاة والذكر والقرآن.
ثانيا : تنظيم الأوقات والأفكار والمكان الذي يذاكر فيه لتحقيق الراحة النفسية.
ثالثا : نيل قسط كاف من النوم يوميا، خاصة ليلة الامتحان وتجنب فكرة السهر حتى الصباح.
رابعا : تجنب تعاطي المنبهات خاصة ليلا، وينصح بعدم تناولها بعد العاشرة ليلا، وهى كما هو معروف تشمل الشاي والقهوة والمشروبات الغازية، ( أي كل المشروبات التي تحتوى على الكافين).
خامسا :أخذ حمام دافئ وكوب لبن دافئ ثم الذهاب إلى الفراش مباشرة بعد الحمام من أجل المحافظة على هدوء الجسم وصفاء الذهن.
سادسا : تجنب الأكل قبل النوم مباشرة، ويفضل أن تكون آخر وجبة قد تم تناولها قبل النوم بساعتين على الأقل.
سابعا: عدم تغيير مكان النوم في تلك الفترة، لأن تغيير مكان النوم قد يكون من مسببات القلق والنوم غير الهادئ.