تعتبر الرضاعة الطبيعية من الأم المصابة بفيروس الايدز إحدى طرق العدوى بالفيروس للطفل حيث تقدر الإصابة ب 150 ألف طفل مصاب سنويا حول العالم عبر هذا الطريق. ولقد كانت الجهود حثيثة في هذا الاتجاه حيث قلّت نسبة انتقال هذا الفيروس من الأم المصابة إلى الطفل من 25-15 لكل 100 حالة إلى فقط حالتين لكل 100 أم مصابة. و كان ذلك بعد فضل الله تعالى بسبب نهج بعض طرق الوقاية ومحاولة منع الفيروس من الانتشار حتى فيما بعد الإصابة.
كما أن انتقال الفيروس من الأم الحامل المصابة عبر المشيمة يعتبر من أكثر أسباب إصابات الأطفال شيوعا حيث بلغت عدد إصابات الأطفال في الولايات المتحدة الأمريكية حوالي 200 إصابة سنويا. وكان لاكتشاف الفحص المبكر ومقاومة الفيروس بالمضادات العلاجية دور كبير في انخفاض الإصابات .
الخطوة التي اتخذتها الجهات الصحية في المملكة في إضافة ذلك الكشف في فحوصات ماقبل الزواج من الاجراءات المهمة في سبيل دعم النهج الوقائي التي تسلكه المؤسسات الصحية العالمية في مواجهة هذا المرض والحد من ظهور أي حالات عدوى جديدة وفي نفس الوقت محاولة السيطرة على الحالات المصابة والتقليل من المضاعفات المحتملة.
تشير منظمة الصحة العالمية إلى انه : يمكن أن يساعد اتباع طريقة أكثر إستراتيجية في استخدام الأدوية المضادة للفيروسات لمكافحة فيروس الإيدز على الحدّ بشكل كبير من سريان الفيروس وفقا لما جاء في مقترحات منظمة الصحة العالمية .
تحدثت الدكتورة مارغريت تشان، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، قائلة إنه "يزيد سنويا على المليون نسمة عدد السكان الذين يشرعون في أخذ الأدوية المضادة للفيروسات في بلدان منخفضة الدخل وأخرى متوسطة الدخل، على أنه يوجد مقابل كل شخص يبدأ بأخذ العلاج اثنان آخران يُصابان حديثا بعدوى المرض". ويمكن عكس هذه الحالة بشكل جذري من خلال مواصلة تعزيز الإمداد بالأدوية واستخدامها استخداما إستراتيجيا. ولدينا الآن من البيّنات ما يثبت أن الأدوية نفسها التي نستخدمها لأجل إنقاذ الأرواح والحفاظ على صحة الأفراد قادرة أيضا على وقف سريان الفيروس بين الناس وتقليل فرصة نقله إلى الآخرين."
في عام 2022 أظهرت دراسة واسعة النطاق أجرتها على مستوى عدة بلدان في الشبكة المعنية بتجارب مكافحة فيروس الإيدز أن الأدوية المضادة للفيروسات قادرة على وقف سريان الفيروس بنسبة 96٪ بين الأزواج في الحالات التي يكون فيها أحدهما حاملا للفيروس والآخر غير مصاب بعدواه. وقد أيّدت هذه النتائج دراسة أُجريت لاحقا في جنوب أفريقيا.
يقول الدكتور غوتفريد هيرنشال، مدير إدارة مكافحة فيروس الإيدز في المنظمة، إن "أخذ الناس للأدوية المضادة للفيروسات يقلّل كمية ما في أجسامهم من فيروس الإيدز مما يجعلهم أقل عرضة لنقله إلى الآخرين، وإذا ما تمكّنا من إقناع المزيد منهم بأخذ العلاج وحملهم على الاستمرار في أخذه وخفض مستويات الفيروس في أجسامهم، فإن بمقدورنا أن نقلّل عدد المصابين الجدد بعدواه."
وبناء على هذه البيّنات توصي المنظمة باتباع طريقة أكثر إستراتيجية في استخدام الأدوية المضادة للفيروسات، بوسائل منها ما يلي:
• وضع مبادئ توجيهية جديدة بشأن علاج المصابين بفيروس الإيدز ممّن يعاشرون شركاء غير مصابين بعدوى الفيروس (أزواج ‘متباينون مصليا’) يُوصى فيها بأن يأخذ الشريك المصاب بعدوى الفيروس العلاج بالأدوية المضادة للفيروسات بصرف النظر عن مدى قوة جهازه المناعي، وذلك لتقليل احتمال انتقال الفيروس إلى شريكه غير المصاب بالعدوى.
• تقديم توصية بالنظر في تعديل الممارسات المتبعة حاليا في منع انتقال فيروس الإيدز من الأم إلى الطفل. وتقوم بعض الدول في الوقت الراهن بإعطاء جميع الحوامل المصابات بفيروس الإيدز أدوية مضادة للفيروسات بغض النظر عن مدى قوة جهازهن المناعي، وحملهن على الاستمرار في أخذ الأدوية مدى الحياة. ولا تعالج هذه الأدوية المصابات بعدوى الفيروس وتمنع سريانه إلى أطفالهن الرضع فحسب، وإنما يمكن أيضا أن تحمي أزواجهن.
•توصي المنظمة حاليا الأشخاص الذين تُشخّص إصابتهم بالفيروس بالبدء في أخذ الأدوية المضادة للفيروسات في حال انخفاض قراءة قوة جهازهم المناعي إلى cd4+ أو أدنى من ذلك على المقياس المكون من 350 وحدة خلوية/ ملليمتر مكعب . وثمة بيّنات متزايدة تثبت أن الإصابة بفيروس الإيدز تتسبب في التهابات مزمنة، وتزيد من مخاطر الإصابة بمشاكل صحية أخرى، ومنها الإصابة بأنواع معينة من أمراض السرطان والقلب والسكري. وتواصل المنظمة الآن استعراض دراسات حديثة تشير إلى الفوائد الصحية المحتمل جنيها من إعطاء المريض الأدوية المضادة للفيروسات في وقت يسبق إصابة جهازه المناعي بالوهن.
ومن شأن توفير الأدوية المضادة للفيروسات للمتعايشين مع فيروس الإيدز ممّن يعاشرون شركاء غير مصابين بعدوى الفيروس وللحوامل ولفئات المجتمع المعرضة لمخاطر الإصابة بالفيروس بشكل كبير، بغض النظر عن حالة جهازهم المناعي، أن يزيد عدد الأشخاص المؤهلين لتلقي العلاج في البلدان المنخفضة الدخل وتلك المتوسطة الدخل من عددهم الحالي البالغ 15 مليون نسمة إلى 23 مليون نسمة. ومع أن ذلك سيزيد تكاليف توفير العلاج في الأجل القصير فإن الدراسات تتوقع من الفوائد الاقتصادية المجنية من العلاج المبكر أن تعوض إلى حد كبير تكاليف الاستثمار في البرنامج في غضون 10 سنوات، ومن المحتمل أن تتجاوز تلك الفوائد التكاليف المتكبدة. وهذه الفائدة الاقتصادية مستمدة من تمتع القوة العاملة بصحة أفضل وإنتاجية أكبر وتخفيض تكاليف المعالجة .
وعلاوة على طرق العلاج الموجهة نحو تحقيق مزيد من الأهداف، تشير الدراسات الحديثة إلى أنه يمكن أيضا استخدام الأدوية المضادة للفيروسات لأغراض حماية الأفراد غير المصابين بعدوى الفيروس من المعرضين لخطورة الإصابة بعدواه بشكل كبير. وتعمل المنظمة مع عدد من البلدان التي تتمحور فيها حالات المرض الوبائية حول فئات معرضة لمخاطر متزايدة على وجه التحديد للإصابة بعدوى الفيروس .
وستتولى المنظمة على مدى الاثني عشر شهرا المقبلة تجميع طائفة جديدة وموحدة من التوصيات المتعلقة باستخدام الأدوية المضادة للفيروسات لعلاج فيروس الإيدز والوقاية منه على حد سواء. وستزود هذه الوثيقة البلدان بإرشادات سريرية وبرنامجية وعملية تمكّنها من استخدام الأدوية المضادة للفيروسات بأكثر الطرق فعالية وإستراتيجية.
ويضيف الدكتور هيرنشال قائلا إن "الإرشادات الجديدة مبنية على علوم وخبرات مستمدة من البلدان، وسوف تُورِد معلومات عن ماهية المُستخدم من الأدوية المضادة للفيروسات ووقت استخدامها وعن أفضل السبل الكفيلة بإعطاء تلك الأدوية وكيفية التوصل إلى خيارات إستراتيجية تعود بأقصى فائدة على الأفراد وتحدث أكبر وقع في القضاء على حالات المرض الوبائية".
إضافة إلى ذلك، ستقوم المنظمة في المؤتمر الدولي لمكافحة الإيدز بنشر إرشادات جديدة بشأن مجموعة من القضايا، ومنها المبادئ التوجيهية المتعلقة بتزويد الفئات الاكثر عرضة والمصابين بخدمات مكافحة فيروس الإيدز وتوصيات جديدة حول استخدام الأدوية المضادة للفيروسات في ظروف خاصة بشأن العلاج الوقائي قبل التعرض لفيروس الإيدز