السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
دعوة عامة إلى التواضع
في هذا الموضوع دعوة عامة الى التواضع ،
التواضع في كل شيء ، في الملبس
، مع الخدم ، في المنزل وغيرها ، كُن عزيزي المؤمن متواضعا ،
لتقرب من الله عز وجل.
هيا نتواضع في الملبَس:
وليس المقصود أن أرتدي الممزق من اللباس ، أو أن أكون غير مهندَم ،
فلقد جاء رجل إلى النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، قال: "يا رسول
الله ، إني أحب الثوب الحسن ، فهل هذا من الكِبر في شيء ؟ قال:
لا.. إنّ الله يحب الجَمَال".
إذن ، فالذي عليَّ تركه، هو الفاخر من اللباس ، والذي أرتديه بنيَّة
التفاخر والمباهاة ، لأن هذا يُعد كِبْراً . أما إذا ارتديت لباساً فاخراً بنية
إعطاء صورة جيدة للملتزين ، الذين يلبسون بشكل مهندم ومنسّق ،
فلا بأس بذلك ، بل هو مُحبَّب.
هيا نتواضع مع الخدم:
يقول النبي ( صلى الله عليه وسلم ): "إخوانكم جعلهم الله تحت
أيديكم ، فأطعموهم ممّا تُطعَمُون ، وألبسوهم مما تَلبسون ،
وكلّفوهم بما يطيقون ، فإن كلفتموهم بما لا يطيقون فأعينوهم".
يقول النبي ( صلى الله عليه وسلم ): "إذا أتى أحدكم خادمه بطعام
فليجلسه معه ، فإن لم يجلسه معه فليُطعمه اللقمة واللقمتين ،
والأكلة والأكلتين".
يا أخوات .. انتبهن في معاملتكن لخدمكن . نرى بعض السيدات يطلبن
من الخادمة تنظيف البيت بأكمله ، ثم إعداد الوليمة قبل أن يأتي
الضيوف ، ثم تنظيف البيت مرة أُخرى بعد انصراف الضيوف ، كل هذا
قد لا تطيقه الخادمة .. حذارِ يا أختاه. فنبيّ الله يُوصيكِ بها : "هي
تحت يديك" .. تواضعي لله بها وبمعاملتك لها.
هيا نتواضع في تأسيس المنزل:
الكثير من الزيجات فشلت بسبب صعوبة ما يشترط أهل العروس
وجوده في الشقة . يقول علي بن أبي طالب:
" أُهديت إليَّ ابنة النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، فاطمة ،
فدخلت بها يوم أن دخلت بها ، والله لم يكن في بيتي يوم أهديَت
إليَّ ، إلّا جلد كبش على الأرض ، وسادة حشوها ليف".
طبعاً ، أنا لا أضعكِ في موضع المقارنة بين ما كان في عصرهم وما
هو موجود في عصرنا ، لكن ذلك أيضاً كان يُعدُّ شيئاً قليلاً مقارنة بما
كان متوافراً ، وفتح الله بعد ذلك على سيدنا علي
وأكمَل البيت وجهَّزه.
هيا نتواضع مع الأقارب الفقراء:
إذا كان لديك أقارب فقراء ، تذكَّرهم وابدأ برّهم وزُرهم ، وإيّاك أن
تدَّعي أنك تَبرُّ أهلك وأقاربك ، وأنت تختار الطبقة الراقية منهم دون
غيرهم ، بل عليك التواضع مع مَن هم دونك في المستوى الاجتماعي
والمستوى الثقافي ، فإن كنت حائزاً شهادة عليَا ، فلا يصح أن تُعامل
باستهتار مَن لا يحوزون شهادات مثل شهادتك.
هيا نتواضع مع الذين علَّمونا:
كثيراً ما نسخَر من أساتذة مدارسنا ، في الجامعة . إيّاك ..
فهم مَن علمك ومَن لهم الفضل عليك.
هيا نتواضع مع مَن نُعلِّمهم:
حذار أيها الدعاة إلى الله .. تحرّوا التواضع في دعواكم ، فكم من أخت
تريد أن تأخذ بيد صاحبتها ، تظل تسخر منها زمناً لتقول لها أخيراً : "أنتِ
ما زلتِ مبتدئة ، أنتِ ساذجة جداً ".
حذارِ .. حذار .. فتكون بذلك سبباً في بُعد الناس عن ديننا ، وسبباً في
تجنُّب الملتزمين ، اصبروا عليهم يا إخوتنا ،
وعاملوهم برقة ولين وتواضع.
هيا نتواضع مع والدينا:
يقول عزّ وجلّ: ( وَاخفِض لَهُما جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحمَة ) (الإسراء 24).
إذا كان والداك على قيد الحياة ، أتراك ستقبِّل أيديهما ؟ هل تستطيع
أن تُقبّل يد والدتك أمام الناس ؟ أتعلم أنَّ ذلك من دلائل التواضُع ؟ وإذا
ما فارقاً الحياة ، استغفر لهما باستمرار ،
واعمل عملاً صالحاً يُوضَع لهما في ميزان حسناتهما.
أجمل التواضُع:
أن تذل وتواضع لله عزّ وجلّ ، إيّاك أن تتباهى بحضورك لدرس علم ، أو
بحجابك والتزامك ، بينما ما يزال الكثير من الناس بعيدين عن الله ،
يقول عزّ وجلّ: (وَلا تَمنُن تَستَكثِرُ) (المدثر 6). إيّاك أن تَمُنّ على الله ،
اخفض جناحك وذل لله الذي خلقك ، فأنت كلُّك من خيره ومن نعمته.
فكر مع نفسك وابحث عن أي وسيلة تُبعدك
عن الكبر وتجعلك متواضعاً.
كيف تتخلق بخُلق التواضع ؟ كيف تصبح متواضعاً ؟ تفكّر في جلال
الله عزّ وجلّ ، وقدرته ونعمته ، تشعر بذلك ، اشعر بفقرك إلى الله
تكن متواضعاً ، انظُر إلى عظمة الله وإلى مكانتك تكن متواضعاً.
كيف تتدرب على ذلك عملياً؟ تعاول وتنال وجبة من الوجبات مع
الموظفين الأقل منك درجة ، أو السُّعاة ، جالسي خادمتك وشاركيها
الطعام ، قم بتعليم القرآن لفقير ، اجلس مع المساكين والفقراء ،
خصص يوماً في الأسبوع لغسل الأواني ، اركع على ركبتيك وقبّل
يدي أبيك وأمك ، ابحث عن العمل الذي تجد من الصعب على نفسك ،
التي تعوّدت التعالي ، أن تفعله ، وافعله ؛ فهذه أحسن وسيلة لتربية
نفسك على التواضع ، ابحث عمّا ولّد الكِبْر في داخلك حتى تعوّدَت
عليه نفسك ، فصعب عليك التخلي عنه ، واكسره.
اختم حديثي بتذكرة:
" لا يدخل الجنة مَن كان في قلبه مثقال ذرة من كِبْر".
منقول