الحجامة وجلاء البصر
درهم وقاية خير من قنطار علاج..
حكمة قديمة ولكنها ثمينة، فكلما ضاقت بنا السبل نعود إلى حكم ومقالات الأجداد الأوائل، وحري بنا أن نعود إلى ما قاله النبي (صلى الله عليه وسلم) عن الحجامة وفوائدها منذ أكثر من خمسة عشر قرنا (الشفاء في ثلاث: شربة عسل، وشرطة محجم، وكية نار، وأنهى أمتي عن الكي).
(إن أمثل ما تداويتم به الحجامة) وقال (ما مررت بملأ ليلة أسري بي إلا قالوا مر أمتك بالحجامة).
من هذه الأحاديث النبوية نستشف حقيقة طبية مفادها أن الحجامة لها قيمة وقائية وشفائية، وقد أصبحت في الآونة الأخيرة ليست مطلبا فقط في المجتمعات الإسلامية لأنها سنة النبي (صلى الله عليه وسلم)وإنما في كل المجتمعات العربية والعالمية لما حققته من نتائج جيدة في علاج بعض الأمراض التي عجز الطب عن شفائها.
وكما سبق ونشر في عدة مجلات وصحف عالمية وعربية، فقد أثبت عدة دراسات وأبحاث قيمة الحجامة ودورها في شفاء الأمراض (الضغط، السكري، الكولسترول، هبوط القلب، الصداع النصفي وغيرها، بالإضافة إلى تأثيرها على الجهاز المناعي للإنسا).
ولا بد أن نتواضع ونعلن أننا لا نعرف الصلة بين الحجامة من جهة وأمراض العين من جهة أخرى، ولكن لقد ثبت بالدليل القاطع والتجربة خير برهان أن للحجامة علاقة وثيقة بأمراض العين حيث إنها حقا تجلو البصر.
ولعل القارئ يعلم أن كلمة الحجامة مأخوذة من حجم وحجَم، وحجَم الأمر أي أعاده إلى حجمه الطبيعي، وبالحجامة يتم إعادة الدم إلى نصابه الطبيعي وبالتالي تنشيط الدورة الدموية وإزالة ما ازداد من الفاسد (الهرم) من الدم الذي عجز الإنسان عن التخلص منه.
ودعوني أختصر قوانين الحجامة بالنقاط التالية نظرا لعدم اتساع الورق للحديث عنها:
قال (صلى الله عليه وسلم): (نعم العبد الحجام يذهب بالدم ويخف الصلب وتجلو عن البصر). يذهب بالدم أي الفاسد منه، ويخف الصلب: بسحب الشوائب الدموية المترسبة فيه، ويجلو البصر بدعم التروية الدموية لمركز الرؤيا والعين.
* أفضل أماكن الحجامة على الكاهل بين الكتفين لأنها منطقة تجمع الكريات الحمراء التالفة والعاجزة والشوائب الدموية، وهي منطقة مأمونة وخالية من أية أوعية دموية يكون جرحها خطيرا حتى لو كان المرء يعاني من السكر أو الناعور فلا خطر من التشطيبات السطحية.
* أفضل أوقاتها في الربيع عملا بقول رسول الله (صلى الله عليه وسلم) استعينوا على شدة الحر بالحجامة وبما أن شدة الحر في الصيف فمن البديهي أن تكون الحجامة في الربيع. وذلك بسبب زيادة لزوجة الدم في الشتاء، وزيادة ميوعته في الصيف.
* (الحجامة على الريق أمثل وفيها شفاء وبركة). حيث يكون الدم راكدا والشوائب متجمعة في منطقة الكاهل.
* الموعد الشهري لها من 17-27 من الشهر الهجري الذي يصادف في فصل الربيع تيمنا بالرسول الأعظم (الحجامة تكره في أول الهلال ولا يرجى نفعها حتى ينقص الهلال).
* إضافة إلى ضرورة إجرائها سنويا عند الرجال من سن 18 عاما وعند النساء بعد سن اليأس وذلك لتنشيط الدورة الدموية حيث قال الرسول الأعظم (نعم العادة الحجامة هي من العام إلى العام شفاء).
وكل ما سبق من قوانين قد تم إثبات صحتها من خلال التجارب والدراسات التي أجريت في سوريا منذ عدة أعوام من قبل أطباء ومتخصصين في كل المجالات.
ولكن ألا يكفينا أحاديث نبينا (صلى الله عليه وسلم) وقوله تعالى فيه: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} فهو المعلم والباحث و الطبيب الأول.
ومن ضمن الدراسات التي أجريت أثر الحجامة على مرضى العيون المصابين بالتراخوما – الرمد الربيعي- متلازمة جوغرن أو التهاب القرنية والملتحمة التجفافي، شحمية العين، رمل الملتحمة، اعتلال الشبكية السكري، اعتلال الشبكية بسبب ارتفاع ضغط الدم، إضافة إلى العيوب الانكسارية قصر النظر -طول النظر- وقصر البصر.
فقد لوحظ تحسن القدرة البصرية عند هؤلاء المرضى بعد إجراء عملية الحجامة
ولا بد أن أقول وللإنصاف أنه إذا تأملنا بما ورد من أحاديث استحباب التداوي بالحجامة وما قيل عن فوائدها ومنافعها وحسن نتائجها، لوجدنا أن ما اكتشفه الطب حتى الآن غيض من فيض علم الرسول الكريم، وكم نتمنى أن يتم لاحقا اكتشاف كل فوائدها من خلال بحوث معمقة وتجارب أوسع؛ لأن في الحجامة صحة الأبدان وهي المنقذة والنافعة بإذن الواحد الأحد، مع تمنياتنا بدوام الصحة والعافية للجميع