وصايا نبوية لتربية النفس على الرضا بالقضاء والقدر
كان الرسول صلى الله عليه وسلم مربيا ومزكيا لنفوس اصحابه وتجلى هذه التزكية من خلال هذه الوصايا الثلاثة التي تعد تدريبا عمليا على التسليم لقضاء الله وقدره
الوصية الاولى
عن ابي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف,وفي كل خير,أحرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز وإن أصابك شئ فلا تقل:لو أني فعلت كذا كان كذا وكذا,ولكن قل: قدر الله وماشاء فعل,فإن لو تفتح عمل الشيطان"مسلم,ك القدرقم2664
وفي هذا الحديث يبين الرسول صلى الله عليه وسلم من أن من أراد نيل محبة الله ورضوانه فعليه أن يبادر إلى تقوية إيمانه ومجاهدة نفسه وطلب القوة في العلم والجسم وأن يحرص على ما ينفعه ويطلب العون من الله سبحانه ولايعجز وأن يسلم أمره لله فيما قدر له فلا يسخط ولا يشتكي من المصائب ولا يدع للشيطان مدخلا, فكلمة" لو" تجلب الحسرة والأسى ولن يستطيع إعادة ما فات ولا إحياء من مات مهما تحسروإنما سيجلب لنفسه الكآبة ولجسمه الأمراض ويتعرض لغضب الله باعتراضه على قدره فالعلاج العملي أن يقول : "قدر الله وما شاء فعل"
الوصية الثانية : دعاء الاستخارة
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم:" يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كالسورة من القرآن,يقول:إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة,ثم ليقل:اللهم إني استخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك ,وأسألك من فضلك العظيم, فإنك تقدر ولا أقدر,و تعلم ولاأعلم, وأنت علام الغيوب.
اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمرخيرلي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري,أو قال:عاجل أمري وآجله,فاقدره لي, وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري ,أو قال:عاجل أمري وآجله, فاصرفه عني واصرفني عنه,واقدر الخيرحيث كان,ثم رضني به ,ويسمي حاجته" البخاري باب دعاء الاستخارة(7,161)
وهذه الوصية تعد تدريبا عمليا فإذا هم المسلم بأمر من الأمور المباحةمن سفر أو زواج , أو تجارة أو غير ذلك فعليه أن يدعو بدعاء الاستخارة متذللا أمام ربه راضيا بحكمه داعيا أن يختار الله له ما فيه خير في دينه ومعاشه وعاقبة أمره وأن يصرف عنه هذا الأمر إن كان فيه شر فإن انشرح صدره له فهو الخير الذي اختاره الله وإن جاء الأمر على عكس ذلك, فعليه أن يفرح لأن الله صرف عنه الشر
وبهذه الوصية النبوية , يدرب المسلم نفسه عمليا على الرضا بقضاء الله
الوصية الثالثة
قال صلى الله عليه وسلم:" انظروا إلى من هو أسفل منكم, ولا تنظروا إلى من هو فوقكم فهو أجدر أن تزدروا نعمة الله عليكم" البخاري,ك الرقاق(7,175)
وفي هذا الحديث دواء لداء الحسد والتشكي من الاقدار , فالنفس التي تتطلع إلى الآخرين لنترضى بحال من الاحوال كلما بلغت درجة من الغنى والجاه تعودتها فملتها وتطلعت إلى المزيد
فإذا اتبع المسلم هذه الوصيةالنبوية فإنه سيعرف قدر النعمة وسيرضى بما قسم الله له, لأنه إن كان فقيرا فلينظر إلى من ابتلى بالفقر المدقع والجوع الشديد, وإن كان مريضا يشكو من بعض الآلامفلينظرإلى من ابتلي بعاهة أو مرض مزمن خطير
واخيرا لو أخذ المسلمون بهذه الوصايا النبوية لسعدت أحوالهم واستقامت أوضاعهم وعرفوا الثمرة الحقيقية للإيمان بالقضاء والقدر
وسارعوا إلى التنافس في التقوى والعمل الصالح والتقرب إلى الله عوضا عن التنافس على حطام الدنيا الزائل
من كتاب الإيمان بالقدر