العلاقة بين الزوجين هي العلاقة التي تقوم على ركيزتين :المودة والرحمة كما قال الله سبحانه " وجعل بينكم مودة ورحمة". ولما ان بداية العلاقة بين الزوجين كانت باسم الله سبحانه وميثاقه الغليظ فكان لا بد لكل منهما ان يحرص على دوام هذه العلاقة والابتعاد عن كل ما يمكن ان يخدش هذه العلاقة او يصدعها او يضعفها او يتهددها بالمخاطر.
والعلاقة بين الزوجين تبقى علاقة بشرية وهذا معناه انها تتأثر بالسلوك البشري للانسان الذي يتراوح بين الرضا والغضب وبين الحزن والفرح وبين الحب والبغض وغير ذلك من نزعات يمكن ان تسيطر على احد الزوجين او كليهما بين مدة واخرى وبين ظرف واخر.
وواضح ان سنوات الزواج الاولى يمكن ان تشهد حالة من تأجج العواطف والمشاعر بين الزوجين بينما تشهد السنوات التي تليها ومع تقدم العمر وطول العلاقة بينهما فإنها تشهد تراجعا تظهر آثاره في فتور العلاقة وانحسارها في حالات اخرى.
صحيح ان مرحلة الشباب تختلف من الكهولة سواء من الناحية النفسية والجسدية، ولكن هذا لا يعني بحال من الأحوال ان تكون مرحلة وسنوات الزواج الأولى جنة بينما تصبح السنوات التي تليها عذابا وجحيما لا يطاق او ان تكون سنوات الزواج الأولى كلها شهر عسل بينما ينقلب الحال ليصبح ما بعدها بصلا ونكدا وعذابا.
وان العواطف والمشاعر تمر بحالة تآكل وتراجع مع طول الأيام وغلبة الروتين ودوام الاحتكاك بما يؤثر على الحب بين الزوجين ، الأمر الذي يحتم على كلا الزوجين العمل على استرداد هذه المشاعر وتغذيتها وشحنها.
نعم، ان مخزون الحب بين الزوجين مثله مثل المخزون من اي سلعة فإن كثرة الاستعمال قد يؤدي الى نفاده ولكن المنطق يقول بضرورة تعويض ما ذهب ونفد. ان المعلم ومع طول مدة قيامه بوظيفته فإنه بحاجة الى دورات تنشيط وتغذية بالمعلومات الجديدة، وان الطبيب كذلك بحاجة الى استمرار التواصل مع كل جديد في عالم الطب ليظل قادرا على القيام بمهنته وليس الاكتفاء بما سبق وتعلمه قبل سنوات طويلة.
وان السيارة بحاجة الى استمرار امدادها بالوقود لأن عكس ذلك يعني نفاد مخزونها وبالتالي توقفها وعدم قدرتها على التحرك والسير وان بطارية الهاتف الخليوي بحاجة الى شحن دائم ليظل مخزون الطاقة فيها كافيا من اجل الانتفاع بهذا الهاتف والا فإن هذه الطاقة ستمر بحالة نفاد اذا لم نحافظ على الشحن الدائم والمستمر، وسيصبح هذا الهاتف كومة من الحديد لا نفع منها ولا فائدة فيها.
وهكذا مخزون العلاقة بين الزوجين، فإنه كذلك بحاجة الى شحن دائم وتعبئة مستمرة وامداد بكافة اسباب الاستمرارية لأن عدم القيام بذلك يعني ضعف هذه العلاقة وظهور عوارض سلبية عليها بل لعلها تصل الى حد الجفاف القاتل حتى ان دوام العيش بينهما قد يستحيل.
وعليه فإنها جملة ملاحظات ونصائح اضعها بين يدي الأخوة والأخوات الأزواج والزوجات لعل بالعمل والأخذ بها مساهمة في شحن مخزون الحب والعلاقة بينهما بما يضمن -بإذن الله-
استمرار هذه المودة والرحمة واستمرار تماسك لبنات وأركان البيت ليكون لبنة من لبنات المجتمع الصالح، وليظل هذا البيت يرفل بالمودة والرحمة ويعيش اهله بهناء وسعادة -بإذن الله سبحانه-.
قلــــــــــها ولا تخـــــــف :
ان كلا الزوجين مطالب بذلك وليست الزوجة مطالبة وحدها ولا الزوج كذلك مطالب وحده، وانما اعتماد كل منهما للمصطلحات والجمل والعبارات ذات المعاني العاطفية التي يمكن ان تساهم في مد جسور المودة بين احدهما تجاه الآخر، وقد تكون هذه كلمة او جملة او بيت شعر يردده او تردده على مسمع من زوجها كأن تقول ما قاله الشاعر:
…خيالك في عيني وذكرك في فمي
ومثواك في قلبي فأين تغيب
او ان تقول لزوجتك ايها الزوج:
أغار عليك من عيني ومني
ومـــــــــــــــنك ومن زمانك والمكان
ولو أني خبأتك في عيوني
الى يوم القــــــــــــــــــــــيامة ما كفاني …
فلا بأس بكلمات الحب ومصطلحات الغزل تكون هي المراسيل وشيفرا المودة بين الزوج وزوجته لما لها من آثار ايجابية في ترسيخ معاني المودة والحب بينهما، وان هذه العبارات يجب ان لا تكون في اجواء ومقدمات علاقة الفراش والعلاقة الجنسية بين الزوجين فقط بل انها التي يمكن ان تكون ويجب ان تكون حتى في الأوقات العادية وليست هي ضريبة علاقة الفراش ، فقلها ولا تخف …
طلقــــــــــــي المـــــــلل بالثـــــــــــــــــلاث :
غالبا ما تكون سنوات ما بعد الأربعين هي اخطر السنوات على الحياة الزوجية حيث تبرز بعض الاشكالات في العلاقة بين الزوجين وهذه غالبا ما تكون حدثا عابرا ولعل من ابرز سمات هذه المرحلة حالة الملل والسآمة تظهر على العلاقة بين الزوجين، ولعل من اهم اسبابها انشغال الزوجة في هذه المرحلة بأولادها حتى انها تنصرف عن زوجها وعن مشاركته افراحه وأتراحه وهمومه ليتراجع به الاهتمام الى الدرجة الثانية والثالثة.
اما هو فيبحث عمن يعوض الحب الذي فقده فيجده عند الأصدقاء والأصحاب او الانشغال التام بالعمل، ولعل البعض يجد ذلك بالزواج او بعلاقة غير شرعية مع اخرى علها تمنحه الحب الذي فقده ولعل ذلك يقود الى الطلاق بعد تفاقم الاشكالات بينهما. فاحذري ايتها الزوجة من ذلك واياك ان تكوني سببا في ان يجد الملل الى زوجك سبيلا فطلقي انت الملل بالثلاث فلا يرجع الى حياتكما قبل-لا سمح الله- ان يطلقك هو بالثلاث
…وزوجة المرء عون يســتعين به على
كدر الحياة ونور في دياجـــــــــــــــــــيها
مســــــــــــــــلاة فكرته ان بات في كدر
مدت له تواســــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــي ه اياديها
في الحزن فرحته تــــــــــحنو فتجعله
نســــــــــــــــــــــــــــ ـــي آلاما قد كان يعانيها
وزوجها يدأب في تحصيل عيــــشه
دأبا ويجهد منه النفـــــــــــــــس يشقيها
ان عاد للبــــــــــــيت وجد ثغر زوجـــته
يفتر عما يســـــــــــــــــــــر النفس يشفيها
وزوجها ملك والـــــــــــــــــــــــبيت مملكة
والحب عطر يســـــــــــري في نواحيها …
اكـــــــــــذب ولك الجنــــــــــــــــة:
ان الكذب شر كله وان الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا، وان المؤمن يمكن ان يكون بخيلا ويمكن ان يكون جبانا ولكن لا يمكن ان يكون المؤمن كذابا ، واذا كان الكذب ممقوتا ومرفوضا في العلاقة بين الناس بعضهم ببعض، فمن باب اولى ان يكون كذلك بين الأقارب، ولكن الغريب ان النبي صلى الله عليه وسلم قد رخص بالكذب في ثلاث حالات واحداها كذب الرجل على زوجته مجاملة وترضية والعكس كذلك صحيح فقد قال صلى الله عليه وسلم:" لا يحل الكذب الا في ثلاث: يحدث الرجل امرأته يرضيها، والكذب في الحرب، والكذب ليصلح بين الناس".
وفي رواية ام كلثوم بنت عقبة قالت: ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص في شيء من الكذب الا في ثلاث: الرجل يقول القول يريد به الاصلاح، والرجل يقول القول في الحرب، والرجل يحدث امرأته والمرأة تحدث زوجها".
والمقصود بالكذب بين الزوجين هو ترضية احدهما للآخر، ومجاملته بالكلمات والعبارات ليشعر كل منهما الآخر انه افضل زوج وانها اجمل زوجة.
يقول الدكتور اكرم رضا في كتابه اوراق الورد:" ان الدفء العاطفي والتعبير عن المشاعر من اقوى محفزات الحب والسكينة في البيوت، والرجال في حاجة لذلك كما ان النساء في حاجة اكثر له. وعندما تعلمين ان من حاجات زوجك ان تعبري له عن مشاعرك وان من وصايا النبي صلى الله عليه وسلم انه يجوز لك الكذب في التعبير عن هذه المشاعر فلماذا تبخلين على بيتك ببعض الدفء، بأن تصبي الوقود النقي على العواطف".
ان الرجل الغربي ينادي زوجته بقوله Honey وSweet اي يا حلو او يا سكر يا عسل، فلماذا لا يقول احدكم لزوجته يا احلى من السكر ويا اصفى من العسل، ان هذا ليس عيبا ولا قلة ادب ولا كذب ولا مبالغة ، فقلها يا اخي ولك الجنة. وانت تتبادل مع زوجك هذه الكلمات والمصطلحات تشحن بها مخزون الحب بينكما فيدوم ويدوم بإذن الله.
ياك والنكــــــــــــد :
يقول صاحب كتاب ( فن صناعة الحب):" ان من الحقائق الثابتة ان الرجل يحب من زوجته ان تغار عليه لأن هذا يشعره بحبها له، ويجعلها دائما تتفنن في اظهار ما عندها من الجمال والحسن والقدرات، ولكن الرجل يكره ان يزيد هذا الأمر الى القدر الذي ينغص عليه حياته ويفسد عليه سعادته".
ان المرأة الطبيعية هي التي تغار والتي لا تغار فهي بليدة!!! اما من كانت غيرتها معتدلة فهي حكيمة، ومن افرطت في الغيرة فهي حمقاء.
ان المبالغة في الغيرة قد تحول البيت الى جحيم ونكد لا يطاق، وكما يقول الدكتور رمزي الحسامي: " ان لدغة الغيرة كلدغة الكوبرا لا شفاء منها". انها تصور غيرتها المفرطة تلك انها من اجل ان تحافظ على سعادتها وهي تعبير عن حبها لزوجها واسرتها، وهي في الحقيقة كمن يسرق ليتصدق.
ان الزوجة التي تثير عواصف النكد في بيتها لأتفه الأسباب فإنها سرعان ما تجعل رياح الخصومة والهجران تعصف في بيتها، انها كلما خرجت مع زوجها ومرا على امرأة فإنها تنبهه لئلا ينظر اليها، او انها تذمها او تسأله عما اذا نظر اليها. ولعل هذه الغيرة ستجعله يرجع سببها الى صفات نقص في زوجته وان ذلك يفتح عليهما باب شر عظيم.
وها هو نابليون الذي جعل زوجته امبراطورة فرنسا اما هي فجعلته اتعس انسان في فرنسا لأن زوجته كانت بارعة في النكد حتى انه كان يتسلل من البيت ينفس عن صدره كابوس زوجته، وكذلك تولستوي- روائي وكاتب روسيا الشهير- الذي دفعه نكد زوجته وتفننها فيه للخروج من البيت في ليلة شديدة البرد، وقد عثر عليه بعد عشرة ايام ميتا من شدة البرد قريبا من محطة القطارات وفي جيبه ورقة اوصى فيها الا تراه زوجته بعد موته وأن لا تشارك في جنازته.
فانزعي قناع النكد واخلعيه عن وجهك، وكذلك انت ايها الزوج فإن الغيرة المبالغ فيها تقودك الى سوء الظن والتضييق على زوجتك اذا تكلمت بالهاتف او وقفت لتنظف شباك البيت او ذهبت الى الدكان. ان رفض هذا ليس معناه التفريط والتهاون ولكن في الوسطية خيرا ، فما دامت المرأة مستقيمة وتصرفاتها منضبطة بالضوابط الشرعية، فيجب على الرجل منحها الثقة فلا يفرط في غيرته على عرضه فيحول الغيرة من المحمودة الى المذمومة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" ان من الغيرة غيرة يبغضها الله عز وجل وهي غيرة الرجل على اهله من غير ريبة".
ان الثقة وحسن الظن والتودد من عناصر شحن مخزون الحب بينكما فلا تترددا في شحنه واياكما من تفريغه وافساده.
كل يــــــــــوم هي عـــــــــــروس :
ان مما يساهم في شحن مخزون الحب بين الزوجين استمرار ظهور كلا الزوجين للآخر في اجمل صورة وأبهى طلة. فإن حسن المظهر يريح النفس، وان شم الرائحة الطيبة يساعد على استقرارها. ولقد قال ابن عباس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم:" اني لأحب ان اتزين لامرأتي كما احب ان تتزين لي".
وكان عليه الصلاة والسلام يرشد اصحابه لأفضل الطيب فيقول:" اطيب الطيب، المسك ".
قال ابو الأسود الدؤلي ينصح ابنته:" اياك والغيرة فإنها مفتاح الطلاق، وعليك بالزينة فإن ازين الزينة الكحل، وعليك بالطيب فإن اطيب الطيب اسباغ الوضوء".
ولكي يزداد الحب بين الزوجين ويظل مخزونه في ازدياد فينبغي المحافظة على جمالهما وزينتهما كل للآخر، بالنظافة والتعطر والزينة المباحة ولو كانت بسيطة مثل تصفيف الشعر والكحل وغيرها.
يقول الأستاذ فتحي محمد الطاهر صاحب كتاب ( هكذا يبلغ الحب بينهما):" فجمال العين وزينتها من الأهمية بمكان ويجب الاعتناء به، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" عليكم بالاثمد فإنه يجلو البصر وينبت الشعر" والاثمد هو الكحل الأسود. والعيون تصور جميع المشاهد قبل تخزينها في الذاكرة وتستعاد بالتذكير بعد ذلك. ومن المهم جدا حرص كل زوج على تصوير اجمل المشاهد وابدعها فلا يدع عيني زوجته تقع الا على الجمال والنظام في المأكل والملبس والمسكن، كما قال ابن حزم في كتاب ( طوق الحمامة) :
…اشارت بطرف العين ضيفة اهلهـــا
اشارة محزون ولم تـــــــــتكلم
فأيقنت ان الطرف قد قال مرحبا
واهلا وسهلا بالحبيب المتيم …
ان الزينةهي للزوج وليس كما تفعل اكثر النساء، بأنها تتزين اذا خرجت من البيت بينما تهمل نفسها في بيتها ولزوجها، وان ذلك يفسد الود بينهما ويذهب بأواصر المودة وسرعان ما ينفد مخزون الحب.
اليس من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه عن المرأة النعمة:" واذا نظر اليها اسرته" نعم، هذا ما ينبغي ان تكون عليه المرأة وهذا ما ينبغي ان يكون عليه الزوج كذلك، فكل منهما لباس للآخر كما قال الله سبحانه :{ هن لباس لكم وانتم لباس لهن}.
ولقد سئل الأصمعي عن امرأة تحمل بيد مسبحة تسبح الله وتذكره وفي الأخرى تحمل ميلا تكحل به عينيها، ولما سئلت عن ذلك وكيف توفق بين هذا وذاك قالت:
ولله مني جانبا لا أضيعه
وللهو مني والبطالة جانب
فلما سئل عن ذلك الأصمعي دون ان يراها ويعرفها قال:" امرأة صالحة تتزين لزوجها" اي انها تطيع الله سبحانه بذكره وتطيع زوجها بتزينها له.
فإن دوام تزين كلا الزوجين وظهورهما بالمظهر الجميل مما يساهم في شحن مخزون الحب بينهما.
امـــــــــــدح طعامــــــــها وثيابــــــــها :
اني اعرف من الأزواج من يختارون وينتقون ثياب نسائهم، ومن النساء من لا يلبس ازواجهن قميصا جديدا او بنطالا الا بعد اشارة الزوجة اليه واختيارها له ولا ضير في ذلك بل ان هذا خير كله.
وحتى لو لم يصل الأمر الى هذا الحد فإن كانت هي قد اختارت لنفسها ثوبا جديدا فما اجمل ان تقوم ايها الزوج اذا لبسته زوجتك ان تمتدحه وان تمتدح صاحبته وأناقتها وحسن اختيارها ، فإن هذا مما يبعث في النفس الرضا والمودة.
ان اعجابك وامتداحك لثيابها وحسن هندامها لا بل ان مبالغتك بالاطراء كأن تقول لها :" ما أجمل من الفستان الا اللي لابسته" ليجعل نسمات المودة والحب تهب في جنبات البيت.
ومثل ثيابها طعامها، فإن الزوجة تحب ان تسمع عن تقدير الناس لمهارتها في الطعام ويتعاظم في نفسها سماع هذا التقدير من زوجها وابنائها، فما أجمل ان تقول ايها الزوج لزوجتك عند الانتهاء من وجبة طعام تأكلها انت وأولادك:" سلمت يداك" "الله يعطيك العافية" ما اجمل ان تقول اذا ناولتك فنجان القهوة فتقول اذا شربته :"من ايد ما نعدمها".
ان الزوجة تحب ان ينال حسن عنايتها بالبيت ونظافته وترتيبه اعجاب زوجها، ويكبر هذا الاعجاب اذا تكلمت به بين اقاربك من النساء خاصة اخواتك او نساء وزوجات اخوتك واصدقائك اذا اتيحت الفرصة.
فلا تبخل بهذه الكلمات والمصطلحات لأنك ان قلتها فإنها تبعث في نفس زوجتك الطمأنينة وتزداد اواصر المودة ويزداد مخزون الحب ويشحن بالطاقة التي تظل تدفع سعادة البيت دائما قدما الى الأمام.
الهاتــــف والهديـــة، مراسيل للقلــــــب :
ان مما يمكن ان يساهم في شحن مخزون الحب بين الزوجين اشعار كل منهما للآخر بأنه يحبه وبأنه لا ينساه ابدا، وان كل المشاكل والهموم ليست سببا في الا يظل في مخيلته وعلى لسانه فيعبر عن ذلك اما من خلال مكالمة هاتفية قصيرة يسأل فيها عن احوال البيت اذا خرج هو الى العمل ويطمئن الى راحتها، ويصبح هذا لزاما اذا كانت الزوجة مريضة او في وضع نفسي غير عادي، فهي احوج ما تكون الى مثل هذا الاتصال. وكذلك الحال من الزوجة حيث ان اتصالا هاتفيا منها للاطمئنان عليه سيساهم في توثيق عرى المودة والمحبة بينهما.
انه الفارق الكبير بين الاتصال للطمأنينة وليكون الهاتف رسالة حب وبين ان يكون الاتصال لملاحقته بالشكوى عن الأولاد وشقاوتهم.
ولا اقصد – وهنا احذر من ان الهاتف في ظرف كالذي نعيشه يجب الا يكون وسيلة للغزل وبث الأشواق بين الزوجين فكل ما يقال يمكن ان يسمعه طرف ثالث اذا اراد ذلك !!! ولهذا فلكل مقام مقال
لا انام حتـــــــــى ترضــــــــى :
ان مشوار الحياة الزوجية لا بد وان تعصف به العواصف الهوجاء او تعترضه بعض العثرات والعقبات ولكن الزوج الناجح والزوجة الحصيفة هي التي تستطيع ان تتجاوز تلك الصعاب والعثرات لا بل انها وانه نعم، ان كليهما قادران على تحويل المحنة الى منحة والشر الى خير وان تتحول اسباب الخصام الى مودة ووئام.
ما اجمل ان يتسامح الزوجان ويغفر كل منهما زلة الآخر عبر التراضي والترضية، خاصة اذا وقع سوء تفاهم وليس كما يقال :" ان يذهبا راس براس" اي ان كل منهما يتحدى الآخر انه سيقهره ويرغم انفه ويجبره على تغيير موقف او رأي . قال ابو الدرداء- رضي الله عنه- لزوجته:" اذا رأيتني غضبت فرضني واذا رأيتك غضبى رضيتك والا لم نصطحب". لا بل ان سيد ابي داود وسيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال:" الا اخبركم برجالكم في الجنة؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال:" النبي في الجنة والصديق في الجنة والرجل يزور اخاه في ناحية المصر لا يزوره الا لله في الجنة… الا اخبركم بنسائكم في الجنة؟ قلنا: بلى يا رسول الله،قال:" ودود ولود اذا غضبت او اسيء اليها او غضب زوجها قالت: هذي يدي في يدك لا أكتحل بغمض حتى ترضى".
انه الفارق الكبير بين النساء الصالحات اللواتي ثوابهن الجنة -كما تقدم- وبين المرأة السيئة التي قيل عنها :"المرأة السوء كلامها وعيد وصوتها شديد ، تدفن الحسنات وتفشي السيئات ، ليس في قلبها لزوجها رحمة، قليلة الارعاء، توسع الناس ذما، صخوب غضوب، صبيها مهزول وبيتها مزبول، اذا حدثت تشير بالأصابع، تبكي وهي ظالمة، وتشهد وهي غائبة، قد دلى لسانها بالزور وسال دمعها بالفجور"
نعم، انها صاحبة اللسان سريع الطلقات مثل الرشاش الاوتوماتيكي، اذا ما تباين رأيها مع زوجها او غضبت لموقف فلا تترك مجالا للتفاهم والتراضي.
ان الزوجين العاقلين المتحابين هما اللذان يعمدان الى قطع الطريق على الشيطان وعلى اسباب الفرقة والخصام ليشيدا معا اسباب زيادة الحب والمودة حتى عند وقوع الخصام وسوء التفاهم الذي لعله يحصل في كل بيت عبر ان يعتذر احدهما للآخر بقوله او قولها :" آسف"، او بلمسة حانية يقول وتقول :" هذي يدي بيدك لا أنام حتى ترضى" فإن هذا مما يئد الخصام في مهده ويشيد صروح الحب والاحترام والمودة بين الزوجين، فإذا حدث وكان الخصام فخيركما الذي يبدأ بالكلام يقول هذي يدي بيدك لا انام حتى ترضى وغفر الله لي ولك.
قل لهـــــــــا ، وقولي لــــــــــه :
ان مما يتوجب على الزوجين الحرص والمداومة عليه وهو لا يكلف الكثير، انها الكلمة الطيبة والابتسامة اللطيفة. فالكلمة الطيبة صدقة وتبسمك في وجه اخيك صدقة، فكيف يكون اجر ذلك وأثره اذا كانت هي زوجتك او كان هو زوجك.
نعم، ان العلاقة بين الزوجين هي ليست فقط علاقة طعام وشراب وغريزة جنس بقدر ما انها علاقة مشاعر ومودة ورباط مقدس، وهذه لا بد من تغذيتها بالكلمات الطيبة والابتسامات اللطيفة تحول بين تلك المشاعر وبين الجفاف، ولقد سئلت فتاة عمن تحب ان تتزوج فقالت :" احبه كسوبا اذا غدا ضحوكا اذا اتى".
فما اجمل ان يختار الزوج كلمات وجملا يتودد بها لزوجته بمناسبة او بغير مناسبة، فقل لها :" احبك لا من اجل شهوة عارضة ولكني احبك من اجل انك انت" وقل لها :" اني احبك ولولا ما انا فيه من انشغال لقضيت العمر كله معك".
اما انت فقولي له:"لا ادري ماذا يمكن ان يكون حالي لو لم اكن زوجة لك"
وقولي له:" ان ابتسامة عند ذهابك وعند ايابك تذهب عني تعب النهار كله".
ايها الأزواج، قولوا هذا وأكثر منه لأن مشوار الحياة المركبة والمعقدة بحاجة الى ابداع في ازالة هذه التعقيدات التي تنعكس حتى على العلاقة بين الزوجين ، واياكم ان تجعلوا هذه العلاقة ذات مراسيم وانماط جافة لأن التعقيدات ستزيد ومساحة الجفاف بينكما ستكبر وشجرة الحب ستذوي ومخزون المشاعر سينفد.
وانني اقول لكما ان الكلمات اللطيفة تفعل فعل السحر فاجعلوها دائما على ألسنتكم، وكيف لا وقد دلنا على ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يشير للعلاقة بين الزوجين :" تلاعبها وتلاعبك"
فاغرسوا بذور الحب وانزعوا اشواك الكدر ودائما وابدا قولوا " ربنا هب لنا من ازواجنا وذرياتنا قرة اعين واجعلنا للمتقين اماما