أنتم تفرقون بين الرجل والمرأة في علاج النشوز، فأعطيتم الرجل ثلاث وسائل لعلاج المرأة الناشز وهي النصيحة ثم الهجر في المضجع وأخيراً الضرب، وأما المرأة إذا نشز زوجها فليس لها إلا وسيلة واحدة معه وهي النصح والإرشاد ، وهذا فيه ظلم للمرأة ، لماذا الرجل يضرب ويهجر وليس للمرأة هذا الحق ؟
وقد ذكر الله تعالى ذلك بقوله" ( واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن ) .
الرد على شبهة مساواة المرأة بالرجل في علاج النشوز بالضرب:
1- لنتفق أولاً على أن تساوي الرجل والمرأة في الكرامة لا يستلزم وحدة السبل التي ينبغي أن تتخذ لرعاية هذه الكرامة، فلكل جنس طريقته في التعامل.
2- إن الضرب الذي ورد في الآية لا يحق للرجل استخدامه في كل الظروف والحالات، وإنما في حالة واحدة فقط، هي نشوز الزوجة، ولا يستخدم هذه الطريقة على سبيل الإلزام، وإنما على باختياره، كما أنها لا تكون أول وسيلة للعلاج، وإنما هي الأخيرة.
3- مع تشريع الضرب تم تحديد نوعيته وماهيته فهو ليس ضرب انتقام وتشفي ، وإنما الحكمة منه توصيل رسالة بعدم الرضا. وقال ابن عباس وعطاء: " الضرب غير المبرح بالسواك، ويتجنب الوجه، وأن لا يترك الضرب أثراً على الجسد".
4- مع تشريع الضرب كوسيلة إلا أن هناك أحاديث كثيرة نهت عنه مثل قول الرسول صلى الله عليه وسلم: أما يستحي أحدكم أن يضرب امرأته كما يضرب العبد؟ يضربها أول الليل ثم يجامعها آخره " – رواه البخاري. وقال عندما سئل: ما حق زوجة أحدنا عليه ؟ " إن تطعمها إذا أطعمت وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت " . رواه أبو داود.
5- وفي بعض حالات الانحراف السيكولوجي لا تجدي مع المصاب إلا وسيلة الضرب، ويطلق علماء النفس على هذا الانحراف اسم " الماسوشزم، وصاحب هذا المرض لا يتعدل مزاجه إلا بعد معاملة قاسية حسياً ومعنوياً، وهذا النوع من الانحراف كما يقرر علم النفس أكثر ما يصيب النساء، إذ يصاب الرجل بانحراف " السادزم" وهو التمتع باستعمال العنف أما في الحالات الأخرى التي لا تصل إلى مرتبة المرض، فلا يجوز استعمال الضرب، إذ لا ضرورة له ولا يجوز المبادرة إليه. ولعل ذلك يصلح مع بعض حالات الناس.
6- إن عطاء المرأة وسيلة النصح والإرشاد في حالة نشوز زوجها ليس قاصراً على هذه الوسيلة فقط في علاج المشكلة، ولكن لها أن تبتكر ما تشاء من الوسائل لإصلاح زوجها مع ابتعادها عن ضربة لأن الرجل لو ضربته المرأة لتحول إلى وحش كاسر يؤذيها ويحطمها.
7- إن الشريعة راعت خصائص كل طرف وإمكانياته وقدراته ، ومع ذلك فإنها أعطت المرأة حق الضرب ، ولكن بشخص ينوب عنها فيه ويكون رجلاً حتى يتحمل ما يلاقيه من الرجل ، وتكون المعركة بينهما ولا تدخل المرأة طرفاً في المعركة القتالية ، وهذا الشخص هو وليها أو القاضي فهما ينوبان عنها في أخذ حقها.
8- وكذلك الهجر في المضجع فهو ليس خاص في الرجل في حالة نشوز زوجته، وإنما للزوجة كذلك في بعض الحالات منها: أن يلزمها زوجها بجماعها أثناء المحيض أو من الدبر .
9- إن وجود حق الضرب أو الهجر لا يستلزم تنفيذه فالمرأة العاقلة يكفيها الحوار والنقاش لعلاج النشوز الصادر منها، ولكن إذا لم ينفع الحوار بوسائله المختلفة، هنا يحتاج الرجل إلى استخدام الوسائل الأخرى .
10- إن تنفيذ الوسائل العلاجية يجب فيه التدرج والمرحلية ، ونلاحظ أن الوسيلة الأولى"عقلانية" من خلال الحوار والنصح، والثانية" عاطفية" من خلال هجر المضاجع ، فإذا لم ينفع مع المرأة الوسائل العقلانية والعاطفية، هنا سمح بالضرب وفق شروطه وحدوده الواردة، وكما قلنا فهو الحق للاثنين معاً .
11- الغريب في الأمر أن في الغرب من يعترض على الإسلام في حلوله لمسألة النشوز على الرغم من أنه لم تسجل حالات كثيرة عندنا في الهجر والضرب المشروع ، بينما في أمريكا مثلاً في كل اثني عشر ثانية تضرب امرأة من زوجها وبعضهن يقتل من شدة الضرب.
12- نحن لا نقول ما يقوله المثل الإيطالي: العصا للمرأة الصالحة والطالحة، وإنما الشريعة حددت الضرب في حالة خاصة، وهو آخر الدواء ، كما أن الشريعة لا تجيز أن يكون الضرب بالعصا ، ولو نفدت كل وسائل الإصلاح ولم يبق أمام الرجل إلا الضرب ، وعلم مسبقاًَ بأن الضرب غير المبرح لن يردع زوجته فإنه يؤثم لو ضربها.
13- إن مبدأ التأديب لأرباب الشذوذ والانحراف تدعو إليه الفطرة السليمة ويقضي به نظام المجتمع، وهذا المبدأ يعتمد على مستوى الإنسانية حتى بين الشعوب وحكامها، ولولاه لما بقيت أسرة ولما صلحت أمة.
14- رغم أن المشرع أجاز الضرب، إلا أن الضرب لم يرد عن كبار الصحابة ولا تابعيهم ولا حتى صغارهم ، وإنما ورد عن الجهال من العامة في كل زمان ومكان، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم رأى أحد الصحابة يضرب عبداً فقال له: يا فلان إن الله أقدر عليك من قدرتك على عبدك، فقال: يا رسول الله: هو حر لوجه الله .
15-إن المرأة التي ارتضت رئاسة الرجل وقوامته، عليها أن ترضى تأديبه لها بالمعروف حين نشوزها.
16-إن الإسلام حين و ضع نظاماً للنشوز، فقد سبقه بأنظمة كثيرة لعدم حصول النشوز ومنها دعمه لحسن الخلق والمعاشرة بالمعروف والرفق في التعامل مع الزوجة ، وخير الناس من كان خيراً لزوجته.