بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كان السلف يحاولون الترقي من حال إلى حال أحسن منها,وكانوا يحرصون كل الحرص على يوم أو بعض يوم
إلا ويتزودون منه بعلم نافع أو عمل صالح أو إسداء نفع للغير حتى لا تتسرب الأوقات سدى وهملاً وهم لا يشعرون,
وقال ابن مسعود رضي الله عنه,ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت فيه شمسه نقص فيه أجلي ولم يزد فيه عملي,وقال أحد الزهاد,ما علمت أحداً
مؤمناً بالجنة والنار تأتي عليه ساعة لا يطيع الله فيها بذكر أو صلاة أو قراءة أو إحسان,وكانوا يقولون,من علامات
المقت إضاعة الوقت,فالمؤمن الكامل,لا يضيع وقته في المعاصي ولا فيما لا يعني ولا في الغفلة,وعن ابن عباس
رضي الله عنه ، قال صلى الله عليه وسلم(نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس,الصحة والفراغ)رواه
البخاري,والفراغ,لا ينتفع به إلا الأفذاذ والنبلاء من الناس والموفقون,جعلنا الله منهم,أما كيفية المحافظة على الوقت,
النية الصحيحة,في كل عمل تشتغل به سواء كان عبادة أو عادة أو شغلاً دنيوياً أو أكلاّ ,أو نوماّ ونحو ذلك أن تنوي
في كل ذلك رضى الله وأداء أمره, فإن ذلك يصير كله عبادة باذن الله,وفي الحديث(إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئٍ
ما نوى)فالنية الصادقة,تجعل الأوقات مثمرة، والأيام عامرة ،والأعمال حسنة,وفي الحديث(مـن أراد قيام الليل ثم غلبه
النوم فـإن الله تعالى يكتب له ثواب قيام ليلة,ويكون نومه صدقة عليه)رواه أبو داود,وأن يكثر الجلوس في البيت أو
المسجد ونحوهما,لا يخرج كثيراً إلا لما لابد منه,فإن كثرة الخروج سبب لضياع الوقت,ولذلك ورد في الحديث
الصحيح(ما النجاة يا رسول الله,قال,أملك عليك لسانك وليسعك بيتك وابك على خطيئتك)رواه الترمذي,انتبه,ان
من كثرت تعلقاته بالناس ذهبت أوقاته سدى,ولذلك وردت فضائل كثيرة في العزلة عن الناس إلا من خير أوما لابد
منه,قال ابن الجوزي رحمه الله,ما يكاد يحب الاجتماع بالناس إلا فارغ,عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال,
قيل يا رسول الله,أي الناس خير,قال,رجل يجاهد بنفسه وماله ، ورجل في شعب من الشعاب يعبد ربه ويدع الناس
من شره,متفق عليه,وكان أبو مسلم الخولاني رحمه الله ,يكثر الجلوس في المساجد,تقليل الشواغل الدنيوية,
فإن من كثرت أشغاله ضاعت أوقاته ولابد,فمن كانت له عشرة دكاكين مثلاً فهو أشغل ممن كان له دكان واحد,
وهكذا في جميع الأمور الدنيوية,بل في زماننا صارت أعمار النساء كلها في المطبخ,والأكل .. والنوم,والزيارات,
والأسواق,والجوالات,والمراسلات, وقراءة المجلات الساقطة,ومتابعة الفضائيات ،والقيل والقال، والانشغال بما
لا فائدة فيه,وكثرة الدعاء,فينبغي لك أن تدعو الله عز وجل أن يحفظ لك وقتك ,فإنه لا سبيل إلى حفظه إلا بمعونته
سبحانه وتعالى ,والدعاء دواء لكل داء ، في الدنيا والآخرة,والتقوى,فإن الله يحفظ لعباده المتقين أعمارهم و
أوقاتهم,ولا يتركهم هملاً ،بل يستعملهم في عبادته,قال تعالى (ومن يتق الله يجعل له مخرجاّ)وأن يحفظ أوقات
الصلاة, فإن الله يحفظ عليه سائر عمره إن شاء الله,ومن أهم الفوائد في الجلوس بعد الفجر,سواء الرجل في المسجد
أو المرأة في بيتها,أن الله يبارك لمن جلس في مصلاه بعد صلاة الصبح في يومه ووقته,نيل أجر عمرة لمن صلى
ركعتين بعد طلوع الشمس,أن الملائكة تدعوا لمن جلس في مصلاه وتستغفر له,واتباع السنة فإنه صلى الله عليه وسلم
كان يجلس بعد الفجر إلى أن تطلع الشمس,وتنظيم الوقت والذهاب إلى العمل باكراً ممتلئاً نشاطاً وقوة وثقة,فمن لم
يقسم وقته ويوزعه على أعماله يضيع وقته غالباً,فيقسمه بين,طلب العلم,والعبادات على اختلاف أنواعها,وقضاء
حوائج النفس والأهل والناس,والدعوة إلى الله,وقد قيل في الحكمة,إن لله تعالى,عليك في كل وقت عبودية فعبودية
النعمة الشكر ، وعبودية البلية الصبر ، وعبودية المعصية التوبة والاستغفار ، وعبودية الطاعة القيام بها على وجه يليق بجلاله,
قال بعض السلف,يا ابن آدم,إنما عمرك ثلاثة أيام,يوم مضى فلا يرجع إليك أبداً,وغداً لا تعلم هل يأتي عليك أم لا ,ويوم أنت فيه فهذا عمرك فلا تضيعه.