فهل من حق الزوج إكراه زوجته على أن يعاشرها جنسيا ً دون رضاها ؟؟
لقد دَحض القرآن الكريم الأفكار الباطلة التي يعتقد بها الناس ، وأقرَّ بأن طبيعة التكوين وأصل الخلقة بين الرجل و واحد ، فلم يخلق الرجل من جوهرٍ ذو مكرمة ، و من جوهر وضيع ، بل خلقهما الله من نفس واحدة و كلاهما من تراب
(( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء)) النساء 1
و رغم ذلك رفض سادتنا المشايخ إعطاء الزوجة حقها في مقاضاة زوجها إذا ما عاشرها الزوج دون رضاها بحجة أنه لو فتح هذا الباب .. سيفتح باب النزاع
بين الزوجين وتتشجع النساء على التمرد والكيد لأزواجهن .
ذهبوا إلى ذلك اعتمادا ً على الحديث
حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنِ أَبِي حَازِمٍ عَنِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
إذا دعى الرجل إمرأته إلى فراشة فأبت .. وبات وهو عليها ساخط لعنتها الملائكة حتى تصبح
وتناسوا أن هناك نوعا ً أخر من النساء غير متمردات بطبعهن .. وهناك أيضا ً منهن من تفهم هذا الحديث بطريقتها وتتصرف من منطلق هذا الفهم
ومن هذا المنطلق صدرت
بعض الفتاوى الدينية عن مشايخ الأزهر الشريف أجازوا فيها للزوج إكراه زوجته على المعاشرة الجنسية دون رضاها وإرادتها ، حيث قالوا:
( للرجل حق معاشرة زوجته في أي وقت يشعر فيه بالرغبة في غير ظروف أعذارها الشرعية مثل الحيض والنفاس والمرض الشديد )
أما حالتها النفسية وإستعدادها الشخصي فقد تجاهلوها تماما ً
وهنا نقف وقفة قصيرة لنتعرف سويا ًعلى الإكراه الجنسي بين الزوجين
و تعريفه المبسط :
هو أن يقدم الزوج بالعنف والتهديد على معاشرة زوجته دون رضاها أو قبول منها للذك الفعل
وبالتالي يفقد مع عنفه هذا عنصر اللذة أو السعادة المفترض في مثل هذه الحالات
فيكون رد فعله القاسي ويبدأ في ذبح القطة .. ويبدأ مسلسل تدمير الأسرة في العد التنازلي
ومن العجيب أن هذا الأمر شائع في غالبية الأوساط الاجتماعية وخصوصا ً المتوسطة منها والبسطاء من الناس ، إلا أن الوضع الأدبي و الاجتماعي والعادات والتقاليد لا تسمح للمرأة بالبوح عن حالتها النفسية والجسدية في مثل تلك الحالات .. ولا نجد إلا التكتم الشديد من قبل الزوجة حول هذا الموضوع مما يجعل من المستحيل لمثل هذه الحالات أن تصل إلى أروقة المحاكم إلا نادرا ً، وبالتالي لا تظهر على متن حياتنا الإجتماعية إلا في الخفاء .. أو في إستحياء ً أثناء محاولة البحث عن حل اسري داخل وسط العائلة لو تجرأت وتكلمت .. ولو إن هذا يعتبر من المستحيلات إلا في أضيق نطاق بين وأمها أو أختها ، وتتحمل ( الزوجة ) تبعية سكوتها وهي مغلوبة على أمرها ، مقيدة بأعراف العيب ، والحلال والحرام ، والحفاظ على بيتها و أولادها ، وخشية الطلاق ، أو تحاشيا ً للسمعة الملاصقة للمطلقات في أعرافنا وبلداننا .
ولكن تبقى حياة الإجتماعية والأسرية غير سوية مما يدفع بها لتتصرف من منطلق كرهها للحياة مع مثل هذا الزوج .. فتعيشها مجبرة ..
وما يهمنا هنا إنه يظهر لنا جيل من الأولاد غير سوي يقتبس مما يقال أمامه أو يفعل في غياب الأب ( الزوج )
و الخطورة هنا تكمن في الحرص من أن يصل لمسمع الزوج أو الأب أي كلام من هذا القبيل فيتم التنبيه على الأولاد بكتمان الأمر ( أي الكذب الأبيض ) ودون أن ندري يفقد أولادنا قيمة من جواهر القيم ( الصدق والصراحة )) والتي دائما ً ما نطالبهم بها .
وهنا نجد إسقاط بَين لحق وأحاسيسها عند إقامة
أسمى علاقة متبادلة ، علاقة تتناول الخليقة ، وأؤكد على متبادلة وليست من طرف واحد
وبالتالي فهناك أيضا ً إهدار لحق الأولاد في أن ينشأوا على أسس تربوية سليمة
ولكننا
بالطبع جعلنا وطبقا ً لأعرافنا هذه العلاقة ما هي إلا أحد الالتزامات المترتبة على عقد زواج .. كغيرها من الالتزامات الأخرى .. بل وجعلنا للرجل فيها حق التصرف
أينما شاء ومتى ، وغالبا ً ما حددنا مواعيد ومواقيت لها لتصبح عملية روتينية الغرض منها إنتاج نسل ليس إلا
و الأدهى من ذلك أن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد
بل لم يعالج القانون الوضعي حالات الإكراه الجنسي بين الزوجين بنصوص خاصة أو أخضعها لأحكام جرائم الاغتصاب
وتركها للمشرع
لينسجم وضع قانونيا ً بخصوص هذا الموضوع مع ما ذهبت إليه الفتاوى الدينية
وهنا أيضا ً يحق لنا أن نتساءل :
هل يجوز للمرأة أن تجبر زوجها تهديدا ً أوبالعنف على دفع ما تبقى في ذمته من المهر ( الصداق المسمى بينهم ) ، أو حتى النفقة الشرعية الواجبة عليه تجاهها ، مع الوضع في الاعتبار أن ما تطالب به هو حقها شرعا ً المترتب على نفس عقد الزواج والذي سبق وأن ترتب عليه حق ممارسة الزوج للجنس ؟
ولكن
ما أكثر ما اختلف فيه السادة المشايخ عما اتفقوا عليه
فلماذا نجيز للزوج إكراه زوجته على المعاشرة الجنسية دون رضاها رغم أن هذه العلاقة مترتبة على عقد زواج ؟؟
سؤال نتوجه به للسادة مشايخنا الكرام ، والسادة رجال القانون والقانونيون
برجاء الرد
ولنا لقاء آخر بإذن الله
محمد عابدين