والحمل يحدث وكما هو معروف نتيجة التقاء بويضة الأنثى مع الحيوانات المنوية للرجل وذلك في الثلث الأخير من أحد أنابيب الرحم أثناء فترة التبويض حيث يسيران داخل القناة ليحدث زرع بالرحم, وتم هذه المرحلة فيما بين خمسة أيام إلى سبعة أيام ثم يبدأ الجنين في النمو, وهذا في الحالات الطبيعية وإنتاج الحيوانات المنوية الازمة للإنجاب, وإفراز هرمون الذكورة وظيفة معروفة للخصيتن بالإضافة إلى إفراز هرمونات منظمة لوظيفة الغدة النخامية وبعض المواد الأخرى التي تساعد على التلقيح واختراق جدار البويضة عند الأنثى بعد القاء, فالخصية تبدأ بإنتاج الحيوانات المنوية عند سن البلوغ, ولكن الجهاز المناعي للرجل لا يتعرف على حيواناته المنوية بل يعتبرها غريبة عن الجسم, لذلك تقوم الخصية بدور الحارس لهذه الحيوانات المنوية من الجهاز المناعي للرجل وكذا الخلايا المكونة لها وتعزلها عزلاً تاماً عن طريق الروابط الشديدة بين خلايا سرتولي بالخصية التي تعزلها عزلاً تاماً عن أنسجة وسوائل الجسم.. ولكن اكتمال تكوين الحيوان المنوي وتطوره وبدء الحركة تبدأ في التحرك إلى البربخ حيث يتفاعل الحيوان المنوي مع خلايا البربخ وتضاف إلى سطحه انتيجينات جديدة, وأيضاً عند تلامس الحيوان المنوي مع عصارة الحويصلة المنوية.. ونتيجة لتحرك الحيوان المنوي بعيداً عن الخصية ونتيجة للانتيج المضافة يكون الحيوان المنوي أكثر عرضة للتفاعل مع الجهاز المناعي للرجل, ولكن هذه الأنسجة تتميز بأن بها عدداً قليلاً جداً من خلايا الجهاز المناعي مما يسمح بعزل الحيوانات المنوية عن الجهاز المناعي للرجل, ولكن لو حدث أي خلل في هذه الخطوط فإن الجهاز المناعي للرجل يكوّن أجساماً مناعية للحيوانت المنوية لنفس الرجل مما يسبب العقم, ومثل هذا الخلل يكون عادة بسبب تلامس كمية كبيرة من الحيوانات المنوية مع الجهاز المناعي للرجل مما ينتج عنه تنبيه هذا الجهاز المناعي لتكوين أجسام مناعية مضادة للحيوانت المنوية وذلك يحدث في حالات مثل إصابة الخصية الشديدة- التواء الخصية الذي يهمل علاجه- سرطان الخصية- انسداد القنوات الناقلة للحيوانت المنوية- دوالي الخصية المزمن أو بعد عملية ربط الوعاء الناقل وغيره.. وكثير من الرجال الذين يعانون من العقم بسبب الأجسام المناعية يعتقدون بأن الأسباب في هذه الحالات هي إصابة ميكروبية والتي ينتج عنها تكوين أجسام مناعية مضادة لهذه الميكروبات وتكون في نفس الوقت لهذه الأجسام المناعية القدرة على التفاعل مع الحيوانات المنوية لنفس الرجل مما يسبب له العقم.
كما قد لا يحدث الإنجاب نتيجة عدم التوافق بين الزوجين برغم أن كلاً منهما سليم والتحاليل تؤكد قدرة كل منهما على الإنجاب وبعد عدة سنوات اتضح أن الأسباب قد تكون عضوية أو خلقية أو نفسية منها:
الأسباب العضوية: حجم الجهاز التناسلي الذكري أو الأنثوي والذي قد يؤدي إلى صعوبة وصول السائل المنوي أو شدة الألم أثناء الممارسة مما يجعلها عملية غير مرغوب فيها.. والحالات النفسية التي تؤدي للشعور بالألم من الممارسة وعدم الرغبة فيها أو حالات نفسية وعصبية تؤدي إلى سرعة القذف وارتفاع الحموضة لدى يؤدي إلى قتل الحيوانات المنوية, والممارسة الميكانيكية الخالية من الرغبة الحقيقية أو العواطف المتبادلة في الوصول إلى لحظة الإشباع وعدم الخبرة بالمواعيد التي يمكن أن يتم فيها الإخصاب, وهذه الحالات ليست قليلة بحيث يمكن إهمالها وتواجد هذه العيوب الخلقية أو التغيرات الهرمونية أو الموانع الفسيولوجية ترجع إلى عدم التوافق وتحتاج إلى بذل المزيد من الجهد والبحث..
فالعلاج في حالات وجود الأجسام المضادة ينصب على التخلص منها أو إلغاء تأثيرها.
وطرق العلاج في هذه الحالات هو توقيف عملية تصنيع الحيوانات المنوية في الخصية لفترة حوالي ستة أشهر حتى يزول المنبه لتكوين الأجسام المضادة ثم تعاد عملية الإنتاج إلى وضعها الطبيعي بعد التخلص من تلك الأجسام لفترة تكفي لحدوث الحمل.
وهناك طرق أخرى للتخلص من مضادات الأجسام منها غسل السائل المنوي المقذوف من الزوج بطريقة خاصة تمنع مرور تلك الأجسام من المرشحات المستعملة في الغسيل أي عند إجراء التلقيح الصناعي من الزوج بعد غسيل الحيوانات المنوية.
أما الطريقة الأكثر نجاحاً فهي إعطاء عقاقير تعطى عند زرع أعضاء في جسم الإنسان أو بعض العقاقير المستعملة في علاج الأورام الخبيثة فإن الأمر يحتاج لرقابة طبية متخصصة باستمرار.
إن علاج عقم الرجال تقدم بوضوح في السنوات الأخيرة خاصة في الأسباب الواضحة.. ولكن الطريق مازال طويلاً حتى يمكن التغلب على تلك المشكلة التي تؤرق عدداً كبيراً من الأزواج في كل أنحاء العالم.
على المريض أن يسعى وليس عليه إدراك النجاح إنما يجب عليه أن يأخذ بالأسباب ويعالج المريض بالأدوية المتاحة بين أيدينا أما أمر الإنجاب فذلك بيد الله.. إذا أراد جعله هيناً وإذا أراد غير ذلك فلا راد لقضائه.