البواسير مرض يصيب الذكور أكثر مما يصيب الاناث – ويصيب المتزوجات اكثر من البنات , ولتكرار الحمل والولاده علاقه في تكوين البواسير , ويندر ان تظهر البواسير في سني الطفوله , والاطفال الذين يساقون للعيادت الجراحيه للنزف مع التبرز في أكثر الاحوال يكون ذلك مرجعه لوجود ورم حميد في الشرج (Rectal Polyp ) ويقف النزيف بعد استئصال الورم الذي يشبه ثمرة التوت , وتظهر البواسير عند البالغين وتزداد ظهوراً عند المسنين , على ان بدء البواسير في سن الشيخوخه قد يكون اول مايكشف النقاب عن ورم خبيث يكمن بالمستقيم او اسفل الامعاء الغليظه , وفي كل حاله تظهر البواسير فيها بعد ربيع الحياة يلزم فحص الجزء السفلي من القناة الهضميه بمنظار خاص ( Sigmoidoscop ) للتأكد من خلوه من الاورام الخبيثه .
ماهي البواسير ؟
البواسير هي دوالي تصيب مجموعه من الاورده الشرجيه الموجوده بجدار المستقيم تحت الغشاء المخاطي , وهذه الاورده تنتفخ بالدم أثناء الحزق الذي يلازم التبرز, ثم ترجع لطبيعتها بعد ذلك اما اذا استمر الاحتقان تمدت جدران الاورده , واستطالت وتعرجت لتحوي الدم الوريدي الذي لم يتم شفطه في اتجاه القلب وكونت اوراماً صغيره ترفع فوقها الغشاء المخاطي المبطن للشرج وتلك الاورام الصغيره البارزه بقناة الشرج هي مانرمز اليه بالبواسير .
لو تصورنا ان استدارة الشرج تشبه أرضية الساعه , فأن البواسير الأصليه (Mother Piles ) تقع أمام الارقام 3, 7, 11 , وتظهر واحده فواحده او مجتمعه عندما تبدأ الاعراض في الظهور على ان هناك بواسير فرعيه يتراوح عددها بين واحد وخمسه وهي صغيره قليلة الاهميه (Daughter Piles ) .
اسباب البواسير :
رُب متسائل يسأل كيف تحدث البواسير ؟ وبم يمكن تجنبها ؟ ودرج العامه على ترديد ان اكل الفلفل والتوابل يسبب البواسير , والحقيقه ان هذه المشهيات ليست سبباً مباشراً ولكنها تساعد على حدوث الالتهاب وظهور الاعراض والآلام . ولنتعرف على اسباب البواسير … حيث ان هذه الاسباب تقسم الى قسمين حسب نوع البواسير وهما :
-2-
1. البواسير الاوليه : Piles Primary وهذه قد تصل احياناً الى حجم كبير , وسببها غير ظاهر او معلوم ( Idiopathic ) وهذا القسم هو الذي تنفع فيه الجراحه , وربما كان للوراثه دوراً في تكوينها , والامساك يسبب احتقان الاورده الشرجيه وهو سبب مباشر في حدوث البواسير , وعلاجه في الحالات المبكره يمنع تكوين البواسير .
2. البواسير الثانويه : Secondery Piles وهي تظهر نتيجه لوجود مرض آخر مُسبب , ومن هنا فأن علاجها يكون بتقصي السبب ثم علاج المرض الأساسي , ولامجال للجراحه في علاجها , وتقع الامراض المسببه للبواسير تحت طائلة ثلاث مجموعات :
أ- المجموعه الأولى : امراض المستقيم مثل الضيق ( Stricture Rectum ) , والاورام الخبيثه .
ب- المجموعة الثانية : أمراض كامنه بالحوض مثل الكيس المبيضي والحمل المتقدم وأورام الرحم ( Fibroids ) وتضخم البروستات في الرجال المسنين .
ت- المجموعه الثالثه : الحالات التي يصاحبها ارتفاع ضغط الدم البابي(Portal Hypertension ) , تليف الكبد , الأمفيزيما ( أنتفاخ الرئه) والربو الشعبي , وعجز القلب الأحتقاني ( Congestive Heart Failure ) .
مضاعفات البواسير:
هناك مضاعفات كثيره للبواسير منها :
1. النزف الشرجي : ويحدث نتيجة احتكاك البواسير بالبراز في عملية الاخراج , وتكرار عملية النزف يسبب شحوب الوجه وأعراض فقر الدم المزمن (Chronic anaemia ) .
2. آلام الشرج : ان مجرد تكوين البواسير لايحدث الماً وأنما يظهر الألم بوقوع المضاعفات مثل الألتهاب ( Inflamation ) , أو الأختناق (Strangulation) .
3. البواسير الساقطه : هي التي تكبر ثم تتدلى خارج فتحة الشرج عند التبرز لتعود الى الداخل في الحالات المبكره بينما تستمر خارج الشرج ان قبضت عليها العضله العاصره ومنعت الارتجاع , وقد تعصر البواسير ونختنق بقوه القبض وتسبب آلاماً غير محتمله , وسقوط البواسير لدى المسنين يساعد على السقوط الجزئي للشرج حيث يتدلى الغشاء المخاطي خارج فتحة التبرز بصوره مؤقته أو مستديمه يلزم معها العلاج .
4. الحكه الشرجيه : ( ( Pruritis Ani تكون نتيجة الأفرازات التي تأتي مع الالتهاب والسقوط وقد يحك المريض جلده حكاً يتقرح فيه الجلد حول الشرج او تظهر الاكزيما والحساسيه , وكثير من المرضى الذين يصابون بالحكه الشرجيه يسارعون في عصبيه وانفعال بأستشارة الطبيب لأن ذلك يسبب لهم كثيراً من الحرج ويحرمهم لذة النوم حين تزداد الحكه عند الخلود الى الفراش .
5. النواسير والفطر الشرجي : كل هذه أصابات تحدث بالقناة الشرجيه مع البواسير وقد تتكون كلها مجتمعه أو متفرقه , ويختلف ذلك من حاله الى أخرى .
-3-
أعراضها :
من الاعراض التي تتميز بها البواسير النزف الشرجي الذي يحدث مع التبرز , ولايصاحبه الألم ويسترعي انتباه المريض عند الأغتسال , وتقطر البواسير دماً في كل مره يذهب صاحبها الى المرحاض , ويختلف الدم كميةً ولوناً ويؤدي فقدانه الى شحوب الوجه وسرعة التنفس وسائر أعراض الأنيميا المزمنه , على ان ظهور الألم يعني امراضاً اخرى غير البواسير مثل الالتهاب الصديدي ( Perianal Suppuration ) , أو الفطر الشرجي ( Anal Fissure ) , اذ كما اسلفنا لايظهر الالم مع البواسير الا ان حلت بها المضاعفات وفي النادر ما تظهر البواسير مع سقوط الشرج الجزئي او الكلي ويصاحب ذلك افرازات تلوث الملابس وتدعو الى الحكه والعصبيه . مريض البواسير المزمنه تجده شاحب اللون من فقدان الدم بعملية النزف المتكرر , وأما الذي حلت به المضاعفات فهو من شدة ما يتألم يمشي مشيه خاصه , وهو ان جلس فعل ذلك باحتراس وظل على حافة المقعد وتراه جالساً يتجنب السعال والحزق حتى لايزيد ألمه .
الطبيب المعالج يفحص الشرج بالعين المجرده ومن خلال منظار شرجي خاص (Proctoscope ) كذلك تفحص القناة الشرجيه جساً بالسبابه اليمنى , وقد يصعب اجراء كل تلك الفحوص عند وجود الالتهاب .
والآن وقد ثبت لدى المعالج ان مريضه مصاب بالبواسير , فكيف يرسم له طريق العلاج ؟ وهل بالجراحه وحدها تعالج البواسير أم تعالج بغير العمليات أحياناً ؟
العلاج :
ان علاج البواسير لايقتصر على الجراحه . العمليات الجراحيه لاتجرى الا في ظروف معينه يرد الكلام عنها , وهناك طرق متعدده للعلاج فمنها ما يعالج بالأدويه والمراهم ومنها ما يعالج بحقن البواسير ومنها مالا ينفع معه الا الاستئصال الجراحي , ولكل طريقته وظروفها ومبرراتها وعلى الجراح المعالج مهمه اختيار سبيل العلاج الذي يوصل مرضاه الى الشفاء .
العلاج بالأدويه يتلخص في أعطاء المريض ملينات تجنباً للأمساك – وهو سبب مباشر لتكوين البواسير كما بينا – مع أستعمال بعض المراهم الموضعيه التي تحتوي على ماده قابضه ومخدره ليقف النزيف ويزول الألم . العلاج بالحقن يكون بحقن البواسير بمواد مهيجه (Irritant) لتجلط الدم داخلها , فيسدها ويحولها الى كتله متجلطه تتليف وتضمر وتختفي داخل المستقيم , وهذه الحقن تعطى بواسطة الطبيب , وكثيراً مايستدعي الامر تكرار الحقن على فترات قبل الوصول الى نتيجه مرضيه , وهذه الطريقه لاتخلو من المضاعفات ان لم تتم بعنايه وأتقان .
العلاج بالجراحه , وهو أيسر الطرق وأسرعها خطوات نحو الشفاء ان تمت الجراحه في ظروف مناسبه , والبواسير المبتدئه ان عولجت بالجراحه فهي عرضه للأرتجاع مره أخرى وأنسب الحلول لعلاجها هو أستعمال الادويه والمراهم , فاذا ما استمرت في التضخم , وأكتمل عددها حل موعد الجراحه . البواسير الملتهبه والمتجلطه والمختفيه كل تلك تعالج بأستعمال الحمامات الدافئه بمطهر الديتول أو برمنجنات البوتاسيوم واستعمال كمادات حتى يهبط الالتهاب وتهدأ الاعراض ونوضح بعد ذلك بكل جلاء انه لا مجال لأجراء الجراحه عند وجود التهاب حاد في البواسير حيث ان العمليه حينئذ تعرض صاحبها لكثير من المضاعفات فوق مايحدث من نزيف من موضع العمليه قد يهدد الحياة , ولا نصح بالجراحه الا بعد فتره قد تمتد عدة أسابيع بعدها يكون قد تلاشت آثار الالتهاب والمضاعفات .
-4-
اذا كانت البواسير ساقطه او نازفه يجدر بنا ان نعجل بالعمليه لأن الأولى عرضه للمضاعفت والثانيه تؤدي الى فقر الدم المزمن والأجهاد الجسماني العام .
ورغم قولنا ان استئصال البواسير جراحياً هو ايسر السبل وأضمنها للشفاء الا أنه من جهه أخرى قد يُعرض المريض الى بعض المضاعفات بعد العمليه مثل الألم واحتباس البول والنزف وتضيق الشرج ( Rectal Stricture ) والأرتجاع ( Recurrence ) – لكن من حسن الحظ ان كل تلك المضاعفات يمكن تجنبها بتخير الحالات التي تعد للجراحه , والعنايه اثناء أجراء العمليه , واستعمال المسكنات والمواضبه على توسيع الشرج ( Dilatation ) في دور النقاهه , وليس صحيحاً مانسمع ان العمليه يعقبها الم شديد , وأنما تلك اشاعة فزع تلقى رواجاً بين المرضى الذين يعدون للجراحه , وليطمئن المريض فان كثيراً ممن اجريت لهم العمليات في وقتها المناسب هجرهم الألم تماماً , وتحسنت شهيتهم للاكل , وقويت بذلك ابدانهم .