وكذلك نعمل على تكوين الجانب المعنوي لهذه الشخصية، من خلال مناقشته في شئونه الخاصة وعدم فرض الرأي عليه، بل تعليمه وإقناعه بما هو مطلوب منه وبما يدور حوله، فمثلا نقول له هل تريد أن تأكل؟ هل تحب أن تلعب
هل ترغب في الخروج معنا؟ أي أننا نستعمل صيغة الاستفهام وليس صيغة الأمر مثل تعال، اجلس، اذهب، نم، ويأتي دور الأهل هنا من خلال تمضية الوقت الكافي مع أطفالهم وحثهم وتشجيعهم على اللعب والنطق، وهذا يسهم في نموهم الذهني والاجتماعي ويزيد من استقلاليتهم واعتمادهم على أنفسهم.
والطفل يتفاعل مع محيطه ويتأثر بكل ما حوله، ويبدأ بتقليد كل ما يراه ويسمعه بمهارات بالغة، فتفكير الطفل المستمر وانشغاله الدائم بالأشياء التي يسمعها ويراها، هو الذي يطور شخصيته وينمي مهاراته وإبداعه، كما أنه يخطو باتجاه السلوك الاجتماعي من خلال تقليد المحيطين به، فهو يقلد الأبوين والأشقاء والأقران ويكتسب المعرفة.
ويمكن لهذا التقليد أن يلعب دورا إيجابيا في بناء شخصيته، إذا توافرت الشروط المناسبة لذلك مثل تقليد الطفل الصغير لأخيه الكبير، والتكلم بطريقة تشبه طريقته، والتصرف مثله ومن خلال التشجيع والمديح والشرح يمكن تنمية وتطوير شخصية الطفل الصغير بالشكل الإيجابي.
فبعض الأمهات عن يلاحظن أن بناتهن تقلدنهن في كل ما يفعلهن في البيت، حتى الجلوس أمام المرآة وطريقة لبس الملابس، أما عن الولد فإنه يقلد البطل في برامج الأطفال، حتى بعد انتهائها، حيث يتابع لعبة ويتخيل فيها نفسه بطلا ويقلد الشخصيات، التي يحبها في أفلام الكرتون، فالطفل بحاجة دائمة للمراقبة والتعليم حتى نساعده على التمييز بين الواقع والخيال، فهو يعجب بالشخصيات التي تطير ويسعد كثيرا بمراقبتها في انتصارها على الأشرار، صحيح أنها تعزز قيم الخير عند الطفل لكن يجب أن تقدم بشكل معقول يتناسب مع قدراته الذهنية، وتحت معرفة وإشراف الآباء.
ولأن التقليد عامل سلبي في المراحل المتأخرة من عمر الطفل لأنه يسلبه شخصيته واستقلاله، فالأطفال يقلدون في البداية لأنها مرحلة لابد منها، ولكن المطلوب تعليم وتشجيع الأطفال لتكون لهم شخصياتهم المميزة والمستقلة، لأن الشخصية المقلدة تكون مضطربة وغير مستقلة وبعيدة عن التطور.
ومن المهم جدا الاهتمام بمهارات التفكير الصحيح عند الطفل، عن طريق طرح مشكلات تتناسب مع عقلية الطفل وطلب الحل منه، والحوار معه وسؤاله باستمرار ليتوصل إلى الحلول السليمة بنفسه.
وبذلك يتعود على الحرية والتفكير المنطقي، وينبغي ممارسة هذه المهارات في الحياة اليومية مع الطفل وكذلك في المناهج الدراسية وطرق التدريس، حيث إن الاهتمام بمهارات التفكير يسهم في استثمار طاقات العقل عنده ويرفعها إلى مستويات عالية تساعد في نشوء طفل ذكي.