تشير آخر البحوث أن أولئك اللواتي يعانين من السرطان أكثر أنواع المرض شيوعاً يمكنهنّ الحمل دون زيادة خطر عودته.
ومن الآمن بالنسبة لمعظم النساء اللواتي أصبن بسرطان الثدي أن يحملن، كما يقول الخبراء للمرة الأولى، في خطوة يمكن أن تؤدي إلى تغيير في الممارسة الطبية الراسخة.
وتشير البحوث الجديدة أن النساء المصابات بسرطان الثدي المستقبل إيجابي للاستروجين، وهو أكثر أنواع المرض شيوعاً، يمكنهنّ الحمل دون زيادة خطر عودة المرض. وأنّ 80% من 48.000 امرأة سنوياً تمّ تشخيص إصابتهنّ بسرطان الثدي مصابات بهذا النوع من المرض.
وحتى الآن، كان الأطباء يعتقدون أن الحمل قد يزيد مستويات الاستروجين وبالتالي يسبّب عودة السرطان. فالهرمون الجنسي لدى الإناث يحفّز نمو بعض أنواع سرطان الثدي عن طريق تحفيز بروتينات محدّدة في الخلايا السرطانية. وينصح معظم أطباء السرطان حالياً بأن تنتظر النساء عامين بعد خضوعهن للعلاج في المستشفى قبل محاولة إنجاب طفل مرة أخرى.
إلا أن الدراسة الجديدة، التي تمّ تقديمها في المؤتمر الأوروبي لسرطان الثدي في فيينا، تخالف هذه النصيحة وتقول إنه ليس هناك ضرورة أن تشعر النساء اللواتي يحملن في غضون تلك الفترة الزمنية بالقلق.
ويقول البروفسور ديفيد كاميرون من جامعة ادنبره، رئيس المؤتمر: "هذه دراسة مهمة، حيث تعطي النساء الكثير من الثقة بأن الحمل بعد العلاج من سرطان الثدي لا يعني بالضرورة تقليل احتمالات البقاء على قيد الحياة لتربية الأطفال." ولكنه استدرك قائلاً:" ولكن، لهذا البحث حدود، فرغم أنه بحث مهم ، إلا أنه لا يمكن اعتباره دليلاً قاطعاً على أنه ليس هناك آثار سلبية للحمل بعد العلاج."
وكان فريق أبحاث بقيادة الدكتور حاتم عبد العظيم جي آر، وهو خبير بالأورام الطبية في معهد "جولز بوردت" في بروكسل، قد وجد في وقت سابق أنه من الآمن بالنسبة للمصابات بسرطان الثدي الحمل، ولكنه لم يحدّد ما إذا كان هذا ينطبق على أولئك المصابات بالمرض المستقبل إيجابي للاستروجين، الذي يعرف أيضاً باسم سرطان الثدي ER+.
ولكن، في دراسته الجديدة، فحص أعضاء الفريق 333 امرأة مصابة بسرطان الثدي مستقبل الاستروجين ، سواء كان إيجابياً أم سلبياً، واللواتي حملن بعد تشخيص إصابتهن بالمرض، و 847 امرأة مصابة بالمرض اللواتي لم يحملن.
وقال عبد العظيم: "من أصل جميع النساء، كانت نسبة 57% مصابات بسرطان الثدي المستقبل إيجابي للاستروجين، ولكن الدراسة أظهرت أنه ليس هناك فرق في طول المدة التي تعيشها النساء المصابات بسرطان الثدي المستقبل إيجابي للاستروجين أو المستقبل سلبي للاستروجين دون عودة المرض مقارنة باللواتي لم يحملن."
وتعني هذه النتائج أن يتوقف الأطباء عن تقديم النصائح للنساء الحوامل المصابات بسرطان الثدي بإجراء عملية إجهاض لحماية صحتهن. " يجب عدم التشجيع على الإجهاض لأسباب علاجية لدى هؤلاء المرضى، كما تظهر الدراسة،حيث أن الحمل في أي وقت بعد تشخيص الإصابة بسرطان الثدي آمن، بغضّ النظر عن حالة مستقبل الاستروجين،" يضيف عبد العظيم.
سرطان الثدي في المملكة المتحدة من أكثر أنواع السرطان شيوعاً. وقد توفي حوالي 11.728 شخصاً جراء هذا المرض عام 2022.
تقول الدكتورة ريتشل غريغ، مسؤولة السياسة في جمعية Breakthrough Breast Cancer: "قد توفر هذه الدراسة الطمأنينة للمصابات بسرطان الثدي اللواتي يرغبن بإنجاب طفل بعد الانتهاء من العلاج. وهي تظهر أن معظم النساء اللواتي يحملن بعد الإصابة بسرطان الثدي لا تزيد لديهن احتمالات عودة المرض ثانية. ولكن، ينبغي بالنساء اللواتي يرغبن بإنجاب طفل بعد الإصابة بالمرض التحدّث مع الطبيب".
ولكنّ غريت بروتن-سميث، الممرضة السريرية المختصة بالنساء الشابات في جمعية Breast Cancer Care، تقول إن البحث "يدعم أدلة سابقة بأن الحمل بعد التشخيص بالإصابة بسرطان الثدي، سواء كان سرطان الثدي المستقبل إيجابي للاستروجين أم لا، لا يزيد احتمالات عودة المرض. بالنسبة للنساء الأصغر سناً، فإن فرصة تكوين عائلة بعد التشخيص بالإصابة بسرطان الثدي قد تكون مهمة. وبالطبع، المخاوف بشأن سلامة الحمل بعد علاج سرطان الثدي تظلّ قائمة.
وأضافت: "في حين أن هذه الدراسة ستخفّف حدّة مخاوف الأمهات المحتملات اللواتي أصبن بسرطان الثدي، إلا أنه يجب تفسيرها بدرجة من الحذر." بالإضافة إلى ذلك، "تعزّز هذه الدراسة أهمية مناقشة الحفاظ على الخصوبة قبل العلاج من سرطان الثدي."
وقال متحدث باسم وزارة الصحة: "نرحب بهذا البحث الذي سوف يمنح الثقة للنساء اللواتي أصبن بسرطان الثدي ويردن إنجاب طفل. ونشجع كل النساء في هذه الحالة على طلب المشورة من طبيبهن."
