تعتبر اضطرابات الإدماء خلال الدورة الشهرية (غزارة الطمث أو نزول دم في غير التوقيت الطبيعي للدورة) من أحد أكثر المشاكل شيوعا التي قد تواجه المرأة في أي مرحلة من مراحل حياتها ، كبداية لمعرفة هذا النوع من الاضطرابات يجب توضيح ماهية الدورة الشهرية، طريقة تكونها،ومعدلاتها الطبيعية
لفظ الدورة عند المرأة يطلق على دورة التبويض عندها وليس على أيام الحيض فقط، ويطلق عليه دورة لأن تسلسلها الطبيعي يكون في صورة دورات متتالية تتكرر كل شهر، يتشارك في حدوث الدورة عدة أعضاء أهمها المبيضين، الرحم، الغدة النخامية والتواصل ما بينهم عن طريق دورة الهرمونات في الجسم خلال الشهر.
طول فترة الدورة من بداية الحيض إلى بداية الحيض التالي حوالي من 21 إلى 35 يوما والمتوسط حوالي 28 يوم مع العلم أنه قد تتفاوت من سيدة إلى أخرى وأحيانا من دورة إلى أخرى مع نفس المرأة، فقط حوالي أقل من 20% من السيدات اللاتي ينتظمن على 28 يوم.
طول فترة أيام الحيض نفسها حوالي من 3 إلى 7 أيام وأحيانا 10 أيام وتختلف كميته يوميا ما بين 30 ملل إلى 100 ملل كحد أقصى. ويعتمد انتظام الدورة من حيث التوقيت أو كمية الدم أو طول فترة أيام الحيض على التناغم الطبيعي بين الأعضاء المسئولة عن تكون الدورة وعلى التوازن مابين الهرمونات المسببة لها.
– ما هي اضطرابات الحيض (الدورة الشهرية) ؟
اضطرابات الحيض عند المرأة تكون إما في صورة زيادة أو نقصان قي كمية الدم المصاحب لنزول الحيض سواء في كميته اليومية أو في عدد أيامه، والشكل الآخر هو نزول دم في غير موعد الدورة أو ما يسمى بالإستحاضة.
وسنتطرق في هذا المقال الى أحد هذه الأنواع وهو غزارة دم الحيض (الطمث) بمعنى زيادة الدم اليومي عن 100 ملل أو عدد أيام الإدماء عن 7 أيام ومن الممكن تقسيم أسباب غزارة الطمث عند المرأة إلى…
أسباب وظيفية:
المقصود باضطراب الحيض الوظيفي هو أي خلل في المعدلات الطبيعية للحيض نتيجة اضطراب في التوازن الطبيعي بين الهرمونات المسئولة عن تنظيم الدورة وأهمهم هرمون الإستروجين والبروجيستيرون ، يحدث هذا في الحالات التي تعاني من اضطراب التبويض بمعنى أن تفشل إحدى البويضات في الوصول إلى مرحلة النضج وما يعقبها من التبويض ثم إفراز هرمون البروجيستيرون، أو قد يحدث التبويض ولكن مع نقص في إفراز هرمون البروجيستيرون بالقدر الكافي ، في كلتا الحالتين يؤدي نقص هرمون البروجيستيرون إلى إختلال التوازن بينه وبين هرمون الإستروجين مما يؤدي إلى زيادة في سماكة بطانة الرحم ونزول الدورة بزيادة في كمية الدم.
– تكثر حالات زيادة دم الطمث في السيدات اللاتي يعانين اضطراب التبويض نتيجة تكيس المبيضين أو في مراحل إضطراب التبويض في بداية سن البلوغ أو التي تسبق مرحلة إنقطاع الطمث (سن اليأس) عند المرأة ويكون غالبا في بداية الأربعينيات من العمر.
و ما هو العلاج في هذه الحالة؟
يكون العلاج في هذه الحالات عن طريق إستعادة التوازن بين الهرمونات، إما عن طريق تحفيز التبويض في الحالات التي ترغب في الحمل أو إعطاء جرعات من هرمون البروجيستيرون في النصف الثاني من الدورة أو إعطاء الأقراص المتسلسلة المنظمة للدورة التي تشابه في تكوينها نصفي الدورة.
– أسباب عضوية:
و تؤدي لزيادة دم الحيض تكون في الغالب ترجع إلى مشاكل في الرحم نفسه منها…
1- وجود ألياف رحمية قريبة من بطانة الرحم فتؤثر على عملية انسلاخ البطانة أثناء الدورة بالشكل الطبيعي من ناحية وتؤدي إلى احتقان دائم في الرحم من ناحية أخرى وتؤدي إلى النزف أو زيادة كمية الدم، ويكون العلاج في هذه الحالة عن طريق استئصال الألياف سواء بالمنظار أو عمليات فتح البطن أو أحد البدائل الحديثة مثل الموجات الترددية أو حقن عقار التخثر في الشرايين المغذية. 2
2- وجود لحمية في بطانة الرحم وتكون عبارة عن ثنية زائدة في بطانة الرحم قد تؤدي إلى تسببها في زيادة كمية الدم مع نزول الحيض، وتعالج عن طريق إستصالها بالمنظار الرحمي الداخلي أو عمليات الكحت التقليدية.
3- مرض البطانة المهاجرة أو التغدد الرحمي، حيث يحدث احتقان في جدار الرحم يؤدي إلى نزول دم الطمث بغزارة مع زيادة آلام الدورة التقليدية، ويعالج مرض البطانة عن طريق بعض العلاجات التي تؤخر الدورة لفترات طويلة لتساعد على ضمور أنسجة البطانة المهاجرة.
4- أمراض اختلال تخثر الدم: وفيه تكون المشكلة لا تمت بصلة مباشرة للجهاز التناسلي، حيث تكون المشكلة متعلقة بقابلية الدم للتخثر والمسئولة عن وقف النزيف من أي مكان في الجسم والمسئول عنها عدة أشياء مثل عوامل التخثر في الدم، الصفائح الدموية، ومتانة الشعيرات الدموية،يحدث النزيف مع الطمث نتيجة خلل التخثر في الدم للسيدات اللاتي يعانين من أمراض سرعة النزف والتجلط أو لمن يتناولن العقاقير المسيلة للدم أو نتيجة بعض الأمراض العامة التي يصاحبها خلل في عومل التخثر مثل أمراض الكبد والكلى وبعض الأمراض المناعية.
يكون علاج مثل هذه الحالات عن طريق علاج السبب، بمعنى تعويض الجسم بالعناصر اللازمة لعملية التخثر الطبيعية أو مراجعة الطبيب لضبط العلاج في الحالات التي تستخدم العقاقير المسيلة.
– أسباب مُصاحبة:
يبقى أن نقول أن بعض الحالات التي تعاني من زيادة دم الحيض قد تكون مصاحبة لالتهابات الحوض المتكررة أو المزمنة نتيجة حالة الاحتقان العامة لجميع أعضاء الحوض بما فيهم الرحم، وفيها تعالج الالتهابات بالمضادات الحيوية اللازمة.
وكذلك من الشائع عند الكثير من النساء زيادة دم الحيض عند تركيب اللولب لمنع الحمل، حيث يستثير البطانة ويؤدي لاحتقان الرحم. في هذه الحالة ينصح بمحاولة تجربة بعض العقاقير التي تساعد على ضبط الدورة مع اللولب وإن لم تتحسن الحالة يتم تغيير اللولب لنوع آخر من وسائل منع الحمل أو حتى لنوع أخر من اللوالب التي تساعد على خفض دم الدورة كاللولب الهرموني
وأولى خطوات تشخيص أسباب زيادة دم الطمث هي مراجعة الطبيب المختص ومن التاريخ المرضي قد يظهر السبب، كاستخدام أدوية مضادات التخثر أو غيره، يليها خطوة الكشف الإكلينيكي والموجات الصوتية لمعرفة وجود أي أسباب عضوية في الرحم كالألياف أو اللحميات أو التأكد من اللولب ومكانه وايضا التأكد من حالة المبيضين من حيث نشاطهم التبويضي أو وجود أكياس أو تكيسات عليهم ثم يأتي بعد ذلك دور التحاليل الطبية مثل تحاليل الهرمونات لمعرفة وجود خلل، أو تحاليل سرعة النزف والتجلط، وكذلك تحاليل الكشف عن وجود إي التهابات حوضية، وكذلك من المهم معرفة نسبة الهيموجلوبين لمعرفة إلى أي درجة أثر النزف على حالة المريضة العامة ومدى حاجتها لتعويض الفاقد.